أكدت أوساط قريبة من القائم بأعمال رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت أنها تلقت تلميحات قوية من واشنطن إلى إمكان دعوته لزيارة البيت الأبيض، قبل الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر آذار (مارس) المقبل للبحث في نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية وسبل دفع العملية السياسية. لكن مراقبين يرون في دعوة كهذه اشارة واضحة الى ان الإدارة الاميركية ترغب برؤية اولمرت على رأس الحكومة الإسرائيلية المقبلة بصفته «مخلصاً لطريق (رئيس الحكومة ارييل) شارون» والتزامه تنفيذ «خريطة الطريق» الدولية.
وذكرت صحيفة «هآرتس» ان اولمرت قد يلتقي الشهر المقبل ايضاً الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن).
الى ذلك، يتوقع ان تخول كتلة «كديما» البرلمانية الاسبوع المقبل، اولمرت تركيب قائمة الحزب الانتخابية بعد ان تعينه رسمياً رئيساً موقتاً للحزب. كما يتوقع ان يتم الاعلان عن اولمرت رئيساً للحكومة بالوكالة في حال رأى المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز ان الوضع الصحي لشارون لا يمكنه من العودة لمزاولة مهماته في المستقبل القريب.
وينتظر ايضاً ان يقوم اولمرت بتعيين ستة وزراء جدد في حكومته كان مفروضاً ان يعينهم شارون في اعقاب استقالة وزراء «العمل». والمرشحون للمناصب الوزارية هم شمعون بيريس ودالية ايتسيك وحاييم رامون الذين تركوا حزب «العمل» وانضموا الى «كديما» وزئيف بويم ويعقوب إدري وروني بارؤون نواب «ليكود» سابقاً الذين انضموا الى «كديما».
في غضون ذلك، اندلعت مواجهات كلامية بين زعيم «ليكود» بنيامين نتنياهو وعدد من اقطاب الحزب على خلفية مطالبة الأول وزراء ليكود الأربعة في الحكومة بتقديم استقالاتهم فوراً بداعي ان بقاءهم فيها يحول دون مهاجمة سياسة الحكومة «التي تقوم على اعادة تقسيم القدس».
واعتبر الوزراء الأربعة سلفان شالوم وليمور لفنات وداني نافيه ويسرائيل كاتس ان خطوة نتنياهو «دليل على انه لم يغير سلوكه الذي طالما اتسم بالتهور». ورفضوا الامتثال للطلب واعلنوا أنهم يعتزمون الاستقالة من الحكومة في جلستها الاسبوعية الأحد المقبل، وليس صباح الخميس كما أصر نتنياهو.
لكن لفنات ونافيه وكاتس سرعان ما تراجعوا وارسلوا بكتب استقالاتهم الى زعيم «ليكود» الذي سلمها فوراً لمكتب رئيس الحكومة، فيما ظل شالوم على موقفه الرافض الامتثال لطلب نتنياهو وأعلن لاحقاً ان الرجلين التقيا مساء لايجاد حل للأزمة الناشبة بينهما.
وعزا معلقون تراجع وزراء «ليكود» عن رفضهم الانصياع لتعليمات نتانياهو الى مخاوفهم من ان ينتقم الأخير منهم ويحض اتباعه على معاقبة «المتمردين الجدد» بعدم التصويت لهم في الانتخابات التي شهدها مركز الحزب أمس لقائمة المرشحين للكنيست المقبل. أما شالوم فلا يخشى «عقاباً» كهذا بعدما انتزع من نتنياهو وبمصادقة مركز الحزب، المكان الثاني في القائمة، واعفى نفسه من خوض الانتخابات الداخلية.
إسرائيل تطالب عباس بخطة مفصلة لتفكيك البنى التحتية للفصائل المسلحة
قال وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز ان اسرائيل تطالب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) بتقديم خطة تفصيلية تتناول جدولاً زمنياً بتفكيك البنى التحتية للفصائل المسلحة شرطاً لاي تقدم في «خريطة الطريق» الدولية، مضيفاً ان اسرائيل لن تسلم بوضع تسيطر فيه «سلطة ارهابية» في الاراضي الفلسطينية (المحتلة عام 1967) بعد الانتخابات التشريعية.
جاءت أقوال موفاز هذه قبيل لقائه الموفدين الاميركيين الى المنطقة ديفيد ويلش واليوت ابرامز، في مكتبه في تل ابيب امس. وتابع ان (أبو مازن) يعيش الآن أصعب وضع منذ انتخابه رئيساً للسلطة قبل عام وان ثمة فوضى تتسع رقعتها في قطاع غزة «حيث فقدت السلطة سيطرتها»، مضيفاً ان اسرائيل من جهتها لن تشوش سير الانتخابات الفلسطينية وانها قررت السماح لفلسطينيي القدس المشاركة فيها من دون مشاركة «حركة المقاومة الاسلامية» (حماس). وزاد انه في حال حصلت هذه الحركة على تمثيل بارز في المجلس التشريعي الفلسطيني وانضمت الى الحكومة الفلسطينية فإن اسرائيل لن تجري أي حوار معها «طالما بقيت تنظيماً ارهابياً».
وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان المؤسسة الأمنية تدرس بشكل مكثف مختلف السيناريوهات التي قد تنشأ بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية في كل ما يتعلق بالانجاز الذي ستحققه «حماس». وقالت ان هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية أولها فوز حماس بـ30 في المئة من الاصوات، ما يعني انها ستصبح قوة مؤثرة «وهذا أهون الشرور» ثم سيناريو دخول الحركة في الحكومة الفلسطينية وتولي مناصب وزارية تنفيذية، فيما «السيناريو الأخطر والأسوأ» ان تفوز الحركة بغالبية المقاعد في المجلس التشريعي وهو وضع لن تقبل به اسرائيل في اي حال من الاحوال، كما قال موفاز امس.
وأضافت الاذاعة ان موفاز ابلغ الموفدين الأميركيين بأنه لن يتم قريباً تسيير القوافل بين قطاع غزة والضفة الغربية بداعي مخاوف اسرائيلية من نقل معلومات ومواد الى الضفة لانتاج قذائف «القسام». واتهم موفاز الفلسطينيين بمواصلة التخطيط لهجمات ارهابية على اسرائيل متوقعاً «تصعيداً ارهابياً» بعد الانتخابات الفلسطينية.
والتقى الموفدان الاميركيان في ساعات المساء القائم بأعمال رئيس الحكومة ايهود اولمرت وسط ارتياح كبير وتقدير عميق لاعلان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان «لا مكان في العملية السياسية لمجموعات وأشخاص يرفضون النأي بأنفسهم عن الارهاب والعنف والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود والتجرد من السلاح».