تمثل أحد المواضيع الأساسية التي طرحت في المحادثة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، في حزمة الدعم الأمني التي يطلبها نتنياهو من مضيفه كتعويض عن صفقة الاتفاق النووي مع إيران.
والتقديرات السابقة اعتقدت أن نتنياهو سيطلب من مضيفه أجهزة ومعدات أسلحة هجومية جديدة- من بينها أجهزة كشف وإبادة تحصينات وملاجئ وأنفاق تحت الأرض، ورفع مستوى التعاون الأميركي الإسرائيلي في مجالات الأمن والمخابرات، إلا أنه في المجمل طلب نتنياهو زيادة حجم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل من 3 مليارات دولار سنويا، إلى ما بين 4 مليارات وحتى 5 مليارات دولار، في كل واحدة من السنوات المقبلة.
والدعم العسكري المالي الذي تحصل عليه إسرائيل من واشنطن، أعلى من الدعم الأميركي الذي تقدمه إلى كل دولة أخرى في العالم. وتقريبا من المؤكد أنه إذا ما وعد أوباما إسرائيل بزيادة المساعدة، فإنها ستقدم في إطار الاتفاق الجديد، من العام 2018 إلى العام 2028، لأن المباحثات حول هذا الدعم دائرة منذ زمن ما، في أجواء ايجابية، وليس من المستبعد أن يتم تقديم موعد بدء الاتفاق الجديد.
ولكن ليس واضحا إطلاقا ما إذا كان الدعم الأميركي لميزانية الأمن في العام المقبل 2016، هو ما تحتاجه إسرائيل حقيقة حاليا. ولربما أن العكس هو الصحيح: في ميزانية الأمن توجد سلسلة من المشاكل البنيوية، التي أشارت لها لجنة لوكر، وأولها الحجم الضخم لميزانية التقاعد، واعادة التأهيل في السنوات الأخيرة. وهذا الجانب يحتاج إلى حل جذري. فمساعدة أميركية أكبر لميزانية الأمن لن تحل المشاكل، على المدى البعيد.
من أين تصل 6 مليارات شيكل لميزانية الأمن؟
حينما تتحدث وزارة المالية عن ميزانية الأمن للعام المقبل 2016: "لا أكثر من 56 مليار شيكل" (43ر14 مليار دولار)، فإنها لا تقول للجمهور إن دافعي الضرائب الأميركان، يمولون أمن إسرائيل بـ 3 مليارات دولار سنويا، وهي ما تعادل 12 مليار شيكل. بمعنى أن حجم ميزانية الأمن، من ناحية دافعي الضرائب الإسرائيليين، هي 44 مليار شيكل "فقط" (43ر11 مليار دولار). وبناء عليه، فإن ميزانية الأمن من ناحية دافعي الضرائب الإسرائيليين، ليست الميزانية الأكبر في موازنة الدولة العامة، فهذه المرتبة المحترمة محفوظة لميزانية التعليم 5ر50 مليار شيكل (13 مليار دولار) في العام 2016.
إلا أن وزارة الدفاع لا تكتفي بـ 56 مليار شيكل، التي تخصصها لها وزارة المالية للسنة المقبلة، وتطالب بميزانية أكبر بكثير، على الأقل 62 مليار شيكل (16 مليار دولار). وتسأل وزارة المالية: من أين آتي بـ 6 مليارات شيكل اضافية؟.
اتجهت الأنظار في وزارتي المالية والدفاع، في الأيام الأخيرة، إلى واشنطن، للقاء نتنياهو- أوباما، على أمل أن يتحقق فيه الخلاص- 6 مليارات شيكل التي تنقص ميزانية الأمن في العام المقبل. وتتمنى الوزارتان أن ينجح نتنياهو، الذي ستلقى على عاتقه حسم مسألة ميزانية الأمن، في الحصول على سُلفة من الأميركان، على حساب زيادة الدعم الأميركي المتوقعة ابتداء من العام 2018. وليس مؤكدا أن هذا سيتم. كما أنه ليس واضحا ما إذا أوباما معني بمساعدة نتنياهو في جهوده لإتمام ميزانية العام المقبل 2016.
وفي الأشهر الأخيرة تتواصل الجهود في إسرائيل، من أجل اتمام الاتفاق على ميزانية الأمن للعام المقبل 2016، وأيضا للأعوام من 2017 وحتى 2020. والهدف هو تطبيق خطة متعددة السنوات للجيش، بما فيها تقرير لجنة لوكر، الذي نص على اصلاحات في مبنى ميزانية وزارة الأمن. وفي جهاز الأمن يزداد الوعي للمسألة، وفي الأساس في مكتب رئيس أركان الجيش، الفريق غادي أيزنكوت، الذي يفهم أنه إذا لم يحل مسألة التقاعد للجيش النظامي، فإن حجم ميزانية الجيش ستستمر في أن تكون أشبه بخشبة ضخمة في الحلق، أيضا في ميزانيات العام 2017 ولاحقا.
أوباما: "أمن إسرائيل هو أمر مقدس"
وفي رسالة مفتوحة أرسلها باراك أوباما في شهر آب الماضي، قال: لم تكن أية ادارة أميركية في الماضي قد عملت من أجل أمن إسرائيل بالقدر الذي عملته إدارتي. إنني على استعداد لتعزيز هذه العلاقة". وتم توجيه الرسالة إلى عضو الكونغرس الأميركي اليهودي جيري نادلر، عضو الحزب الديمقراطي.
وقد أشار أوباما في رسالته إلى أنه "في كل فترة ولايتي تعاملت مع أمن إسرائيل كأمر مقدس. ووعدت بهذا لرئيس الوزراء نتنياهو، ومواطني إسرائيل عدة مرات، ويوجد لهذا الوعد دعم فعلي". وأشارت الرسالة لاحقا إلى أن إدارة أوباما ملتزمة بالحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري أمام أعدائها. وحسب أقواله "إن الالتزام بتفوق إسرائيل العسكري النوعي، يقف في صلب التعاون المتبادل بيننا. كما أن وزارتي الخارجية والدفاع تواصلان المحادث مع جهات الأمن الإسرائيلية".
إجمالي الدعم الأميركي- نصف تريليون شيكل
وقد أشار أوباما إلى أنه منذ العام 2009، حوّلت الولايات المتحدة الأميركية دعما عسكريا لإسرائيل بقيمة 5ر20 مليار دولار، وهذا أكثر من نصف إجمال الدعم العسكري الأميركي لكل دول العالم. اضافة إلى هذا، فإن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل دعما بقيمة 3 مليارات دولار لتطوير معدات وأجهزة دفاعية ضد الصواريخ، وهذا يشمل مشروع "القبة الحديدية" وصاروخ "حيتس 3". وحسب أقواله، فإنه بموجب أوامر صادرة عنه، فقد حصلت إسرائيل على الأسلحة الأكثر تطورا في العالم، بما في ذلك طائرات F35، التي ستصل إلى إسرائيل ابتداء من العام المقبل 2016، اضافة إلى طائرات لم تحصل عليها أية دولة أخرى في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من ذلك، يخطئ من يعتقد أن الولايات المتحدة صديقة إسرائيل زودت إسرائيل طيلة الوقت بالأسلحة، فقد فرضت على إسرائيل حظر بيع أسلحة منذ "حرب التحرير" (1948)، واستمر الحظر لمدة 14 عاما. وفي العام 1962 رفع الرئيس جون كنيدي الحظر على بيع إسرائيل صواريخ هوك، أرض جو، التي كانت تعرّف في الولايات المتحدة على أنها صواريخ دفاعية، ودفعت إسرائيل ثمنا كاملا عن تلك الصواريخ. وفي العام 1965 باعت الولايات المتحدة إسرائيل الأسلحة الهجومية الأولى.
والدعم الأميركي السنوي لإسرائيل بقيمة 3 مليارات دولار بدأ في العام 1985 (قسم منه كان دعما اقتصاديا- الترجمة). واتفاق الدعم الحالي حرى توقيعه في العام 2007، ليسري من العام 2009 إلى العام 2017، وبموجبه تتلقى إسرائيل دعما عسكريا سنويا بقيمة 3 مليارات دولار، والآن تجري المحادثات لحزمة الدعم من العام 2018 إلى العام 2028. وبلغ الدعم الأميركي لإسرائيل من العام 1962 وحتى اليوم 120 مليار دولار، وهو ما يعادل نصف تريليون شيكل، بقيمته اليوم. ومنذ العام 1985 تحول الولايات المتحدة لإسرائيل بشكل ثابت 3 مليارات دولار سنويا.
وفي العام 1977، بعد وقت قصير من انتخابه لرئاسة الوزراء، أعلن مناحيم بيغن، أنه سيتنازل عن الدعم الأميركي لإسرائيل. إلا أن المساعدات زادت في قسمين، 8ر1 مليار دولار للأمن، و2ر1 مليار دولار للمساعدات المدنية. وقد تنادى كل ساسة إسرائيل للتشويش على إعلان بيغن. ولكن ما حصل في حينه هو زيادة القسم العسكري على حساب القسم المدني.
وفي أعقاب الاتفاق إبان حكومة بنيامين نتنياهو الأولى 1996- 1999 تحول الدعم كليا ليكون دعما عسكريا بقيمة 3 مليارات دولار سنويا. وبموجب الاتفاق يحق لإسرائيل صرف 27% من المساعدات الأميركية على شراء أسلحة ومعدات أميركية الصنع ما يضر بالصناعات الإسرائيلية. لكن مع السنين ومع تراجع قيمة صرف الدولار أمام الشيكل، تراجعت قيمة المساعدات الأميركية.
(عن "ذي ماركر"- ترجمة خاصة)