المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أحد عشر يوماً مرّت منذ أن نشرت "خارطة الطريق"، الخطة الدولية لحل النزاع الاسرائيلي- الفلسطيني، ويبدو أنها آخذة بالاختفاء من الجدل الدبلوماسي. الادارة الامريكية قرّرت وضع خارطة الطريق جانباً، والتركز الان في الخطوات المتبادلة بين اسرائيل والفلسطينيين، لاستئناف العملية السياسية. وزير الخارجية، كولن باول، أوضح أمس في القدس بأن الادارة الامريكية لا تريد ان تنشغل الآن في صياغة بنود الخطة وفي ملاحظات الاطراف، انما تريد ان تدفع باتجاه بدء التطبيق، وبعد ذلك فقط ستبحث في المبادىء.الرئيس الامريكي، جورج بوش، لم يذكر أبداً خارطة الطريق في خطابه عن الشرق الاوسط أمس الاول، الذي وعد فيه بأن الادارة الامريكية ستعمل دون كلل على تحقيق تصور الدولتين، اسرائيل وفلسطين، لتعيشا جنباً الى جنب بسلام. جاء باول الى المنطقة لكي يظهر تدخّل الادارة الامريكية، ولكي يعانق على الملأ رئيس الحكومة الفلسطيني، أبو مازن. بوش تحدث عن "خطوات ملموسة" لاسرائيل والسلطة الفلسطينية تؤدي الى استئناف العملية السياسية. وباول يريد أن يدفع أبو مازن لمحاربة الارهاب، والحصول بالمقابل على حسن نوايا من رئيس الحكومة، ارئيل شارون.

وتقدر مصادر اسرائيلية رفيعة بأن بوش لن يعرّض سمعته السياسية للخطر بعملية مشكوك في نجاحها. "صحيح أن بوش يريد التقدم، لكنه لن يذهب بشكل أعمى"، يقول موظف كبير. "إذا شعر بأن احتمالات النجاح هي 20%-80% ، وليس "بين- بين"، فلن يضع يده في قدر الشرق الاوسط". ولذلك فإن الادارة الامريكية تفضل أن تظهر تدخلها، لكنها تبقي المسؤولية على الاطراف.

المهمة التي القيت على باول كان فيها شيء من نكران الجميل: إظهار الحد الاقصى من الاهتمام والحد الادنى من العمل. وفي الاسبوع الماضي كان قد عاد من دمشق بعناوين كبيرة حول الاغلاق الوشيك لمكاتب منظمات الارهاب الفلسطينية في دمشق وانسحاب الجيش السوري من لبنان. واتضح امس أنه كان من وراء هذه التصريحات القليل من المضمون، إن كان أصلاً. الرئيس السوري، بشار الاسد، قال لـ "واشنطن بوست" ان باول لم يعد بأي شيء، وإن أي تقدّم في تنفيذ المطالب متعلق بإعادة الجولان الى سوريا. وهكذا بقيت المواقف السورية صارمة كما كانت في الماضي. وقد أدركوا في دمشق أن زيارة باول ما هي إلا إعطاء اشارت بأن الولايات المتحدة لا تنوي مهاجمة سوريا أو المس بنظام الأسد، وتكتفي، كما في الماضي، بقراءة المطالب من على الورق.

وبهذه الروح ينظرون الى الضيف في ديوان شارون. "هذا ليس كيسينجر الذي استقر في المنطقة. ستكون لديه ساعة ونصف مع شارون، وساعة مع أبو مازن، ليقول رأيه ويغادر"، يقول موظف كبير. وفي اسرائيل لا يتوقعون بأن يكون هناك ضغط امريكي لتقديم تنازلات حقيقية، ما دام الارهاب يتواصل والسلطة لا تعمل ضده. إذا حورب الارهاب، فسيكون هناك تقدّم، وإلا، فإن كل الخرائط لن تجدي.

باول جاء الى القدس في توقيت غير مريح: سبقه مبعوثو البيت الابيض، ستيف هدلي وإليوت أبرامس، اللذان قضيا يوماً كاملاً مع شارون ورجاله. وفي الاسبوع القادم سيقوم رئيس الحكومة بزيارة الى بوش، وسيحاول التوصل معه الى تفاهم على الخطوات التالية للعملية. ويقولون في ديوان شارون انه من غير المنتظر الخروج بتلخيصات عملية.

وماذا سيحدث لخارطة الطريق؟ ستبقى في الخلفية كإعطاء اشارات للاطراف، كـ "أفق سياسي" يعطي أملاً للفلسطينيين، وكسوط محتمل للضغط به في حالة اختراقات متبادلة أو مماطلة. ابو مازن سيطلب من باول أن يضغط على اسرائيل لكي تتبنى الخارطة كما هي. أما شارون فيصرّ على إدخال تعديلات عليها، أو التوصل الى تفاهم مع الولايات المتحدة في بعض المسائل المبدئية.

وسيوضح شارون لباول أنه إذا تم قبول مواقف اسرائيل، فإن ذلك سيسهل عليه تمرير خارطة الطريق في الحكومة. ولكي يجسّد الصعوبات السياسية، سيجمع شارون اليوم الضيف مع الوزراء الكبار ورؤساء الكتل. وبعد ان يستمع باول الى ايفي ايتام وأفيغدور ليبرمان، سيقتنع بأن شارون هو الأكثر اعتدالاً من بين المجموعة.

(هآرتس 11 ايار)

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, ايتام, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات