"المشهد الإسرائيلي" - خاص
يرجح كبار المسؤولين في الشرطة الإسرائيلية أنه ستتم التوصية بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، في الأسابيع المقبلة، مع تفجر قضية سفريات أولمرت ضمن قضية "المغلفات المالية" والشبهات بحصوله على أموال من المليونير الأميركي اليهودي، موريس تالانسكي، بصورة غير قانونية. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 13.7.2008، عن مصدر رفيع المستوى في النيابة العامة قوله إن "أولمرت متورط حتى عنقه"، لدى تطرقه لقضية السفريات التي تم الكشف عنها يوم الجمعة الماضي.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن محققي الشرطة، الذين عقدوا جلسة استجواب ثالثة مع أولمرت، يوم الجمعة الماضية، فاجئوا أولمرت بأسئلتهم حول قضية السفريات. وبحسب تسريبات الشرطة والنيابة العامة لوسائل الإعلام فإن أولمرت درج خلال فترة توليه رئاسة بلدية القدس، ولاحقا خلال توليه مناصب وزارية، على السفر للخارج من خلال تعاقد مع شركة السياحة والسفريات "ريشون تورز"، في مدينة ريشون لتسيون. وبحسب الشبهات فإن هذه الشركة كانت ترسل فواتير إلى عدة مؤسسات إسرائيلية في آن واحد لتغطية سفرة واحدة رسمية لأولمرت. وكان تسديد مؤسسة واحدة للفاتورة المرسلة تغطي تكاليف السفرة، فيما كانت الأموال التي تدفعها مؤسسات أخرى تودع في حساب مصرفي فتحته الشركة باسم أولمرت لتغطية تكاليف سفر أبناء عائلته.
ونشرت هآرتس، اليوم، صورة لفاتورتين صادرتين من شركة "ريشون تورز"، الأولى تطالب مؤسسة أميركية بتسديد تكاليف سفرة لأولمرت والثانية تطالب "الجمعية من أجل الجندي" بتسديد تكاليف السفرة ذاتها. ويتركز التحقيق على 12 سفرة لأولمرت حصل الأخير مقابلها على تمويل مزدوج من مؤسستين وأحيانا من ثلاث مؤسسات. وبلغ حجم الأموال التي أودعتها "ريشون تورز" في حساب مصرفي لتمويل سفريات أبناء عائلة أولمرت ما يزيد عن110 آلاف دولار. وتبين للشرطة، التي داهمت مكاتب "ريشون تورز"، أن بين المؤسسات التي كانت تمول سفريات أولمرت متحف "يد فشيم" أي متحف المحرقة، و"معهد فيزنطال" ومؤسسة "البوندز" وجمعية "أكيم" التي تعنى بالأولاد المعاقين وجمعية "عاليه" من أجل طلاب الجامعات المكفوفين وفرع "الجمعية من أجل الجندي" الإسرائيلي في الولايات المتحدة.
وقالت مصادر في الشرطة أن المحققين جمعوا أدلة راسخة سيكون من الصعب على أولمرت دحضها، بينها سندات قبض مبالغ من عدة مؤسسات مقابل السفرة واحدة، وإفادات موظفين في المؤسسات التي مولت السفريات. وقررت الشرطة التعامل هذه المؤسسات، التي يشتبه بتضليلها، على أنها مشتكية. ونقلت هآرتس عن المصدر الرفيع في النيابة العامة قوله إن "الدولة أيضا وقعت ضحية أعمال أولمرت، إذ أنها مولت جزءا من سفراته عندما شغل منصب وزير الصناعة والتجارة والتشغيل في الوقت الذي مولت فيه مؤسسات أخرى هذه السفرات". ووسعت الشرطة طاقم التحقيق ضد أولمرت بسبب وجود 6 ملفات تحقيق ضده.
من جانبه اعتبر أولمرت أن المسؤولين في الشرطة والنيابة العامة "يتصرفون بفظاظة وحقارة" وشدد على أنه لم يأخذ قرشا واحد لجيبه الخاص. وكان أولمرت يشير بذلك إلى بيان أصدرته الشرطة والنيابة العامة في ختام التحقيق معه يوم الجمعة الماضي وتطرقتا فيه للشبهات الجديدة ضد أولمرت. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، عن أولمرت قوله إن "الشرطة والنيابة أعدتا البيان المفصل حول التحقيق معي قبل مجيئهم عندي. وهذا البيان مليء بالأكاذيب الحقيرة ضدي وضد أفراد عائلتي". وأضاف أنه "لم آخذ لجيبي قرشا واحدا من كل الأموال التي تم دفعها مقابل سفرياتي". وأقر أولمرت بأنه حصل على بدل مصروفات لقاء وجبات ومبيت بقيمة ألفي دولار من متحف "يد فشيم" وذلك مقابل مشاركته في اجتماعات لجمع تبرعات لهذه المؤسسة وغيرها. وقال أولمرت إن "المسؤولين في جهاز فرض القانون يتصرفون بفظاظة غير مسبوقة، من خلال استخدام عمليات تضليل مرفوضة ونشر تفاصيل من التحقيق وخلال التحقيق. ومن يقلق على شكل نظام القانون فإن لديه سببا وجيها للقلق بعد هذه التصرفات".
وقال أولمرت أن أكثر ما يقلقه في ادعاءات المحققين هو أن عائلته استفادت من المؤسسات التي جمع أولمرت تبرعات لصالحها بمبالغ تصل إلى مئات آلاف الدولارات "وهذه الادعاءات التي تنسب لأفراد عائلتي ضلوعا ما في القضية هي الادعاءات الأشد حقارة". ورأى مقربون من أولمرت أن التحقيق ضده وتسريب معلومات لوسائل الإعلام هو "محاولة للإطاحة برئيس حكومة يؤدي مهام منصبه". وقال المحامي نيفوت تل تسور، وهو أحد محامي أولمرت، إن "طاقم الدفاع يشعر أن جهاز فرض القانون يلاحقه ويبذل جهدا للقضاء عليه بكل ثمن. وقد فتحوا تحقيقا جديدا ضد رئيس الحكومة بهدف صرف الأنظار عن قضية تالانسكي. وهذه خطوة تهدف إلى تشويه سمعة رئيس الحكومة وملاحقته". ويذكر أن محامي أولمرت سيجرون استجوابا مضادا مع تالانسكي بدءا من يوم الخميس المقبل ولمدة خمسة أيام.
وعلى الصعيد السياسي فإنه لا يتوقع حدوث تطورات خاصة مرتبطة بالتحقيق خلال الأسبوع الحالي، على عكس ما حدث لدى الكشف عن تفاصيل قضية تالانسكي في بداية شهر أيار الماضي، عندما طالب رئيس حزب العمل ووزير الدفاع، ايهود باراك، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، أولمرت بالتنحي عن منصبه. فقد توجه أولمرت وليفني، أمس، إلى فرنسا للمشاركة في مؤتمر دول حوض البحر المتوسط، الذي ينعقد اليوم. وخلال الأسبوع الحالي سيتوجه باراك إلى الولايات المتحدة، فيما ستهيمن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله، المتوقع تنفيذها يوم الأربعاء المقبل على مجرى الأحداث هذا الأسبوع. ورغم ذلك، أجمع المحللون الإسرائيليون على أن أولمرت وصل إلى نهاية طريقه السياسية. ففي نهاية شهر أيلول المقبل ستجري الانتخابات التمهيدية في حزب كديما لانتخاب خليفة لأولمرت. وفي موازاة ذلك، تشير معظم التقديرات إلى أن النيابة العامة ستقدم لائحة اتهام ضد أولمرت خلال أيلول أيضا، ما سيدفعه إلى الاستقالة مثلما تعهد هو شخصيا بذلك.
المصطلحات المستخدمة:
الجمعية من أجل الجندي, ريشون لتسيون, يديعوت أحرونوت, هآرتس, باراك, كديما, رئيس الحكومة