المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • اقتصاد ومجتمع
  • 1049

رئيس الحكومة لم يقرر بعد ما إذا كان من الجدير تمرير قرار التقليص في الحكومة الانتقالية الحالية، أو الانتظار لشهر آخر إضافي، إلى أن تقوم الحكومة الجديدة. ومن الممكن بعد الانتظار لشهر آخر، أن يكون الوقت قد فات، لأن الأزمات المالية تندلع فجأةً، مرةً واحدةً، من دون تحذير مسبق - مثلما في تايلندا وفي روسيا وفي الأرجنتين.

لو كان الحديث يدور عن شركة خاصة، موجودة في أزمة عميقة كالتي تتواجد فيها الدولة، لما كانت مهزلة أمس (13 شباط) قد حدثت. فمن غير المعقول أن ينشأ وضع يجتمع فيه رئيس مجلس الادارة والمدير العام وكل الموظفين الكبار، في إجتماع طوارئ، من دون إتخاذ قرارات في نهايته، ومن دون تغييرات، ومن دون خطة ومن دون شيء. من هذا الاجتماع خرجوا بأمر واحد فقط: إجتماع يوم الثلاثاء في الأسبوع القادم.
يبدو وكأن لرئيس الحكومة ووزير المالية متسع من الوقت. يبدو أنهما منقطعان. يبدو أنهما لا يتحدثان مع مصرفيين، مع رجال أعمال، مع عاملين، مع تجار أو مع حرفيين. يبدو أن شعور الطوارئ والضائقة لم يتذوّت لديهما بعد.

وقد اتضح في الجلسة أن رئيس الحكومة لم يقرر بعد ما إذا كان من الجدير تمرير قرار التقليص في الحكومة الانتقالية الحالية، أو الانتظار لشهر آخر إضافي، إلى أن تقوم الحكومة الجديدة. ومن الممكن بعد الانتظار لشهر آخر، أن يكون الوقت قد فات، لأن الأزمات المالية تندلع فجأةً، مرةً واحدةً، من دون تحذير مسبق - مثلما في تايلندا وفي روسيا وفي الأرجنتين.

وبالذات الآن، فيما لا يعرف الوزراء الحاليون ما ستكون وظيفتهم القادمة، من الممكن تمرير خطوات كبيرة من أجل تغييرات بنيوية، وإلغاء وزارات وإزدواجيات وتسيير تقليصات حقيقية، بسهولة أكبر وبنجاح أكبر. بالذات الآن، في الوقت الذي تلتئم فيه الكنيست لأول مرة في الأسبوع القادم، مع 38 عضو كنيست جديدًا، من الممكن تمرير خطة طوارئ إقتصادية تحتاجها المرافق بشدة، وبسرعة. لكنهم يملكون الوقت الكثير، وكأن لدينا دولة إحتياطية.

في الاجتماع نفسه تبدّت نفس الخلافات التي نُشر عنها للمرة الأولى في "هآرتس" قبل يومين. التدهور الاقتصادي والفوضى العامة اللذين يسيطران على المرافق، أثّرا أيضًا على كبار المالية. وفي الأزمان الاعتيادية يبدون وكأنهم في جبهة موحدة، لكنهم خسروا الآن هذه الوحدة أيضًا.

وقد قدّر مدير عام وزارة المالية، أيهود مراني، عمق المشكلة بـ 16 مليار شيكل؛ وهذا رقم أكبر من المعطى شديد الخطورة الذي ذًكر حتى الآن- 14 مليار شيكل. وأضاف مراني أنه في حالة وُضعت خطة واسعة مع خطوات كبيرة حقًا، بما في ذلك إصلاحات وتغييرات بنيوية، وتخفيض الأجور في القطاع العام وتسيير سياسة مالية مشجعة من جانب بنك إسرائيل وتقدم في المجال الأمني- فلن تكون هناك حاجة لتقليص كل الـ 16 مليار شيكل، بل أقل من ذلك.

وادعى المحاسب العام، نير غلعاد، أنه من غير الممكن تقليص أكثر من 10 مليارات شيكل الآن. وشدد على ضرورة تخفيض محافظ بنك إسرائيل للفائدة البنكية، كشرط لزحزحة المرافق، في الوقت الذي تُدهوِر فيه الفائدة الحقيقية العالية السائدة اليوم، المرافقَ نحو أسفل السفح.

ودعم أوري يوغاف، المسؤول عن الميزانيات، هو أيضًا، تقليص 10 مليارات شيكل؛ وبحسب ادعائه فإنه من غير الممكن تقليص أكثر من ذلك هذه السنة. وقال إن التقليص ليس إلا خطة كبح ضرورية، ولكن من أجل الخروج من هذه الدائرة المفرغة، فإنه يجب تنفيذ إصلاحات- مثل إغلاق 90 سلطة محلية، تفكيك كل المجالس الدينية وإغلاق وزارة الأديان.

لم يتجرأ واحد من رجال المالية على أن يقول الحقيقة لرئيس الحكومة- وبالتأكيد سيلفان شالوم أيضًا. لم يطرحوا في الجلسة السبب الأساسي لتدهور المرافق. لم يتحدثوا في الجلسة عن العلاقة بين العملية السياسية المعدومة، وبين الوضع الاقتصادي. لم يتحدثوا عن أن إستمرار الحرب في المناطق واستمرار العمليات التفجيرية، سيؤديان للاستمرار في دهورة المرافق إلى قاع يصعب حتى تخيله. لم يتجرأ أحد على أن يقول لشارون إنه إذا لم ينوجد أفق سياسي أو بداية لمفاوضات، فلن يكون بوسع أية خطة إقتصادية –وحتى الأنجح في العالم- أن تمنع إستمرار تدهور النشاطات، والانخفاض في الاستثمارات والانخفاضات في دفع الضرائب والدخول إلى دائرة خطيرة، من التقلص والضعف والتدهور.

("هآرتس"، 14 شباط، ترجمة: "مدار")

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات