أطلقت السيدة أمل روحانا أرملة المرحوم روني صرخة ألم مدوية أكدت فيها أن العنف هو ضرب من الإرهاب الداخلي وثمرة للتربية والاقتداء والثقافة داخل البيوت
أطلقت السيدة أمل روحانا أرملة المرحوم روني صرخة ألم مدوية أكدت فيها أن العنف هو ضرب من الإرهاب الداخلي وثمرة للتربية والاقتداء والثقافة داخل البيوت.
روحانا التي كانت تتحدث ضمن يوم دراسي بعنوان "ترخيص القتل" في حيفا (بمبادرة الجمعية لدعم الديمقراطية وبلدية حيفا وجمعية ابن خلدون) لفتت أن الحياة هي عطية الله ولا أحد يملك الحق في انتزاعها من البشر، وتطرقت إلى دور المؤسسات التي تعالج آفة العنف بمستوى الوقاية والعلاج فقالت: "بالنسبة لدوائر القانون والشرطة والقضاء والنيابة فإن الموضوع يعتبر ملفا إضافيا أو رقما جديدا أما بالنسبة لنا ضحايا العدوانية فهو يعني خراب الأسرة وانهدام الحياة يوما بعد يوم وتدمير للنفس وللروح اللذين يلازمهما الفقد كل ساعة.. في جلوسنا وقيامنا وبولوجنا المنزل ومغادرته". وأشارت روحانا التي اضطرت إلى التغلب على مشاعرها ومغالبة دمعتها مرات ومرات إلى أن فقدان زوجها نحت في أعماق قلبها ولا يتسنى نسيانه وأضافت "لقد انقلبت حياتي وحياة أبنائي برمشة عين من سعادة غير متناهية إلى فقد وثكل مريرين فحلّ الظلام مكان النور.. فأنا بلا زوج وليس لي صديق فيما يحرم أبنائي من كلمة بابا وللأسرة كافة لا أمن ولا مناعة.. وابنتي التي ولدت في 4.10.04 يوم مقتل والدها كيف تحتفل بعيد ميلادها؟".
وتساءلت أمل بقلب ثقيل: هل تحتفل ابنتي بعيد ميلادها كل عام أم تزور ضريح والدها في المقبرة؟ وتابعت "كان زوجي هو الزوج والصديق والحبيب ومصدر القوة والأمن والأمان بالنسبة لي ولأنجالي وأي شيء في الوجود لن يشكل يوما ما بديلا له.. وكل ذلك لماذا؟ ما الذنب الذي اقترفه؟ كل ذلك بسبب مجرم بارد قتل زوجي وجرح شقيقيه بمسدس مرخص يعود لحرس الحدود.. وهذه سخرية القدر أن يقتل زوجي سلاح وضع بيد الحراس"..
ودعت روحانا في كلمتها إلى الاستثمار في التربية إضافة إلى الأحكام الرادعة للمجرمين من أجل مكافحة العنف الآخذ بالتفشي داخل المجتمع، واختتمت بسؤال استنكاري "وهل صدفة أن وضع الله وصية لا تقتل في صدارة الوصايا العشر؟ إن التسامح مع القتلة من شأنه استدعاء المزيد من الجرائم ولذا فإن الحكم المخفف يشكل رخصة للقتل.. وأكرس كلمتي هذه من صميم فؤادي المحب لزوجي الغالي رحمه الله روني روحانا". يشار إلى أن المتهم بالقتل كان قد ادعى أثناء التحقيق معه أنه قام بالدفاع عن نفسه بعد مهاجمته لافتا إلى أن عملية التفكير بالقتل استغرقت لديه المسافة الزمنية المطلوبة بين تناول عود الثقاب وإشعال السيجارة.!
"الأحكام القاسية لا تردع"!
رئيس مركز "منيرفا" لدراسات الشبيبة في جامعة حيفا، البروفيسور جدعون فيشمان، يعتقد عكس ما يدعو له ضحايا العنف ويشير استنادا إلى نتائج استطلاع جديد عن العنف في المجتمع الإسرائيلي إلى أن الأحكام القاسية لا تردع الآخرين. وفي محاضرته ضمن اليوم الدراسي المذكور أوضح البروفيسور فيشمان أن مواجهة انتشار السلاح أو إضافة رجال شرطة في الميدان أو العقاب الموجع يشكل نوعا من معالجة أعراض الأزمة ليس إلا. وأضاف "التأكيد على أهمية العقاب القاسي ينم عن غريزة الانتقام والحل يكمن في التربية وفي تفوق الإنسان على نزعة الشر داخل كل منا بدلا من الاستعانة بالشرطة". ولفت فيشمان إلى أن تعزيز حضور الشرطة في مكان ما غير مفيد لأن الجريمة ستنتقل إلى مكان آخر منوها بأن رئيس بلدية نيويورك نجح في تخفيض نسبة الجرائم ليس بفضل التواجد المكثف لقوى الأمن كما يزعم إنما نتيجة تراجع نسبة الفئة العمرية الشابة في المجتمع الأميركي هناك. وأضاف "هذا لا يعني عدم الرد على المخالفات ولكن العقوبات الكبيرة تبقى في إطار علاج الأعراض والحل يمر عبر تثبيت الحدود بين الممنوع والمسموح لدى البشر منذ الصغر فللعنف جذور قديمة وعميقة. والشرطة لا تستطيع اليوم منع قيام سائق برمي سائق آخر بالرصاص بعد نشوب جدال على أحقية المرور لأنها لا تقوى على التواجد في كل مكان".
وكان فيشمان قد قرأ نتائج استطلاع حول العنف في المجتمع داخل إسرائيل أشرف عليه البروفيسور أريه رطنر، عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة حيفا والدكتور بادي حسيسي، المحاضر في الكلية. وأوضح الدكتور حسيسي أن الاستطلاع شمل 400 مستجوب يهودي وعددا مماثلا من العرب في شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين منوها إلى أنه تمحور حول القضايا الاجتماعية المقلقة للجمهور.
وأفاد الاستطلاع أن 37% من المستطلعين العرب أبدوا قلقهم من حوادث السير مقابل 24% لدى اليهود. وأبدى 22% من المستجوبين اليهود قلقهم من تفشي المخدرات مقابل 36% لدى العرب. وأعرب 25,5% من الجمهور اليهودي عن مخاوفهم حيال تفاقم العنف مقابل 42% عند العرب. وأوضح الاستطلاع أن 25 % من المستجوبين العرب (35% لدى السيدات العربيات!) يخشون الوقوع ضحية للمخالفات الجنسية مقابل 14% لدى اليهود. وطالب 90% من المستجوبين العرب واليهود بإنزال العقوبات الشديدة على المتورطين بالعنف فيما طالبت نفس النسبة بزيادة عدد رجال البوليس في محيطهم. ولفت الاستطلاع إلى أن أغلبية جرائم العنف في المجتمع العربي تقع داخل الأحياء وبين المعارف والأقرباء والجيران. وأشار إلى أن أعمال الشجار تخلق ديناميكية وتفرز معسكرات متنازعة ما يحوّل الشجار إلى "طوشة" عمومية. وأشار البحث إلى قصور الدولة ومؤسساتها لافتا إلى وجود "فراغ سلطوي" داخل الوسط العربي داعيا إلى زيادة عدد الشرطيات العربيات في مراكز الشرطة الجماهيرية بغية تيسير مكافحة الجنح الجنسية. كما أكد البحث على حيوية زيادة اهتمام المجتمع العربي ولجنة المتابعة بموضوع العنف الذي يتفشى كالسرطان داخل الجسم العربي الضعيف أصلا وذلك إلى جانب سلطات القانون وليس بدلا منها.
"تصحّر أخلاقي"
وأشار د. أسعد غانم، الذي شارك وجيه كيوف في إدارة اليوم الدراسي، إلى قلة الإمكانيات اللازمة لمكافحة العنف ونوه إلى الفقر والفوارق الطبقية الآخذة بالاتساع "كما أن المدرسة باتت لا تؤثر على التلاميذ ما أدى إلى بداية تصحر أخلاقي. القيادات تستطيع أن تغرس القيم وتخفف استخدام العنف شرط أن تقوم السلطة المركزية بدورها المطلوب في الوقاية والعلاج".
جريمة قتل مرة في الأسبوع
وعرض قائد شرطة الجليل ونائب قائد شرطة الشمال في اليوم الدراسي معطيات مذهلة عن اتساع الجريمة في لواء الشمال أوضح فيها أن سرقة سيارة تتم مرة كل ربع ساعة فيما تقترف جريمة قتل مرة في الأسبوع وتقع جريمة اغتصاب واحدة كل عشرة أيام ويرتكب عمل مشين مرة كل ثلاث ساعات إضافة إلى مهاجمة عاملة اجتماعية مرة في اليوم ومهاجمة رجل شرطة مرة كل 12 ساعة. ولفت إلى أن جرائم القتل في الوسط العربي ارتفعت خلال العام الحالي بنسبة 41 % رغم افتتاح 43 مركز شرطة جماهيرية في المدن والقرى العربية منوها بتفشي ظاهرة حيازة السكاكين في المدارس العربية. وأشار إلى أن السيارة باتت وسيلة قتل أكثر خطورة من السلاح في منطقة الشمال بسبب البنى التحتية وكثافة حركة المرور وسلوك السائقين.
وتعبيرا عن انتشار السلاح غير المرخص لدى المواطنين العرب قال قائد الشرطة "لو أطلقنا مروحية أرضيتها مصنوعة من المغناطيس فوق القرى والمدن العربية لكانت آلاف المنازل قد طارت من أماكنها لكثرة السلاح المخبأ داخلها"! ورفض التعقيب على سؤال حول دور الاحتلال للأراضي الفلسطينية في تفشي العنف في إسرائيل.
وقال القاضي كمال صعب في كلمته إن استخدام السكين والعدوانية كأداة لحل المشاكل بات جرثومة هبطت على الكرة الأرضية وتهدد البشرية برمتها. وهاجمت ممثلة النيابة في لواء الشمال سيلفيا فريمان جاهات الصلح في الوسط العربي لأنها تمارس ضغوطات لوقف مقاضاة المتورطين بالشجارات. ورد عليها محمد زيدان، الرئيس السابق للجنة المتابعة والناشط في لجان الصلح العشائرية، مشيدا بدور هذه اللجان في تهدئة الأجواء والتوصل إلى "الهدنة" والحيلولة دون أعمال الثأر وإحباط "فورات الدم".
المصطلحات المستخدمة: