المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ردود الفعل على هذا التعيين تتراوح بين ترحيب معظم الأحزاب الصهيونية وبين استهجان الأحزاب العربية في إسرائيل التي أعلنت أن قبول مجادلة المنصب يخدم الأجندة الإسرائيلية ويضفي الشرعية على سياستها العامة ومواصلة تمييزها العنصري ضد العرب في الداخل

ناقش الكنيست قرار الحكومة الإسرائيلية تعيين النائب العربي عن حزب "العمل" غالب مجادلة وزيرا من دون حقيبة، في وقت تراوحت ردود الفعل على هذا التعيين بين ترحيب معظم الأحزاب الصهيونية التي رأت انه يخدم إسرائيل في الحلبة الإعلامية الدولية و"يكافئ المخلصين للدولة"، وبين استهجان الأحزاب العربية في إسرائيل التي أعلنت ان قبول مجادلة المنصب يخدم الأجندة الإسرائيلية ويضفي الشرعية على سياستها العامة ومواصلة تمييزها العنصري ضد العرب في الداخل، فيما اعتبر مجادلة تعيينه "يوما تاريخيا".

وجاءت مصادقة الحكومة على توزير مجادلة بعد أن هدد زعيم "العمل" وزير الدفاع عمير بيرتس بأزمة ائتلافية اذا واصل رئيس الحكومة ايهود اولمرت المماطلة في طرح طلبه تعيين مجادلة على جدول أعمال الحكومة. وكان مفترضا تعيين مجادلة وزيرا للعلوم والتربية والرياضة بدل الوزير اوفير بينيس الذي استقال من منصبه احتجاجا على ضم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف افيغدور ليبرمان الى الائتلاف الحكومي (والذي صوت ضد تعيين مجادلة). لكن اولمرت تذرع بأن في نيته إجراء تعديل كبير في عدد من الحقائب الوزارية، معولا على تبرئة المحكمة قريبًا ساحة صديقه الوزير السابق حاييم رامون من تهمة تقبيل مجندة "رغماً عنها"، على ان يشمل التعديل مجادلة أيضا.

وكانت أنباء تحدثت عن أن بيرتس سبّب الحرج لأولمرت عندما فاجأه بطلب توزير مجادلة من دون تنسيق معه، لأن الحكومة عادة ما تبحث في جلساتها أمورا أمنية وإستراتيجية لم يسبق أن حضرها وزراء عرب باستثناء الوزير صالح طريف الذي لم تنظر اليه المؤسسة الإسرائيلية على أنه "عربي" انما "درزي خدم في الجيش" ضابطا كبيرا وشارك في الحرب الأولى على لبنان. وتوقع أحد المعلقين أن يتسبب توزير مجادلة في نقل القضايا الحساسة للبحث في الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية. كما راجت أنباء عن ان اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية خاضعة لوزارة العلوم وأنه لا يمكن ان يطّلع عربي على أكثر الملفات الإسرائيلية سرية. ورد مجادلة على ذلك بإبداء استعداده لنقل اللجنة إلى وزارة أخرى. واعتبر بيرتس تعيين ما وصفه بـ "أول وزير عربي مسلم" في تاريخ إسرائيل، بأنه "خطوة تاريخية في اتجاه مساواة المواطنين العرب ودفع السلام في المنطقة". إلا ان الساحة الحزبية والمعلقين في الشؤون الحزبية أشاروا الى حقيقة ان تعيين مجادلة لم يكن سوى "صفقة انتخابية" وخطوة مفضوحة من بيرتس لكسب تأييد الأعضاء العرب في حزب العمل (أكثر من عشرة آلاف) له في الانتخابات التمهيدية الوشيكة لزعامة الحزب التي تتوقع الاستطلاعات ان يخسرها.

واستهجنت الأحزاب العربية الوطنية والإسلامية أن يقبل مجادلة لنفسه الجلوس في حكومة تعمق سياسة التمييز العنصري ضد عرب الداخل او تمارس القتل في الأراضي المحتلة العام 1967، فضلا عن قبوله احتلال مقعد وزير يهودي استقال إثر ضم ليبرمان الى الحكومة بسبب موقف الأخير العنصري من العرب.

الا ان مجادلة قال للإذاعة العسكرية ان تعيينه يمنح المواطنين العرب في إسرائيل "شعورا بالشراكة"، مؤكدا أهليته لمنصب وزير التربية والرياضة. ويعتبر مجادلة (53 عاما) ابن حزب "العمل" الذي التحق بصفوفه منذ 27 عاما الى أن تولى منصب رئيس "اللواء العربي". وحصل الحزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على نحو 42 ألف صوت عربي، بما فيها أصوات الدروز.

وطبّل الإعلام الإسرائيلي على عادته لتعيين "أول عربي" في منصب وزير، تماما كما فعل عند تعيين صالح طريف "أول درزي" وزيرا، أو عندما اختير النائب السابق هاشم محاميد "أول عربي" عضوا في "لجنة الخارجية والأمن البرلمانية"، او تعيين "أول عربي" قاضيا في المحكمة العليا، فيما الوقائع على الأرض جاءت بحقيقة ان أيا من "الأوائل" من رجال السياسة لم يؤثر بأي شكل على قرار وزاري أو برنامج حكومي أو حتى حقق موازنات أفضل للبلدات العربية.

[أسعد تلحمي]

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات