المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

غصّت صحف نهاية الأسبوع الصادرة يوم الجمعة 4/8/2006 في إسرائيل بكم كبير من المقالات والتحليلات التي أجمعت على أن إسرائيل لم تتوقع حتى في أسوأ أحلامها حربا كتلك الجارية الآن في لبنان.

وبدا مما نشرته الصحف الإسرائيلية أن جعبة العسكريين والسياسيين والصحافيين مليئة بالانتقادات والاتهامات ضد بعضهم البعض.

وكتبت المعلقة السياسية والحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أنه "أصبح واضحا أن انتصارا (إسرائيليا) بالضربة القاضية لن يتم.

"ولأن ساعة محاسبة الذات أخذت تقترب فإن مكتب (رئيس الوزراء الإسرائيلي) ايهود أولمرت بدأ يستعد للمعركة على الرأي العام".

وأفادت كدمون بأنه لأول مرة منذ بدأ أولمرت يزاول مهامه كرئيس للوزراء تم يوم الأربعاء الماضي توزيع أوراق مطبوعة على الوزراء حددت لهم التصريحات التي عليهم الإدلاء بها لوسائل الإعلام "وليكن واضحا بأننا انتصرنا في هذه الحرب".

ونقلت كدمون عن وزراء إسرائيليين قولهم إن "أولمرت يغطي بذكاء وشجاعة على افتقاره للخبرة" وإنه "لو كان يملك خبرة أكبر لكان يتوجب، ربما، أن تبدأ العمليات العسكرية البرية في وقت مبكر أكثر".

وأشارت كدمون إلى أنه "فيما شلّت المعارضة اليمينية في إسرائيل ذاتها ورئيس الليكود بنيامين نتنياهو ضبط نفسه وامتنع عن قول ما لديه، ولديه ما يقوله، فإن أولمرت بدأ يستعد لمواجهة الرأي العام الإسرائيلي في اليوم الذي يلي الحرب" في لبنان.

وخلصت كدمون إلى أنه ما زال مبكرا استخلاص العبر من هذه الحرب كما أنه ما زال مبكرا رفض الحديث عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية في فشل إدارة الحرب.

وحول الرأي العام الإسرائيلي كتب الصحافي يوئيل ماركوس في "هآرتس" إن "الدعم الجارف من قبل الجمهور للحرب يذكر بالنكتة المعروفة عن جمهور أوبرا راح يصفق مطولا للمغنية حتى صرخ أحد الحاضرين قائلا للمغنية لن نسمح لك بالنزول عن المسرح حتى تتعلمي الغناء".

وأضاف ماركوس المعروف بكتاباته اللاذعة أن "أغلبية الجمهور أيدت الحكومة والجيش على الرغم من أنه يسقط في كل يوم ما بين 100 إلى 200 صاروخ من المطلة وحتى حيفا وهذا كابوس لم نتوقعه حتى في أسوأ أحلامنا".

وحذر ماركوس الحكومة من تقلب الرأي العام في إسرائيل ومن أنه فجأة سيطرح الجمهور أسئلة محرجة تتعلق بالربح والخسارة مثل "هل نتائج الحملة العسكرية التي بادرت إليها الحكومة تستحق تحويل كريات شمونه إلى ساحة وقوف للسيارات؟

"هل تستحق إحراق الجليل البالغ الجمال وأن يصبح مليون ونصف المليون مواطن بمثابة لاجئين وسكان ملاجئ في بلادهم.

"إنها مسألة وقت حتى يصل التحول في الرأي العام، إذ أن لبنان لا يتمتع بسمعة جيدة في الذاكرة الوطنية" في إشارة إلى حرب لبنان الأولى التي تكبد فيها الإسرائيليون خسائر فادحة.

وأضاف ماركوس أن "آلام البطن التي شعر بها رئيس الأركان (دان حالوتس) ونقله إلى المستشفى تنطوي على رمزية معينة لأنه ليس الوحيد الذي يعاني من آلام في البطن في هذه الأيام المتكدرة.

"فسير الحرب وشكل اتخاذ القرارات وتنفيذها يثير أسئلة محرجة حول مقاييس المستويين السياسي والعسكري على حد سواء".

وتابع ماركوس أن "لا أحد يتحدث عن انتصار". وأضاف ساخرا أنه "ربما بسبب انتقادات الخبراء والمحللين العسكريين لا نقدر جيدا حجم الضربة التي تلقاها حزب الله وتأثيرها البعيد الأمد على إضعافه" مشيرا بذلك إلى أقوال أولمرت في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي وقال فيه إن حزب الله لم يعد كما كان.

واستطرد ماركوس أن "هذه حرب مبررة بالنسبة لنا، لكن شرط أن نخرج منها منتصرين بأسرع ما يمكن من دون الغوص في الوحل اللبناني الفتاك".

من جهته حذّر ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي من أن إسرائيل آخذة بالتورط في "الوحل اللبناني".

ونقل مراسلا "هآرتس" عاموس هرئيل وأفي سخاروف عن هذا الضابط قوله "ربما سنعود إلى البيت في فترة الأعياد ولا أعرف إذا كان هذا تنبؤا متفائلا أم متشائما".

ويشار إلى أن فترة الأعياد العبرية تبدأ في أوائل شهر تشرين الأول/أكتوبر.

من جانبهم يحاول المراسلون والمحللون العسكريون الإسرائيليون تحليل أسباب عدم تمكن الجيش الإسرائيلي من حسم الحرب في وقت قصير.

وكتب المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن "تلخيص الحرب بعد مرور ثلاثة أسابيع ليس فيه إطراء للجيش".

وأكد أن "الرؤية التي تقول إنه يمكن حسم الحروب من الجو ظهر على أنها خاطئة".

وأضاف أن القيادة السياسية والعسكرية أدركت ذلك متأخرة وبعد مرور تسعة أيام على الحرب "عندها بدأ الجيش والحكومة يعملان بشكل متسرع".

وتوقع قائد وحدة "إيغوز" النخبوية الإسرائيلية، العقيد مردخاي كهانا، أنه بعد انتهاء الحرب "سيبدأ ذوو الجنود القتلى بطرح أسئلة".

يذكر أن أكثر من عشرة جنود من هذه الوحدة قتلوا في معارك مارون الراس بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حزب الله.

وقال كهانا لـ"يديعوت أحرونوت": "لقد قلت إن الدخول للقتال في مارون الراس في وضح النهار هو أمر خطير وغير صحيح لكن رأيي المهني لم يُقبل، ففي النهاية هناك قادة عسكريون وهناك مهام"، وذلك في انتقاد مباشر لقيادة الجيش الإٍسرائيلي.

وأضاف كهانا أنه واثق من أن الأوامر العسكرية التي صدرت لوحدته ستخضع للتحقيق بعد انتهاء الحرب "وسوف يعاقب من يتوجب معاقبته".

من جانبه كتب المراسل العسكري لـ"هآرتس"، عاموس هارئيل، أن "شدة الضربات التي تتلقاها الجبهة الداخلية الإسرائيلية تصبح أصعب حصرا عندما يدخل الجيش الإسرائيلي المزيد من القوات إلى لبنان".

وأضاف أن "إطلاق الصواريخ من المنطقة التي توغل الجيش الإسرائيلي إليها انخفض إلى النصف في اليومين الماضيين، لكن مقاتلي حزب الله وببساطة يتراجعون إلى قمة جبل ويطلقون الصواريخ من هناك".

وأشار هرئيل إلى الأمر الذي أصدره وزير الدفاع بيرتس يوم الخميس 3/8 للجيش بالاستعداد لاحتلال المنطقة الواقعة جنوب الليطاني وقال إن قيادة الجيش الإسرائيلي تنظر إلى ذلك بتوجس.

ولفت هرئيل إلى عدة نقاط تجعل القيادة العسكرية تفضل عدم احتلال هذه المنطقة.

من جهة أخرى نقل عن مصادر في مكتب بيرتس قولها إن "ثمة أهمية لوصول القوات إلى نهر الليطاني قبل صدور قرار في مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار".

وكتب هرئيل أن اعتبارات القيادة العسكرية الإسرائيلية مختلفة "فالقوات تواجه صعوبة الآن في التقدم في المنطقة القريبة من الحدود وقتل فيها أمس 4 جنود".

من جهة ثانية فإن "الزحف نحو الليطاني سيعتمد على لواء من قوات الاحتياط وهذا ما يجعل الأمر محل خلاف في الجيش.

"بعض الضباط يخشون من أن وحدات الاحتياط التي لا تتدرب بما يكفي سيسقط منها عدد كبير من الجرحى أو القتلى وفي العشرين عاما الأخيرة امتنع الجيش عن تفعيل قوات احتياط في لبنان تحسبا من سقوط قتلى في صفوف قوات الاحتياط وهم آباء لأولاد، الأمر الذي سيحدث شرخا في دعم الجبهة الداخلية للحرب".

وأشار هرئيل أيضا إلى أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على "حزام أمني" مهما يكن ضيقا قد يؤدي إلى البقاء فيه مدة طويلة وهذه حالة "تحسن استغلالها القوات غير النظامية" مثل حزب الله.

ورأى هرئيل أن إسرائيل تواجه معضلة في هذه الحرب، "فالوضع صعب من الجو وصعب من البر".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات