المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • وثائق وتقارير
  • 1271

رغم اللغط الواسع في اسرائيل نفسها وفي البلدان العربية المجاورة حول مخاطر المفاعل النووي في ديمونا على المحيط السكاني، من جراء انفجار محتمل نتيجة تقادم آلياته، الا ان السلطات الاسرائيلية اكتفت بقرارها توزيع اقراص وقائية على بعض المجمعات السكنية في النقب. وحتى الان واصلت هذه السلطات ملء افواه المتحدثين باسمها بالماء مفضلة عدم الخوض في موضوع المفاعل النووي التزاما بسياسة الغموض والضبابية التقليدية التي اتبعتها منذ انشائه في نهاية الخمسينيات بدوافع عدة. وفيما تكرس اوروبا واميركا ضغوطات كبيرة على ايران ملوحة بعصا غليظة في وجهها اذا لم ترتدع وتوقف مساعيها لبناء منشآتها النووية فانها تستنكف عن ممارسة اي ضغط على الدولة العبرية لفتح منشآتها النووية القائمة منذ اربعة عقود امام رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتجلى الكيل بميزانين مختلفين في زيارة رئيس الوكالة، د. محمد البرادعي، الاخيرة الى تل ابيب والتي تحاشى خلالها وبعدها استخدام اية كلمة ناقدة لرفض اسرائيل لاي نوع رقابة على منشآتها. وفي نفس الآن فان الوكالة لا تتوقف عن التهديد والوعيد لايران اذا فعلت الشيء ذاته علما ان الاخيرة اعلنت ان منشآتها ستخصص للحصول على الطاقة فقط. فهل طهران اشد خطرا على البشرية من حكومات اسرائيل؟.

 

 القصة الكاملة لقنابل ديمونا

 "الكلية للابحاث النووية"- هذه هي التسمية الرسمية للمفاعل النووي الاسرائيلي في ديمونا والذي صنع حتى الان، طبقا لتقديرات المراقبين وشهادة محتلنة لكاشف أسراره مردخاي فعنونو، 100 الى 200 قنبلة. منذ مطلع الستينيات اثار المفاعل الاسرائيلي في ديمونا المجاور لمدينة بئر السبع في النقب فضولا كبيرا في اوساط عربية وعالمية لكنه لم يخضع لاية رقابة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث كان رئيسها محمد البرادعي قد عاد بخفي حنين بعد زيارة لتل ابيب استغرقت بضعة ايام ومنع خلالها من مشاهدة المنشأة الحساسة. وفور بناء المفاعل النووي في ديمونا وبدء تصنيعه اسلحة الدمار الشامل تبنت اسرائيل سياسة الضبابية التي لا تعترف ولا تنكر امتلاكها للقنبلة النووية، مستهدفة بذلك اثارة اكبر قسط من الرعب والترهيب لدى اعدائها وابعاد الضغوطات الدولية عنها ومطالبتها بالخضوع للمراقبة بنفس الآن.

 

بنت اسرائيل مفاعلها النووي في الفترة بين 1957 و 1964 بواسطة خبراء ودعم من فرنسا مدعية انها شيدت مصنعا للنسيج حتى قامت طائرة تجسس اميركية بتصوير المفاعل في ديمونا لاول مرة، ما سمح للرئيس جون كنيدي باضطرار القيادة الاسرائيلية لفتح ابوابه امام مراقبين للتأكد من ان اهدافه سلمية. ووقتذاك سارع الرئيس الفرنسي شارل ديغول للتأكيد ان فرنسا لم تزود اسرائيل بالمعدات اللازمة لتخصيب البلوتونيوم المطلوب لتحويل منشأة علمية الى مفاعل لتصنيع الاسلحة النووية. وفي العام 1969 توقف المراقبون الاميركيون عن زيارة ديمونا بدعوى ان الاسرائيليين لا يتعاونون معهم. ولمدة سنوات طويلة راج الاعتقاد ان اسرائيل تمتلك خطة لصناعة قنبلة نووية لكنها لا تزال في مرحلة مبكرة الا ان شهادة مردخاي فعنونو لصحيفة الصاندي تايمز عام 1984 والتي فحصت من قبل كبار خبراء الذرة دللت على ان احد الاسرار غير المحفوظة على الاطلاق هو ليس سوى احد اهم الاسرار المصانة في القرن العشرين بعد ان قطعت الشك باليقين ووضعت الدولة العبرية في خانة الدول النووية الست العظمى.

 

مفاعل تحت الارض

 

عندما شرع عمال البناء الفرنسيون ببناء المفاعل في ديمونا عام 1957 قاموا بحفر جرن بعمق 25 مترا وفيه شيدت ست طبقات ومن فوقها على سطح الارض طبقتان تبدوان عاديتين وكأنهما تحويان مكاتب لكنهما في الواقع استهدفتا اخفاء المصاعد الكهربائية التي تصل اقسام المفاعل المزودة بالتكنولوجيا الفرنسية مع العالم الخارجي بعيدا عن انظار المراقبين. وتنقسم الطوابق الستة تحت الارض الى وحدات انتاج مرقمة وكان مردخاي فعنونو قد عمل في 33 وحدة منها وزار وحدة رقم 10 التي يتم فيها تخصيب اليورانيوم. ويقدر المراقبون ان العاملين في هذه الوحدة يستخرجون 40 كيلوغرامًا من البلوتونيوم في العام الواحد وان هذه الكمية كافية لبناء عشر قنابل.

في شهادته لم يزعم فعنونو انه شاهد بأم عينه قنبلة نووية جاهزة لكنه اكد انه رأى مركباتها قبل ان تشحن من ديمونا بأسطول من الشاحنات المحروسة جيدا من ديمونا الى مكان لا يعرفه في مدينة حيفا. الخبير الدولي الشهير تيودور تيلور اكد بعد فحص شهادات وصور فعنونو ان اسرائيل كانت في العقود الاخيرة دولة عظمى تمتلك قدرات اكثر مما قدرت اوساط كثيرة في العالم. اما خبراء الذرة الذين استشارتهم صحيفة الصاندي تايمز في حينه فقد اعربوا عن قناعتهم بان شهادة فعنونو مصداقة جدا . وتفيد مصادرمراقبة عديدة ان 40 حافلة تقوم كل صباح بنقل 2700 تقني ومهندس وموظف الى المفاعل النووي في ديمونا ممن يوقعون على تعهد بعدم افشاء اي سر او معلومة عن مكان عملهم والسجن العملي 15 عاما لكل من ينقض ذلك. ومن اجل تعزيز الحراسة على المفاعل المحاط بسياج كهربائي وابراج مراقبة يقوم جرار بتمشيط الارض الملازمة للسياج بغية اكتشاف اعقاب من يحاول التسلل الى اكثر المواقع حساسية في اسرائيل وفور اكتشاف اي اثر لمتسلل تنقل المعلومة فورا الى دوريات ارضية وجوية. وعلى احدى التلال الملاصقة للمفاعل ثبتت بطاريات صواريخ جاهزة لاستهداف اي طائرة تدخل الفضاء الجوي في منطقة الحرام حتى لو كانت اسرائيلية، كما حدث عام 1967 حيث اسقطت طائرة اسرائيلية دخلت الى الفضاء الجوي خطأ. ومن مكان السياج المحيط لا يستطيع المرء بعينه المجردة سوى رؤية المنشأة رقم واحد ذات القبة الفضية بقطر 20 مترا فيما تحذر لافتات باللغات العبرية والانجليزية والعربية من تصوير "الكلية للدراسات النووية" التي يعرفها العالم باسم المفاعل النووي في ديمونا. ويشمل المفاعل عشر منشآت اخطرها واكثرها حساسية هي منشأة رقم 2 والتي يسمح بدخولها لـ 150 فقط من العاملين في ديمونا. من الخارج تبدو المنشأة كبناية اسمنتية بدون نوافذ مكونة من طابقين بطول 65 مترا وعرض 25 مترا وللوهلة الاولى يحسب من يراه انه مخزن او مجمع مكاتب الا ان السمك الكبير للجدران وبرج المصعد المبني على السطح يؤكد ان المخفي اعظم وان هناك طوابق سرية كثيرة من تحت الطابقين الظاهرين وفيها تقبع اسرار اسرائيل النووية منذ اربعة عقود بعيدا عن عيون المراقبين والاقمار الاصطناعية الاستخباراتية.

وكانت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية قد افادت في 21.04.04 ان هناك تفاوتًا في تقديرات المراقبين في العالم حول حجم الترسانة النووية في اسرائيل لافتة الى انها امتلكت في العام 1967 قنبلتين نوويتين وان العدد قد ارتفع عام 1973 لكنها ظلت قنابل بدائية نسبيا تشبه تلك التي القيت على مدينتي نغازاكي وهيروشيما اليابانيتين خلال الحرب العالمية الثانية. وفي ضوء شهادة فعنونو يقدر هؤلاء المراقبين انه بحوزة اسرائيل في العام 2004 نحو 200 قنبلة نووية قادرة على تحويل كل منطقة الشرق الاوسط الى "قفر مشع" وان المفاعل الذي بني في نهاية الخمسينيات بقوة 26 ميجا هيرتز قد ضوعفت قوته بخمس مرات حيث يعمل اليوم بقوة 75 الى 200 ميجا هيرتز.

 

لماذا القنبلة النووية؟

 

فكرة المفاعل النووي ولدت مع قيام اسرائيل بعد النكبة الفلسطينية، كما يؤكد الباحث الاسرائيلي افنير كوهين في كتابه "اسرائيل والقنبلة"، الذي اضاف "كان رئيس الوزراء الاسرائيلي الاول دافيد بن غوريون ومساعده شمعون بيريس والعالم ارنست دافيد برجمان هم آباء المنشآت النووية العبرية. هؤلاء استطاعوا بناء المفاعل بموجب اتفاق مع فرنسا التي قدمت كل ما لزم". اما بشأن الدافع وراء امتلاك اسرائيل لاسلحة الدمار الشامل فيعود الى قيادتها التاريخية في الخمسينيات، بن غوريون وبيريس وغيرهما، من الذين توصلوا الى استنتاج يقضي بضرورة امتلاك سلاح "يوم الاخرة " كما تسميه وسائل الاعلام الاسرائيلية من اجل ردع الدول العربية عن محاولة الاجهاز عليها واستخدامها مفتاحا للسلام، كما يؤكد الباحث ايلي ايشد في مقالاته حول الموضوع. الا ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ليفي اشكول اطلق تصريحا موجها للاذن العربية عام 1960 قال فيه ان دولته "لن تكون الاولى في ادخال القنبلة النووية للشرق الاوسط لكنها لن تكون الثانية".

ويقول ايشد "ادرك بن غوريون ان اسرائيل وبخلاف البلدان العربية غير قادرة على ان تسمح لنفسها بخسارة حرب واحدة لان ذلك يعني نهايتها. ومع مرور الايام فهم رئيس الوزراء الاسرائيلي الاول ان الدولة العبرية عاجزة عن مواجهة العرب في الحرب التقليدية في ضوء التفوق الديموغرافي الكبير للعرب. ولذا فان القنبلة النووية ستكون الحل الوحيد للردع وكخيار دفاعي اخير. كما ادرك بن غوريون وبحق انه على اسرائيل ان تمتلك القنبلة بكل ثمن قبل ان تفعل ذلك دولة عربية، لكن زميل بن غوريون في القيادة يغئال الون عارض الفكرة مشددا على ان امتلاك القنبلة لن يمنع العرب من المضي في مصارعة اسرائيل بل ان ذلك سيحفز العرب على امتلاك سلاح مماثل واستخدامه لحظة توفره مفضلا السعي الى تحقيق الردع بالحروب التقليدية.. كما خشي الون ان يقوم الاتحاد السوفياتي بتزويد العرب بقنبلة نووية ردا على القنبلة الاسرائيلية وبذلك كان الاخير يخالف منطق النظرية الغربية السائدة في تلك الايام من ان امتلاك الطرفين اسلحة الدمار الشامل يمنعهما من استخدامه ويكرس الوضع الراهن بينهما". دافيد بن غوريون، يقول المؤرخون الاسرائيليون، قرر ان النظرية المذكورة صالحة في اوروبا ولا تناسب الشرق الاوسط معتبرا ان "اسرائيل تقف امام مخاطر الزوال وان هدفها ليس التوصل الى موازنة الرعب". واعتقد بن غوريون ان السلاح النووي في اسرائيل سيضطر العرب إلى التسليم مع حقيقة وجودها لكنه فضل التزام الصمت وعدم الاقرار بامتلاكه خشية ان يشجع الامر العرب على السعي لامتلاك سلاح مماثل. ويضيف هؤلاء ان قادة اسرائيل لم يتحدثوا عن وظيفة اخرى للقنبلة المدمرة تتمثل باعتبارها السلاح الاخير في حالة تدمير جيشها وفي حالة تجد نفسها امام خطر داهم بالزوال، او استخدامه للانتقام ولتطبيق مقولة "علي وعلى اعدائي" وهم يسمونه "خيار شمشوم الجبار". وفي ديسمبر 1960 اعلن بن غوريون عن قيام اسرائيل ببناء المفاعل النووي لاغراض سلمية وان الباب امام المراقبين الدوليين سيكون مفتوحا غير ان الانباء عن البناء كانت قد تسربت الى الصحافة العالمية قبل ذلك ولاحقا تبين زيف مزاعم بن غوريون بعد ان بانت الاهداف العسكرية للمشروع.

 

وفي حديث له للقناة الاسرائيلية الاولى قبل شهرين كشف وزير الدفاع الأسبق، موشيه ارنس، في تصريح نادر انه تم اصدار الاوامر بتحضير السلاح النووي وجعله في جاهزية تامة للاستعمال ثلاث مرات: الاولى في العام 1967 والثانية في العام 1973 والثالثة في العام 1990 لكن حكومات اسرائيل المتعاقبة اليمينية واليسارية تبنت سياسة الضبابية حول السلاح النووي وهي لا تزال ملتزمة بها حتى اليوم ولم يكشف سره "رسميا" الا بعد تحقيق الصاندي تايمز وشهادة مردخاي فعنونو.

 

من يضغط على الزر؟

 

حتى الان لم تتوفر معلومات اساسية حول طريقة تفعيل السلاح النووي في اسرائيل. فهل ينفرد رئيس الوزراء لوحده بصلاحية اصدار الاوامر باستخدام القنبلة ام ان وزير الدفاع يمتلك هذه الصلاحية ايضا؟ ام ان القرار يقع ثمرة اتفاقهما معا؟ وماذا لو كان رئيس الوزراء هو وزير الدفاع في نفس الوقت.. وهل بحوزة رئيس الحكومة الاسرائيلية "حقيبة نووية" تحمل الشيفرة الخاصة بتشغيل سلاح الدمار الشامل ويصطحبها لكل مكان كما يفعل رئيسا اميركا وروسيا؟ وما هي المعالم الدقيقة للسياسة الخاصة بالهجوم النووي على العرب؟ وهل تلقى القنبلة في حالة الخطر على البلدان المشاركة في الحرب ام على الدول العربية المساندة لها؟. "لا شك عندي بوجود اجوبة وبرنامج واضح لكل هذه الاسئلة تحفظ داخل صندوق في مكان سري للغاية"، يقول الباحث ايشد.

 

مطالبة اسرائيلية بتفكيك مفاعل ديمونا

 

تعمل كتلة السلام الاسرائيلية منذ سنوات من اجل فتح ابواب المفاعل النووي في ديمونا امام المراقبة الدولية تمهيدا لاغلاقه كي يكون الشرق الاوسط نظيفا من اسلحة الدمار الشامل. وتهتم الكتلة بتنظيم المظاهرات امام مقر وزارة الدفاع في تل ابيب في السادس من شهر أغسطس من كل عام، الذكرى السنوية لالقاء القنبلتين على هيروشيما ونغازاكي، ومطالبة الحكومات الاسرائيلية بالانصياع الى تعليمات وكالة الطاقة الذرية الدولية ومن ثم التوقيع على الوثيقة لمنع نشر اسلحة الدمار الشامل. كما تحذر كتلة السلام الاسرائيلية من ان المفاعل النووي في ديمونا قد يتعرض الى خلل يتسبب في كارثة انسانية كبيرة بعد ان بات قديما وينبغي اغلاقه لتلافي مخاطره سيما وان اسرائيل تأتي في المرتبة الثانية في العالم من ناحية كمية البلوتونيوم نسبيا لمساحتها وهذا ما ترفضه اللجنة للطاقة الذرية الاسرائيلية التي تزعم وجود مستوى عال من السلامة والامن بفضل مراعاة المواصفات الدولية في "الكلية للابحاث النووية في ديمونا".

 

مخاطر التلويث والدمار تطال الاردن

 

منذ ان اطلق سراحه كرر فعنونو تحذيراته من ان المفاعل النووي يشكل خطرا كبيرا على سكان النقب وعلى البدان العربية المجاورة خاصة في الاردن. وفي الاسبوع الماضي قال البروفيسورالاسرائيلي كالمان ألتمان، المتخصص في الفيزياء النووية، إن الخطر على الأردن من وقوع خلل في مفاعل ديمونا النووي يماثل الخطر على تل أبيب لأنه في حالة وقوع انفجار في المفاعل فإن الضرر سيغطي معظم الأراضي الأردنية ومن كافة الجهات.

وأوضح ألتمان، وهو محاضر متقاعد في الفيزياء النووية في معهد العلوم التطبيقية "التخنيون" بحيفا، ان القائمين على المفاعل في اسرائيل يعتقدون ان أي خطر سيقع هو خطر بحجم صغير، لهذا فقد اختاروا توزيع اقراص وقائية، من نوع اليود، فقط على المنطقة المجاورة مثل مدينة ديمونا ومنطقتها، ولكنهم لم يوزعوا هذه الاقراص حتى الآن على بلدة سدوم القريبة من الحدود الأردنية.

وأشار إلى أن بلدة سدوم كانت تتعرض لأدخنة مشبعة باشعاعات نووية اعتمادا على ما كشفه التقني النووي الاسرائيلي مردخاي فعنونو في عام 1986 حين قال إن "ادارة المفاعل كانت تفتح المدخنة حين كانت الريح تهب نحو الشرق، الى الاردن، وبالطبع فإن الرياح لا تتوقف عند حدود الدول، ولا شك انها كانت تنتقل إلى الأردن خصوصاً منطقة الطفيلة وجنوب منطقة معان".

وعن اخطار استنشاق هذه الأدخنة، قال ألتمان، إنه حين تدخل هذه الأدخنة الى الرئتين تصل إلى الدورة الدموية، وعلى الأغلب فإنها تتراكم ككتل على العظام، وهناك تتركز ذرات البلوتونيوم وتسبب سرطان العظام، أو فقر الدم وأنواعاً اخرى من السرطانات، وليس من المعروف ما هو الحد الأقصى من كمية البلوتونيوم التي يستطيع الدم استيعابها دون ان تتسبب بأي ضرر.

 

مدرسة ثانوية نووية

 

ومن اجل ضمان استمرارية اجيال علماء وخبراء الذرة كانت اسرائيل بادرت الى بناء مدرسة نووية ثانوية سرية وهي تختلف عن سائر مدارسها اذ يحظر على اولياء أمور الطلاب زيارتها ويحظر على الطلاب مغادرتها، كما لا يسمح لمفتشي وزارة التعليم بدخولها. هذه المدرسة اللغز، التي تحتفل هذا العام بمرور 40 عاماً على إنشائها، تابعة لمفاعل ديمونا النووي ومقامة داخله حتى ان طلابها يتناولون طعامهم مع العاملين في المفاعل ويدرسون المواد التي تتعلق بالمفاعلات النووية. أما المدرسون فيحققون دخلاً شهرياً كبيراً يفوق ما يحققه مدرسو المدارس العادية ولأن المدرسة تقع داخل مفاعل ديمونا فغير مسموح للطلاب التهرب من الحصص أثناء اليوم الدراسي.

وهي تعتبر المدرسة الثانوية الصناعية الوحيدة من نوعها في إسرائيل وظلت على مدى 40 عاماً منذ إنشائها تمارس نشاطها التعليمي في صمت وسرية تامة. وهناك 864 طالباً تلقوا تعليمهم بين جدرانها وبعد تخرجهم اتجه بعضهم للعمل في الجيش الإسرائيلي والبعض الآخر اتجه للعمل في أماكن ومنشآت مدنية وحوالي 15% منهم تم قبولهم بعد انتهاء خدمتهم في الجيش للعمل في المفاعل النووي ومنهم من تقلدوا مناصب مهمة داخل المفاعل. وحتى يومنا هذا لا يعلم الكثيرون حتى داخل إسرائيل شيئاً عما يحدث داخل هذه المدرسة.


وأخيراً فقط دفعت مراسم الاحتفال بمرور 40 عاماً على إنشاء هذه المدرسة المسؤولين عن المفاعل في ديمونا للتخفيف من القيود التي يفرضونها على المكان والعاملين فيه والسماح للصحافة الإسرائيلية خاصة صحيفة "يديعوت أحرونوت" بكشف جانب من خفايا ما يحدث هناك والإعلان عن المدرسة التي كانت معروفة فقط لطلاب الثانوية في منطقة النقب، خاصة في ديمونا ويروحام.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات