المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أثار توقيت الدعوة التي وجهتها مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية، روز غوتمولر، لإسرائيل ودول أخرى، بالانضمام إلى ميثاق حظر انتشار الأسلحة النووية، قلقا في إسرائيل خصوصا أنها تأتي عشية زيارة رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، وسط خلافات في المواقف مع الإدارة الأميركية.

وأظهرت مقالات المحللين الإسرائيليين في الصحف الإسرائيلية، اليوم الخميس – 7.5.2009، أن القلق الإسرائيلي نابع بالأساس من محاولة الإدارة الأميركية ممارسة ضغوط على إسرائيل، ومقايضتها باستمرار سياسة التعتيم على ترسانتها النووية مقابل موافقة نتنياهو على تقدم العملية السلمية في الشرق الأوسط وحل "الدولتين للشعبين" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. من جهة أخرى أشار المحللون الإسرائيليون إلى اطمئنان إسرائيلي حيال عدم وجود تغيير في توجه الإدارة الأميركية فيما يتعلق بسياسة التعتيم الإسرائيلية على ترسانتها النووية.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أنه وصلت توضيحات أميركية لإسرائيل، أمس، تفيد بأن مطالبتها بالانضمام لميثاق حظر انتشار الأسلحة النووية لن يلحق ضررا بالمصالح الإسرائيلية، وإنما سيسهل على الإدارة الأميركية ممارسة ضغوط على إيران لتوقف بدورها تطوير برنامجها النووي. ويسود التخوف في إسرائيل من أن الولايات المتحدة قد تعد إيران بأنه في حال أوقفت تطوير برنامجها النووي فإنها ستحصل في المقابل على تعهد إسرائيلي بالتوقيع على وثيقة حظر انتشار الأسلحة النووية.

ونقلت يديعوت أحرونوت عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن مجرد ذكر اسم إسرائيل إلى جانب دول تمتلك سلاحا نوويا، مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية، في تصريح غوتمولر، يشكل انحرافا عن السياسة الأميركية الرسمية، التي أيدت حتى الآن التعتيم الإسرائيلي في الموضوع النووي.

من جهة أخرى لفت المحلل السياسي في يديعوت أحرونوت، ايتان هابر، إلى تواتر تصريحات المسؤولين الأميركيين المكثفة، بما فيها تصريحات الرئيس باراك أوباما، مؤخرا، ورأى أنه ينبغي أن تثير هذه التصريحات قلقا لدى إسرائيل كونها تظهر خلافات في المواقف بين الجانبين. وأشار هابر إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا تبحثان الموضوع النووي "في الغرف المغلقة وهمسا وبالغمز واللمز، لكن ها هم الأميركيون يطرحونها على طاولة البحث" علنا.

ووصف الكاتب التصريحات الأميركية ب"القصف المدفعي"، الذي يهدف إلى "تليين" الموقف الإسرائيلي عشية قدوم نتنياهو إلى واشنطن ولقائه أوباما، في 18 أيار الحالي، وأنه بتصريح غوطمولر تكون الولايات المتحدة قد "أمسكت إسرائيل من مكان حساس". وأضاف هابر أن المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم أوباما ونائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي طالب بتجميد الاستيطان، وغيرهما "يقولون لإسرائيل عمليا، إننا سنحاول من أجلكم أن نحل المشكل الإيرانية، لكن على ماذا سنحصل منكم في المقابل؟". وخلص هابر إلى أن الأميركيين استخدموا زيارة الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، لواشنطن واللقاءات التي عقدها مع المسؤولين الأميركيين كـ"فخ من عسل ضد نتنياهو، إذ كال الرئيس أوباما كافة الكلمات الجميلة على بيرس، والآن، لدى لقائه نتنياهو، أصبح بإمكانه الدخول مباشرة في الموضوع وسيقول له 'إننا نعتقد أن الحل الصحيح هو دولتين للشعبين'. وعندما يزأر أوباما، من الذي لا يخاف؟".

من جهة ثانية أشار المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ألوف بن، إلى أن "الرئيس أوباما الذي تعهد من على كل منبر بالحفاظ على أمن إسرائيل، لا يعتزم إغلاق (المفاعل النووي الإسرائيلي في) ديمونا، خصوصا عندما تهدد إيران بمحو إسرائيل عن الخارطة. ولذلك لا يوجد سبب للخوف، وإنما ينبغي أن ندرك أنه خلافا لسلفه، يسعى أوباما إلى تعزيز نظام مراقبة الأسلحة في العالم وسيتعين على إسرائيل المساهمة في المجهود الشامل".

وأضاف بن أن سياسة التعتيم النووي الإسرائيلية تستند إلى تفاهمات غير مكتوبة، من العام 1969، بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، غولدا مائير، والرئيس الأميركي، ريتشارد نيكسون، وتقضي هذه التفاهمات بأن تحافظ إسرائيل على التعتيم في الموضوع النووي ولا تنفذ تجارب نووية، فيما تمتنع الولايات المتحدة عن ممارسة ضغوط عليها للانضمام إلى ميثاق حظر انتشار الأسلحة النووية. وقد سعى رؤساء الحكومة الإسرائيلية اللاحقة إلى تجديد هذه التفاهمات، وبينهم نتنياهو، خلال ولايته السابقة في رئاسة الحكومة خلال الأعوام 1996-1999.

وكتب بن أن المحادثات بين نتنياهو والرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، وصلت إلى حد نشوء أزمة بين الدولتين، على خلفية مطالبة إسرائيل بتجميد أنشطة تخصيب اليورانيوم، لكن تم تسوية الخلاف في حينه. ونقل بن عن خبراء إسرائيليين قولهم إن إسرائيل استوعبت منذ ذلك الحين أن مطالبة إسرائيل بتجميد تخصيب اليورانيوم سيتم طرحها مجددا، ونتنياهو سيحاول الآن الحصول على شيء ما مقابل الاستجابة للطلب الأميركي.

من جهة أخرى استعرض محلل الشؤون الإستراتيجية في يديعوت أحرونوت، رونين برغمان، تاريخ المشروع النووي الإسرائيلي وحجم الترسانة الإسرائيلية. وبدأت إسرائيل بتطوير مشروع نووي عشية حرب العام 1967 وطورت في موازاة ذلك صواريخ طويلة المدى من طراز "يريحو" القادرة على ضرب أهداف بعيدة بينها ليبيا وإيران. وكانت إسرائيل قد درست خلال حرب العام 1973 استخدام السلاح النووي الذي بحوزتها.

وبحسب المعلومات التي سربها الموظف السابق في مفاعل ديمونا، مردخاي فعنونو، لصحيفة ساندي تايمز البريطانية، في أواسط ثمانينات القرن الماضي، فإن إسرائيل كانت تمتلك ما بين مائة إلى مائتي قنبلة نووية. وفي السنوات الأخيرة حصلت إسرائيل على هدية من ألمانيا تتمثل بثلاث غواصات نووية من طراز "دولفين"، القادرة على إطلاق صواريخ طويلة المدى والتهرب من أجهزة رادار والوصول إلى كل مكان في العالم، لتشكل بذلك قدرة إسرائيلية على توجيه "الضربة الثانية" في حال تعرضها لهجوم نووي.

وخلص برغمان إلى أن "مجرد الحديث في الموضوع هو أمر خطير جدا، على ضوء الجهود الرامية للعمل ضد إيران. إذا أنه يصعب على إسرائيل تفسير سبب التعامل المتشدد مع إيران فيما هي، التي تخفي كل ما يحدث في ديمونا، تخرج من الموضوع نظيفة".

(*) يرجى الإشارة إلى المصدر لدى الاقتباس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات