أدى قرار المحكمة البلجيكية العليا الذي يفتح الطريق امام ملاحقات قضائية ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، نتيجة لمسؤوليته غير المباشرة عن مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان، إلى غضب الأوساط السياسية الإسرائيلية، والى أزمة في العلاقات الاسرائيلية - البلجيكية. وكردة فعل اولى على القرار قامت إسرائيل بسحب سفيرها في بلجيكا، يهودا كينار.وأرسل الرئيس الإسرائيلي موشيه قصاب رسالة إلى ملك بلجيكا عّبر فيها عن رفضه لقرار المحكمة.
ونقلت وكالة الأسوشييتد برس عن قصاب في رسالته إلى الملك ألبرت قوله: "إن الجيش الإسرائيلي يتصرف بناء على القوانين الدولية".
وأضافت أن <<الرئيس ينكر بشكل قطعي أحقية بلجيكا الأخلاقية في محاكمة قياديي وجنود إسرائيل.>>
واعلن وزير الخارجية الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان قرار القضاء البلجيكي يعتبر <<إساءة خطيرة الى دولة اسرائيل>>.
وصرح نتانياهو للاذاعة الاسرائيلية العامة <<ان ما حدث (الاربعاء 12 شباط) في بلجيكا هو افتراء. ان اساءة خطيرة ارتكبت ايضا ضد الحقيقة والعدالة والاخلاق ودولة اسرائيل ومكافحة الارهاب الدولية>>. وقد ادلى نتانياهو بهذه التصريحات في ختام لقائه مع سفير بلجيكا في اسرائيل ويلفرد غينس الذي استدعي الى وزارة الخارجية في اطار هذه القضية.
واضاف نتانياهو <<عندما نوجه اتهامات ضد الذين يكافحون الارهاب، مانحين بذلك ثمنا للارهاب، فذلك يسيء الى مكافحة الارهاب الدولية الشاملة>>. وقال: <<وعندما نقوم بتزوير الوقائع ونسمح بالادلاء بخطابات معادية للسامية تنكر على اليهود حق الدفاع عن النفس، نسيء الى الشعب اليهودي وحقه في ان يكون له مكان تحت الشمس>>.
واكتفى السفير البلجيكي بأخذ العلم بالاحتجاج الاسرائيلي اذ تلقى تعليمات من وزارته بعدم ابداء اي رد فعل، كما قالت الاذاعة.
وكانت محكمة التمييز البلجيكية الغت - الاربعاء 12 الجاري - قرارا قضائيا كان قد رد شكوى رفعت ضد ارئيل شارون متهمة اياه بارتكاب جرائم حرب، غير انها جمدت الملاحقات طالما بقي رئيس الوزراء في منصبه.
ومثل شارون في المحكمة محام بلجيكي وطاقم إسرائيلي يتألف من المحامي ألون غلرط والمحامية عيريت كهان ومندوب وزارة الخارجية الإسرائيلية، داني شك.
وادعى الطاقم الإسرائيلي أن العائلات اللبنانية المشتكية تحاول توظيف القانون لأهداف أيديولوجية وسياسية بدل تفسير هذا القانون بشكل عملي. كذلك ادعى محامو شارون أنه "رئيس حكومة دولة صديقة انتخب مرتين لإشغال هذا المنصب في انتخابات ديمقراطية، ومحاولة تقديمه للمحاكمة تتعارض مع مبادىء القانون الدولي البلجيكي".
وهذا القرار الصادر عن اعلى هيئة قضائية في بلجيكا يعني ان الملاحقات ضد شارون قد يعاد تحريكها عندما تنتهي فترة توليه رئاسة الحكومة الاسرائيلية التي تؤمن له حصانة في الوقت الراهن. والشكوى التي تستهف شارون تتناول مسؤوليته غير المباشرة في مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين عام 1982 في لبنان. وفي 2001، قدم 23 فلسطينيا من الناجين من المجازر شكوى ضد شارون امام القضاء البلجيكي.
ووصف مكتب شارون القرار، على انه "استفزاز وفضيحة،" بينما وصفته صحيفة "معاريف" الأسرائيلية "بالمهين".
أما محامو الإدعاء فقد اعتبروا القرار نصرا لهم، إذ أنه - على حد وصفهم - يفتح الباب أمام الناجين من مذبحة مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطينيين عام 1982 لرفع دعوى ضد شارون، الذي يحّملونه المسؤولية لمقتل مئات الفلسطينيين خلال الاحتلال الإسرائيلي لبيروت.
ونص القرار على انه بالإمكان محاكمة شارون بمجرد تركه منصب رئاسة وزراء إسرائيل وفقدانه الحصانة التي يتمتع بها حاليا.
وشمل القرار أيضا على فتح التحقيق بشأن الضابط الإسرائيلي السابق عاموس يارون، والذي تم تسميته من قبل المدعين.
وكان شارون وزيرا للدفاع إبان الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، حيث تفيد التقارير لقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا على أيدي ميليشيا متعاونة مع إسرائيل في ذلك الوقت.
وفي عام 1983 وجدت لجنة كاهان الإسرائيلية أن شارون يتحمل مسؤولية غير مباشرة عن المذبحة. واضطر إلى الاستقالة من منصب وزير الدفاع، لكنه لم يحاكم على الإطلاق.