"المشهد الإسرائيلي"- خاص:
اتفقت إسرائيل وحركتا حماس والجهاد الإسلامي، في مفاوضات غير مباشرة بوساطة مصرية، على وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة عشرة أيام تمهيدا للتوصل إلى تهدئة. ورغم أن الحكومة الإسرائيلية أوفدت مسؤولا رفيعا إلى مصر لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار، إلا أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، نفى وجود اتفاق من هذا القبيل.
وقالت مصادر في مكتب أولمرت إنها لا "تعلم عن أي اتفاق حول وقف إطلاق النار أو التهدئة مع حماس في قطاع غزة". لكن المصادر الإسرائيلية ذاتها أضافت أن "السياسة الإسرائيلية ما زالت على حالها مثلما تقرر في المجلس الوزاري الأمني المصغر، ومثلما قال رئيس الحكومة إنه إذا أوقفوا (المقصود الفصائل الفلسطينية) إطلاق الصواريخ فإننا لن نطلق النار، ونحن لا نستيقظ في الصباح ونفكر كيف نهاجمهم".
وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الاثنين- 10/3/2008، أن الجيش الإسرائيلي تلقى في الأيام الأخيرة تعليمات من الحكومة تقضي بلجم عملياته العسكرية الهجومية في قطاع غزة. ورجحت الصحيفة أن تكون هذه التعليمات جزءا من تفاهمات جديدة، وغير مباشرة، أخذت تتبلور هذه الأيام بين إسرائيل وحماس بوساطة مصرية. وأشارت صحف إسرائيلية أخرى، اليوم، إلى أن الولايات المتحدة تدعم هذه المفاوضات والتفاهمات.
وميدانيا برزت التهدئة بوضوح في القطاع، إذ لم تطلق الفصائل الفلسطينية هناك سوى ثلاثة صواريخ قسام باتجاه جنوب إسرائيل منذ يوم الجمعة الماضي، فيما لم ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية في القطاع. ونقلت هآرتس عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله إن "قواعد اللعبة الجديدة" تقضي بامتناع إسرائيل عن مهاجمة القطاع طالما أن حماس تمتنع عن إطلاق صواريخ القسام.
وكانت قوات إسرائيلية، من لواء غفعاتي ولواء المدرعات، قد انسحبت فجر يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، من قطاع غزة منهية المرحلة الأولى من عملية "شتاء حار"، ومخلفة وراءها مئات الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
وتوغلت قوات إسرائيلية في القطاع، يوم الثلاثاء الماضي، واعتقلت قياديا في الجهاد الإسلامي. ومنذ منتصف الأسبوع الماضي أوقف الجيش الإسرائيلي هجماته في القطاع بما في ذلك غارات طيرانه الحربي. ومن جانبها خفضت حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، بصورة تدريجية، عدد الصواريخ التي تطلقها على جنوب إسرائيل.
وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إنه لم تتم صياغة تعليمات إطلاق نار جديدة للقوات المتواجدة عند الحدود مع القطاع لكن "جرى إيضاح التوجه العام لنا. وفي هذه الأثناء نحن لا نحارب حماس. يوجد تريث، وإن كان ليس معلنا. وسنعرف لاحقا إلى أين تتجه الأمور".
تفصيلات عينية
ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن تهدئة القتال ناجمة عن قواعد جديدة للعبة، تبلورت في أعقاب عملية "شتاء حار" وبعد تبادل رسائل بين الجانبين. وبحسب المصدر ذاته فإنه لا يوجد اتفاق مع حماس وإنما هناك قواعد غير رسمية، تم تحديدها خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، لإسرائيل، في الأسبوع الماضي.
ووصلت رايس إلى إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي قادمة من مصر. وبحسب هآرتس فإن رايس سلمت أولمرت ووزير الدفاع، إيهود باراك، اقتراحا مصريا تحدث عن رغبة حماس في تجديد التهدئة في القطاع. ورد أولمرت على الاقتراح المصري بصورة علنية يوم الأربعاء الماضي حيث أعلن أنه "إذا لم يطلقوا صواريخ قسام علينا، فإننا لن نهاجم في غزة".
وبحسب المصدر السياسي الإسرائيلي الرفيع فإن "قواعد اللعبة" الجديدة تتضمن ثلاثة مستويات. في حال توقف إطلاق الصواريخ فإن إسرائيل لن تشن هجمات في القطاع. وفي حال إطلاق صواريخ باتجاه مدينة سديروت فإن الطيران الحربي سيشن غارات جوية. أما إذا تم إطلاق صواريخ على مدينة عسقلان (أشكلون) فإن الجيش الإسرائيلي سيرد بتوغلات برية في القطاع على غرار عملية "شتاء حار".
وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن "قواعد اللعبة" هذه تتعارض مع قرار الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة، الذي اتخذ خلال اجتماعها يوم الأربعاء الماضي وقضى باستمرار العمليات العسكرية. واعتبر أن قرار التهدئة اتخذ من دون مصادقة الحكومة الإسرائيلية عليه. وتدل هذه التطورات بوضوح على أن أولمرت وباراك وافقا على التهدئة بعد ضغوط مارستها رايس عليهما.
من جهة ثانية، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن وقف إطلاق النار الحالي لفترة عشرة أيام غايته تمكين مصر من تحقيق اتفاق تهدئة مع إسرائيل. وأضافت أنه تم التوصل لقرار بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار من خلال اجتماع عقد في العريش شارك فيه مسؤولون في الاستخبارات المصرية والقيادي في حماس محمود الزهار والقيادي في الجهاد محمد الهندي.
من جانبه ألغى وزير الاستخبارات المصرية، عمر سليمان، زيارته لإسرائيل هذا الأسبوع للمرة الثانية. ورغم ذلك توجه مدير الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، أمس الأحد، إلى مصر لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين. ويبدو أن غلعاد سيبحث التهدئة في القطاع إضافة إلى مناقشة مسألة فتح المعابر الحدودية للقطاع مع مصر ومع إسرائيل. وتطالب حماس بفتح معبر رفح على الأقل في إطار اتفاق التهدئة. وسيطالب غلعاد المسؤولين المصريين بتكثيف العمل على منع تهريب أسلحة للقطاع عبر سيناء.