المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

يحارب رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، على إبعاد قائد حركة "قيادة يهودية" وقائد التيار اليميني المتطرف في الليكود، موشيه فايغلين، الذي انتخب للمكان العشرين في قائمة مرشحي الليكود للانتخابات العامة الإسرائيلية القريبة. ويتحسب نتنياهو من أن وجود فايغلين في مكان مضمون لدخول الكنيست سيبعد مصوتين عن الليكود وسيؤدي إلى خسارة عدد من المقاعد، علما أن قائمة مرشحي الليكود جاءت يمينية متطرفة أصلا. وفي غضون ذلك نشرت صحيفتا يديعوت أحرونوت وهآرتس، اليوم الأربعاء – 10.12.2008، استطلاعين للرأي تبين منهما أن الليكود لا يزال يتفوق على الأحزاب الأخرى، وخصوصا حزب كديما برئاسة وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، وسيحصل في الانتخابات العامة في حال جرت الآن على عدد مقاعد في الكنيست تتراوح ما بين 31 و36.

وبحسب استطلاع يديعوت أحرونوت، حصل الليكود على 31 مقعدا، أي أقل بمقعد واحد عن الاستطلاع السابق الذي نشرته الصحيفة في 20 تشرين الثاني الماضي. وحصل حزب كديما على 24 مقعدا فيما حصل في الاستطلاع السابق على 26 مقعدا، فيما ارتفعت قوة حزب العمل بثلاث مقاعد وحصل في استطلاع اليوم على 11 مقعدا. وحصل حزب شاس على 11 مقعدا وحزب "إسرائيل بيتنا" على 10 مقاعد والأحزاب العربية على 10 مقاعد، فيما كانت قد حصلت في الاستطلاع السابق على 11 مقعدا. وحصل حزب ميرتس على 7 مقاعد وحزب يهدوت هتوراة على 7 مقاعد وحزب اليمين المتطرف الجديد "البيت اليهودي" على 6 مقاعد وحزب الخضر على 3 مقاعد.

أما بحسب استطلاع هآرتس، فقد حصل الليكود على 36 مقعدا، فيما حصل في الاستطلاع السابق على 34. وحصل حزب كديما على 27 مقعدا مقابل 28 في الاستطلاع السابق فيما ارتفعت قوة حزب العمل في هذا الاستطلاع ايضا من 10 في الاستطلاع السابق إلى 12 في الاستطلاع الحالي. وحصل حزب شاس على 9 مقاعد مقابل 10 في الاستطلاع الماضي وحزب "إسرائيل بيتنا" على 9 مقاعد مقابل 10 في الاستطلاع الماضي وحزب يهدوت هتوراة على 6 مقاعدز وحصل حزب ميرتس على 7 مقاعد، أي بزيادة مقعد عن الاستطلاع السابق وحزب "البيت اليهودي" على 4 مقاعد. وأشار معدو الاستطلاع إلى أنه لم يتم استطلاع آراء العرب في إسرائيل بسبب حلول عيد الأضحى وأبقوا على نتائج الاستطلاع السابق، حيث حصلت الجبهة على 5 مقاعد والقائمة العربية الموحدة على 4 مقاعد والتجمع على مقعدين.

وفي هذه الأثناء، سيطرت نتائج الانتخابات الداخلية في الليكود، التي جرت أمس الأول الاثنين، على عناوين الصحف الصادرة اليوم واهتمامات وسائل الإعلام الإسرائيلية عموما. فقد تبين أن معظم الشخصيات اليمينية المعارضة لتسويات سلمية، وخصوصا مجموعة "متمردي الليكود" الذين عارضوا خطة فك الارتباط عن قطاع غزة، في صيف العام 2005، قد عادوا جميعهم إلى مواقع "مضمونة" في قائمة مرشحي الليكود. لكن أكثر ما أثار غضب واستياء نتنياهو كان انتخاب رمز اليمين المتطرف والأصولية اليهودية، موشيه فايغلين، في المكان العشرين، الذي يعتبر مكانا متقدما ومضمونا، لدخوله إلى الكنيست.وستنظر محكمة الليكود، اليوم، في دعوى قدمها المرشح ال28 في قائمة الليكود، أوفير إيكونوس، المقرب من نتنياهو، ضد فايغلين، الذي يطالب بالتدقيق في إمكانية شطب فايغلين من المكان العشرين. وبرر إيكونوس دعواه أن فايغلين حل في المكان العشرين المخصص للنساء. وأضاف إيكونوس في الدعوى أنه بسبب انتخاب نساء في أماكن متقدمة من دون تخصيص مقاعد لهن فإنه ينبغي تخصيص المكان العشرين لممثلي مناطق الحزب وليس لفايغلين الذي نافس من خلال القائمة القطرية. ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر في الليكود قولها إن احتمالات قبول الدعوى ضئيلة.

وكتبت محللة الشؤون الحزبية في يديعوت أحرونوت، سيما كدمون، أن "نتنياهو كان يتطلع إلى عرض قائمة متوازنة. مزيج من اليمين واليسار، وشخصيات معروفة وجديدة. وبالأساس إبقاء فايغلين ومؤيديه خارج القائمة. لكن تم خرق هذا التوازن، ليس بسبب انتخاب فايغلين فقط... وإنما تم خرق التوازن بالأساس بسبب عودة المتمردين. وهي المجموعة ذاتها التي نغصت حياة [أرييل] شارون وحاولت منعه من تنفيذ خطوات سياسية [أي فك الارتباط]. والفرق هو أنه فيما كان يقود هذه المجموعة عوزي لانداو [الذي انضم مؤخرا إلى حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف] فإن فايغلين الآن سيصبح الرجل الذي يحافظ على عفة الكتلة، وهو الذي حاول فرض مواقفه على الليكود".

البرنامج الفاشي لفايغلين

ونشرت صحيفة هآرتس، اليوم، مقاطع من مقال كان قد كتبه فاغلين ونشره في موقع حركة "قيادة يهودية". واستعرض فايغلين في مقاله الذي جاء تحت عنوان "اليوم التالي"، برنامجه السياسي في حال استولى على السلطة ووصل إلى موقع رئاسة الحكومة. في هذه الحالة، سيدعو بداية وزراء حكومته على الصلاة في حائط البراق، وبعد ذلك فورا سيأمر بانسحاب إسرائيل من الأمم المتحدة "وإغلاق السفارات في ألمانيا ودول معادية للسامية واستبدالها بمكاتب مصالح فقط". وستنتهج المدارس الإسرائيلية التاريخ العبري وحسب. وفيما يتعلق بالفلسطينيين، سيأمر فايغلين "بوقف إمداد سلطة الإرهاب التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بوسائل البقاء بصورة مطلقة: المال والبضائع والمياه والكهرباء والاتصالات. وأي هجوم ضد إسرائيل ستجر احتلال مناطق بادرت إلى العنف، وطرد سكانها وتدمير البنية التحتية فيها". من جهة أخرى فإن "الحكومة ستقلص ثلث ميزانية الأمن، وذلك من خلال إلغاء استخدام سلاح غير قاتل مثل الأعيرة المطاطية والغاز المسيل للدموع. وسيتم تدمير كل العتاد الذي غايته منع وقوع قتلى في القتال مع العدو في مراسم إلزامية في كل قاعدة عسكرية".

واعتبر فايغلين في مقاله، الذي، بالمناسبة، اختفى عن الموقع الالكتروني بعد انتخابه في المكان العشرين، أمس، أنه "لا يوجد ولم يكن هناك شعب فلسطيني، ولم تكن هناك أبدا دولة فلسطينية. ولا يوجد لدى العرب حافز وطني إيجابي. ولا رغبة لديهم بالعودة إلى أي وطن كان وتحقيق قوميتهم 'الفلسطينية' المزعومة". وزعم أن "تنمية آمال العرب هو الذي ولّد العنف العربي، وقطعها هي التي ستجلب التهدئة. والبرنامج السياسي البديل ينبغي أن لا يستند على القضاء على اليأس العربي، وإنما على القضاء على الأمل العربي. فإذا كان أملهم بطردنا، فإن القضاء على أملهم سيتحقق عندما نوضح أننا متمسكين إلى الأبد بكل أجزاء أرض إسرائيل. والقضاء على الأمل العربي سيؤدي إلى القضاء على الإرهاب العربي".

ويقترح فايغلين منح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة "التي سيتم ضمها إلى إسرائيل، حقوق إنسان وليس حقوق مواطنة، وذلك شرط أن يثبتوا ولاءهم للدولة اليهودية التي تستضيفهم ويوافقون على سيادة اليهود على بلادهم". وفي هذه الحالة سيحظى الفلسطينيون "بشهادة متواجد قانوني" في البلاد "وبإمكانهم مواصلة تسيير شؤونهم الخاصة من دون أن يمس أحد بحقوقهم الإنسانية". واعتبر فايغلين أنه "سيتعين على العرب البحث عن حقهم في تقرير المصير في الدول العربية. وستشجع إسرائيل هجرة العرب إلى بلادهم وستساعد قدر استطاعتها كل عربي الذي يرغب في ذلك والسكن وراء البحر". ويرى فايغلين أن فكرة الترانسفير صحيحة "لكننا نركز على الخطط السياسية التي تقترح حلا تكتيكيا قابل للتحقيق ويدفعنا قدما نحو الغايات الإستراتيجية المشتركة لنا ولأنصار الترانسفير، لكن خلافا للترانسفيريين فإننا نبدأ بالعمل في الواقع المتوفر من أجل تحقيق ذلك. ورغم أن العرب ما زالوا موجودين هنا، لكن البلاد تنتقل إلى أيدينا".

وعقب الوزير السابق والرئيس السابق لحزب ميرتس، يوسي سريد، على انتخاب فايغلين ضمن قائمة الليكود بالقول إنه "حان الوقت لتسمية هذا الرجل باسمه الواضح: فاشي وفقا لكل تعريف مقبول". وأضاف "لقد قيل عن موشيه فايغلين إنه متطرف يميني، وليست هذه مشكلته الاساسية ومشكلة الليكود ومنذ أصبحت مشكلتنا جميعا. ومن عدة نواحي هو مرفوض أكثر مائير كهانا وأكثر من رحبعام زئيفي، الذي وصفه بيني بيغن مرة أنه 'تلوث أخلاقي'". وأشار سريد إلى أن فايغلين كان قال في مقابلة أجرتها معه هآرتس في العام 1995 إن الزعيم النازي أدولف "هتلر هو عبقري لا مثيل له من الناحية العسكرية"، ولم ينف ذلك أبدا، وأضاف أن "النازية طورت ألمانيا من حالة الحضيض إلى وضع رائع من الناحية الجسدية والأيديولوجية، وشبيبة النفايات الذي يرتدي الخرق أصبح يلمع ومنظم وحظيت ألمانيا بنظام نموذجي وقضاء سليم ونظام حكم. وتربى هتلر على موسيقى جيدة وكان رساما. والحديث لا يدور عن جماعة زعران وإنما هم استخدموا الزعران واللوطيين وحسب". واضاف أن "فايغلين ومؤيديه هم ليسو متطرفين فقط وإنما هم فاشيون ولولا أنهم ولدوا لام يهودية، وهذا ليس بذنبهم، لكانوا معادين للسامية وملعونين".

ولفت سريد إلى أن فايغلين قال في المقابلة نفسها في هآرتس إنه "لا شك في أن اليهودية عنصرية بمفهوم معين. وعندما أقرت الأمم المتحدة، لم أجد مكانا للاحتجاج. ومن يفهم العنصرية على أنها فصل بين دم ودم، وهذا فصل بدائي للغاية، عليه ان يدعي أن الصهيونية عنصرية... لا يوجد شعب فلسطيني. يوجد فقط جمهور يتحدث العربية، وعرّف نفسه فجأة أنه شعب، مسودة للحركة الصهيونية، طفيليات. وعدم قيامهم بذلك من قبل يثبت أنهم منحطون. ولدى الأفريقيين ايضا لا يوجد شعوب. يوجد فقط قبيلة زولو وتوتسي". ورأى سريد إنه "لا يوجد تطرف وفاشية فقط هنا وإنما يوجد إعاقة شخصية شديدة تختبئ خلف تجميل وطني". وخلص سريد على أن قادة الليكود سيجلسون في الكنيست إلى جانب فايغلين "وسيحتجون أمام العالم كله على حليقي الرؤوس الذي يتسللون إلى البرلمانات والحكومات، فيما عندنا لا تنجح القلنسوة في إخفاء حلق الرأس".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات