المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

والسؤال هل الاقتصاد ينتعش حقا لن يُحسم الا بعد اشهر عديدة. فما بدأ ينتعش هو المزاج العام ومزاج المالية، وهذه ليست امورا هامشية. فللمزاج العام، ولمزاج المسؤولين، دور هام جدا في خلق الانعطافة. ولكن الجانب النفسي لا يكفي. ففي حالات الركود السابقة كان التصدير والاستثمارات والهجرة التي اجتذبت كل عربة الاقتصاد العالقة. فقد كانت الروافع التي أخرجتنا من الركود. وهذا العام، لا تزال أذرع الروافع هابطة: التصدير ينخفض، الاستثمارات لا تزال منخفضة والهجرة الي اسرائيل تكاد تكون توقفت. ودور مرجل الانتعاش يهبط، بالتالي، بكامله علي عاتق المستهلك الاسرائيلي.

اصوات وروائح نهاية الركود الاقتصادي تصدر عن الساحة. فما السبب وراء هذا الاحساس بالنهوض الاقتصادي؟ هناك ثلاثة اسباب: الهدوء في العمليات، التخفيضات في الاستيراد ونتنياهو.
أخرج وقف العمليات واستئناف المفاوضات السياسية الاسرائيليين الي الأسواق: الترفيه عن النفس وتبذير الاموال. فقد دفعهم تعويم الشيكل والأسعار المنخفضة للمنتوجات المستوردة الي الشراء، بسرعة وكثيرا، قبل ان يدور الدولاب ويتجدد تخفيض قيمة العملة. أما التصميم الشخصي والرؤية الاصلاحية لنتنياهو فقد وفرا العنصر الثالث الحيوي لكل انعطافة اقتصادية: الأمل بمستقبل أفضل في متناول اليد. وهكذا نشأ زخم حيوي في الاقتصاد. ليس مؤكدا ان يستمر. ومن السابق لأوانه الفرح أكثر مما ينبغي. ففي الاسبوعين الأخيرين تراكمت مرة اخري الغيوم في الأفق. فقد تجدد تخفيض قيمة الشيكل، وتراجعت البورصة. وفي الأسواق المالية هناك اضطراب.

وتعاظمت التوترات الاجتماعية وهي ستتعاظم مع حلول الأعياد. فأجر نصف مليون أجير في القطاع العام تقلص هذا الاسبوع، وحتي لو رضوا بذلك فانه لن يسعهم شراء المزيد. كما تقلصت المخصصات واموال الدعم، وسيضطر متلقوها الي شد الأحزمة، هذا اذا ما تبقي مجال آخر للشد. ووقف النار مع الفلسطينيين بدا متعلقا بكابح.


وهذه عصا غليظة في دولاب الانتعاش. وبالمقابل، فان استباق التسهيلات في ضريبة الدخل يعمل علي حثه، وهو مثل الزيت علي دواليب الزخم. ولكن هل سيكفي هذا؟
والسؤال هل الاقتصاد ينتعش حقا لن يُحسم الا بعد اشهر عديدة. فما بدأ ينتعش هو المزاج العام ومزاج المالية، وهذه ليست امورا هامشية. فللمزاج العام، ولمزاج المسؤولين، دور هام جدا في خلق الانعطافة. ولكن الجانب النفسي لا يكفي. ففي حالات الركود السابقة كان التصدير والاستثمارات والهجرة التي اجتذبت كل عربة الاقتصاد العالقة. فقد كانت الروافع التي أخرجتنا من الركود. وهذا العام، لا تزال أذرع الروافع هابطة: التصدير ينخفض، الاستثمارات لا تزال منخفضة والهجرة الي اسرائيل تكاد تكون توقفت. ودور مرجل الانتعاش يهبط، بالتالي، بكامله علي عاتق المستهلك الاسرائيلي. فاذا ما واصل الشراء والاستهلاك، فستتعاظم العودة الي مسار النمو. أما اذا يئس وكبح جماح نفسه، اذا ما عاد ليغرق من جديد في المزاج الكئيب الذي سيطر عليه في الاشهر الثلاثين السابقة، فستنقضي وكأنها لم تكن قصة انتعاش صيف 2003.

ما الذي يمكن عمله كي لا يتحقق التوقع المتكدر؟

الحفاظ علي الاستقرار في الأسواق المالية. وتخفيض لقيمة الشيكل بمعدل 5 حتي 7 في المئة سيكون في صالحنا جميعا: الصناعيين، والمنتجين والعمال. ولكن أكثر من ذلك هو أمر غير مرغوب فيه بل وخطير.
مواصلة تخفيض سعر الفائدة، لتخفيف العبء عن المصالح التجارية، وعن المواطنين الذين يعانون من السحب الزائد من البنوك وحث الاستثمارات. ويوجد هنا غاية يقصدها النزول في سعر الفائدة. فلنأخذ بريطانيا مثلا، والتي هي الاقتصاد الأكثر نجاحا في اوروبا، مع البنك المركزي الأكثر حكمة. التضخم المالي في بريطانيا هو نحو 3 في المئة، وسعر الفائدة في البنك المركزي هو 3.5 في المئة. لا تخاف، يا د. كلاين، سر علي نهج النموذج البريطاني.
تقليص العجز في الميزانية الحكومية العام المقبل ـ بقدر. ليس تقليصا لـ 15 مليار اخري في نفقات الحكومة. فهذه جرافة ستسحق الانتعاش.

حث الاصلاحات

السيد نتنياهو والسيد شتريت وعدا بالليبرالية والمنافسة وبقدر أقل من الرقابة والتدخل وقدر أكبر من الحرية الاقتصادية. فليفيا بتعهدهما. نشر شبكة أمان اجتماعية جديدة لمتضرري التراجع الاقتصادي الأطول في تاريخ اسرائيل. وفوق كل ذلك، تعزيز، وتعظيم وترسيخ وقف النار والحوار السياسي مع الفلسطينيين. ففي يوم عودة العمليات ستعود الأزمة الاقتصادية. وفي يوم عودة السفيرين الاردني والمصري الي اسرائيل سيعود الينا المستثمرون الاجانب الأكثر حذرا ايضا. فالانتفاضة لم تبق المواطنين الاسرائيليين منغلقين في منازلهم وحسب، بل وبثت فينا جميعا روح اليأس. والناس اليائسون لا يشترون ولا يستثمرون. وبالنسبة للمستهلك الاسرائيلي الذي لا يقهر، بالنسبة للمستحدث الاسرائيلي الدينامي، فان اشهر الارهاب الطويلة كانت اختبارا أقسي من الاحتمال في قدرته علي الصبر.
الصيغة بسيطة: الحرب تساوي تخفيض قيمة العملة والبطالة. والتسوية تساوي الاستقرار والصعود.

(يديعوت احرونوت) 5/8/2003

المصطلحات المستخدمة:

الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات