*آلاف الوحدات السكنية وعشرات الأحياء السكنية يبنيها الاسرائيليون ضمن مقاولات حصلوا عليها، يسيطرون على شبكات تجارية في دول بأكملها، ويهتمون بشراء مبان تاريخية *أرقام وحقائق تكشف بعض جوانب انتشار رؤوس أموال الاسرائيليين واليهود في العالم*
إعداد: برهوم جرايسي
كشف تقرير صحفي لموقع الانترنت الاسرائيلي "واينت" عن بعض جوانب توغل رؤوس الاموال الاسرائيلية في اماكن عديدة في العالم، وبشكل خاص في شرق اوروبا وجنوب اميركا ولكن ايضا في الدول الغنية في اوروبا واميركا الشمالية.
ويعرض التقرير، الذي نترجم هنا مقاطع مطولة منه، ارقاما نستطيع اعتبارها بالمذهلة، إذا أخذنا في الحسبان حجم اسرائيل وعدد مواطنيها، وحتى حجم انتشار اليهود في العالم، وايضا السعي الاسرائيلي المستمر لاجتذاب رؤوس الاموال الاجنبية اليها، في الوقت الذي تصدر فيه اسرائيل عشرات مليارات الدولارات الى العالم، من خلال شراء العقارات والاراضي والمشاركة في المشاريع البنيوية والبنية التحتية، وشراء معالم تاريخية في اغنى دول العالم.
ويقول رجل الاعمال غيل بلوتريخ، تعليقا على هذه الظاهرة، ان الاسرائيليين "لديهم شعور بأنه ممنوع عليهم ان يضعوا كل البيض في سلة واحدة"، بمعنى اسرائيل. ويضيف قائلا انه في الماضي كان هناك من رجال الاعمال من قرروا توظيف اموالهم في الخارج على اساس ايديولوجي، ولربما يقصد في هذا المد اليهودي في العالم للتوغل في اروقة حكم البلدان المختلفة، ولكن بلوتريخ يشير الى ان ما اصبح يدفع الاسرائيليين للبحث عن مشاريع خارجية هو استمرار الركود الاقتصادي في اسرائيل.
وقبل ان نستعرض التقرير من المفيد ذكر بعض الارقام المتعلقة باسرائيل، فعدد سكانها حوالي 6,6 مليون نسمة (بعد خصم فلسطينيي القدس والسوريين في الجولان المحتل الذين تشملهم احصائيات اسرائيل الرسمية وهم حوالي 200 الف نسمة). والميزانية العامة للعام القادم أكثر بقليل من 59 مليار دولار، ويبلغ مجمل الناتج القومي اقل بقليل من 116 مليار دولار، بمعدل 17 الف دولار للفرد، ومن هذا هناك حوالي 20 مليار دولار للعسكرة والصناعات الحربية.
عقارات تاريخية
ربما لا يعرف الكثيرون أن اثنين من الرموز البارزة للقوتين الأكبر في العالم، الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة، موجودان بملكية اسرائيليين. الأول هو فندق "موسكو" في الساحة الحمراء، بين الكرملين ومبنى البرلمان، والذي من شرفته اعتاد الزعيم السوفييتي الراحل جوزيف ستالين ان يلقى بخطبه امام الحشود. ويضم الفندق ألف غرفة، وهو مقر الاستضافة الرسمي لحكومة روسيا حتى اليوم، وقد اشتراه المقاول الاسرائيلي مردخاي يونا، بشراكة مع يهودي تركي، من الحكومة الروسية بـ 250 مليون دولار.
أما الثاني فهو فندق "بلازا" في قلب منهاتن، واشتراه رجل الأعمال الكبير يتسحاق تشوفا من الأمير السعودي الوليد بن طلال بـ 675 مليون دولار. والفندق مقام امام سنترال بارك، ويعمل منذ العام 1907، وجرى فيه تصوير افلام "كركوديل دندي"، و"نادي القطن" و"غتسبي الكبير". كما شهد حفلات زفاف كبيرة، ومنها حفل زفاف الفنانين مايكل دوغلاس وكاترين زيتا جونس.
توظيفات بمليارات الدولارات حول العالم
بهدوء وتصميم سيطر الاسرائيليون على ممتلكات استراتيجية في العالم، وبالاساس في دول شرق اوروبا ولندن وكندا والولايات المتحدة. فاين تضع اصبعك على الكرة الارضية تجد عقارات بملكية اسرائيلية. في السنوات الست الأخيرة، منذ ان رفع رئيس الحكومة الاسبق بنيامين نتنياهو القيود عن التوظيفات المالية في الخارج، في اطار اللبرلة (جعلها ليبرالية)، هرع الاسرائيليون الى الخارج وخلال هذه الفترة ارتفعت قيمة التوظيفات المالية الاسرائيلية في الخارج الى أكثر من 15 مليار دولار.
ويقول سام اولفينر، رئيس اتحاد المقاولين الاسرائيليين، انه "لا توجد اليوم في العالم صفقة عقارات كبيرة لا يشارك فيها اسرائيليون". وقبل ثلاث سنوات ظهر اولفينر فجأة في مؤتمر لبنك نمساوي، فتح له ممثلية في اسرائيل بهدف جذب متمولين اسرائيليين ليوظفوا اموالهم في شرق اوروبا. وعمليا فإن ممثل المقاولين الاسرائيليين الرسمي يشجع الاسرائيليين على العمل في الخارج.
المعطيات المذهلة: في كندا لوحدها اشترى الاسرائيليون في السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من 2000 وحدة سكنية، ووظفوا أكثر من مليارين ونصف المليار دولار. وحسب رئيس الغرفة الاسرائيلية الكندية، المحامي يهودا ريفا، ففي المكان الأول في التوظيفات العقارية تتواجد شركة غزيت غلوب التي يملكها حاييم كاتسمان، والذي يشغل مراكز تجارية بقيمة أكثر من مليار دولار، وبعدها شركة "ديلك للتوظيفات المالية" التي يملكها يتسحاق تشوفا الذي اشترى "بلازا" منهاتن (أكثر من 200 مليون دولار)، ويبلغ حجم عقارات "إلكو" ومجموعة "فيشمان" 150 مليون دولار. أما رجل الاعمال غيل بلوترايخ، الذي اشترى فندقًا في تورنتو، وباع مئات البيوت لاسرائيليين في المدينة، فقد وصل الى المكان الثاني في مسابقة "متمول السنة" في كندا.
ويقول رئيس مركز البناء الاسرائيلي، عيران رولس، الذي يرأس بين الحين والآخر وفود مقاولين اسرائيليين الى الخارج، "إن اسرائيل دولة صغيرة على المقاولين والمتمولين الاسرائيليين، في الخارج يتم استقبالنا باحترام الملوك، ونلتقي مع اعضاء مجالس شيوخ واعضاء برلمانات ووزراء، واصحاب شركات بناء ورؤساء بلديات، كلهم يريدوننا".
فندق وكازينو في نياغارا
الاجتياح الاسرائيلي لا يتوقف، مجمع ضخم لصندوق التقاعد التابع لاطباء المانيا امام الرايخستاغ في مركز بريلن (17500 متر مربع) تديره شركة "اريئيل" الاسرائيلية، بينما شركة كبيتال الاسرائيلية كادت ان تضع يدها على مبنى تابع للأمم المتحدة في نيويورك، ومن نسف الصفقة كان السكرتير العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، الذي عارض بيع المباني لجهات خاصة.
هرتسل حبس، الذي يبني برج (مبنى عال) "يو" في تل ابيب، اقام مؤخرا مشروعا تجاريا ضخما في العاصمة الكوبية هافانا، واشترى يونا تاس آلاف الدونمات في غابات انغولا، وقبل ثلاثة اسابيع اشارت مجلة "تايمز" الهولندية الى صفقتي العقارات الأكبر في بريطانيا في العام الأخير، الأولى لبنك "اوف سكوتلاند"، والثانية للاسرائيليين السابقين سول وعادي زكاي، اللذين دفعا 1,2 مليار دولار لقاء 35 مركزيا تجاريا ضخما لشبكة تجارة الجملة الضخمة في بريطانيا "تاسكو"، وقبل عام من هذا اشتريا 80 فرعا لشبكة "ماركس أند سبنسر" بقيمة 600 مليون دولار.
شركات دولية تقيم في مبان بملكية اسرائيلية
الكثير من الشركات العالمية تقيم في مبان بملكية إسرائيلية، دون ان يتم النشر عن هذا، فمبنى "ايجل هاوس"، في شارع جيرمان في لندن، قرب ساحة فيكديل، الذي تستأجره شركة "بريتيش غاز"، يملكه يتسحاق تشوفا. ويمتلك الاسرائيليون في العاصمة السلوفاكية براتسلافا مبنى مساحة البناء فيه 30 ألف متر مربع، واستأجرت غالبيته شركة الهواتف غلوبلتال، وفي المبنى ايضا مكاتب لشركة "اير فرانس".
ويمتلك اسرائيليون في وارسو وكركوف في بولندا 9 متاجر (سوبرماركت)، كما اشترى الاسرائيلي ديفيد فايسمان من مدينة "ايفن يهودا" الاسرائيلية، 174 حانوتا لشبكة "11/7" في الولايات المتحدة، كما يبنى هو الآن 5000 وحدة سكنية في هيوستون في ولاية تكساس.
واشترت الشركة المتفرعة عن شركة المواصلات "ايجد" طابقا في مبنى "دي مون" في باريس وتنوي توظيف 100 مليون دولار في املاك عقارية في الخارج. ويقوم اليعيزر فيشمان، صاحب أكبر شركة عقارات في اسرائيل، منذ ثلاث سنوات، بتصفية املاكه في اسرائيل لكي يوظف امواله في الولايات المتحدة وكندا والمانيا وبولندا، ويعمل موشيه غيندي في الاسابيع الأخيرة في نيويورك على اقامة مركز يراقب اقامة 5 آلاف وحدة سكنية في نيويورك، ومركزين تجاريين في ميامي، كما ينوي ديفيد فريدمان ويتسحاق تشوفا اقامة فندق وكازينو قرب شلالات نياغارا.
أما أوري دوري، رئيس اتحاد المقاولين الاسرائيليين السابق، فإنه يتواجد في اغلب اوقاته مؤخرا في هولندا، فقد اشترى هناك مبنى مكاتب، اما الرئيس الحالي للاتحاد سام اولفينر، فقد قرر العودة الى اسرائيل بعد ان وظف اموالا في لندن. ويواصل يتسحاق تشوفا الذي اشترى شركة العقارات "ديلك" توظيف اموال ضخمة في الخارج، وقد اشترى مبنى مكاتب في السويد وشبكة مواقف سيارات في بريطانيا. ويقول مدير عام شركة "ديلك"، "إن تشوفا يقرأ عن المزادات في الصحف، بينما نحن ننفذ المهمة"، وللشركة املاك في الخارج بقيمة 12 مليار دولار.
قائمة المشتريات الضخمة لشركة "افريقا يسرائيل"، التي امتنعت في السابق عن شراء عقارات في الخارج، تحولت منذ ان دخل الشركة المتمول الكبير ليف لفاييف، الى امبراطوية عقارية في ما وراء البحار. فقد اشترت "افريقا يسرائيل" المقر البنكي الأغنى في العالم، "جي بي مورغان"، في وول ستريت بمئة مليون دولار.
أما اكبر تجار العقارات الاسرائيليين في الخارج فهو حاييم كاتسمان. فهو أحد المسؤولين عن السيطرة الاسرائيلية على العقارات في الخارج، ففي العام 1992، حين كان في ولاية فلوريدا مع زوجته التي كانت تستكمل دراسة الطب، بعث برسالة الى وزير المالية في حينه يتسحاق موداعي ومحافظ بنك اسرائيل السابق يعقوف فرنكل اقترح عليهما ان تسمح الحكومة للمتمولين الاسرائيليين بشراء عقارات في الخارج من دون تقييدات، وقد احتاج الأمر ست سنوات الى حين اصبح بنيامين نتنياهو رئيسا للحكومة، وحاليا يمتلك كاتسمان مراكز تجارية في فلوريدا وكندا تصل قيمتها الى مليارات الدولارات.
الهدف هو شرق اوروبا
بشكل عام يحب الاسرائيليون المراكز التجارية، فالمركز التجاري الأول الذي اقيم في وارسو، عاصمة بولندا، هو بملكية اسرائيلية، وكذا الأمر في براغ. ومن المفترض ان يقيم موطي زيسر المركز التجاري الأول في اليونان، وهو يخطط لاقامة 50 مركزا تجاريا في شرق اوروبا. ويملك الأخوان عوفر المركز التجاري الاكبر في بودابست، كما اشترت شركة اسرائيلية كبيرة هي "انجلو ساكسون" مركزا كبيرا في بوخارست، واشترت "افريقا يسرائيل" مركزا في موسكو، وهناك العشرات من المراكز الصغيرة في مدن مختلفة في بولندا وهنغاريا والتشيك ورومانيا.
ويبني الاسرائيليون اليوم في شرق اوروبا نحو 30 ألف وحدة سكنية، من براغ وحتى ليتوانيا واوكرانيا، وفي هنغاريا لوحدها وظف الاسرائيليون في السنوات العشر الأخيرة ملياري دولار، وهذا ما أكده رئيس الحكومة الهنغارية بيتر كيش لدى زيارته الأخيرة الى اسرائيل.
وتحولت بولندا الى المكان الأكثر امانا للعقاريين الاسرائيليين، حيث يبني الاسرائيليون هناك آلاف الوحدات السكنية، عدا عن شراء الاراضي.
أما في رومانيا فقد سيطر الاسرائيلي فريدي روبنسون على الكثير من مشاريع الخصخصة بعد فترة الحكم الاشتراكي، ومما يملكه هناك، بنك ومحطة تلفزيون، ويشغل الكثيرين لديه. وتنشط الكثير من الشركات الاسرائيلية في رومانيا في مشاريع بنية تحتية اساسية مثل شق وتعبيد شوارع وشبكات مياه، ومثل هذا الأمر نجده ايضا في عدد من دول اميركا الجنوبية.