"المشهد الإسرائيلي" - خاص
تبحث إسرائيل والفلسطينيون في الفترة الأخيرة في تسلم السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية بصورة جزئية على منطقة شمال الضفة الغربية، لتكون "منطقة نموذجية" تسيطر فيها أجهزة الأمن الفلسطينية. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الأربعاء – 14.5.2008، عن مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية تأكيدها على وجود اتصالات بين الجانبين حول اتفاق جديد في شمال الضفة، تجري بوساطة الولايات المتحدة ومبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، توني بلير. ويتزامن الإعلان عن هذه الخطوة، التي تحاول إسرائيل وصفها بأنها انجاز، مع وصول الرئيس الأميركي، جورج بوش، إلى إسرائيل، اليوم، للمشاركة في احتفال إسرائيل بالذكرى الستين لقيامها.
من جانبه قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، خلال خطاب ألقاه في مؤتمر الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، في القدس أمس، إنه "توجد اتفاقات في مواضيع هامة" بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لكنه لم يفصح عن تفاصيل. وعشية زيارة بوش لإسرائيل، أعلن بلير أمس عن موافقة إسرائيل على تنفيذ خطوات عملية، قال إن من شأنها أن تسهل حياة الفلسطينيين في الضفة، وخصوصا ما يتعلق بتنقلهم. وتتعلق هذه الخطوات بإزالة أربعة حواجز عسكرية وتخفيف عملية التفتيش في ثمانية حواجز أخرى.
وبحسب الاتفاق، الذي يتوقع أن يخرج إلى حيّز التنفيذ خلال بضعة أسابيع، ستتسلم السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية في المنطقة الواقعة شمال وشرق مدينة طولكرم وستشمل هذه المنطقة مدينة جنين. وهي مساحة توازي مساحة قطاع غزة تقريبا. وبحسب الاتفاق، فإن أجهزة الأمن الفلسطينية ستسيطر بالكامل على المنطقة بين الساعة السادسة صباحا وحتى منتصف الليل. وسيتعين على الأجهزة الأمنية محاربة مظاهر مسلحة من جانب فصائل فلسطينية ومنع هجمات ضد أهداف إسرائيلية. وستكون السيطرة مشتركة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والجيش الإسرائيلي بين منتصف الليل وحتى السادسة صباحا، ويقضي الاتفاق أن ينسق الجيش الإسرائيلي مع الأجهزة الفلسطينية النشاطات العسكرية التي قد يقوم بتنفيذها في هذه المنطقة.
ويبدو أن الاتفاق يقضي بامتناع إسرائيل عن تنفيذ اعتقالات في المنطقة، باستثناء حالات يعتبر الجانب الإسرائيلي أن هدف الاعتقال هو "قنبلة موقوتة"، أي أنه شخص يعتزم الخروج لتنفيذ عملية ضد هدف إسرائيلي. وفي حالات أخرى، ستمرر إسرائيل لأجهزة الأمن الفلسطينية أسماء "مطلوبين" لتقوم باعتقالهم وفي حال لم تفعل أجهزة الأمن الفلسطينية ذلك سيكون بإمكان الجيش الإسرائيلي العمل ضد "المطلوبين".
ويتوقع في إطار هذا الاتفاق أن يصل حجم القوة الأمنية الفلسطينية في شمال الضفة إلى أكثر من ألف شرطي، تلقى معظمهم تدريبات في الأردن على أيدي خبراء أمنيين أميركيين. وستصل مجموعة قوامها 600 شرطي فلسطيني إلى هذه المنطقة خلال شهر تموز المقبل لتنضم إلى 500 شرطي انتشروا مؤخرا في شمال الضفة.
من جهة أخرى، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن بلير قوله في مؤتمر صحفي عقده في القدس، أمس، إنه في إطار اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبواسطته، ستزيل إسرائيل أربعة حواجز عسكرية من أصل 12 حاجزا مركزيا في الضفة، وستخفف إجراءات التفتيش في ثمانية حواجز عسكرية أخرى. كما ستعيد السلطات الإسرائيلية النظر في 3000 أمر أصدرتها لمصادرة أراض في الضفة.
وبحسب بلير فإن الجيش الإسرائيلي سيزيل هذا الأسبوع حاجزا عسكريا قرب مدينة الخليل وفي وقت لاحق سيزيل الحواجز العسكرية الثلاثة الأخرى الواقعة قرب مستوطنة "شافيه شومرون" في منطقة نابلس ومستوطنة"ماخولة" في غور الأردن وحلحول قرب الخليل. وأضاف أنه سيتم نقل حاجز مستوطنة "بيت إيل" إلى مكان آخر قريب من موقعه الحالي بادعاء أن الأمر سيسهل على المواطنين الفلسطينيين من الدخول إلى رام الله والخروج منها.
وتابع بلير أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني اتفقا على جدول زمني لإزالة الحواجز العسكرية لكن ذلك سيكون خاضعا "للوضع الأمني". وسيمتد تنفيذ ذلك على مدار بضعة أسابيع. وأشار بلير إلى أن "الحديث يجري عن تسهيلات في التنقل من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق وليس بالحركة باتجاه الغرب إلى داخل إسرائيل، الأمر الذي قد يشكل خطرا أكبر على الوضع الأمني". وأضاف أن "الإسرائيليين وافقوا على تسهيل آخر يتعلق بتقليل عدد موظفي الجمارك عند جسر اللنبي، وذلك في إطار خطة طويلة الأمد لإقامة سلطة حدود فلسطينية".
وفي سياق هذه الخطوات، وافقت إسرائيل على أن تبني السلطة الفلسطينية سجنا جديدا في جنين، بدلا من السجن الذي هدمه الجيش الإسرائيلي لدى اجتياحه الضفة في العام 2002. كذلك وافقت إسرائيل على فتح أربعة مراكز جديدة للشرطة الفلسطينية في المنطقة. وستقيم السلطة الفلسطينية محكمة جديدة في جنين لمحاكمة المعتقلين. وبموجب الاتفاق وافقت إسرائيل على إزالة العوائق التي وضعتها في طرقات منطقة شمال الضفة لتسهيل تنقل الفلسطينيين إلى جنين ومنها إلى منطقتي نابلس والغور، لكن هذا يبقى خاضعا "لاعتبارات أمنية" إسرائيلية.
وفي الناحية الاقتصادية، سيبدأ حتى نهاية العام الحالي إنشاء منطقة صناعية في الجلمة، شمال جنين، وستمنح السلطات الإسرائيلية تصاريح لألف عامل و300 تاجر من منطقة جنين للدخول إلى إسرائيل.