المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

*إحدى الخبيرات: طابع المجتمع الإسرائيلي الرجولي والمبني من سكان مهاجرين هو العامل الرئيس وراء الضائقة الكبيرة للفتيات الإسرائيليات*

تتواجد فتيات إسرائيل، خلال السنوات الأخيرة، في خضم ضائقة آخذة في التصاعد تنعكس ضمن أشياء أخرى في الإدمان على إتباع نظام شديد للحمية وفي الإدمان على التدخين والكحول- هذا ما يتبين من معطيات بحث دولي مقارن جديد أنجزته منظمة الصحة العالمية.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، التي أوردت النبأ، أن هذه المعطيات تمّ جمعها في إطار مشروع عالمي حول صحة الأولاد والشبيبة، وقد عرضت في المؤتمر السنوي العاشر للشركة الإسرائيلية لعلم وراثة الطفلات والمراهقات، وهي تكشف النقاب عما أسمته الصحيفة "صورة مثيرة لأشدّ القلق حول أوضاع الفتيات في إسرائيل". ومن ناحية بثّ إشارات خارجية إلى ضائقة، مثل الإدمان على نظام حمية منذ سن الـ 11 عامًا وكذلك عدة سلوكيات ذات أخطار مثل التدخين وتعاطي الكحول، فإنّ الفتيات في إسرائيل يحتللن مرتبة متقدمة جدًا في تدريج الشبان في ضائقة في العالم أجمع.

وبالمقارنة مع 31 دولة أوروبية وأميركية شمالية يتبين أن إسرائيل تحتل المرتبة الثانية في نسبة الفتيات اللاتي يتبعن نظام حمية (27%) والمرتبة الأولى من ناحية انعدام النشاط الجسماني. وعلى ما يظهر فإنّ الأمر ناجم عن حقيقة أن 31% من الطالبات اليهوديات في صفوف السادس- العاشر يعتقدن بأنهن سمينات أكثر من اللازم (نسبة هؤلاء تبلغ 21% بين الذكور اليهود و22% بين الإناث العربيات).

وفيما يتعلق بـ "السلوكيات الخطيرة" يتبين أن الفتيات اليهوديات يسرن في اتجاه يتجاوز الذكور من الجيل نفسه. فبينما هبطت نسبة الشبان الذكور في الصف العاشر الذين يدخنون السجائر بين السنوات 1998-2002 من 18% إلى 12%، فإنّ هذه النسبة بين الفتيات ارتفعت من 3ر8% إلى 11% خلال السنوات نفسها. في تلك السنوات أيضًا هبطت نسبة الشبان الذين صرحوا بأنهم درجوا على تعاطي خمس وجبات من الكحول مرة واحدة من 24% إلى 20%، في حين زادت نسبة الفتيات بصورة دراماتيكية من 9% إلى 14%. وبينما هبطت نسبة الذين يتعاطون مخدرات خفيفة بين الشبان من 13% إلى 9% فإنها زادت بين الفتيات من 3% إلى 6%.

وتشير نتائج أخرى في البحث نفسه إلى وجود صلة مباشرة بين السلوكيات الخطيرة المختلفة للشبيبة الإسرائيلية. فقد قال 34% من طلاب الصفوف السادسة والثامنة والعاشرة إنهم غير ملتزمين تسلسليين بدوام الدراسة (لمرتين أو أكثر) وقال 13% إنهم لم يلتزموا لمرة واحدة فقط. لكن المثير أنه بين عدم الملتزمين التسلسليين تبلغ نسبة المدخنين 22% وبين عدم الملتزمين لمرة واحدة تبلغ نسبة هؤلاء 8% أما بين الملتزمين فتبلغ نسبة المدخنين 3% فقط. وتظهر صورة أخرى من أنماط تعاطي الكحول، فقد قال 35% من عدم الملتزمين التسلسليين إنهم تعاطوا الكحول حتى الثمالة. وتبلغ هذه النسبة بين عدم الملتزمين لمرة واحدة 15% بينما هي 10% بين أولئك الذين لا يخسرون الدروس عادة.

كذلك فإنّ مواجهة الأوضاع الأمنية أصعب لدى الفتيات منها لدى الشبان. وهكذا فإنه في أعقاب الانكشاف لأحداث إرهابية قالت 27% من الفتيات إنهن يشعرن بأن حياتهن في خطر، مقابل نسبة 17% بين الشبان. وقالت 37% من الفتيات الإسرائيليات إن هناك تغييرًا في حياتهن الاجتماعية في أعقاب الأوضاع الأمنية (النسبة بين الشبان هي 31%). وقالت 52% من الفتيات إنهن امتنعن عن السفر إلى أماكن مختلفة (39% من الشبان) وقالت 49% إنهن صرن يخرجن أقل إلى أماكن ترفيه برفقة أصدقاء (35% من الشبان).

وأوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بالإضافة إلى ذلك شهادة شخصية لطالبة إسرائيلية في السادسة عشرة من عمرها قالت إنها من وسط البلاد.

وقالت هذه الطالبة في شهادتها إن الحياة في إسرائيل ليست سهلة البتة. "فالشبان يطاردوننا في الشوارع وهناك توتر أمني عال وعمليات تفجيرية تثير فيك الهلع والخوف، وأحيانًا يكون الملل هنا كبيرًا إلى درجة لا نعرف معها ماذا نفعل بأنفسنا، ولذا نرتكب السخافات".

وأوضحت هذه الطالبة، وهي في الصف الحادي عشر، أنها تعرف جيدًا ظاهرة الفتيات اللاتي يواجهن ضائقة. "فنحن- أضافت- موجودات في سنّ حسّاس جدًا بحيث أن أية ملاحظة من الخارج تؤدي بنا إلى الانضغاط أو الإحباط. إن أي غرام زيادة في وزننا يضغطنا وأية بثرة في الوجه تدفعنا نحو المرآة، وكل أمر من هذا القبيل يضغطنا، ويؤدي ببعض الفتيات إلى الإحباط. وعندما تبلغ فتاة ما مرحلة الإحباط فإنها تنعزل في البيت وتهمل نفسها وتصبح أكولة أو لا تأكل بالمرة، لأنها مضغوطة من وزنها. وثمة فتيات يخرجن إحباطهن في عدة ممارسات أخرى. عندنا الكثير من قصص الحب الخائبة، وأية كلمة ليست في مكانها أو انفصال عن الحبيب يؤدي إلى خيبة أمل تبدو كما لو أنها نهاية العالم بالنسبة لنا".

وفي رأي إيريس فداي، مديرة مجال الفتيات في منظمة "عيلم" لمساعدة الشبيبة في ضائقة، فإنّ طابع المجتمع الإسرائيلي، الذي يعتبر مجتمعًا رجوليًا ومبنيًا من سكان مهاجرين، هو العامل الرئيس وراء الضائقة الكبيرة للفتيات الإسرائيليات.

تقول فداي في هذا الصدد: "يكبر الجميع (في إسرائيل) على قيم الجيش الإسرائيلي والخدمة العسكرية الرجولية التي تشعّ أيضًا على الشبيبة. ورغم أن الفتيات ناجحات فإنّ المتوقع من الشبان هو أكثر من ذلك بكثير. وتستبطن الفتيات هذا الإحباط، وينعكس الأمر في ما يفعلنه مع أنفسهن، مثلاً في موضوع معيقات الأكل والمّس الذاتي. دولتنا هي دولة هجرة مع سكان مختلفين، ولا ينجح كل فرد في التواصل والاندماج في المجتمع الإسرائيلي، وهذا يخلق شرخًا اجتماعيًا، خصوصًا بين الفتيات المهاجرات، مثل الفتيات من دول الاتحاد السوفياتي السابق اللاتي خلعت عليهن وصمات معينة. وفي مثل هذه الحالة أيضًا فإنّ الفتيات لا يعبرن عما يمرّ عليهن وينعكس ذلك على المسّ بأنفسهن".

أما الدكتور يوسي هرئيل، رئيس مركز البحث الدولي حول رفاهية الشبيبة في جامعة بار إيلان، فأكدّ أن الفتيات في إسرائيل إنمّا يبثثن من خلال هذه المعطيات الضائقة التي يعانين منها، وليس في مقدورنا مواصلة كنس ذلك تحت السجادة.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات