أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، خلال لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين على ضرورة وقف أعمال البناء في المستوطنات، فيما يعتزم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، طرح مبادرة سلام تقضي بقيام دولة فلسطينية بحلول العام 2012. وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأربعاء – 10.6.2009، أنه وفقا لخطة سلام أعدتها إدارة أوباما فإنه سيجري خلال العام ونصف العام المقبل حوارا مكثفا بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف إحداث اختراق يقود إلى الإعلان عن قيام دولة فلسطينية في العام 2012.
وأضافت الصحيفة أن أوباما ومبعوثين أميركيين استعرضوا مؤخرا مبادئ خطة السلام الأميركية أمام ملك السعودية، عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس المصري، حسني مبارك، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وبحسب يديعوت أحرونوت فإن مبعوثي الإدارة الأميركية شددوا على أنه ليس بمقدورهم إملاء تسوية على أطراف الصراع العربي الإسرائيلي أو جدول زمني للتوصل إلى سلام، كما أنهم لن يحاولوا القيام بذلك. لكن الإدارة الأميركية تتوقع أن ترى، منذ الآن، تنفيذ الأطراف خطوات تعبر عن نية حسنة وبعد ذلك الشروع في مفاوضات مكثفة تشمل مفاوضات حول قضايا الحل الدائم في موازاة محادثات حول طبيعة الدولة الفلسطينية.
وفي هذه الأثناء لا يزال البيت الأبيض بانتظار رد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على سؤالين مركزيين، حول ما إذا كانت إسرائيل ستوقف أعمال البناء في المستوطنات، وما إذا كانت إسرائيل ستتعهد بإجراء مفاوضات تستند إلى حل الدولتين. وترجح التقديرات في إسرائيل أن يزود نتنياهو ردا، جزئيا على الأقل، على هاتين المسالتين خلال خطاب سيلقيه، يوم الأحد المقبل، في جامعة بار إيلان قرب تل أبيب، وأنه على ما يبدو سيعلن عن استعداده للدخول في عملية سياسية يقودها المجتمع الدولي وتهدف إلى تحقيق سلام إقليمي.
وقالت يديعوت أحرونوت إنه في إطار العملية السياسية يتوقع أن تعلن إسرائيل عن موافقتها على قيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة، وهو اقتراح رفضه الفلسطينيون في الماضي تخوفا من أن تتحول الحدود المؤقتة إلى دائمة. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو يعتزم خلال خطابه الكشف عن خطته السياسية التي عكف على بلورتها خلال السنوات العشر الماضية، منذ انتهاء ولايته الأولى في رئاسة الحكومة. وتابعت الصحيفة أن النقاط الأساسية للخطاب "موجودة في رأس نتنياهو، لكن لا أحد يعرف مضمونه".
وذكرت يديعوت أحرونوت أن أحد الاقتراحات المطروحة الآن يقضي بعقد مؤتمر سلام دولي بمشاركة إسرائيل والدول العربية المعتدلة والفلسطينيين والأميركيين ودول أخرى سيتم تجنيدها لدعم المؤتمر وانه تجري اتصالات حثيثة وراء الكواليس تشارك فيها إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا ومصر والأردن ودول الخليج والاتحاد الأوروبي من أجل الدفع باتجاه عقد المؤتمر الدولي.
وأضافت الصحيفة أن الاقتراحات المطروحة تقضي بأن يتم خلال المؤتمر الإعلان عن بدء مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين تقود على قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، وأن تحصل إسرائيل في المقابل، أي خلال المفاوضات، على "رزمة" عربية ودولية تشمل اعتراف الدول العربية بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، مثل منح تأشيرات لرجال أعمال إسرائيليين بالدخول إلى دول عربية ومصادقة الدول العربية على عبور الطائرات الإسرائيلية المدنية في الأجواء العربية وإقامة مكاتب مصالح إسرائيلية في عدد من الدول العربية.
وتجدر الإشارة إلى أنه فقط قبل نحو سنة ونصف السنة، في تشرين الثاني من العام 2007، تم عقد مؤتمر مشابه في أنابوليس في الولايات المتحدة، وتم خلاله الإعلان عن بدء مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية على قضايا الحل الدائم، لكن هذه المفاوضات كانت متعثرة طوال الوقت وانتهت دون أن تفضي على نتائج. وقد توقفت هذه المفاوضات على أثر الحرب الإسرائيلية على غزة.
ورجحت يديعوت أحرونوت أن تتم دعوة سورية إلى المؤتمر الدولي وأشارت إلى أن ميتشل سيتوجه إلى دمشق وبيروت، بعد غد، للتباحث حول إمكانية ضم سورية إلى محادثات سلام قد تنطلق قريبا.
وفي غضون ذلك أفاد الموقع الالكتروني لصحيفة هآرتس، اليوم، بأن ميتشل قال خلال لقاءات عقدها مع المسؤولين الإسرائيليين، أمس، إن الإدارة الأميركية متمسكة بالتصريحات التي أطلقها أوباما ومسؤولون آخرون فيما يتعلق بضرورة وقف أعمال البناء في المستوطنات. وشدد ميتشل على أن "هذا هو الموقف الأميركي منذ 40 عاما، وهذا الموقف لن يتغير ولن نتراجع عنه". ونقلت هآرتس عن نتنياهو قوله خلال لقائه مع ميتشل إن "إسرائيل تعمل على دفع السلام والأمن مع الفلسطينيين والعالم العربي".
ولفتت الصحيفة إلى أن ميتشل أظهر في جميع اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين الإسرائيليين، وهم الرئيس شمعون بيرس ووزيري الدفاع ايهود باراك وأفيغدور ليبرمان، إضافة إلى نتنياهو، لهجة وأسلوبا معتدلا فيما يتعلق بتجميد الاستيطان كما أنه حرص على التشديد، في جميع هذه اللقاءات وخلال تصريحات إعلامية، على التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل. لكن من الجهة الأخرى فإنه لم ترشح أية تفاصيل هامة عن هذه اللقاءات باستثناء الحديث عن أن المحادثات تناولت قضايا الاستيطان والسلام والوضع في الشرق الأوسط ونتائج الانتخابات النيابية اللبنانية.