قررت الحكومة الإسرائيلية، في جلستها يوم الأحد (19/8/2007)، المصادقة على توصيات "لجنة عبري" بشأن إنشاء "مديرية للخدمة المدنية والوطنية"، تتيح للشباب الذين لا يخدمون إلزاميا في الجيش التطوّع في أطر مدنية، ما يعني فتح المجال لتجنيد الشباب العرب واليهود الحريديم (المتدينين المتشددين).
وستكون هذه المديرية تابعة إلى ديوان رئيس الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة إن الهدف من إلحاق المديرية بديوان رئيس الحكومة هو الالتفاف على خشية المواطنين العرب من التعاون معها في حال تمّ إلحاقها بوزارة الدفاع.
وقال د. رؤوفين غال، رئيس "مديرية الخدمة المدنية والوطنية"، إنه يتفهم خشية وتردد لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية من موضوع الخدمة المدنية، إلا أنه قال إنّ هذه اللجنة "سترضى عندما تلمس الفائدة الجمة، التي سيجنيها المواطنون العرب".
وكانت "لجنة تأسيس خدمة وطنية- مدنية"، برئاسة الجنرال (احتياط) دافيد عبري، قد أصدرت في العام 2004 توصيات على رأسها توصية بتجاهل رفض قيادات المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، إلى جانب الحريديم اليهود، القبولَ بمسار حكومي رسمي لدمج الشبيبة والشباب العرب فيه. وأوصت اللجنة بالتوجه مباشرة إلى الشباب العرب والحريديم عن طريق الدعاية والنشر. والاعتقاد السائد في "لجنة عبري" هو أنّ مجموعات الهدف المذكورة، من العرب والحريديم، ستجرّ وراءها القيادة، وليس العكس!
وسعيًا لتحقيق هذا اقترحت اللجنة محفزات مختلفة. على سبيل المثال: كل من ينضم إلى هذه الخدمة، جبرًا أو تطوعًا، سيتمتع بحقوق وامتيازات مطابقة لتلك التي يتمتع بها جنود الجيش الإسرائيلي.
وعرضت اللجنة توصياتها على وزير الدفاع آنذاك، شاؤول موفاز، وعلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، أريئيل شارون. وكان موفاز عيّن اللجنة قبل عام ونصف العام من إصدار توصياتها، أي في العام 2002.
ومن بين توصياتها الأخرى اقترحت اللجنة إقامة إطار رسمي حكومي للخدمة الوطنية والمدنية، يستند إلى التطوع في غالبيته، يكون مفتوحًا أمام العرب واليهود، والعلمانيين والحريديم، والنساء والرجال، وذلك في حال عدم معارضة وزارة المالية للخطة، التي ستصل تكلفتها إلى عشرات ملايين الشيكلات في المدى القصير.
ويستند لُبّ التوصيات في تقرير اللجنة إلى إقامة جهاز تنظيمي، كمجلس جماهيري ومديرية حكومية للخدمة المدنية، يكون تابعًا لديوان رئيس الحكومة. ومن بين مهمات هذا الجهاز إدارة اتفاقات مع جهات مُشغلة، مثل المؤسسات الصحية والتربوية والتنظيمات المختلفة، لتشجيع الشباب على الانضمام إلى الخدمة، وتصنيفهم ومنحهم التأهيل المهني وغير ذلك من الأمور.
وفي ضمن هذه المديرية يُقام جناحان: جناح الخدمة الوطنية وجناح الخدمة المدنية. وتعتقد اللجنة أن مصطلح "الخدمة المدنية" سيخفف من النفور الموجود عند المجموعات غير الصهيونية في الدولة. وعليه، فإنّ الخدمة "المدنية" مُعدّة لاستيعاب مجموعتي الهدف الأساسيتين (عرب وحريديم)، كمتطوعين فقط. وقدرت اللجنة حجم إمكانيات التجنيد لهذه الخطة من الحريديم بحوالي 9 آلاف رجل وامرأة في السنة، بينما امتنعت عن تقدير عدد العرب الذين سيستجيبون لهذه الخطة.
وينصّ التقرير على أنّ مدة الخدمة المقترحة هي 12 شهرًا، مع إمكانية تمديدها بسنة إضافية. ولم تقم اللجنة بتفصيل الأطر والمسارات الخاصة التي خصصتها للحريديم وللعرب، إلا أنّ أفكارًا مختلفة طُرحت في أثناء مداولاتها بهذا الصدد، من حيث تسيير خدمة "وسطية" (بحسب الأوساط) أو "فوق وسطية". والقصد الذي تسعى نحوه اللجنة هو تمكين تسيير خدمات "مدنية" في السلطات المحلية والتربية والرفاء وجودة البيئة وغيرها، بالإضافة إلى الاعتراف بهذه الخدمة ضمن التطوع في إطار أجسام أخرى مثل تنظيم "زاكاه" (تنظيم التعرف على ضحايا الكوارث) والشرطة الجماهيرية وجمعيات مختلفة تنشط ضمن مجموعات الهدف في مجالات التربية والصحة والرفاء.
ولاقت توصيات "لجنة عبري" في حينه معارضة واسعة من جانب القيادة العربية في إسرائيل، علمًا بأنها لم تنجح عند إقامتها في إقناع ولو شخصية جماهيرية عربية واحدة بالانضمام إليها.
وشارك في عضوية اللجنة، إضافةً إلى عبري نفسه، كل من قاضي المحكمة العليا المتقاعد البروفيسور يتسحاق إنغلارد؛ المحامي يعقوب فاينروت؛ رئيس قسم القوى البشرية السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال (احتياط) غدعون شيفر؛ ود. غيله مناحِم.