سعى مسؤولون اسرائيليون الى التقليل من شأن التوتر الناشئ في العلاقات بين الدولة العبرية وتركيا على خلفية الاتهامات شديدة اللهجة التي وجهها رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته، عبدالله غول، لممارسات جيش الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية و"ارهاب الدولة" المتواصل على المدنيين الفلسطينيين.
واستبعدت مصادر رفيعة المستوى في الخارجية الاسرائيلية ان تنفذ انقرة تهديدها باستدعاء سفيرها في تل ابيب للتشاور، وقالت ان العلاقات بين الجانبين متينة ومهمة تخدم مصالحهما المشتركة ولن تتأثر من "خلاف في وجهات النظر".
ودلّلت على ذلك بالاشارة الى ان رئيس الوزراء التركي استقبل وزير البنى التحتية الاسرائيلي، يوسف باريتسكي، على رغم ان البروتوكول لا يلزمه ذلك وان نائب رئيس الوزراء، ايهود اولمرت، سيزور انقرة منتصف الشهر المقبل على رأس وفد كبير من رجال الاعمال.
وقال المدير العام لوزارة الدفاع، عاموس يارون، ان العلاقات مع تركيا مبنية على أسس متينة وتفاهمات استراتيجية بعيدة المدى و"لن تنجح القضية الفلسطينية في قضمها"، مذكراً الاتراك بأن اسرائيل هبّت لاغاثة المنكوبين في الهزّة الارضية التي ضربت تركيا قبل سنوات وحرصت على تطوير العلاقات العسكرية معها ومبدياً التفهّم للضغوط التي يواجهها اركان الحكومة من الرأي العام في تركيا.
وحذّر المدير العام السابق لوزارة الخارجية، ألون ليئيل، من مغبة تردي العلاقات مع انقرة ورأى ان اعتبار اسرائيل "دولة ارهاب" لا يمكن تصنيفه كزلّة لسان انما تأكيد على ان ثمة اموراً ليست جيدة تحصل على جبهة العلاقات بين الجانبين في الاشهر الاخيرة، مضيفاً ان مرد هذه الانتقادات الشديدة ممارسات الجيش في قطاع غزة، وتحديداً منذ اغتيال مؤسسة "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) الشيخ احمد ياسين ثم غضب اردوغان على رفض اسرائيل اقتراحه بلعب دور الوسيط بينها وبين سورية وانزعاجه من مغازلة اسرائيل للأكراد شمال العراق. ونصح ليئيل رئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئيل شارون، بمعالجة الازمة الناشبة فوراً ومنح انقرة دوراً في العملية السياسية في المنطقة وطمأنتها الى ان اسرائيل لن تقيم علاقات رسمية مع الاكراد في العراق.
وتوقفت الصحف العبرية مطولاً عند الاتفاقات التجارية والعسكرية بين الجانبين التي يصل حجمها سنوياً الى بليوني دولار. وكتب المعلّق السياسي في "هآرتس"، الوف بن، ان اردوغان يجد نفسه بين مطرقة حزبه والرأي العام في تركيا المناصرين للقضية الفلسطينية وسندان المؤسسة الامنية المعنية بالعلاقات مع اسرائيل والحصول على تكنولوجيا عسكرية متطورة. وزاد ان تركيا "تحذو الآن حذو مصر والاردن اللتين اعادتا سفيريهما الى تل ابيب وتهاجمان سياسة شارون من على كل منبر، لكنهما لم تتنازلا عن مصالحهما في العلاقات مع اسرائيل" متسائلاً عما اذا كان بمقدور رئيس الوزراء التركي مواصلة السير في مسلكين: "انتقاد اسرائيل على ممارساتها في الاراضي الفلسطينية فيما الامور الاخرى تسير بشكل طبيعي"، مضيفاً انه يجدر باسرائيل ان تبدي تفهماً لضائقة اردوغان "مع وجوب التذكير لأنقرة بأن العلاقات الوثيقة بين الجانبين تعكس مصالح مشتركة وحيوية ليس لاسرائيل فحسب".