تلخص هذه المقالة المناخ العام في الشارع الإسرائيلي حيال قضايا أساسية تتعلق بالحرب ضد قطاع غزة. وبغض النظر عن موقف الحكومة الإسرائيلية الحالية وكابينيت الحرب وأعضاء الكنيست، أو المواقف التي تسود في الخطاب الإعلامي، فإن الشارع الإسرائيلي يشكل هو أيضا مواقف معينة من اللوحة الشاملة للحرب التي يعيش أتونها.
في نهاية العام 2023، أجرى مركز إسرائيلي استطلاعاً عاماً حول رأي الشارع الإسرائيلي من قضايا أساسية تتعلق بالحرب، وهو ما سوف نستعرضه أدناه: 1) ما هو موقف الشارع الإسرائيلي من قضية الأسرى الإسرائيليين وصفقة تبادل شاملة تنهي الحرب؟ 2) ما هو موقف الشارع من الدخول في حرب مفتوحة مع حزب الله؟ وهل الشارع الإسرائيلي راض عن أداء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو؟ 4) هل يدعو الشارع الإسرائيلي إلى عودة المستوطنات اليهودية إلى قطاع غزة؟ 5) هل أصبح الشارع الإسرائيلي أكثر يمينية أم أكثر يسارية خلال الحرب الحالية؟
موقف الشارع من قضية الأسرى الإسرائيليين وإيقاف الحرب
بناء على استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في نهاية العام 2023، يرى فقط 30% من الإسرائيليين أن الجيش حقق هدفه في القضاء على حركة حماس وإعادة الأسرى (والمقصود: الضغط العسكري يساعد إسرائيل في إطلاق سراح الأسرى)، مقابل نحو 29% يعتقدون بأنه لم يحقق شيئاً، ونحو 38% يرون أنه تم تحقيق أهداف متواضعة فقط. ومع ذلك، فإن رأي الشارع إزاء حل قضية الأسرى الإسرائيليين يخالف توقعات أهاليهم: فقط 16% من الشارع الإسرائيلي يعتقد بأن على الحكومة أن تنفذ صفقة تبادل شاملة لإعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء، حتى لو أدى الأمر إلى إيقاف نهائي للعمليات الحربية. في المقابل، نحو 65% من الشارع أبدوا موافقتهم على استمرار الحرب، وتكثيف عمليات الجيش الإسرائيلي الذي عليه أن يحاول هو إيجاد الأسرى وتحريرهم. وهذا الموقف العام الذي يفضل استمرار الحرب على إيقافها عندما يتعلق الأمر بمصير الأسرى الإسرائيليين يمتد من اليسار (28% من اليسار يؤيدون استمرار الحرب)، إلى الوسط (57%)، وصولاً إلى اليمين الإسرائيلي (78%).
حول فتح جبهة أخرى مع حزب الله
على مدار شهور الحرب، ازداد عدد الإسرائيليين الذي يرون أن الحل مع حزب الله يجب أن يكون الدخول في حرب واسعة. وازدادت نسبة هؤلاء لتصل إلى نحو 57% مع نهاية العام 2023. ويزداد المؤيدون للدخول في الحرب بين أوساط الإسرائيليين الذين سيتأثرون مباشرة في حال اندلعت الحرب مع لبنان، وتصل إلى نحو 70% من سكان الشمال. ورغبة الإسرائيليين في اندلاع حرب مفتوحة مع حزب الله تمتد من اليسار (نحو 32% من اليسار يؤيدون هذه الحرب)، إلى الوسط (نحو 50%) وصولا إلى اليمين (نحو 67%).
حول رضا الشارع الإسرائيلي عن أداء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو
من الصعب حصر الإجابة على السؤال أعلاه في خانة إحصائية واحدة. لكن يكفي أن نشير إلى سؤال "من ترغب في أن يكون رئيس الحكومة بعد الحرب؟"... فإن الشارع الإسرائيلي لا يمنح ثقته إلى نتنياهو في حال جرت انتخابات بعد الحرب. ويبرز بيني غانتس كمرشح ينال الثقة أكثر من قبل الشارع. وحتى داخل حزب الليكود، فإن استطلاع الرأي العام يشير إلى أن ثلث أعضاء الليكود فقط يفضلون نتنياهو في أي انتخابات تلي الحرب.
موقف الشارع من الاستيطان في داخل قطاع غزة
من المعلوم أن إسرائيل فككت المستوطنات اليهودية في قطاع غزة في أثناء انسحابها أحادي الجانب من القطاع العام 2005. ومع ذلك، كانت قضية العودة إلى الاستيطان في غزة حاضرة بين الحين والآخر في النقاش الدائر داخل الحيز العام الإسرائيلي، بوتيرة منخفضة نوعا ما، وتزعمت هذا الخطاب جماعات المستوطنين وتيّار الصهيونية الدينية. لكن مع اندلاع الحرب، ودخول إسرائيل بريا إلى معظم مناطق قطاع غزة، تم إجراء استطلاعات رأي عام من قبل معهد مدغام. وفي الاستطلاع، تبين أن 44% من الجمهور الإسرائيلي يؤيدون تجديد الاستيطان اليهودي في غزة مقابل نحو 39% يعارضون ذلك. ويمتد المؤيدون لعودة المستوطنات إلى قطاع غزة من كتلة اليمين الحاكمة (نحو 53%) وصولا إلى اليسار (نحو 8%).
هل أصبح الشارع الإسرائيلي أكثر يمينية أم أكثر يسارية خلال الحرب؟
عند ربط قضية اليمين- اليسار في إسرائيل بالقضية الفلسطينية، أو بقطاع غزة، فإن الأمر لا يعني القضايا الاجتماعية والاقتصادية والهوياتية التي عادة ما تميز اليمين عن اليسار، وإنما المقصود تحديداً هو الموقف من إقامة دولة فلسطينية، أو فك الارتباط مع الأرض المحتلة منذ 1967. وخلال الحرب على قطاع غزة، قال نحو 36% من الإسرائيليين إنهم أصبحوا أكثر يمينية، بينما نحو 6% منهم فقط قالوا إنهم أصبحوا أكثر يسارية، في حين أن 53% من الشارع نفسه قالوا إنه لم يطرأ أي تغيير على موقفهم وهويتهم السياسية خلال الحرب الجارية على قطاع غزة.
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, تلي, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو