منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عكفت العديد من المؤسسات الإعلامية ومعاهد البحث والتفكير على إجراء استطلاعات دورية للرأي العام حول القضايا المتعلقة بالحرب والثقة بالمؤسسات والأشخاص والموقف من مسألة استمرار الحرب وإعادة الأسرى والمحتجزين، حيث أشارت إلى نتائج متباينة. وامتازت المؤشرات بعدم الثبات في العديد من القضايا بالنظر إلى العديد من العوامل والظروف. وقد أشارت مساهمات مركز مدار الأسبوعية ضمن ملحق المشهد الإسرائيلي وتغطيات الحرب إلى هذه الاستطلاعات بشكل شهري، مع التركيز على تلك الصادرة عن معاهد البحث والتفكير، واستمراراً لذلك، هذه المساهمة تقدّم أبرز النتائج التي تضمنّها الاستطلاع الأخير لهذا العام الذي يجريه معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، وقد أجري الاستطلاع في الفترة ما بين 12- 16 كانون الأول 2024. جدير بالذكر هنا أن المصطلحات والأفكار الواردة في المساهمة لا تعبّر عن كاتب المساهمة أو مركز مدار.
الثقة في القادة الأفراد ومؤسسات النظام السياسي؟
تشير نتائج الاستطلاع إلى أن 74% عبروا عن ثقة عالية بالجيش الإسرائيلي (85% بين الجمهور اليهودي، و34% بين الجمهور العربي)، فيما بلغت نسبة الثقة بتقارير الناطق بلسان الجيش 61% في العينة الإسرائيلية العامة (71% بين الجمهور اليهودي، و22% بين الجمهور العربي). اللافت في هذا الاستطلاع هو الارتفاع الواضح في مستوى الثقة بسلاح الجو بنسبة 7% (77% نسبة العينة العامة، 87% بين الجمهور اليهودي و37% بين الجمهور العربي) و10% بأجهزة الاستخبارات (61% في العينة العامة، 68% بين الجمهور اليهودي، و31% بين الجمهور العربي)، كما أظهر الاستطلاع تراجعا طفيفا بنسبة 5% في درجة الثقة برئيس هيئة الأركان العامة للجيش مقارنةً بنتائج استطلاع الشهر السابق (46% في العينة الإسرائيلية التمثيلية، 52% في الجمهور اليهودي)، وعلى الرغم من ذلك، ما يزال هؤلاء يتمتعون بأعلى مستويات الثقة بين المؤسسات والأفراد في الاستطلاع. من ناحية أخرى، ما تزال الثقة في الحكومة الإسرائيلية مستقرة مقارنةً بالشهر السابق، حيث سجّلت أدنى نسبة ثقة بين المؤسسات التي تم فحصها (22% في العينة الإجمالية، و25% بين الجمهور اليهودي، و9% بين الجمهور العربي)، كما ظلّت الثقة مستقرة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (28% في العينة الإجمالية، 33% بين الجمهور اليهودي، و8% فقط بين الجمهور العربي)؛ أما وزير الدفاع يسرائيل كاتس فبلغت نسبة الثقة به 23% في العينة الإجمالية، و26% بين الجمهور اليهودي، و11% فقط بين الجمهور العربي.
وحول العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري- الأمني: يعتقد حوالى نصف المستطلعين (50%) أن هناك تعاوناً فعالاً بين المستويين السياسي والعسكري في إدارة الحرب، مقارنة بـ 39% يعتقدون عكس ذلك، كما عكست النتائج انخفاضاً حاداً في نسبة الجمهور اليهودي الذين يعتقدون أن هناك تعاوناً فعالاً بينهما (من 67% في كانون الأول 2023 إلى 55.5% في الاستطلاع الحالي الذي أجري في كانون الأول 2024).
حول الوضع على الجبهة الشمالية؟
في ما يتعلّق بالحرب على لبنان والمواجهة مع حزب الله، أظهرت نتائج الاستطلاع التالي: عبّر حوالى نصف المستطلعين (47.5% من الجمهور اليهودي و61% من الجمهور العربي) عن تأييدهم لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه مؤخراً بين إسرائيل ولبنان، مقارنةً بـ 22.5% من الجمهور الذي يعارضه (27% من الجمهور اليهودي و5% من الجمهور العربي). وكان واضحاً أن غالبية الجمهور الإسرائيلي متشائمة، ولا تعتقد أن الاتفاق سيوفّر سنوات طويلة من الهدوء الأمني على الحدود الشمالية، حيث أعرب 61% من الجمهور الإسرائيلي (67% من الجمهور اليهودي و38% من الجمهور العربي) عن ثقة ضئيلة أو قليلة جداً بأن الاتفاق بين إسرائيل وحزب الله سيسمح بهدوء أمني طويل الأمد، مقابل 23% فقط من الجمهور الإسرائيلي (21% من الجمهور اليهودي و31% من الجمهور العربي) أعربوا عن ثقة كبيرة أو كبيرة جداً في جدوى الاتفاق على المدى الطويل. وعند طرح السؤال المتعلق بعودة النازحين إلى الشمال لوحظ أن47% من الجمهور الإسرائيلي يعتقدون أن الوضع الحالي في الشمال لا يسمح بعودة النازحين، مقارنةً بـ 37% اعتقدوا عكس ذلك.
أما في ما يتعلّق بالتطورات الأخيرة في سورية، فقد أظهرت نتائج الاستطلاع أن 45% من الجمهور الإسرائيلي قلقون جداً أو على نحو معتدل من تداعيات التطورات الأخيرة في سورية على الأمن القومي الإسرائيلي، مقارنةً بـ 46% اعتقدوا أنهم ليسوا قلقين أو لا يشعرون بالقلق على الإطلاق. في هذا السياق، فإن أغلبية الجمهور الإسرائيلي (59.5%) اعتقدت أن تحركات إسرائيل في الساحة الشمالية ساهمت في إسقاط نظام الأسد إلى حد كبير جداً أو كبير، أما بالنسبة لطريقة عمل الجيش الإسرائيلي في سورية، فإن 45% من الجمهور الإسرائيلي (51% بين الجمهور اليهودي و20% بين الجمهور العربي) يؤيدون الموقف الإسرائيلي القائل بأن الجيش الإسرائيلي يجب أن يتمسك بالمنطقة العازلة منزوعة السلاح في سورية حتى تشكيل نظام جديد. واللافت في ذلك هو أن 28% من الجمهور (34% من الجمهور اليهودي و5% من الجمهور العربي) قالوا إن على الجيش الإسرائيلي أن يسيطر على هذه الأرض بشكل دائم، بينما اعتقد 14% (6% بين الجمهور اليهودي و46% من الجمهور العربي) أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يغادر الأراضي السورية ويحافظ على اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بعد حرب 1973.
حول الوضع على الجبهة الجنوبية؟
تناول الاستطلاع ثلاث مسائل في هذا المجال: الحرب على غزة، ملف الأسرى والمحتجزين وقضية "اليوم التالي". وقد جاءت النتائج على النحو التالي:
- "النصر" في الحرب وتحقيق أهدافها:أغلبية الجمهور الإسرائيلي (65%) واثقة أو تعتقد أن الجيش الإسرائيلي سينتصر في الحرب في غزة، وظلت هذه النسبة مستقرة مقارنةً بالشهر السابق، لكن تجدر الإشارة إلى أن هناك تراجعاً ملحوظاً بين الجمهور اليهودي مقارنةً ببداية الحرب، وأن هناك فجوة كبيرة في تصور النصر بين الجمهور اليهودي (74%) والعرب في إسرائيل (29%). بالإضافة إلى ذلك، فإن 52% من الجمهور الإسرائيلي يعتقدون أن أهداف القتال في غزة ستتحقق بالكامل أو إلى حدٍ كبير (50% بين الجمهور اليهودي و22% بين الجمهور العربي).
2. ملف الأسرى والمحتجزين وشكل "النصر": في ضوء الأخبار الواردة حول مفاوضات اتفاق إعادة الأسرى والمحتجزين، أظهرت نتائج الاستطلاع أن أغلبية كبيرة مؤلفة من 68% من الجمهور الإسرائيلي (71% من الجمهور اليهودي و56% من الجمهور العربي) تعتقد أن "النصر" في غزة سيتحقق بعد عودة كل الأسرى والمحتجزين، في المقابل، قال 12% من الجمهور الإسرائيلي بأن "النصر" سيتحقق من خلال "الضم وتطبيق السيادة الإسرائيلية على قطاع غزة وعودة الاستيطان اليهودي إليها"، كما أجاب 8% من الجمهور الإسرائيلي بأن "النصر" سيتحقق بعد أن تقام "حكومة فلسطينية معتدلة غير حماس في قطاع غزة"، فيما أجاب 4% بأن "النصر" في قطاع غزة لن يتحقّق إلا بعد عودة سكان الغلاف، مع الإشارة هنا إلى أن هذه النتائج جاءت بعد أن اتضح في النقاش العام أن الاتفاق الذي يتضمن إعادة جميع الأسرى والمحتجزين أحياء وقتلى ينطوي على نهاية الحرب.
3. حول قضية "اليوم التالي: يعتقد 32.5% من الجمهور الإسرائيلي أن نقل قطاع غزة إلى المسؤولية الدولية أو الإقليمية هو البديل الأفضل لحكم حماس، وأشار 19.5% من الجمهور الإسرائيلي (14% من الجمهور اليهودي و39% من الجمهور العربي) إلى أن البديل الأفضل هو "جسم فلسطيني معتدل غير حماس"، في المقابل، 18% يؤيدون "الضم وتطبيق السيادة الإسرائيلية وعودة الاستيطان اليهودي إلى قطاع غزة"، فيما أيّد 15% احتلال قطاع غزة وإقامة حكم عسكري فيها.
الموقف من تسوية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني؟
من ضمن المؤشرات التي أظهرها الاستطلاع السنوي للمعهد ذلك المتعلّق بالموقف من الدولة الفلسطينية، إذ أشار 54% من الجمهور الإسرائيلي إلى أنهم يعارضون إقامة دولة فلسطينية، مقابل 30% (23% بين اليهود و59% بين العرب) أعربوا عن تأييدهم لإقامة دولة فلسطينية ضمن شروط معينة: 25% من بين الذين أعربوا عن تأييدهم أكدوا أن الشرط الأهم لإقامة دولة فلسطينية هو ترتيب إقليمي يتضمن اتفاقية دفاعية مع إسرائيل، فيما يعتقد 10% أن الشرط الأهم هو ضمانات بأن إسرائيل ستحتفظ "بحرية العمل لمنع الإرهاب"، ويعتقد 5% أنه "يجب إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية ونزع الشرعية"، و3% يؤيدون ضمانات لإسرائيل بأن حماس لن تكون جزءاً من الحكومة الفلسطينية، مع ذلك، فقد اعتبر 46% من مؤيدي إقامة دولة فلسطينية أن كل الشروط على نفس القدر من الأهمية.
بالإضافة لذلك، تضمن الاستطلاع سؤالاً يتعلّق بإعلان الوزير بتسلئيل سموتريتش أن "عام 2025 سيكون عام تطبيق السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربيّة)"، وفي ذلك أعرب 34% من الجمهور الإسرائيلي عن معارضتهم لأي ضم لأراضي الضفة الغربية، مقارنةً بـ 21% أيّدوا "ضم كامل المنطقة بما يشمل الأراضي الفلسطينية"، و21% آخرين أيدوا ضم مناطق الاستيطان فقط.
حول الحرب والأخلاق؟
تضمن الاستطلاع أسئلة حول أخلاق الجيش الإسرائيلي في زمن الحرب، حيث يعتقد 35% من الجمهور الإسرائيلي أن الجيش الإسرائيلي يحقّق بشكل صحيح في الحوادث التي يشتبه في انتهاك القانون خلالها من قبل الجنود، مقارنةً بـ 22% يعتقدون أن الجيش لا يهتم بما يكفي بإجراء مثل هذه التحقيقات، و22% يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي يبالغ في التحقيق في الانتهاكات المشتبه بها.
حول تماسك المجتمع الإسرائيلي والشعور بالتضامن؟
حول الوضع الاجتماعي والشعور بالأمن والتضامن داخل المجتمع الإسرائيلي، أشار الاستطلاع إلى أن 35% من الجمهور الإسرائيلي يعتقدون بأن الشعور بالتضامن في المجتمع الإسرائيلي قد "تعزّز" أو "تعزز بشكل كبير"، في المقابل، اعتقد 32% أن التضامن قد "انخفض" أو "انخفض جداً"، فيما اعتقد 19% أنه لا يوجد تغيير في الشعور بالتضامن.
جدير بالذكر هنا أن الاستطلاع أظهر ارتفاعا طفيفا في الشعور بالتضامن في المجتمع الإسرائيلي مقارنةً بالشهر السابق، لكن هذه الأرقام ظلّت منخفضة مقارنة بالنتائج التي تم الحصول عليها في بداية الحرب. من ناحية ثانية، أظهر الاستطلاع أن غالبية الجمهور الإسرائيلي (62%) قلقة جداً وقلقة للغاية بشأن الوضع الاجتماعي لإسرائيل في اليوم التالي للحرب، في الوقت نفسه، فإن غالبية الجمهور الإسرائيلي (59%) متفائلة بقدرة المجتمع الإسرائيلي على التعافي من الأزمة والمضي قدماً، مقارنةً بنحو ثلث الجمهور (32%) الذين أعربوا عن تشاؤمهم. من ناحية ثالثة، أشار 29% من الجمهور إلى شعور "مرتفع" أو "مرتفع جداً" بالأمان، و46% أشاروا إلى شعور "معتدل" بالأمان، و21% أشاروا إلى شعور "منخفض" أو "منخفض جداً" بالأمان. وقد لوحظ وجود فجوة كبيرة بين الجمهور اليهودي والجمهور العربي في الجواب عن هذا السؤال، إذ أشار الجمهور الأخير إلى انخفاض ملحوظ في الشعور بالأمان.