المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 852

تقرير: فراس خطيب
 كان الاحد يوماً أسود إن لم يكن حالك السواد في السجل السياسي لرئيس الحكومة الاسرائيلية، أريئيل شارون، ولعل أبرز سمات العسر تمثلت في عدم توصله الى حصر التأييد المطلوب لتمرير خطة "فك الإرتباط"، هذه الخطة التي تحولت أيضًا في الآونة الأخيرة من قضية في سياق الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني المطروح على طاولة الحكومة إلى حرب شاملة ومصيرية وعراك حزبي ليكودي داخلي يجمع شارون ووزير ماليته، بنيامين نتنياهو، على حلبة واحدة.

 

 

تجلت الإنقسامات وباتت الصورة مكفهرة في ليلتها، وشارون مصمم على الوقوف بعكس التيار الذي جاء منه، وعلى المضي بخطة "فك الإرتباط". "لن أقبل بأية خطة بديلة" قال شارون. وأضاف: "من لا يريد أن يدعم الخطة سيجد نفسه خارج الحكومة". بهذه النغمة الصارمة تحدث شارون في جلسة الحكومة، وأجل التصويت على الخطة تاركاً إياها للاسبوع القادم. ما الذي يمكن ان يجري الاسبوع القادم؟ هذا ما سألناه للمحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، عندما تحدثنا معه من "المشهد الإسرائيلي"، فقال: "هذه هي السياسة، الآراء تتقلب، والحيثيات تتغير من يوم الى آخر، واذا كنت تعتقد ان الأحد القادم بعيد، فهذا ليس صحيحاً، الامور تنقلب من ساعة الى ساعة وأحد لا يدري ما الذي يمكن أن يجري الى ساعتها". هذا ما عبر عنه أيضا المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شمعون شيفر، بقوله لـ "المشهد الإسرائيلي": "المحلل السياسي يتقن تحليل ما كان أحسن مما سيكون، وخاصة في اوضاع مثل هذه، من الصعب التنبؤ، ولكن  سيمر أسبوع  صعب على رئيس الحكومة أريئيل شارون".

 

 

ألوف بن: شارون لن يقبل الواقع

 

الانطباع العام السائد الآن هو أن معسكر الليكود انقسم الى إثنين، من يؤيد خطة فك الإرتباط يؤيد أريئيل شارون، ومن يعارض فهو مع بنيامين نتنياهو، هذه الصورة لم تكن من قبل، ذات مرة كان الجميع من وراء شارون. 

بنيامين نتنياهو يعي تماماً اين هو اليوم، ويعي تماما انه يتمتع بأغلبية في صفوف منتسبي الليكود على الأقل، الذين يقررون من سيكون المرشح القادم لرئاسة الحكومة، وفي ظل التصادم المنقطع النظير، هل من الممكن إحتساب نتنياهو كمن إشتم رائحة كرسي رئيس الحكومة التي سقط عنها؟ سألنا ألوف بن مرة اخرى فقال: "هذا ما يدعيه شارون والمقربون منه ضد نتنياهو، وهم يقولون أيضا إنه إنتهز الفرصة للتسلق، لكن تفسيري الشخصي يبتعد عن هذه الأقاويل، عندما عاد أريئيل شارون من الولايات المتحدة كان قوياً ومدعوماً، مما أكسبه قوة ايضاً داخل حزبه، وقال الوزراء، شالوم، نتنياهو، وليفنات، إنهم سيدعمون الخطة، ولكن بعد الإستفتاء إنقلبت الآية، المنتسبون لا يرغبون بخطة شارون، الامر الذي اعطى هؤلاء الوزراء عذرا مقنعا للتراجع عن التأييد".

لن يقبل شارون بإستمرار الوضعية البائسة التي يحياها اليوم في ظل حكومته الجديدة، وقرر بينه وبين مقريبه أن الخطة يجب أن تمر بأي ثمن، وما هو الثمن؟ الثمن واضح من عناوين بعض الصحف، سينقل شارون الآن خطته الى الكنيست لكنه حتى في هذه الحالة يلاقي معارضة، فمن يضمن له اغلبية؟ ومن يضمن له أن "حزب العمل" سيقف الى جانبه؟ وفي حالة سقوطه داخل الكنيست هل سيجبره هذا على الذهاب الى إنتخابات جديدة؟ ولكنه لا يتمتع بأغلبية حتى داخل حزبه، وضعه صعب خارجياً وداخلياً.

(*) "المشهد الإسرائيلي":  هل يقامر شارون في خطواته الأخيرة؟.

 

(*) ألوف بن: طبعاً يقامر، وكل قراراته نابعة من عدم قبوله للواقع، بعد كل ما تمتع به من قوة، فهو لن يرضى بأن يكون لعبة في يد أحد، حتى لو كان حزبه. 

 

 لبيد يتدخل ويفشل.. حتى الآن

 

شعر وزير العدل، يوسف لبيد، ان "شيئاً خطيراً" يجري، وأعلن عن أنه مستعد للتوفيق بين شارون ونتنياهو، وإقترح خطة، تنص على ان يعلن شارون عن إخلاء ثلاث مستوطنات فقط في هذه الآونة، كجزء من "خطة فك الإرتباط"، بالمقابل يؤيد نتنياهو هذه الخطة. ثمة من رأى ان إتخاذ مثل هذه الخطوة بمثابة إنتصار لبنيامين نتنياهو على شارون، وأكبر دليل على هذا، كما فسّر البعض، هي الموافقة السريعة من قبل نتنياهو على الخطة المختصرة والبديل الذي إقترحه لبيد، فلعب الفأر في عب المقربين من شارون، وقالوا، لماذا وافق نتنياهو بهذه السرعة؟ كانت الإجابة واضحة بالنسبة لهم، فلولا إستفادته من الإقتراح لما جاءت موافقته سريعة، لذا وبعد وقت قصير من إعلان نتنياهو عن الموافقة جاء الخبر من مكتب رئيس الحكومة، "لن نوافق، سنمرر الخطة كاملة من دون تنازل يذكر".

 

(*) "المشهد الاسرائيلي": أليس من صالح لبيد ان يخرج اليمين المتطرف من الحكومة ويحل مكانه حزب العمل، عندها ستكون آراؤه أقرب ولن يحتاج الى تفسير نفسه في كل خطوة، كما فعل مؤخراً؟!

 

(*) الوف بن: بالعكس تماما، انت مخطئ، فمن مصلحة  لبيد أن تبقى الحكومة على حالها، فهو الآن يتمتع بقيادة الخط المعتدل فيها، وعندما يدخل حزب العمل سيؤثر هذا سلباً على هذه المكانة.عندما يجتمع حزب العمل ولبيد في نفس الحكومة لن يكون للبيد موقف صارم كما هي الحال اليوم، وسيكون الحلقة الأضعف بين اكبر حزبين.

 

 

هل بات حل الكنيست خياراً؟ المعلق الصحفي شمعون شيفر يستبعد!

 

على الرغم من توتر الأجواء وعدم ثبات المواقف، إلا أن المحلل السياسي في جريدة "يديعوت أحرونوت"، شمعون شيفر، إستبعد  حل الكنيست وفشل شارون أيضاً. جاء هذا اثناء حديث خاص لـ "المشهد الإسرائيلي"، إذ قال شيفر : "سياسياً، الامور تختلف، حل الكنيست يعني إنتخابات، وحتى الآن لم يتوفر النصاب القانوني (61 عضو كنيست، ف.خ) لحل الكنيست، القضية هنا لا تقتصر فقط على البرنامج السياسي فحسب، ثمة اعضاء كنيست من كل الأصناف والانواع يرغبون بالإستمرار في عملهم، والقضية الشخصية ستلعب دوراً، وهذا سيبعد الخيار على الاقل للفترة القريبة".

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": لماذا لم يقبل شارون بخطة  لبيد؟ 

 

(*) شيفر: الامور السياسية مثلها مثل الفاكهة، يجب عليها ان تنضج أولاً، حتى لو كان الأمر سياسياً، إقتراح لبيد ليس ناضجاً بما يكفي، شارون  متعلق بخطته الأصلية، يريد المصادقة على هذا الأساس اولاً، الامر الذي يغيب عن إقتراح لبيد، وشارون لا يرغب بالتنازل الجزئي كما جاء، هدفه الاساسي هو الانسحاب من غزة وإخلاء المستوطنات خلال عام واحد.

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": بماذا تفسر الحرب بين نتنياهو وشارون، هل هي موضوعية وتعاملت مع القضية بشكل مباشر أم أنها تصفية حسابات قديمة؟

 

(*) شيفر: لا توجد في السياسة موضوعية، ما شهدناه اليوم ما هو الا معايير شخصية، وأسباب الإنقسام واضحة أيضاً، ولكن يستطيع شارون ان يسجل لنفسه إنتصارًا بنتيجة واحد صفر على نتنياهو، فهو فنّد كل مقولة إدعاها الأخير.

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": هل توافق على ان نتنياهو شعر انه يقترب من كرسي رئيس الحكومة وهو يعمل من هذا المنطلق؟

 

(*) شيفر: نتنياهو قدّر في الآونة الاخيرة أن المستشار القضائي للحكومة سيقدم لائحة إتهام ضد شارون، الامر الذي يساعده على الظهور في موقع الرجل الثاني بعد شارون، لكن الحقيقة باتت مختلفة عما فكّر به والمستشار القضائي لم يقدم، ولا اعتقد أنه سيقدم، لائحة إتهام ضد شارون في هذا الصدد، لذا فإن نتنياهو بدأ مسيرته المعارضة لشارون.

 

(*) "المشهد الاسرائيلي": شارون يهدد بإقالة وزراء وطرد اليمين المتطرف من الحكومة، وحتى الآن بيريس لم يعطه الضوء الأخضر لحكومة "وحدة وطنية" والتي ما زالت تلاقي جدلاً؟

 

(*) شيفر: شارون قال إنه يريد الخطة حتى لو كلفه هذا غالياً، هو يؤمن بأنه في نهاية المطاف سيفعل، وهو في حالة تقدير مستمرة أن شمعون بيريس وبعد خروج اليمين من الحكومة سيقنع حزبه وسينضمون الى حكومة وحدة وطنية.

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما الذي طرأ على مواقف قادة الأجهزة الأمنية  في جلسة الحكومة حول دعمهم لشارون؟ الم يكن موقفهم بعيداً عما باحوا فيه بالأمس؟

 

(*) شيفر: هذا موقفهم، وهم دعموا رئيس الوزراء نتيجة حقائق، هم يقولونها: إن الخروج من غزة سيقلل من العمليات داخل إسرائيل. ولكن اليمين المتطرف عمل في الماضي على إخراج تصريحاتهم من السياق الصحيح الامر الذي غير مواقف...

 

(*) "المشهد الاسرائيلي": الا تعتقد ان الفشل الذي سجله شارون في الاستفتاء ضرب عزائمه. كيف له ان يستمر الآن في المحاربة من أجل هذا الوضع؟

 

(*) شيفر:لا شك بأن هذا اضعف شارون جماهيرياً وداخلياً، وهو قالها في جلسة الحكومة، ان الذهاب الى استفتاء لمنتسبي الليكود كان أمراً خاطئاً، وهو يحارب اليوم من اجل القيادة، ويذهب في مسار قيادي، كما قال إن منتسبي الليكود مهمون بالنسبة له لكن الشعب الإسرائيلي يهمه أكثر. وهو سيبني من جديد كل الواجهة التي فقدها، والشعب سيحكم..

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات