انفردت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الاثنين (6/8/2007)، بنقل خشية مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى من "إقامة قاعدتين للأسطول الروسي في مينائي طرطوس واللاذقية السوريين وخصوصا من قدرة الروس على تنفيذ عمليات تجسس إلكترونية على إسرائيل"، فيما قالت صحيفة "هآرتس" إن وزير الخارجية الإسباني، ميغيل موراتينوس، طلب التقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، وأبلغ "أنه يحمل رسالة من الرئيس السوري بشار الأسد".
وقالت "يديعوت أحرونوت" إن سورية سمحت للأسطول الروسي بإقامة قاعدتين له في مينائي طرطوس واللاذقية في مقابل محو روسيا ديونا لسورية.
وأضافت الصحيفة أن حجم الديون السورية لروسيا قد بلغ 11 مليار دولار، وقد محت روسيا 70% من هذه الديون فيما سيتعين على سورية تسديد جزء من الديون المتبقية من خلال خدمات تقدمها لروسيا على شكل إقامة قاعدتين دائمتين للأسطول الروسي.
وقدرت الجهات الأمنية الإسرائيلية الرفيعة المستوى بأن تجديد الأسطول الروسي لنشاطه في هذين الميناءين مرتبط بالتوتر المتجدد بين روسيا والولايات المتحدة على خلفية الخطة الأميركية الرامية إلى نشر منظومة صاروخية مضادة للصواريخ في أوروبا والتي تعتبرها روسيا بأنها تهديد على أمنها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن الأسطول الروسي كان يستخدم الميناءين السوريين خلال فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وإنّ تجديد استخدام "هذه القواعد سيمكن روسيا من حماية مصالحها في المنطقة".
يشار إلى أن الأسطول السادس الأميركي يتواجد بشكل دائم في البحر الأبيض المتوسط فيما كان الأسطول الروسي يكتفي "بزيارات ودية" في المنطقة وذلك قبل إعادة تفعيل القاعدتين في سورية.
وقالت المصادر الأمنية الإسرائيلية إن الأسطول الروسي معروف بتفعيله المكثف لسفن تجسس.
وأضافت المصادر أن تواجد الأسطول الروسي في سورية سيسهل على السوريين تنفيذ عمليات تجسس، خصوصًا إلكترونية، ضد إسرائيل بهدف مراقبة منظومات أسلحة حديثة في حوزة إسرائيل والحصول على معلومات عبر التنصت على أجهزة الاتصال العسكرية والأمنية عموما في إسرائيل.
ونشرت "يديعوت أحرونوت" إلى جانب هذا النبأ تعقيبًا لمعلقها العسكري أليكس فيشمان قال فيه: يبدو أن مرحلة أخرى في مطامع (الرئيس الروسيّ) فلاديمير بوتين الإمبريالية آخذة في التحقق. وقد كانت مسألة عودة الأسطول الروسي إلى البحر المتوسط وإلى الرسو الدائم في مينائي طرطوس واللاذقية السوريين بعد أن غادرهما مع انهيار الاتحاد السوفييتي، مسألة وقت لا أكثر.
وأضاف: إنّ رفع العلم الروسيّ فوق الأراضي السورية ذو دلالات إستراتيجية من الدرجة الأولى. أولاً يعني ذلك تحديًا روسيًا للولايات المتحدة ولمركزية الأسطول السادس في البحر المتوسط. وثانيًا، تعلن روسيا من خلال وجودها في سورية أنها تشارك بصورة فعالة في أية عملية ونزاع في الشرق الأوسط وأن لها موقفها الخاص الذي يجب أخذه في الاعتبار.
وفي رأيه من المتوقع، بالنسبة لإسرائيل، أن يحصل تغيير في أصول اللعبة في البحر المتوسط عمومًا ومقابل شواطئ سورية ولبنان خصوصًا. منذ مدة طويلة لم تكتحل عيوننا، مثلاً، برؤية سفن تجسس سوفييتية في البحر المتوسط. ووجود ميناء ثابت في سورية سيسهل عمل سفن كهذه في ساحتنا. وفي وضع كهذا يجوز أن تتغير حرية الحركة التي تحظى بها سفن سلاح الجو الإسرائيلي ويجوز أن تواجه إسرائيل مشكلة في التعرّض لمنشآت على الشاطئ السوري- اللبناني في وقت اندلاع حرب.
وتابع فيشمان: عمومًا فإن أية عملية عسكرية إسرائيلية محتملة ضد سورية في المستقبل يتوجب عليها أن تأخذ الوجود الروسي في الاعتبار. وهذا الوجود لن يكون حياديًا حتمًا، ومن المعقول الافتراض بأن تأخذ روسيا دورًا سياسيًا على الأقل في مواجهة من هذا القبيل. لكنه أضاف قائلاً إنه من الجائز أيضًا أن لا يكون كل شيء سيئًا فقط. "ففي وسع روسيا بالذات أن تشكل عنصرًا كابحًا بشأن اندلاع العنف بين سورية وإسرائيل. ويمكننا منذ الآن أن نرى أن الروس امتنعوا عن بيع السوريين عدة أسلحة تعتبر إشكالية من ناحيتنا، مثل الصواريخ الجديدة التي حلت محل صواريخ السكود أو الصواريخ الروسية الموازية لصواريخ باتريوت المضادة للطائرات. علاوة على ذلك يمكن أن تقوم روسيا بدور مركزي جدًا في لجم عناق الدب الإيراني لسورية"، على حدّ قوله.
موراتينوس طلب لقاء أولمرت الشهر القادم
في غضون ذلك أفادت صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين (6/8/2007)، بأن وزير الخارجية الإسباني، ميغيل موراتينوس، طلب في الأيام القليلة الماضية لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت وذلك في أعقاب زيارة قام بها إلى دمشق والتقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قولها إن موراتينوس، وفي أعقاب الأقوال التي سمعها من الأسد، طلب لقاء أولمرت لإبلاغه شخصيا "رسالة إيجابية" من الأسد بخصوص رغبة الأخير بالتقدم في عملية السلام.
والتقى موراتينوس الأسد على انفراد طوال 45 دقيقة وبحث معه في احتمالات تجديد المفاوضات بين سورية وإسرائيل.
وقال تقرير وصل إلى الجهات السياسية في إسرائيل إن موراتينوس وصف لقاءه مع الأسد بأنه كان "ممتازا" وأنه سمع من الرئيس السوري اقتراحات مثيرة بشأن عملية السلام.
ورفض موراتينوس الإفصاح عن مضمون "الرسالة الخاصة" التي سيبلغ أولمرت بها واكتفى بالقول إن الأسد شدد على أنه "معني بالتقدم في عملية السلام، وإن الأسد يدرك المشاكل التي كانت في الماضي لكنه يرغب في التغلب عليها".
ويتوقع أن يصل موراتينوس إلى إسرائيل في الأسبوع الأول من شهر أيلول المقبل رغم أنه لم يتم تحديد موعد للقاء مع أولمرت. لكن مصدرا في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية قال إنه لا يوجد سبب يحول دون انعقاد لقاء بين أولمرت وموراتينوس.