المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"خلافات" بين "الشاباك" والمخابرات العسكرية:

هل "حماس" ممتنعة ام عاجزة عن تنفيذ عمليات داخل اسرائيل؟

"المشهد الاسرائيلي":

هل امتنعت حركة "حماس" عن تنقيذ عمليات تفجيرية داخل اسرائيل في الاونة الاخيرة ام انها حاولت القيام بعمليات كهذه لكنها لم تنجح في تنفيذها؟ هذه المسألة هي محل خلاف بين شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية وجهاز "الشاباك". ورغم ان الخلاف يبدو انه ينحصر في اطار تقييمات مختلفة، الا انه بالامكان ملاحظة وجود صراعات قوى بين الجهازين تظهر من خلال تسويغات كل واحد منهما لتقييماته، الواردة في سياق تقرير نشرته، مؤخرا، صحيفة "هآرتس".

ويرى المحللون في شعبة الاستخبارات الاسرائيلية ان "حماس" امتنعت خلال المئة يوم الاخيرة عن تنفيذ عمليات تفجيرية داخل اسرائيل. وهم يشيرون الى ان آخر عملية نفذتها الحركة وقعت في مقهى "هيلل" في القدس الغربية في التاسع من ايلول الماضي. ويضيف المحللون ان العمليات التي تحاول "حماس" تنفيذها، في الثلاثة شهور ونصف الماضية، تركزت ضد الجنود الاسرائيليين في الاراضي المحتلة وداخل اسرائيل، وايضا ضد المستوطنين. ويعتبر المحللون في قسم الابحاث في الشعبة، الذي يرأسه العميد يوسي كوبرفاسر، ان تركيز "حماس" على محاولات القيام بعمليات ضد الجنود والمستوطنين يعتبر بمثابة تغير هام في سياسة العمليات التفجيرية من جانب الحركة، "التي رأت رأت بالاسرائيليين جميعهم، حتى الفترة الاخير، هدفا شرعيا لعملياتها". وتم تفسير هذا "التغيير" بـ"حساسية حماس تجاه الرأى العام الفلسطيني، الذي يتحفظ مؤخرا بشكل متزايد من العمليات التفجيرية التي تستهدف المدنيين الاسرائيليين".

لكن جهاز "الشاباك" حسب المصدر المذكور لا يقر بهذه التقييمات. وقالت مصادر الجهاز ان المعطيات التي بحوزته تشير الى مشاركة نشطاء "حماس" في محاولات لتنفيذ عمليات تفجيرية كثيرة ضد أهداف مدنية اسرائيلية، في الاسابيع الاخيرة. كما اشارت المصادر الى دور "الشاباك" في احباط هذه المحاولات، وهو الدور الذي يغيب من تقارير شعبة الاستخبارات.

وتقول مصادر شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية انه منذ تشرين الاول الماضي جرت 27 محاولة لتنفيذ عمليات تفجيرية، تم احباطها كلها، ولم يكن اي منها تحت مسؤولية "حماس". ولا يوافق المسؤولون في "الشاباك" على هذا التقييم، بل انهم ابدوا استعدادا باعطاء تفاصيل حول تخطيط ومحاولات نشطاء من "حماس" تنفيذ عمليات، مثل "حماس" نابلس أو "حماس" بيت لحم، واذا ما كان التخطيط والمحاولة بالاشتراك مع فصيل فلسطيني آخر مثل تنظيم فتح او الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وقالت مصادر في "الشاباك" انه جرت 52 محاولة لتنفيذ عمليات في اسرائيل والاراضي المحتلة، عدد كبير منها كانت ذات علاقة كاملة او جزئية بـ"حماس".

ويفسر محللو قسم الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية تقييمهم بـ"الارتفاع النسبي الحاصل في قوة حماس في المجتمع الفلسطيني، الى جانب هبوط موازٍ في شعبية حزب السلطة فتح، الامر الذي يحفز قادة حماس على عكس التوجه الشعبي الجديد – العزوف بصورة تدريجية عن العمليات الانتحارية داخل اسرائيل". وهم يشيرون في هذا السياق الى تقرير احصائي صادر عن المعهد الاحصائي الذي يديره د. خليل شقاقي، ويبرز فيه انخفاض تأييد الشارع الفلسطيني للعمليات التفجيرية من 59% الى 50%. ويعتقدون في شعبة الاستخبارات ان انخفاض تأييد الشارع الفلسطيني للعمليات كان اكبر في الواقع. واضافوا ان الرئيس ياسر عرفات "الذي يستمع الى نبض الشارع الفلسطيني، اقرب الى حماس في موقفه المعارض في هذه الفترة لتنفيذ عمليات في اسرائيل، لكنه لا يعارض تنفيذ عمليات ضد جنود ومستوطنين. المنظمات المتلهفة لتنفيذ عمليات كهذه (داخل اسرائيل) هي الجهاد الاسلامي والتنظيم، اللذان يتغذيان من دعم مالي وافكار خارجية، خصوصا من ايران وحزب الله".

وتدعي مصادر في شعبة الاستخبارات ايضا، بان احتمالات رئيس الحكومة احمد قريع (ابو العلاء) اصبحت لا يقوى على شيء، من ناحية تمكنه من اقناع "حماس" بالموافقة على وقف اطلاق النار. فقد "كانت الاعتبارات التي انطلق منها قريع، عندما وافق على اشغال المنصب الذي فشل فيه محمود عباس (ابو مازن)، ان كلا الجانبين – الاسرائيلي والفلسطيني – تعبا من المواجهة فيما بينهما وانهما اصبحا مستعدين للتسوية".

وتوصل تقديرات شعبة الاستخبارات "قريع الى نتيجة مفادها انه اخطأ في توقع التطورات الناجمة عن ان الجانبين قد تعبا، لانه تبين ان قوتهما لن تساعدهما على النهوض والقيام بخطوة جديدة وجريئة."

وزعم المحللون في شعبة الاستخبارات ايضا انه في ظل غياب تقدم على المسار السياسي، فان الصراع الاساسي بين المعسكرات في القيادة الفلسطينية تحول نحو السيطرة على اموال السلطة الفلسطينية. واضافوا ان هذا الصراع اصبح في الايام الاخيرة الماضية اكثر حدة، لان الدول المانحة ترفض مواصلة تمويل نشاطات السلطة الفلسطينية طالما يصر عرفات على دفع رواتب افراد الاجهزة الامنية بنفسه ونقدا. "ويقف في مواجهته وزير المالية، سلام فياض، الذي يطالب بان يتم دفع الرواتب بواسطة البنوك، التي تخضع لاشرافه". وتوقعت تحليلات شعبة الاستخبارات ان الصراع سيحسم في مطلع كانون ثاني القادم، "فاذا استمر عرفات في نهجه فان فياض قد يستقيل مما سيتسبب في اساءة العلاقة بين الدول الاوروبية وعرفات". واعتبرت هذه التحليلات ان زيارة وزير الخارجية الالماني الاخيرة لاسرائيل تضمنت رمزا حيث انه لاول مرة يمتنع فيشر عن زيارة عرفات في رام الله.

وبحسب تقييمات شعبة الاستخبارات فان خطاب شارون في مؤتمر هرتسليا اعتبره الفلسطينيون تهديدا ملموسا تجاه امال الفلسطينيين بتحقيق انجازات سياسية. ورأت ان مصدر التهديد يكمن في عدة عوامل ابرزها: اعلان شارون انه الى جانب اخلاء مستوطنات ستحدد اسرائيل من اية مناطق في الاراضي الفلسطينية سوف تنسحب حتى لو كان ذلك في اطار الحل الدائم ايضا وتعزز من خلالها سيطرتها؛ التنسيق مع جهات في الادارة الامريكية- الذي تم التعبير عنه في اقوال شارون ومن خلال المديح الذي كاله البيت الابيض؛ تلاشي تأثير تفاهمات جنيف، التي اعتبرتها القيادة الفلسطينية انها تشكل تنازلا مسبقا وبالمجان عن حق العودة من دون ان تكون هناك تنازلات موازية من ناحية اسرائيل؛ سلسلة نجاحات امريكية في الشرق الاوسط، بدءا من القاء القبض على صدام حسين ومرورا باستسلام ايران في مسألة شفافية برنامجها النووي وانتهاء باعلان ليبيا بوقف برنامج التسلح لديها. ويتوقع المحللون في شعبة الاستخبارات ان علاقات القوى االقوى هذه التي نشأت في الحلبة الاسرائيلية – الفلسطينية -ا لامريكية تحمل بين طياتها احتمالا باتجاه تجديد متردد للمسار السياسي. "ومع اقتراب خطوة كهذه، سيتنازل قريع عن الشرط المسبق الذي وضعه- وقف بناء الحدار الفاصل".

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, رئيس الحكومة, هرتسليا, حق العودة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات