قالت صحيفة "معاريف"، يوم الجمعة 29/12/2006، في نبأ انفردت بنشره بقلم مراسلها السياسي، بن كسبيت، إن وزير الدفاع، عمير بيرتس، يدفع مؤخرًا إلى أمام أفكارًا "إبداعية" لكسر الجليد بين إسرائيل وسورية، ويفحص إمكانيات تجديد المفاوضات بين الطرفين. وذلك غداة الإعلان عن قيام وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ببلورة خطة سياسية جديدة. و"القاسم" المشترك هو أنّ كليهما، بيرتس وليفني، يعملان دون تنسيق مع رئيس الحكومة، إيهود أولمرت.
ووفقًا لـ"معاريف" فقد تحادث بيرتس، ضمن أشياء أخرى، في شأن أفكاره مع عدة زعماء أوروبيين وغيرهم زاروا البلاد مؤخرًا وبينهم رئيس وزراء بريطانيا، توني بلير. بل إن بيرتس طرح عليهم أفكارًا لخلق عملية سياسية دولية تؤدي إلى تجديد المفاوضات بين إسرائيل وسورية وإلى كفّ سورية عن تأييد الإرهاب.
وأوضحت الصحيفة أنّ خطوات بيرتس غير معروفة لرئيس الحكومة، وليست منسقة معه. وقد رفضوا في مكتب بيرتس التعقيب على ذلك. وقال مسؤولون رفيعو المستوى في محيط إيهود أولمرت إنه "ليست لديهم أية معلومات حول تحركات بيرتس هذه، وإذا كانت صحيحة فإن الأمر يعدّ خطيرًا جدًا، إذ أن ما يفعله بيرتس يشكل نشاطًا سياسيًا مستقلاً دون إذن أو تخويل". ونوّهت بأنه حتى من قبل اندلاع حرب لبنان الثانية كان بيرتس مؤيدًا لعملية سياسية بين إسرائيل وسورية وللتنازل عن هضبة الجولان مقابل سلام حقيقي وكامل وانفصال سورية عن محور إيران- بيروت.
وتابعت تقول: بيرتس ليس الوحيد الذي يعمل دون تصديق من أولمرت. فرئيس الحكومة لم يعلم البتة حول سلسلة اللقاءات التي عقدتها وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، مع مسؤولين فلسطينيين عندما بلورت هي أيضًا خطة سياسية جديدة. وقد حاولوا في ديوان رئيس الحكومة، أمس، أن يحافظوا على الانضباط ولم يقرّوا بأن العلاقات بين أولمرت وليفني وصلت إلى حضيض غير مسبوق، آخذ في التفاقم. من ناحية أخرى فإن ليفني تعلن اليوم الجمعة، في سياق مقابلة مطوّلة مع صحيفة "هآرتس"، بأنها "مؤهلة لتكون رئيسة حكومة". وتوضّح بأنها ستتنافس مع أولمرت فقط إذا لم تحظ بحرية العمل السياسي من قبله.
خطة ليفني
اعتبر مراقبون في إسرائيل أن التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، عن خطة سياسية تعكف على بلورتها لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي ولا تتناغم مع مواقف رئيس الحكومة إيهود أولمرت، هي بمثابة «إعلان استقلالية»، بمعنى أنّ ليفني باتت «شخصية سياسية مستقلة»، وذلك بعد أن آثرت منذ بزوغ نجمها العمل بدايةً تحت كنف رئيس الحكومة السابق آريئيل شارون الذي كان وراء تدرجها في أعلى المناصب الوزارية، وحالياً تحت جناح أولمرت.
وللمرة الأولى منذ أن أسندت إليها حقيبة الخارجية قبل عشرة شهور، تتحدث ليفني في مقابلة شاملة مع صحيفة «هآرتس» العبرية (29/12/2006) تمّ نشرها تحت عنوان "خطة ليفني"، عن كل المسائل الشائكة التي واجهتها الحكومة الحالية وتلك التي تطالَب بمعالجتها، من دون أن تتردد في توجيه انتقادات غير مباشرة لرئيس الحكومة على إدارته الحرب على لبنان، أو على موقفه الرافض قطعاً لاستئناف الحوار مع دمشق، لتعلن أنّها ستنافس على زعامة حزب «كديما» الحاكم لتكون مرشحته لرئاسة الحكومة في حال شعرت بأن أولمرت لا يتعاون معها ولا يأخذ برأيها في القضايا المختلفة.
ويمكن اعتبار خطة ليفني التي تتحدث عن وجوب التفاوض مع الفلسطينيين حتى تحت وقع النار، وعن إمكان القفز عن المرحلة الأولى من «خريطة الطريق» الدولية والشروع مباشرة في المرحلة الثانية التي تتحدث عن إقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة أو التباحث مع الرئيس محمود عباس في ملامح الحل النهائي للصراع، تحديا لرئيس الحكومة الذي ينتهج درب سلفه شارون ويشترط أي تحرك بتنفيذ الفلسطينيين التزامهم في الخريطة الدولية بوقف النار وتجريد الفصائل من الأسلحة.
وحرصت ليفني على أن تبدو واقعية في ردّها على الأسئلة المختلفة، إذ أبدت تفهما لشعور الإسرائيليين بعد الحرب على لبنان بانعدام ثقتهم بالحكومة الحالية وبأن ثمة أزمة قيادة حقيقية في الدولة العبرية، لكنها وعدت بالعمل على تصحيح الأخطاء وتحدثت بتفاؤل عن مستقبل إسرائيل وعن إصرارها على مواجهة التحديات الكثيرة.
وبدا أيضاً أن ليفني انتهزت المقابلة لتؤكد التسريبات الصحافية إبان الحرب بأن رئيس الحكومة استثناها من الحلقة الضيقة التي اتخذت القرارات، وقالت إنه كان ينبغي وقف الحرب بعد يومها الأول لأن الخروج منها سيكون سياسيا في كل الأحوال. وانتقدت ليفني رئيس الحكومة من دون أن تسمّيه على بث توقعات كبيرة من الحرب. وأضافت أنّه بينما كانت قيادة الحكومة والقيادة العسكرية على قناعة بأن الحرب ستؤتي الثمار المرجوة، «رأيت أنا شخصياً في العمل العسكري نقطة دخول لعملية سياسية». وزادت ان نتائج هذه الحرب كانت خلافاً لسابقاتها، «انتصاراً سياسياً في مقابل إخفاق عسكري».
وعن الملف السوري، قالت ليفني إنها تدرك أن الدخول في مفاوضات مع سورية معناه الانسحاب من الجولان، مضيفةً انه ينبغي متابعة هذا الملف أولا بأول وإجراء التقويمات تباعاً وفحص ما إذا تغيّرت الظروف وكفت سورية عن «الضلوع في الإرهاب». ونصحت أترابها في الحكومة بعدم إطلاق التصريحات في الموضوع السوري «وعدم التهافت وراء كل مايكروفون مفتوح».
وعن الملف الإيراني، قالت ليفني إن «المزج بين القنبلة النووية والأيديولوجية الأصولية يشكل خطراً على كل دول المنطقة التي ستقف أمام أحد خيارين: السعي للحصول على قدرات نووية مماثلة لطهران، او الانضواء تحت لواء طهران خوفاً». وزادت ان الوقت ليس في مصلحة إسرائيل «لكننا نواصل العمل لكي يبقى التهديد النووي الإيراني في الوعي الدولي».