المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 720

يتسلم شمعون بيريس، يوم الأحد 15 تموز 2007، مهام "رئيس دولة إسرائيل" خلفًا للرئيس الحالي موشيه قصّاب، الذي يغادر منصبه وسط شبهات التورط في فضائح جنسية.

 هذه المقالة تقدّم خلفية حول رئيس دولة إسرائيل والنقاش الذي دار في شأن هذا المنصب وضرورته وكيفية الترشيح له، وهي من إعداد "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية".

"المشهد الإسرائيلي"

 

 

(*) كشف "مؤشر الديمقراطية" في إسرائيل لسنة 2007 عن هبوط حاد في الثقة التي يوليها الجمهور لرئيس الدولة، إذ عبر 22% فقط من الإسرائيليين عن ثقتهم بـ "الرئيس" في حين كان متوسط الثقة في سنوات 2003-2006، 68%.

 من الواضح أن درجة الثقة التي يكنها الجمهور لـ "رئيس الدولة" تأثرت بالتهم الجنائية التي وجهت للرئيس موشيه قصاب (على خلفية تورطه في ممارسات جنسية مشينة)، والذي كان قد حظي هو الآخر، في الماضي، بدرجة عالية من الثقة. غير أنه يمكن أن تترتب على هبوط الثقة برئيس الدولة انعكاسات بعيدة الأثر على مكانة مؤسسة الرئاسة في إسرائيل. ومن المفروض أن يجسد الرئيس في شخصيته "وحدة الشعب" وأن يكون موفقاً بين المجموعات المختلفة في المجتمع. ومن المعلوم أن "رئيس الدولة" في إسرائيل يضطلع بدور رمزي دون أية صلاحيات تنفيذية، ما عدا تكليف المرشح الذي توصي به الكتل البرلمانية بمهمة تشكيل الحكومة، وإعطاء الموافقة في الحالات التي يقرر فيها رئيس الحكومة حل الكنيست (البرلمان) وإجراء انتخابات برلمانية جديدة، إضافة إلى صلاحيته بالعفو عن سجناء وتحديد فترة عقوبتهم.

 

المنصب... السياسة وطريقة الانتخاب

 

من مقتضيات الحفاظ على البعد الرمزي لمنصب "رئيس الدولة"، ضرورة أن يكون الرئيس، المنتخب من قبل الكنيست، مجرداً من أي انتماء أو انحياز سياسي- حزبي، خاصة في سلوكه أثناء توليه للمنصب. ومع ذلك فإن الصلة السياسية لرئيس الدولة، قبل انتخابه، هي تحصيل حاصل لعملية انتخابه كما نص عليها قانون أساس رئيس الدولة، وللعرف السائد (في إسرائيل) والذي يتم بموجبه ترشيح شخصيات ذات هوية سياسية واضحة.

 

الكنيست والأحزاب تلعب دوراً حاسماً في عملية انتخاب رئيس الدولة، وهذا الدور يترك أثره السياسي على العملية ذاتها وأحياناً حتى على أداء وسلوك الرئيس، وهو ما يتجلى في النقاط التالية:
•يقترح أعضاء الكنيست أسماء المرشحين للرئاسة: يحق لعشرة أعضاء كنيست على الأقل اقتراح مرشح (البند السادس من قانون أساس رئيس الدولة).
•يُنتخب الرئيس من قبل الكنيست في تصويت سري (البند السابع من قانون أساس الرئيس).
•العرف الذي يتنافس بموجبه، في الغالب الأعم، مرشحان اثنان على المنصب: مرشح من طرف الحزب الحاكم ومرشح من طرف المعارضة.
•العرف الذي يكون بموجبه المرشحون من أعضاء الكنيست العاملين أو السابقين (باستثناء الرئيسين حاييم فايتسمان وإفرايم كتسير اللذين لم يشغلا عضوية الكنيست).

 

خلفية المرشحين لرئاسة الدولة

1949-2007

 

 

السنة

أسماء المرشحين

الخلفية

 

1949

البروفيسور حاييم فايتسمان *

أكاديمي وناشط صهيوني



البروفيسور يوسيف كولفيزنر

أكاديمي ومفكر إصلاحي (مرشح من طرف حزب "حيروت")

1952

إسحق بن تسفي *

عضو كنيست من طرف حزب "مباي"



بيرتس برنشتاين

عضو كنيست من طرف "الصهيونيين العموميين"



مردخاي نوروك

عضو كنيست من طرف حزب "همزراحي"



يتسحاق غرينبويم

وزير داخلية سابق من طرف "الصهيونيين العموميين"

1963

زلمان شزار*

عضو كنيست ووزير من طرف حزب "مباي" (لم يكن عضو كنيست عند انتخابه)



بيريتس برنشتاين

عضو كنيست من طرف "الصهيونيين العموميين"

1973

البروفيسور إفرايم كتسير

أكاديمي



البروفيسور إفرايم اليميلخ أورباخ

أكاديمي

1978

إسحق نافون

عضو كنيست من طرف حزب "العمل"

1983

حاييم هرتصوغ *

عضو كنيست من طرف حزب "العمل"



البروفيسور مناحيم ألون

قاض في المحكمة العليا، مرشح من طرف "الليكود" واليمين والمتدينين

1993

عيزر فايتسمان

عضو كنيست سابق (حزب ياحد- العمل، استقال من الكنيست العام 1992)



دوف شيلانسكي

عضو كنيست من طرف حزب "الليكود"

1998

عيزر فايتسمان

انتخب للرئاسة ثانية وهو يتولى المنصب ذاته



شاؤول عامور

عضو كنيست من طرف "الليكود"

2000

موشيه قصاب

عضو كنيست من طرف "الليكود"



شمعون بيريس

عضو كنيست من طرف "قائمة إسرائيل واحدة" (حزب العمل)

2007

شمعون بيريس

وزير من طرف حزب "كديما"، سابقاً رئيس حكومة ورئيس حزب "العمل"



رؤوبين ربلين

عضو كنيست من طرف "الليكود"



كوليت أفيطال

عضوة كنيست من طرف حزب "العمل"

 

* انتخبوا لفترة ولاية أخرى دون ترشيح منافس لهم (إسحق بن تسفي انتخب مرتين أخريين في العام 1957 و 1962).

 

 

الرئيس والسلوك المطلوب..

 

على الرغم من أن عملية الانتخاب تعتبر في جوهرها سياسية صرفة، إلا أنه ينتظر من "الرئيس" حال انتخابه أن يمارس مهام منصبه بصورة رسمية بعيداً عن أية صلة سياسية. وبالفعل فقد تجنب معظم رؤساء إسرائيل، على وجه العموم، التدخل في شؤون وقضايا هي موضع خلاف سياسي، وإن كانوا قد أسمعوا أحياناً صوتهم في قضايا مطروحة على بساط البحث، أو تصرفوا بطريقة مثيرة للجدل.

 

الحالة الشاذة في هذا السياق هي حالة الرئيس عيزر فايتسمان الذي اعتاد على التعبير عن رأيه بصورة مستمرة في شؤون سياسية، كما فعل مثلاً في قضية المفاوضات مع الفلسطينيين والسوريين بل ورفض إصدار عفو عن معتقلين أمنيين فلسطينيين في نطاق اتفاق أوسلو المرحلي سنة 1993.

 

المطلب الآخر من "رئيس الدولة" هو التصرف بصورة تليق بمكانته ومنصبه. وينص "قانون أساس رئيس الدولة" على أن الرئيس يتمتع بحصانة أمام القضاء الجنائي طالما كان يتولى مهام منصبه (لكن هذه الحصانة لا تسري على الدعاوى المدنية). ويختلف هذا القانون عن قانون أساس الحكومة، الذي فُصِّلّت فيه الإجراءات الواجب اتخاذها في حالة اتهام رئيس الحكومة أو أحد وزراء الحكومة بمخالفات جنائية. أي أن المشرِّع لم يتصور إمكانية تورط "الرئيس" في شبهات جنائية، وإن كان القانون يُفَصِّل إمكانية أخذ إفادة من "الرئيس".

 

ورغم عدم وجود تطرق لحالة ظهور شبهات بارتكاب مخالفات جنائية، إلا أن "الكنيست مخول، بقرار، بتنحية رئيس الدولة عن منصبه، إذا ما رأى (الكنيست) أنه غير جدير بمنصبه بسبب سلوك لا يليق بمكانته كرئيس للدولة" (البند 2أ). ومع ذلك فإن القانون لا يبين ما هو السلوك أو التصرف "غير اللائق" مما يبقي الأمر لرؤية الكنيست، الذي لم يستخدم حتى الآن صلاحيته هذه. أثناء القضية الأخيرة التي اتهم الرئيس قصاب بالتورط فيها، اقترح أعضاء في الكنيست إجراء تنحية على أساس حجة السلوك غير اللائق. ومن أجل تقديم اقتراح للكنيست بتنحية رئيس الدولة عن منصبه هناك حاجة لموافقة 75% من أعضاء لجنة الكنيست (اللجنة البرلمانية)، ولأن اقتراح التنحية للرئيس قصاب لم يحظ بالتأييد اللازم، لم يتسن الاستمرار في الإجراء البرلماني.

 

إن أي تدهور أو انحدار في مكانة مؤسسة الرئاسة يفضي عادة إلى إثارة جدل حول الحاجة إلى هذه المؤسسة. وعلى الرغم من أن الرئيسين الأخيرين (فايتسمان وقصاب) أنهيا مهام منصبهما عقب شبهات بارتكاب مخالفات جنائية حامت حولهما، إلا أن ذلك لا يبرر الطروحات الداعية إلى إلغاء مؤسسة الرئاسة، فهذه المؤسسة تشكل بؤرة لتكاتف وتضامن سائر مواطني الدولة لا يمكن أن تعوضها أو أن تحل مكانها أية مؤسسات سياسية أخرى. وتزداد أهمية مؤسسة رئيس الدولة في أوقات الأزمات والنزاعات.

 

هنالك من يعتقد أن رفع شأن مؤسسة الرئاسة في إسرائيل يستوجب تغيير طريقة انتخاب الرئيس حتى تعكس أوسع توافق. إحدى السبل لتحقيق ذلك تتمثل في المطالبة بتوفر أغلبية خاصة في الكنيست بغية ضمان انتخاب مرشحين يحظون بتأييد الأحزاب والمعسكرات السياسية المختلفة. في الوضع القائم ينتخب رئيس الدولة من قبل أكثرية أعضاء الكنيست (في جولة أولى وفي جولة ثانية يحتاج الأمر إلى أكثرية بسيطة -61 صوتاً- فيما تحتاج جولة ثالثة أو أكثر إلى أكثرية اعتيادية) من هنا فإن زيادة الأغلبية اللازمة إلى 75 عضو كنيست مثلاً، يمكن أن تجبر أعضاء الكنيست على اقتراح مرشح رفيع المقام غير مرتبط بهذا الحزب أو ذاك.

 

إمكانية أخرى هي أن ينتخب الرئيس بطريقة الانتخاب المباشر من قبل الجمهور الأمر الذي يضمن أن يكون المرشح الفائز مقبولاً لدى أغلبية الجمهور. بيد أن تغيير طريقة الانتخاب لا يشكل ضمانة لنوعية المرشحين.

 

تتوقف مكانة مؤسسة الرئاسة بدرجة كبيرة على الشخص الذي يتولى المنصب. ولا يمكن للقانون، وهو غير مطالب بتبيان وشرح كيف يتعين على رئيس الدولة أن يتصرف وما هي المواضيع التي ينبغي له أن يعبر عن رأيه فيها أو متى يجب أن يمتنع عن التدخل. فالقرار بشأن كيفية التصرف متروك للشخص الذي يشغل المنصب. لذلك، وبهدف المحافظة على سمعة مؤسسة الرئاسة، لا بد من ضمان انتخاب مرشح قادر على مزاولة مهام هذا المنصب بصورة رسمية، دون محاباة، وبطريقة محترمة.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات