المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 866

يسعى وزير الداخلية الاسرائيلي ابراهام بوراز (شينوي) لإلغاء الامر (المرسوم) الانتدابي المتعلق بالصحافة، من العام 1933، واستبداله بقانون جديد "اسرائيلي".وذكر ان بوراز اوعز مؤخراً الى المستشارين القانونيين في وزارته باعداد صيغة قانون صحافة جديد، بالتنسيق مع وزارة العدل. وطبقا لتوجيهات بوراز، فان القانون الجديد المرتقب يقضي بالغاء صلاحية وزير الداخلية باصدار اوامر باغلاق صحيفة او صحف، ويسمح للحكومة بدلا من ذلك بالتوجه للمحكمة بطلب لإصدار امر بوقف صدور صحيفة لإعتبارات امنية.

 

وقد اتخذ بوراز هذه الخطوة في نطاق رد سيقدمه مستقبلا للمحكمة العليا في شأن التماس "جمعية حقوق المواطن" التي طلبت من المحكمة الغاء الامر الانتدابي الخاص بالصحافة والذي يتنافى مع قانون اساس حرية المهنة ويمس بحرية التعبير ومبادئ النظام الديمقراطي.

وكانت المحكمة العليا قد امهلت وزير الداخلية مدة تسعين يوما للرد على الالتماس الذي قدم لها في هذا الخصوص في وقت سابق من شهر نيسان 2003 .

وصرح بوراز قائلا: "بسبب الوضع الامني الصعب الذي تمر به الدولة، فانه لم يحن الوقت بعد للتخلي كليا عن الصلاحيات بإصدار امر بإغلاق صحيفة تهدد امن الدولة او سلامة الجمهور، ولذلك يجب ابقاء هذه الصلاحيات قائمة على حالها". واضاف ان سحب هذه الصلاحية من وزير الداخلية ونقلها الى المحكمة، من شأنه ان يمنع الخلط بين اعتبارات سياسية وبين عملية اتخاذ القرارات من جانب وزير الداخلية اذا ما اعتزم اغلاق صحيفة ما.

وكان بوراز يشير بذلك الى قرار سلفه في المنصب ايلي يشاي (شاس) الذي اصدر في كانون الاول 2002 امرًا بإغلاق صحيفة " صوت الحق والحرية"، لسان حال الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) في اسرائيل لمدة سنتين. وقد اتخذ "يشاي" هذا الاجراء بناء على توصية من جهاز الامن العام (مخبارات "الشين بيت") الذي ادعى ان الصحيفة تروج لمواقف حركة المقاومة الاسلامية " حـماس" والتي (اي مواقف حماس) تشكل "خطرًا على سلامة الجمهور" حسب ما ورد في توصية جهاز "الشاباك".

وسارع وزير الداخلية السابق (يشاي) الى انتقاد نية وزير الداخلية الحالي (بوراز) الغاء الامر الانتدابي المعمول به في صدد اغلاق الصحف، داعيا رئيس الوزراء الى اقالة بوراز. وزعم يشاي ان الامر المذكور يعتبر "واحدة من الادوات التي يمكن بمساعدتها الحفاظ على الطابع الديمقراطي والصهيوني لدولة اسرائيل" على حد تعبيره .

ومن المنتظر ان ينص قانون الصحافة الجديد الذي اوعز بوراز باعداده على الغاء الاشتراط بوجوب استصدار رخصة لغرض اصدار صحيفة، وسيُستعاض عن ذلك بوجوب اجراء تسجيل ملائم لهوية (اسماء) ناشري الصحيفة ومحرريها، بما يتيح وجود عنوان معروف في حال رفع دعوى قضائية من جانب متضررين محتملين من نشر اخبار معينة.

وكانت المرة الاولى التي استخدم فيها وزير الداخلية الاسرائيلي صلاحيته باغلاق صحيفة في اسرائيل هي في العام 1953 باغلاق صحيفة "صوت الشعب" (قول هعام الشيوعية)، ومنذ ذلك الحين جرى اغلاق العديد من الصحف التي صدرت في اسرائيل، وغالبيتها صحف عربية (بما في ذلك صحف صدرت في القدس الشرقية المحتلة).

"اجراء لا نظير له في النظم الديمقراطية"

وكنب زئيف سيغل استاذ القانون في جامعة تل ابيب في تعليق له على القرار (هآرتس 30/4) ان "قرار وزير الداخلية بالعمل على الغاء بنود في الامر الانتدابي المتعلق بصدور الصحف سيؤدي في حال وضعه موضع التنفيذ، الى اخراج هذا الامر من كتاب قوانين دستور لا يلائم نظام حكم ديمقراطي".

واضاف ان هذا ينطبق ايضاً على انظمة الطوارئ الانتدابية المقرة في العام 1945 والتي تتضمن اوامر تتيح للسلطة المس بصورة فظة بحرية الصحافة.

واشار سيغل الى انه قد جرى على مر سنوات طوال الحديث عن ضرورة الغاء الأوامر القائمة، لكن الوضع ظل على حاله، وهذا يرجع فيما يرجع الى توجه اجهزة الامن الاسرائيلية التي فضلت احتفاظ السلطة بالوسائل التعسفية التي يتضمنها امر الصحف وانظمة الدفاع (في حالات الطوارئ) الانتدابية.

وكانت لجنة رسمية ترأسها وزير العدل الاسرائيلي الاسبق حاييم تسادوق قد اوصت في العام 1997 بالغاء عدد من الاوامر والانظمة المتعلقة بالصحف والصحافة، الموروثة من عهد الانتداب البريطاني.

وقال سيغل في تعليقه ان المسائل الرئيسة التي يتعين على وزارة الداخلية معالجتها اثناء بلورة مشروع القانون الحكومي الجديد في هذا الصدد تتلخص في:

- مسألة ترخيص الصحف: حيث تخول التعليمات المتبعة حتى الآن متصرف اللواء في وزارة الداخلية برفض اعطاء ترخيص باصدار صحيفة بدون تقديم اي مبرر، علما ان الاشتراط بالحصول على ترخيص لهذا الغرض غير قائم في الغالبية العظمى من الدول الديمقراطية. ويمكن استبدال هذا الشرط بإشتراط تسجيل الصحف كما هو متبع في بلدان مختلفة.

- اغلاق الصحف: يخول امر الصحافة وزير الداخلية و متصرف اللواء صلاحية اغلاق. وقد اوصت لجنة "تسادوق" بالغاء هذه الصلاحيات كليا، حتى اذا كانت تمارس من قبل محكمة.

ورأى المعلق انه اذا قامت وزارة الداخلية بالفعل وخلال فترة زمنية معقولة ببلورة اقتراح بالغاء تعليمات معينة في امر الصحافة و انظمة الطوارئ، وتم عرض الاقتراح على الكنيست للمصادقة عليه، فان من المحتمل ان تؤجل المحكمة العليا قرارها في الالتماس المرفوع لها في هذا الشأن. فتدخل المحكمة العليا عن طريق الغاء تشريع يمس بحرية الصحافة، يصبح ممكنا فقط اذا تقرر ان حرية الصحافة هي جزء من " كرامة الانسان" المعترف بها كحق دستور في قانون الاساس: كرامة الانسان وحريته. اما حرية التعبير فلم يعترف يها بعد بشكل صريح كحق دستوري فوق القانون.

 

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, شينوي, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات