"المشهد الإسرائيلي" - خاص
قالت صحيفة هآرتس، اليوم الخميس – 14.8.2008، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، اقترح على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن يشمل "اتفاق رف" بين الجانبين موافقة إسرائيل على عودة 20 ألف لاجئ فلسطيني إلى إسرائيل تحت مسمى لم شمل عائلات. ونقلت الصحيفة عن مصادر في إسرائيل والولايات المتحدة قولها إن اقتراح أولمرت يقضي بعودة ألفي لاجئ فلسطيني في كل عام وعلى مدار عشرة أعوام، على "أساس إنساني" ووفقا لمعادلة يتم الاتفاق عليها بالمفاوضات. ويشترط أولمرت عودة هذا العدد القليل من اللاجئين بالاتفاق على بقية القضايا، وموافقة الفلسطينيين على أنه لن يكون هناك حق عودة شامل إلى إسرائيل وأن عودة بقية اللاجئين تكون إلى الدول الفلسطينية بعد قيامها.
وفي أعقاب النشر في هآرتس نفى مسؤولون في مكتب أولمرت النبأ وقالوا إن "رئيس الحكومة لم يقترح أبدا استيعاب عشرين ألف لاجئ فلسطيني في دولة إسرائيل. ويوضح أولمرت مجددا أنه في أي اتفاق مستقبلي لن تكون هناك عودة للاجئين فلسطينيين إلى إسرائيل بأي عدد كان". وأضاف المسؤولون في مكتب أولمرت أن "هذا الأمر تم إيضاحه أيضا خلال المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة مع رئيس السلطة الفلسطينية وخلال لقاءات مع رؤساء الإدارة الأميركية أيضا. وموقف رئيس الحكومة هو أنه من شأن إقامة دولة فلسطينية أن يوفر الحل للاجئين الفلسطينيين. وفيما يتعلق بلاجئين آخرين الذين لن يعودوا إلى الدولة الفلسطينية، فإنه ينبغي إقامة نظام دولي يجد طريقة لتعويضهم اقتصاديا. والموقف الأميركي حيال هذه القضية مطابق للموقف الإسرائيلي وتم التعبير عنه في رسالة الرئيس بوش في نيسان العام 2004 والتي قال فيها أنه لن تكون هناك عودة لاجئين إلى دولة إسرائيل وإنما إلى الدولة الفلسطينية التي ستقام".
وذكرت هآرتس أن رئيسة طاقم المفاوضات الإسرائيلي ووزيرة، تسيبي ليفني، تعارض عودة لاجئين فلسطينيين إلى إسرائيل بالمطلق، ومهما كان العدد، كما ترفض لم شمل عائلات عربية في إسرائيل يكون فيها أحد الزوجين من اللاجئين الفلسطينيين. واعتبرت ليفني خلال لقائها مع الرئيس الأميركي، جورج بوش، لدى زيارته إسرائيل في شهر كانون الثاني الماضي، أن دخول أي لاجئ فلسطيني إلى إسرائيل سيشكل سابقة خطيرة. وأضافت أنه "سيكون هذا الأمر شبيها بفيلم إثارة، تتم فيه مشاهدة البطلة تفتح الباب قليلا، فيما يعرف الجميع أن الرجل الذي يحمل السكين سيدخل ويطعنها". وقالت ليفني إنه يحظر على إسرائيل المساومة حول دخول لاجئين لأنه سيتم تفسير هذا الأمر على أنه فتحة لتطبيق حق العودة. وأوضحت ليفني للإدارة الأميركية أنها ستعارض وثيقة تفاهمات بين إسرائيل والفلسطينيين تشمل إدخال لاجئين إلى إسرائيل في حل تم طرحها على الحكومة الإسرائيلية.
ولفتت هآرتس إلى أنه في الوضع السياسي الراهن في إسرائيل، فإن معارضة ليفني من شأنها أن تمنع موافقة الحكومة الإسرائيلية على اتفاق يشمل عودة لاجئين فلسطينيين. وتعتبر قضية اللاجئين إحدى القضايا المركزية في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين والتي لا يوجد أدنى حد من الاتفاق حولها. إذ يؤكد الفلسطينيون حق العودة للاجئين الذين هجروا من وطنهم في نكبة العام 1948، وذلك بالاستناد إلى قرار الأمم المتحدة رقم 194، فيما تعتبر إسرائيل منذ قيامها أنه ينبغي استيعاب اللاجئين في أماكن تواجدهم في الدول العربية.
يشار إلى أن موقف الإدارة الأميركية يقضي بأن يتفاوض الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني حول قضية اللاجئين. لكن هآرتس لفتت إلى أنه حتى لو اتفق الجانبان، فإن بوش سيواجه قرارا صعبا في حال طرح أولمرت على حكومته اتفاقا ليس مقبولا على معظم وزرائها. ففي هذه الحالة سيتعين على بوش أن يقرر ما إذا كان سيرحب بالاتفاق قبل مصادقة حكومة إسرائيل عليه، وسيمنح بذلك أولمرت أداة لممارسة ضغوط على ليفني ووزراء آخرين ليؤيدوا الاتفاق. والخيار الآخر هو أن يمتنع بوش عن رد فعل علني ومؤيد للاتفاق، وبذلك يلمح لحكومة إسرائيل أن الإدارة الأميركية لا تدعم أولمرت بشكل أوتوماتيكي.
وتوشك ولاية أولمرت على نهايتها في الشهور القريبة المقبلة بسبب التحقيقات ضده في شبهات فساد وإعلانه أنه سيستقيل بعد انتخاب رئيس جديد لحزب كديما، سواء شكل الرئيس الجديد حكومة بديلة أو قرر الذهاب لانتخابات عامة مبكرة. رغم ذلك، فإن أولمرت مقتنع بأنه بالإمكان التوصل إلى اتفاق مبادئ، وبحسب مصادر سياسية إسرائيلية مقربة من المفاوضات، فإنه طرأ خلال الأسابيع الأخيرة تقدما في المفاوضات وأن الجانبين أبديا ليونة في مواقفهما.
من جهة أخرى ستحضر وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إلى المنطقة الأسبوع المقبل. وستحث رايس إسرائيل والفلسطينيين على التوصل لاتفاق قبل نهاية ولاية بوش في كانون الثاني المقبل وحتى لو كان هذا اتفاق جزئي.
وقالت هآرتس إن ليفني ستقترح على رايس الانتظار حتى يتم تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل وتركيز الجهود السياسية، في هذه الأثناء، على بلورة معادلة تسمح بمواصلة المفاوضات في العام المقبل. وتعتبر ليفني أن الحاضرين في مؤتمر أنابوليس، الذي عقد في الولايات المتحدة في تشرين الثاني الماضي، التزموا ببذل جهد للتوصل لاتفاق حتى نهاية العام 2008 الحالي، لكن لم يتم الالتزام بتحقيق اتفاق.
وواضح أن تحركات ليفني ورايس وأولمرت متأثرة من مستقبلهم السياسي، إذ أن رايس وأولمرت سينهيان مهام منصبيهما بحلول مطلع العام المقبل، فيما تركز ليفني جل اهتمامها على المنافسة على رئاسة حزب كديما واحتمال تشكيلها حكومة جديدة في حال فازت برئاسة الحزب.