المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أظهر استطلاع سنوي نشر أخيرًا تزايد تطرف الشارع الإسرائيلي، إذ جاء ان نحو ثلثي الإسرائيليين يريدون من حكومتهم ان تشجع الأقلية العربية في الدولة العبرية على مغادرة البلاد.

وأوضح تقرير "مؤشر الديمقراطية في إسرائيل 2006" تعزّز النزعات اليمينية العنصرية في المجتمع الإسرائيلي، اذ قال 62 بالمئة من الإسرائيليين الذين شملهم الاستطلاع إنهم يرغبون من الحكومة بأن تتبع سياسات لإقناع 3ر1 مليون عربي يشكلون نحو خمس عدد سكان إسرائيل بمغادرة البلاد.

وأظهرت الدراسة، التي نشر نتائجها المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، الانقسامات بين العرب واليهود في إسرائيل. وقال 14 بالمئة فقط إن العلاقات بين اليهود والعرب جيدة بينما ذكر 29 بالمئة انه يجب الحصول على أصوات الأغلبية اليهودية لاتخاذ قرارات تتعلق بمصير إسرائيل.

وفي موضوع الفساد أدرجت الدراسة إسرائيل في المرتبة العشرين بين 36 دولة ديمقراطية، بانخفاض ست درجات عن ترتيبها في عام 2004. وجاءت إسرائيل بين استونيا وتايوان، بينما جاءت فنلندا ونيوزيلندا في المراتب الأولى بوصفها الدول الأقل فسادا.

وجاءت الأحزاب الإسرائيلية والكنيست بين أقل المؤسسات التي تحظى بالثقة في البلاد بينما حصل الجيش على نسبة 79 بالمئة ليكون أكثر مؤسسة يثق بها الإسرائيليون. وأظهرت الدراسة، التي شملت 2004 أشخاص، ان الثقة بالشرطة انخفضت من 66 بالمئة عام 2004 الى 44 بالمئة في الوقت الحالي تساويها الثقة بالإعلام.

وأظهر التقرير كذلك ازدياد التأييد للمستوطنين اليهود الذين يقاومون الشرطة في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في الصيف الماضي. وكان 70 بالمئة من المشاركين في الدراسة العام الماضي قالوا انه من الخطأ رفض أوامر الحكومة بإخلاء المستوطنين إلا ان هذه النسبة انخفضت هذا العام الى 58 بالمئة.

وقال معد التقرير، البروفيسور آشر أريان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا "أعتقد انه من الواضح ان هناك انخفاضا على عدة أصعدة وهذا مثير للقلق". وأوضح ان "وجود توجهات غير ديمقراطية يثير القلق".

من جهة أخرى قال 86 % إنهم فخورون بكونهم إسرائيليين وقال 90 % إنهم يريدون العيش في إسرائيل في المدى البعيد و69 % يشعرون إنهم جزء من إسرائيل ومشاكلها.

وعقب النائب د. جمال زحالقة، من التجمع الوطني الديمقراطي، على ما جاء في التقرير الجديد بالقول إن العنصرية أصبحت تياراً مركزياً في الساحة الإسرائيلية تؤيدها أغلبية الجمهور في إسرائيل، ولها تمثيل كبير داخل الكنيست أيضاً. وأضاف أن الهوس الديمغرافي الذي تلوّح به كل الأحزاب الصهيونية يترجم إلى عنصرية مفضوحة في الشارع.

وتابع زحالقة: "جهاز التعليم ووسائل الإعلام في إسرائيل تؤكد ليل نهار على أن الدولة لليهود، وأنها دولة يهودية، ولا يوجد أي تثقيف جدي على المواطنة المتساوية للجميع. وعندما تكون الأيديولوجية السائدة كذلك فإن المواطن اليهودي في إسرائيل يتوصل إلى استنتاج بأن العرب هم عائق أمام كون الدولة يهودية ولليهود فقط. ويصبح الحديث عن تهجير العرب أمراً مقبولاً له ومحبذاً على الجمهور الإسرائيلي".

وأضاف ان إسرائيل تتبجح أمام العالم كله بأنها دولة ديمقراطية وتقيم الدنيا وتقعدها على مظاهر اللاسامية حتى لو كانت هامشية، "وهي نفسها مشبعة بالعنصرية والعداء للعرب".

من جانبه دعا البروفيسور ماجد الحاج القيادات السياسية والفكرية العربية الى عدم الاكتفاء بردود فعل عابرة على نتائج استطلاع المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.

وأوضح المحاضر الحاج، رئيس جمعية "إنسان"، أن نتائج الاستطلاع خطيرة، لكنها غير مفاجئة، لافتا الى أن استطلاعات كثيرة سبق أن أعطت نتائج مشابهة. وأضاف: "إسرائيل رغم كونها نظاما ديمقراطيا رسميا، غير ان الثقافة السياسية السائدة فيها غير ديمقراطية، وهي ترتكز الى القوة. يؤمن الإسرائيليون انه بوسعهم الحصول على كل شيء عنوة لأنهم مجتمع تسوده ثقافة العسكرة، ولا يزال الباحثون يعرفونهم كأمة في البزة العسكرية، بمعنى أنهم مجتمع مجيّش وهذا ما يفسر تفضيلهم للجيش كما ورد في البحث الأخير".

وأشار الحاج الى ضعف التزام الإسرائيليين بالديمقراطية كما يظهر ميلهم لتقديس الشخصية القوية منوها الى أن هذه هي المقدمة نحو قيام نظام دكتاتوري. وأضاف: "وهذا ما يفسر دعم الإسرائيليين لأريئيل شارون ولحزبه. كما أن ثقافة الترانسفير التي أخذت تتجذر في المجتمع الإسرائيلي بما يتعلق بالمواطنين العرب ليست جديدة، حيث أوضح مؤتمر هرتسليا العام 2000 في وثيقته التلخيصية أن هناك نوعين من الترانسفير.. واحد للمواطنين ويعني التبادل السكاني والثاني ترانسفير للمواطنة بمعنى رهنها بالخدمة العسكرية ضمن جيش الاحتلال والولاء للدولة وغيرهما وهذا منحى خطير يمس بالديمقراطية ويضع علامة استفهام على العلاقات العربية اليهودية في إسرائيل".

وما هو المطلوب من المواطنين العرب الآن؟ سألنا الحاج، فقال: "المطلوب من العرب ومن اليهود هو التصدي بمختلف المستويات، فالمس بالديمقراطية لن يمس المجتمع العربي فحسب بل بالإسرائيليين أيضًا". وأضاف: "داخل كل مجتمع حضاري تتحمل الأغلبية المسؤولية لحماية الديمقراطية لأنها هي صاحبة القرار. النتائج لها ان تدفع قياداتنا السياسية والثقافية لوضع إستراتيجية خاصة للتصدي لهذه الظاهرة وللانتقال من ردود الفعل الى نظرة مدروسة لكيفية محاربة هذا الواقع بدلا من استخدام الفاكس والميل لإصدار البيانات المنددة والسلام عليكم..علينا السعي الحقيقي لكسر الحواجز مع المجتمع اليهودي بالإعلام والمبادرات الجماعية والأبحاث ومختلف الفعاليات".

وكان النائب أحمد الطيبي، من القائمة الموحدة والعربية للتغيير، قد أكد ان العنصرية تحولت منذ سنوات الى التيار المركزي داخل المجتمع الإسرائيلي، لافتا الى انتقال الفاشية من الأسواق الشعبية الى الكنيست ومقاعد الحكومة. وأضاف: ينعكس ذلك في فوز حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة العنصري أفيغدور ليبرمان بـ11 مقعدا في الانتخابات الأخيرة. ولا شك ان استمرار الاحتلال والسيطرة على شعب آخر يشكلان تربة خصبة لتنامي العنصرية في إسرائيل. ودعا اليهود الى مراجعة حساباتهم كي يفهموا "لماذا تحولوا من شعب إنساني الى شعب عنصري" منوها الى ضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية بمعالجة العنصرية جديا وجذريا بواسطة التربية وبمساعدة الإعلام.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات