المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تثير المعطيات المتضاربة حول الوضع الاقتصادي في اسرائيل حالة من الارتباك والحيرة لدى الخبراء ورجال الاقتصادج الاسرائيليين على حد سواء. ويجمع غالبية الخبراء الاقتصاديين الاسرائيليين على ان استمرار الهدوء الأمني من شأنه ان يوفر الارضية الملائمة للانتعاش الاقتصادي، هذا رغم ادراك جميع هؤلاء الخبراء بأن السنة المقبلة (2004) لن تشهد انطلاقة سريعة في وتائر النمو والنشاطات الاقتصادية في اسرائيل.

تضارب المعطيات الاقتصادية في اسرائيل يربك الخبراء ورجال الاقتصاد

تثير المعطيات المتضاربة حول الوضع الاقتصادي في اسرائيل حالة من الارتباك والحيرة لدى الخبراء ورجال الاقتصادج الاسرائيليين على حد سواء.

وقالت صحيفة "هآرتس" في تقرير جديد (الاربعاء 6 آب) ان المعطيات والعناوين الاقتصادية التي نشرت في الايام الاخيرة تبقي البلبلة في شأن ما اذا كان الاقتصاد الاسرائيلي يشهد بوادر انتعاش ام استمرارا في حالة الركود العميقة التي تعتري النشاطات الاقتصادية منذ فترة طويلة؟ فمن جهة، لا تزال التقارير السلبية تتوالى تباعا حول "ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الاجور الواقعية" وحول "الهبوط في جباية الضرائب". ومن جهة اخرى، نشرت تقارير "تنعش الآمال" حول "ارتفاع حاد في الاستهلاك الخاص في شهر تموز الماضي"، واخرى عن توقعات الرجال الصناعة تتحدث عن زيادة مرتقبة في المبيعات للسوق المحلي وفي الاسثمارات خلال الربع الثالث من العام الحالي.

وقالت الصحيفة ان كمية المعطيات الكبيرة التي تنشرها بشكل شبه يومي هيئات مثل بنك اسرائيل ومكتب الاحصاء المركزي واتحاد الصناعيين والدوائر الاقتصادية في البنوك تخلص الى صورة مربكة للغاية، سواء في صفوف الخبراء او المحليين الاقتصاديين، الذين يواجهون صعوبة في الاهتداء الى التوصيف الدقيق للوضع الاقتصادي الاسرائيلي الراهن.

وساقت الصحيفة مثالا على ذلك ما ورد في ما كتبته شعبة البحث التابعة لـ "بنك اسرائيل" التي حاولت اخيراً اعطاء وصف للوضع بقولها:

"التطدرات الاقتصادية في النصف الاول من العام 2003 تدل على تباطؤ في وتيرة هبوط النشاطات الاقتصادية وربما تدل ايضا على استمرار بدرجة مخففة"؟!

وعندما سئل نائب مدير شعبة البحث في بنك اسرائيل د. ميشل ستر بتسينسكي عما تعنيه هذه الجملة المطاطة والمعقدة، ابتسم وقال ان تشخيص وضع الاقتصاد اليوم اعقد بكثير مما كان عليه قبل سنة. واضاف: في ذلك الوقت كان واضحا ان الاقتصاد في وضع سيء، ولم تكن هناك مؤشرات ايجابية يمكن التعلق بها.. الوضع اليوم مختلف، فالصورة العامة لا تزال سلبية، لكن توجد عدة مؤشرات ايجابية. في النصف الاول من العام الحالي ظهرت معطيات ايجابية واخرى سلبية، وهذه المعطيات تضع للمرة الاولى الصورة في وضع اشبه برقعة "البازل" التي تحتاج الى تركيب يتيح التوصل الى استنتاج.

ويعلق المراسل الاقتصادي لصحيفة "هآرتس" ، سامي بيرتس، على هذا الكلام بقوله ان تركيب

"البازل" يعتبر مهمة معقدة في حد ذاته، خاصة عندما يتم تفحص الظروف المحيطة. فالمعطيات الجافة تدل على تآكل سريع للأجور وارتفاع مستمر في البطالة وسياسة ميزانية كابحة، وهي عوامل تؤدي الى الحد من الطلب في الاقتصاد. من جهة اخرى، هناك عامل ايجابي له وزن لم يكن قائما في سنوات سابقة، وهو متمثل بـ: "الهدوء الامني الذي يؤثر بشكل ملموس على ثقة المتسهلكين بالاقتصاد ويزيد بالتالي من ميلهم نحو الاستهلاك".

ورأى المعلق ان الارتفاعات التي سجلت مؤخرًا في مؤشرات سوق الاوراق المالية (بورصة تل ابيب) تشكل احدى نتائج لهدوء الامني (على الجبهة الاسرائيلية – الفلسطينية) وحالة الاستقرار البني في الساحة الواقية، اذ سجلت بروصة تل ابيب وللمرة الاولى منذ الهبوط الحاد في شهر شباط الماضي، ارتفاعا حادًا بنسبة 36% على الرغم من انها سجلت خلال الشهر الاخير (تموز) هبوطاً بلغ 11 نقطة مئوية.

غير ان احد رجالات البنوك الاسرائيليين المرموقين اعرب عن رفضه للتقديرات القائلة بأن الاقتصاد الاسرائيلي بدأ ينتعش، وقال هذا المصرفي لصحيفة "هآرتس" ان "كل من يتحدث عن وجود بوادر انتعاش، يلهج بكلام فارغ. فهناك هبوط حاد جداً في الطلبات المحلية والاستثمارية والاستهلاك الشخصي، فضلا عن ان اجراءات تقليص الميزانية من جانب وزارة المالية تؤثر سلباً على الوضع". وأضاف ان الارتفاع في استيراد السيارات لا يدل على تغيير في اتجاه حجم الطلب المحلي.

وتبدي محافل البنوك التجارية تشاؤما اكبر مما يظهره خبراء " بنك اسرائيل. مدير عام احد البنوك التجارية الاسرائيلية الكبرى صرح قائلا: " لكي نتمكن من الاعلان عن الخروج من حالة الركود،

لا بد من رؤية ازدياد مطرد في التقدير في مختلف الفروع وليس في فرع واحد فقط". واضاف ان احد الشروط الضرورية للخروج من الركود يتمثل في خفض الفائدة بوتيرة اسرع.

ويجمع غالبية الخبراء الاقتصاديين الاسرائيليين على ان استمرار الهدوء الأمني من شأنه ان يوفر الارضية الملائمة للانتعاش الاقتصادي، هذا رغم ادراك جميع هؤلاء الخبراء بأن السنة المقبلة (2004) لن تشهد انطلاقة سريعة في وتائر النمو والنشاطات الاقتصادية في اسرائيل.

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, بنك اسرائيل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات