قبيل أيام من الإعلان رسميا عن خطة تغيير شاملة ("خطة دوفرات") في مبنى ومضمون جهاز التعليم الاسرائيلي احتفلت وزارة المعارف الاسرائيلية بالإعلان عن خطة تربوية أخرى خاصة بتعميق الصهيونية والديمقراطية والتراث داخل المدارس في اسرائيل عرفت بخطة "المائة مصطلح" التي بدأ تطبيقها في المرحلتين الابتدائية والاعدادية.
الخطة هذه كانت ثمرة عمل لجنة خاصة عينتها وزيرة التعليم ليمور ليفنات بدعم من رئيس الحكومة اريئيل شارون قبل نحو العامين، وقد هدفت، وفق تصريح رئيسها د. يعقوب كاتس، إلى "بلورة الوسائل لتعميق القيم الصهيونية والديمقراطية لدى الناشئة الاسرائيلية". وتشمل الخطة مائة مصطلح موزعة رسميا بالتساوي بين الصهيونية والتراث والديمقراطية غير ان القيم الصهيونية تطغى على مجمل الخطة التي سيمتحن طلاب صفوف الثوامن بمضامينها في مارس/ اذار المقبل. وصرح المشرف على الخطة د. كاتس بأن اللجنة بذلت جهودا كبيرة من اجل تحاشي إدراج المصطلحات الخلافية حفاظا على نجاحها. في المقابل ابدت اوساط تربوية وسياسية تحفظها من خطة المائة مصطلح حيث انتقدت حانه شفير، مركزة موضوع المدنيات في وزارة التعليم سابقا، محاولة اللجنة بلورة قائمة مختصرة بالمصطلحات وحفظها عن ظهر قلب معتبرة ذلك عملا غير تربوي وغير مهني، فيما قالت اوساط اكاديمية اسرائيلية ان الخطة وضعت بعجلة وبدون اخصائيين يفقهون دلالات المصطلحات وأثرها. النائبة يولي تمير من حزب العمل اعتبرت ان فكرة اختزال تاريخ الصهيونية في مائة مصطلح تثير الضحك لافتة الى أن استناد الخطة الى معلومات جزئية منزوعة من سياقها وتحفيظها عن ظهر قلب "سيجعلها لا تخدم أي هدف".
ورغم تقسيم المائة مصطلح بالتساوي بين قيم الصهيونية والديمقراطية والتراث فإن التربية للهوية الوطنية اليهودية تأتي على حساب التربية للهوية المدنية وذلك من خلال ادراج قيم صهيونية في قائمة "مصطلحات الديمقراطية" (لليهود والعرب) مثل "النشيد الوطني" او "قانون العودة". ويلاحظ ان القيم الصهيونية تتبنى الرواية الصهيونية فقط في تعريف الحروب الاسرائيلية- العربية وفي جميعها، من "حرب الاستقلال" الى حرب "سلامة الجليل"، كانت اسرائيل "مضطرة" لخوض القتال دفاعا عن ذاتها "امام الارهاب والاستفزاز العربيين".
وبموجب هذا المنطق تم تعريف "حرب الاستقلال" كالتالي:
"حرب الاستقلال (1947- 1948)
بدأت هذه الحرب والتي تسمى أيضًا حرب التحرير في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1947، أي في اليوم التالي لصدور قرار هيئة الأمم المتحدة بتقسيم البلاد إلى دولتين. شنّ العرب سكان البلاد الحرب على سكان البلاد اليهود...".
ومضيا في تطبيق السياسات التقليدية الرامية الى تطويع المواطنين العرب سياسيا واستخدام جهاز التعليم وسيلة للتحكم بهم وبشخصيتهم الثقافية فرضت الخطة ذاتها على المدارس العربية دون اعتبار للحق الاساسي للطالب العربي بالتواصل مع ينابيع حضارته، بغية تشويه انتمائه الوطني والقومي. وبموجب الخطة سيتم فرض المضامين الخاصة بالحركة الصهيونية وبروايتها التقليدية على التلاميذ العرب الذين سيجدون أنفسهم يتعلمون عن هرتسل ومناحيم بيغن واليعيزر بن يهودا والاستيطان والجاسوس الاسرائيلي في دمشق ايلي كوهين بصفته "بطلا" ووعد بلفور والمنظمات العسكرية قبل قيام الدولة. ولا شك ان وزارة المعارف تسعى لأن تؤثر بذلك في صناعة هوية المواطنين العرب في السنوات القادمة خطوة خطوة من خلال المدارس والمعلمين الذين ينتظرون تدخل الاهالي وسماع صوت اولياء الامور لمساندتهم في وجه الاملاءات. ويتساءل معلمون عرب عن الاكتفاء بتوجيه اصابع الاتهام الى السلطات الاسرائيلية ام انه سيكون هناك من يبادر الى وضع مائة مصطلح بديل توضع بين يدي الطلاب بطريقة او اخرى.
وتظهر قائمة المصطلحات المكرسة للعرب الرغبة في انتاج العدمية الوطنية والقومية وكأن تاريخ العرب قد توقف في العصور الوسطى دون اي ذكر للتاريخ الحديث او الى الوجود الفلسطيني في البلاد. في المقابل تخلو المصطلحات المعدة للطلاب اليهود من المواضيع التي تشي بوجود عربي في البلاد وهي تنضح بصياغات ورسائل بين الكلمات وخلف السطور تنمي الانتماء والشجاعة والاخلاص للوطن وغيرها من الرسائل التثقيفية والتعبوية للتلاميذ اليهود. ففي حين ازدحمت النصوص المعدة للطالب العربي بـ"التعايش" و"السلام" وغيرهما من المصطلحات "السلامية" فان تلك المخصصة للتلميذ اليهودي محشوة بالمواد الخاصة بنضال آباء المستوطنين ضد "الارهاب العربي" مع التمجيد بدور منظمات مثل "الايتسل" والهاجناه" دون الاشارة الى كونها ارهابية. وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن استشعار الرسائل التعبوية بين الكلمات وخلف السطور في تعريف حركة "هشومير" الصهيونية التي نشطت في مجال الحراسة في فلسطين قبل النكبة وذلك على الوجه التالي: "تأسست عام 1908 بهدف خلق حامية يهودية في ارض اسرائيل وكانت شروط القبول لها شديدة من اجل ضمان نجاح اداء وظيفتها وقد طولب افرادها بابداء قدر كبير من الشجاعة والتفاني والولاء. وكانت "هشومير" ترمز الى اليهودي الجديد المقاتل من اجل بقائه، الذي يذود عن حياضه بقواه الذاتية ببطولة".
في المقابل شملت قائمة المصطلحات الصهيونية المعدة للمواطنين العرب وهي شبه مطابقة لتلك المخصصة لليهود اسماء اميل حبيبي وعبد العزيز الزعبي المطروحين كعضوي كنيست سابقين والمطران حجار (ستة اسماء شخصيات عربية من ضمن 66 مصطلحًا معدًا للعرب مقابل 20 شخصية لليهود) وقد استهل تعريف اميل حبيبي بالقول "أديب وكاتب في الشؤون الاجتماعية والسياسية، ورجل سياسة حاصل على "جائزة إسرائيل" لسنة 1992". واستهل تعريف عبد العزيز الزعبي بالقول: "ولد في الناصرة، رجل مجتمع عربي إسرائيلي، وكان فاعلا على الساحة المحلية سياسيا وجماهيريا من اجل المساواة بين العرب واليهود في الدولة ودمج المواطنين العرب في حياة الدولة كمواطنين متساوين".
اما الجزء الخاص بالتراث العربي فلم يشمل سوى اسماء ابن رشد وابن سينا وابن خلدون وهو مليء بالمصطلحات التي يعرفها الطالب العادي من الحياة والدروس الاخرى (كالدين والتاريخ) مثل عيد الاضحى وعيد الفطر والمؤذن والكنيسة والمسجد والمروءة والمعلقات والاستسقاء والخيمة والخليفة... وهذه الحقيقة تفضح هي الاخرى نوايا اللجنة بالتهرب من قيم التراث العربي الحقيقي بواسطة تكرار مصطلحات معروفة ومذوتة اصلا عدا كونها حيادية وغير مشحونة بذرة من مشاعر الانتماء الوطني ثقافيا وسياسيا.
ولا ندري ماذا فعل البروفيسور اسماعيل ابو سعد حتى الان في اللجنة الرسمية الخاصة المكلفة ببلورة الخطة ورغم عدم انسحابه منها بعد فقد هاجم في حديث ليومية "هآرتس" مشروع المصطلحات الخاصة بالصهيونية واعتبرها مثيرة للخجل كاشفا رفض اللجنة اقتراحه بادراج المطربة ام كلثوم.
الى ذلك لم تضيع المصطلحات فرصة واحدة لتصوير المواطنين العرب كمجموعة من الاقليات والطوائف وسط محاولات لزرع البغضاء كما يظهر مثلا في تعريف الجيش:
جيش الدفاع الإسرائيلي
"أقيم جيش الدفاع الإسرائيلي في 31/5/1948 ليصبح جيش دولة إسرائيل الوحيد. يقوم الجيش على الخدمة الإلزامية، الدائمة والاحتياطية. تشمل الخدمة الإلزامية اليهود والدروز والشركس، الخدمة الدائمة هي تطوّعية. بدو ومسيحيون يتطوّعون للخدمة في الجيش".
ومن خلال التحدث اليهم اعرب الكثيرون من المربين العرب الذين الزموا بالاستكمال تمهيدا لتعليم المصطلحات عن امتعاضهم من فرض القيم الصهيونية عليهم لافتين الى الحرج الكبير الذي سينالونه عند تطبيق الخطة امام طلابهم ممن يطالبون بتعليمهم عن النكبة والتاريخ الفلسطيني اضافة الى التراث العربي الحقيقي. واشار موقع وزارة المعارف على الشبكة المعلوماتية إلى ان المسؤولين العرب في الوزارة عبد الله خطيب وعلي الاسدي وسعيد برغوث وعرسان عيادات وصالح الشيخ ومحمود ابو فنة ومنعم حداد وصالح شكيب قد شاركوا في بلورة الخطة غير التربوية هذه.
في حديث لـ"المشهد الاسرائيلي" قال نبيه ابو صالح، رئيس اللجنة العليا لمتابعة شؤون التعليم العربي، ان خطة "المائة مصطلح" تشكل لبنة جديدة في السياسات اللانسانية واللاديمقراطية التي تمارسها اسرائيل من اجل مصادرة هوية من بقي في البلاد من العرب بعد مصادرة اراضيهم. واضاف "سنواجه هذه المخططات بكل ما اوتينا من قوة وبوسائل عديدة منها مخططات بديلة لمنع عملية طمس الهوية القومية لابنائنا. وقد باشرنا بالاتصال مع وزارة المعارف واطلعناها على موقفنا الذي لا يقبل أية مهادنة بهذا الخصوص".
قائمة مصطلحات التراث العربي (المعدة للمدرسة العربية)
- ابن خلدون
- ابن رشد
- ابن سينا
- الاستسقاء
- اسواق العرب
- اهل الكتاب
- البلاغة
- التقويم الهجري
- الثالوث المقدس
- الجاهة
- الجاهلية
- الحج
- الحديث
- الخطابة
- الخليفة
- الخيمة
- الشريعة
- الصلح
- العماد
- العهد الجديد
- الضيافة
- عيد الاضحى
- عيد الفطر
- الفولكلور
- القرآن الكريم
- الكلام
- الكنيسة
- المؤذن
- المروءة
- المسجد
- المطران
- المعلقات
- الموشحات
- الميلاد المجيد
قائمة مصطلحات الديمقراطية (المعدة للمدرسة العربية)
- الائتلاف والمعارضة
- الاعلام
- الاقليات
- الانتخابات
- التسامح
- التعددية
- الحرية
- الحكومة
- خط الفقر
- دولة يهودية ديمقراطية
- الديمقراطية
- رئيس الدولة
- شعار الدولة
- العقد الاجتماعي
- العلم
- العنصرية
- الفصل بين السلطات
- قانون التأمين الصحي
- قانون التعليم الحكومي
- قانون العودة
- كرامة الانسان
- الكنيست
23 المجتمع المدني
- المحاكم
- المحاكم الدينية
- محكمة العدل العليا
- المساواة
- معاهدات جنيف
- النزعة الانسانية
- النشيد الوطني
- وثائق حقوق الانسان
- وثيقة الاستقلال
- وثيقة حقوق الطفل
قائمة مصطلحات الصهيونية (المعدة للمدرسة العربية)
- اعلان قيام الدولة
- اليعيزر بن يهودا
- اميل حبيبي
- انواع الاستيطان
- ايلي كوهين
- البارون روتشيلد
- بنيامين زئيف هرتسل
- بيت الكرمة
- التاسع والعشرون من نوفمبر
- جيش الدفاع
- حروب اسرائيل
- حنة بينيش
- حوماه ومجدال (سور وبرج)
- حاييم نحمان بيالك
- حاييم وايزمن
- دافيد بن غوريون
- زئيف جابوتنسكي
- سارة اهرونسون
- شموئيل عغنون
- عبد العزيز الزعبي
- مؤسسات قومية
- محاكمة ايخمان
- مسرح هبيما
- المطران حجار
- معاهد التعليم العالي
- مناحم بيغن
- منظمات عسكرية قبل قيام الدولة
- الهجرات بعد قيام الدولة
- الهجرات قبل قيام الدولة
- هنرييتا سولد
- وعد بلفور
- اسحق رابين
- يد فشيم
المصطلحات المستخدمة:
اريئيل, الصهيونية, هبيما, هآرتس, جيش الدفاع الإسرائيلي, هشومير, وثيقة الاستقلال, الكنيست, رئيس الحكومة