المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

كان الرئيس الأمريكي مصممًا. "عليكم أن تسهّلوا على ‘أبو مازن‘ لكي ينجح كرئيس للحكومة الفلسطينية"، قال لوزير الخارجية الاسرائيلي. وقد حاول سيلفان شالوم أن يوضح أن تعيين "أبو مازن" هو خطوة أيجابية، لكن إسرائيل ستفحص خطواته وما إلى ذلك. بوش قاطعه: "من المهم بالنسبة لي أن تساعدوه، لكي ينجح". وفي جلسة "المديرين" في قيادة النظام الأمريكي توجه الرئيس إلى وليام برينز، رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية: "أجلب لي ‘أبو مازن‘". برينز أجاب بأن التوقيت إشكالي، بأن المعانقة الأمريكية ستضر بالرئيس الجديد. "أريده في واشنطن"، أجاب الرئيس.وقد قال إسرائيليون عادوا من واشنطن إن هناك شائعات في المدينة مفادها: الرئيس يرغب بـ "شيء كبير" في الشرق الأوسط بعد فوزه في العراق. وابتداءً من اللحظة التي سيجلس في "أبو مازن" في كرسيه، فإن النظام سيكون أقل صبرًا تجاه خطوات إسرائيل العنيفة، بدءًا بالجدار الفاصل وتوسيع المستوطنات وانتهاءً بالمسّ بالفلسطينيين. ويتوقع النظام الأمريكي بعض اللفتات من جانب إسرائيل مثل إطلاق سراح أسرى، إخلاء مُستمسكات (مناطر استيطانية - المترجم) ونقل مُسرَّع للأموال. ومقابل ذلك، وُعدت إسرائيل بألا تُجبر على تسوية مع "الارهاب" الفلسطيني، أو على التحدث مع (الرئيس الفلسطيني) ياسر عرفات.

وإلى جو كهذا سيسافر مدير مكتب رئيس الحكومة، دوف فايسغلاس، للتداول مع البيت الأبيض حول ملاحظات إسرائيل على "خارطة الطريق". وعشية السفر تم تغيير التكتيك. وبدلاً من عرض نص ضدي مليء بالشطب والاضافات على الأمريكيين، فإنه سيُطرح 14 "مبدأً"، أو لاءات، في المسائل الجوهرية. ويخفّضون في القدس وواشنطن من حجم التوقعات ويقولون إن الصياغات تقل أهمية عن التطبيق. "الهدف هو منع ‘الارهاب‘، وليس الاكتفاء بأن يكون مكتوبًا أن ‘الارهاب‘ ممنوع"، يوضح موظف رفيع.

ويحتار رئيس الحكومة بين رغبته في الامتناع عن مواجهة مع الولايات المتحدة وبين ضغوطات اليمين للقضاء على "خارطة الطريق". وقد ألقى على فايسغلاس مهمة بلورة ملاحظات إسرائيل على "الخارطة"، نتيجة إعتبارات سياسية داخلية بالأساس. وقد نجح المحامي العريق في تجنيد أقسام الجهاز الأمني - السياسي لوثيقة واحدة، تعبر عن إنعدام الثقة العميق تجاه الفلسطينيين وعن الرغبة في عرض نصر إسرائيلي على الانتفاضة. "المداولات جرت كما في دروس التوراة اليمنية"، يستعيد واحد من المشاركين. "كلهم جاءوا مزودين بـ ‘خارطة الطريق‘، وكان ممثل قسم التخطيط يقرأ سطرًا وكان كل واحد يعطي ملاحظاته".

وقد تجسدت العقبة الأكثر إشكالية في مطلب أن يعلن الفلسطينيون، في بداية العملية، عن تنازلهم عن حق العودة. وقد سيّر هذا الخط الوزراء تسيبي ليفني، بنيامين نتنياهو وسيلفان شالوم. وبحسب معتقداتهم، فإن هذا هو المقابل الجدير لقاء إقامة الدولة الفلسطينية قبل الحل الدائم. في المجتمع الدولي يروْن الأمور بطريقة أخرى؛ فقد حذر وزير الخارجية الألماني في القدس، هذا الأسبوع، من أن تبكير التداول حول حق العودة "سيصعّب جدًا على التقدم".

ورأوا في مكتب رئيس الحكومة في طرح موضوع حق العودة، محاولة من نتنياهو لتفجير العملية. وتحفّظ فايسغلاس من إدخال أسس من الحل الدائم، مثل المستوطنات واللاجئين، على البنود المرحلية في "خارطة الطريق". وهو يرى في الدولة الفلسطينية، التي ستقوم ضمن حدود موقتة، مجرد إعادة تدريج رمزية للسلطة. وكلعبة ضديّة ألقى فايسغلاس على مستشار نتنياهو، عوزي أراد، مهمة أيجاد صياغة ملائمة. واقترح عراد أن يشتمل الاعلان الفلسطيني، الذي سيعلن بداية مرحلة المصالحة والهدوء، على الاعتراف بإسرائيل "كدولة يهودية". وقد أدخلت الجملة إلى وثيقة التعديلات، لكن المستوى المهني استصعب التوصل إلى موافقة ودفع بالقرار إلى الأعلى. وفي جلسة الحكومة، في بداية الأسبوع، أمر شارون، بضغط من سيلفان سالوم، بإدخال تطرق أكثر وضوحًا للتنازل الفلسطيني عن حق العودة في مرحلة بداية العملية السياسية.

وما تبقى الآن هو مراقبة ما سيفعله الأمريكيون. وقد أوضح النظام الأمريكي أن "خارطة الطريق" لن تتغيّر؛ وسيحاول فايسغلاس الحصول على تفهمٍ منهم للملاحظات الاسرائيلية، لمنع الضغوطات في فترة التطبيق. ولكن السؤال الحقيقي ليس ما يُكتب في الخطة السياسية، وإنما ما إذا كان بوش "سيبدل جلده" وسيشغّل ضغوطات حقيقية على شارون، أم أنه سيكتفي بـ "الضريبة الكلامية"، كما فعل حتى اليوم.

(هآرتس، 10/4، ترجمة: "مـدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات