صادق رئيس الحكومة الاسرائيلية ارئيل شارون على تشغيل 800 عامل تركي في فرع البناء في اسرائيل، وذلك في اطار صفقة يتم بموجبها تحديث دبابات للجيش التركي في الصناعات العسكرية الاسرائيلية. وسيتم تشغيل العمال الاتراك لدى مقاولين خصوصيين في ورشات لبناء مساكن خاصة.
صادق رئيس الحكومة الاسرائيلية ارئيل شارون على تشغيل 800 عامل تركي في فرع البناء في اسرائيل، وذلك في اطار صفقة يتم بموجبها تحديث دبابات للجيش التركي في الصناعات العسكرية الاسرائيلية. وسيتم تشغيل العمال الاتراك لدى مقاولين خصوصيين في ورشات لبناء مساكن خاصة.
وكان العمل على اعداد هذه الصفقة قد استغرق بضعة اشهر تخللتها مفاوضات سرية بين الصناعات العسكرية الاسرائيلية ومثيلتها التركية، دون ان يكون لدى دائرة التشغيل (المسؤولة عن اصدار تصاريح عمل للعمال الاجانب) أي علم بهذا الموضوع. ويتم احضار العمال الاتراك الى اسرائيل بواسطة شركة تركية خصوصية، مسجلة في اسرائيل ايضا وتعرض العمال على المقاولين.
"بدلا من ان يعمل العمال هناك لقاء 200 دولار في الشهر، يحصلون هنا على 800 دولار في الشهر. البطالة في تركيا واسعة جدًا، وهنالك نقص كبير في العمال الاجانب في اسرائيل"، يقول احمد اريك، مدير شركة "ييلمزلر" في اسرائيل.
ويقول اريك، بواسطة ممثله في اسرائيل نسيم جيوس، ان شركة "ييلمازلر" نجحت في اقناع ادارة الصناعات العسكرية في انقرة بالموافقة على اعتماد هذا الاتفاق لسنة تجريبية، ويتم في اطاره خصم المبلغ الذي يحوله العمال الى ذويهم في تركيا، من المبلغ الذي يتوجب على اسرائيل ان تشتري به بضائع من تركيا.
وتبلغ قيمة الصفقة لتحديث 170 دبابة تابعة للجيش التركي، حوالي 687 مليون دولار، مقسطة على خمس سنوات. وكالمعتاد في صفقات الاسلحة الكبيرة، تعهدت اسرائيل بشراء بضائع وخدمات من تركيا ببضع عشرات الملايين من الدولارات في كل سنة من السنوات الخمس. في بداية الأمر، جرت مفاوضات لشراء الماء، بحيث يتم نقله في حاويات كبيرة جدًا من تركيا الى اسرائيل، لكن هذا المشروع لم يتكلل بالنجاح، جراء معارضة وزارة المالية الاسرائيلية على خلفية تكلفته الباهظة جدًا.
"كنا نبحث، كل الوقت، عن حلول اخرى بدلا من الماء"، يقول مصدر مسؤول كان ضالعاً في المفاوضات. وبعد فحص عدد من الامكانيات، طرحت فكرة تشغيل عمال اتراك في اسرائيل. وقد مورست ضغوط هائلة من قبل رجال اعمال على الصناعات العسكرية وجهات حكومية لاقرار هذه الصفقة، نظراً لأن الصناعات العسكرية التركية بشكل خاص، والدولة التركية بشكل عام، تشكلان هدفاً استراتيجيًا هاماً جداً لاسرائيل من الناحيتين السياسية والتجارية.
بعض المقاولين الاسرائيليين غاضبون على هذه الصفقة، وخاصة على خلفية تجاوزها كل الاجراءات الادارية والبيروقراطية التي يتوجب عليهم اتخاذها من اجل الحصول على تصريح باستقدام اعداد محدودة جدًا من العمال الاجانب. وقال احد المقاولين الكبار: "فجأة تظهر شركة ما، تجري اتصالات مع المقاولين الذين لم يحصلوا على تصاريح من دائرة التشغيل وتعرض عليهم عمالا اجانب، في مزاد علني". ويضيف انه اضافة الى اجور العمال الاتراك، تجبي الشركة التركية ايضاً رسوم وساطة عالية جدًا من المقاولين، فضلا عن ان العمال انفسهم يجبرون على دفع 3000 دولار، كل واحد، قبل ارسالهم الى اسرائيل.
"انها متاجرة ببني البشر - دبابات مقابل عمال، استغلال فاسد للقنوات الحكومية من اجل جني ارباح خاصة"، تقول حانه زوهر، مديرة جمعية "خط للعامل"، وتعتبر هذه الصفقة سابقة خطيرة. وتقول ايضاً: "في الصين ايضاً هنالك طاقات تجارية واستراتيجية عظيمة يمكن لاسرائيل الاستفادة منها. لكنهم سيطلبون ارسال 10،000 عامل الى اسرائيل، وليس 800 فقط. واذا كان كل شيء سليماً وعلى ما يرام، فلماذا لم ينفذوا الاجراءات من خلال دائرة التشغيل، بصورة علنية وحسب المعايير المعمول بها؟".
وتطرح زوهر، وجِهاتٌ اخرى غيرها ايضًا، علامات استفهام حول الرقابة على ظروف عمل هؤلاء العمال وقيمة رواتبهم. وتساءل موظف حكومي: "كيف يعقل هذا؟ لقد اغلق رئيس الحكومة السماء، ومنع ادخال أي عامل اجنبي جديد وأجبر الشرطة على طرد 50 ألف عامل اجنبي من البلاد، والحكومة تخفض مخصصات البطالة للعاطلين عن العمل لاضطرارهم الى الانخراط في العمل، لكنها من جهة اخرى تستقدم 800 عامل اجنبي جديد".
العمال الاتراك بدأوا بالتوافد الى اسرائيل في الاسابيع الأخيرة وحصلوا على تصريح للعمل لمدة سنة واحدة من وزارة الداخلية الاسرائيلية.
وفقا للاتفاقية، يتم تحويل اسماء العمال، بواسطة الصناعات العسكرية، الى مكتب المسؤول عن الأمن في الاجهزة الأمنية الاسرائيلية، يحيئيل حوريف، وذلك من اجل اجراء فحوصات امنية. الدافع لاجراء هذه الفحوصات ليس واضحاً: فالعمال لا يعملون في الصناعات العسكرية وانما في بناء فيللات وكوتيجات، كما ان العمال الأجانب الآخرين لا يخضعون لمثل هذه الفحوصات.