حكومة شارون تواصل المماطلة في تنفيذ تعهدها بإزالتها
ذكرت مصادر صحافية إسرائيلية مطلعة أن الإدارة الأميركية رفضت أخيراً قائمة قدمت لها رسمياً بشأن مواقع إستيطانية غير شرعية أقيمت في أنحاء مختلفة من أراضي الضفة الغربية المحتلة في عهد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون اليمينية.
وأوضحت صحيفة "هآرتس"، التي أوردت ذلك في عددها الصادر اليوم (الإثنين)، أن الإدارة الأميركية اعتبرت القائمة التي قدمتها لها وزارة الدفاع الإسرائيلية قبل أربعة أشهر "غير كافية".
وتحتوي القائمة الإسرائيلية على 23 موقعاً إستيطانياً أقيمت في الضفة الغربية منذ تولي حكومة شارون لمهامها في آذار من العام 2001، في حين يعتقد المسؤولون الأميركيون أن عدد المواقع الإستيطانية الجديدة التي أقيمت خلال هذه الفترة أكبر بكثير. واشارت الصحيفة إلى أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي والإدارة الأميركية ينتظران الآن تلقي تقرير من وزارة الدفاع الإسرائيلية حول الطرق التي أُتبعت في إقامة هذه المواقع الإستيطانية غير الشرعية والحلول القانونية الممكنة لإزالتها وتفكيكها. وقالت الصحيفة إن التقرير المنتظر تقديمه لرئيس الوزراء أريئيل شارون خلال الأسابيع المقبلة سيتسبب على الأرجح بِحَرَجْ بالغ لإسرائيل، نظراً لأنه سيميط اللثام عن الطرق التي ساعدت فيها جهات حكومية إسرائيلية مختلفة في أعمال بناء وإقامة مواقع ومشاريع إستيطانية توسعية غير قانونية في الأراضي الفلسطينية. كما من المرتقب أن يعطي التقرير، الذي كلف بإعداده مستشارون قانونيون في وزارة الدفاع، صورة أوضح بشأن عدد مواقع الإستيطان غير الشرعية التي أقيمت في عهد حكومة شارون، وأن يشكل بالتالي أساساً للحوار بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بهذا الموضوع المثير للخلاف بين الجانبين.
يذكر أن موضوع إخلاء مواقع الإستيطان غير القانونية التي أقيمت في عهد شارون هو واحد من أربعة تعهدات قطعها رئيس الوزراء الإسرائيلي للرئيس الأميركي جورج بوش في نيسان الماضي، وتتعلق بأنشطة التوسع الإستيطاني والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
غير ان حكومة شارون، على ما تؤكده صحيفة "هآرتس" ومصادر أميركية مأذونة، لا زالت تتبع حتى الآن أسلوب المماطلة والتسويف تجاه الوفاء بتعهداتها الرسمية هذه.
كذلك سيشكل هذا التقرير اساسا للمحادثات بين الحكومة الاسرائيلية والادارة الاميركية في هذه القضية حيث سيوفر صورة واضحة للعدد الحقيقي لهذه البؤر الاستيطانية العشوائية.
وقد تعهدت الحكومة الاسرائيلية من خلال الرسالة المذكورة برسم حدود البناء داخل المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية، وازالة الحواجز والعوائق من الطرقات في انحاء الضفة الغربية لتسهيل تنقل الفلسطينيين، وتحويل اموال السلطة الفلسطينية المجمدة في اسرائيل وفق اوامر صادرة عن محاكم اسرائيلية.
وافادت "هآرتس" ان الادارة الاميركية طلبت وتلقت من سفارتها في تل ابيب، منذ نيسان الماضي، اكثر من 20 تقريرا بخصوص هذه البؤر الاستيطانية.
واضافت الصحيفة ان الانطباع الذي خلفته هذه التقارير لدى الادارة الاميركية هو ان اسرائيل فشلت بشكل كامل في تنفيذ تعهداتها في رسم حدود البناء في المستوطنات، ما يعني توسع هذه المستوطنات، كما فشلت في اخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية.
واشارت الصحيفة الى تصريحات وزير الخارجية الاميركي كولن باول، التي قال فيها "اننا نعمل مع اسرائيل على تعريف ما هي المستوطنة، وما الفارق بين البناء في المستوطنات لاستيعاب الزيادة السكانية الطبيعية وبين التوسع الاستيطاني، وفيما اذا كانت الزيادة السكانية تتناسب مع تعهدات اسرائيل تجاهنا".
واعتبرت اقوال باول هذه "اول اعتراف لموظف اميركي رفيع المستوى" بخصوص وجود تفاهمات بين الادارة الاميركية واسرائيل، حيال السماح بتنفيذ اعمال بناء في المستوطنات "وفق شروط معينة".
لكن "هآرتس" اشارت، ايضا، الى ان خطة خارطة الطريق للتسوية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين تنص على وجوب تجميد البناء في المستوطنات "وبضمن ذلك لاغراض الزيادة الطبيعية".
ورجحت الصحيفة ان المباحثات بين الادارة الاميركية واسرائيل في هذا الصدد ستستكمل بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، التي ستجري يوم الأربعاء.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر سياسية اسرائيلية قولها ان نظراءهم الاميركيين قالوا لهم انه "في هذه القضية لا يجدر بكم ان تتطلعوا الى انتصار بوش" في الانتخابات الرئاسية، "لان بوش سيكون حازما اكثر تجاه شارون بتنفيذ ما وعد به".
رغم ذلك، فان مصادر سياسية اسرائيلية اعربت عن تقديرها انه طالما أن خطة فك الارتباط من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية تتقدم، "فان الادارة الاميركية ستتنازل لاسرائيل بخصوص البؤر الاستيطانية العشوائية وتوسيع الاستيطان"، وان هناك نقاشًا دائرًا في الادارة الاميركية فيما اذا كان هذا النهج صحيحا.