مداخلات تسعى للإجابة عن شتى الأسئلة التي يثيرها مطلب إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية، وفي مقدمتها لماذا تطالب إسرائيل الفلسطينيين دون غيرهم الاعتراف بها دولة قومية للشعب اليهودي؟ ما هي الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها عبر اعتراف الفلسطينيين بذلك؟ ما هي الآثار المترتبة فلسطينياً على مثل هذا الاعتراف؟ وما هي الأسباب التي تجعل هذا الاعتراف غير وارد في الحسبان أصلاً؟!
صدر هذا الكتاب عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار . وقد صدر باللغة الإنجليزية بعنوان "عن الاعتراف بالدولة اليهودية" أشرفت على إعداده وتحريره د. هنيده غانم، المديرة العامة للمركز.
ويضم الكتاب مداخلات لكل من غانم وأنطوان شلحت ورائف زريق وحسن جبارين وأحمد الخالدي ويوسف تيسير جبارين ونمر سلطاني، تسعى للإجابة عن شتى الأسئلة التي يثيرها مطلب إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية، وفي مقدمتها لماذا تطالب إسرائيل الفلسطينيين دون غيرهم الاعتراف بها دولة قومية للشعب اليهودي؟ ما هي الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها عبر اعتراف الفلسطينيين بذلك؟ ما هي الآثار المترتبة فلسطينياً على مثل هذا الاعتراف؟ وما هي الأسباب التي تجعل هذا الاعتراف غير وارد في الحسبان أصلاً؟!.
ويستهل الكتاب تقديم كتبته غانم تؤكد في سياقه أن عدم اكتفاء إسرائيل بالاعتراف بها من جانب الفلسطينيين بالذات كدولة قائمة وعضو في الأمم المتحدة، وإصرارها على أن تعترف ضحيتها بهويتها الإثنية الحصرية كدولة يهودية، لا ينطوي على محاولة لفرض الرواية التاريخية الصهيونية على الفلسطيني وانتزاع اعتراف منه بأن ما حدث له من نكبة في العام 1948 ليس سوى"أثر جانبي" حتمي لـ "تحقيق الحق اليهودي التاريخي في فلسطين"فحسب، وإنما أيضا ينطوي على محاولة لتوريط المجتمع الدولي في إضفاء شرعية على المواطنة الإثنية الهرمية داخل إسرائيل التي يبقى فيها اليهود في أعلى درجات سلم المواطنة ويظل العرب المواطنون من سكان البلد الأصلانيين في أسفله.
وأشارت غانم إلى أن الإطار العام لهذا الكتاب كما مداخلاته يهدفان إلى وضع المطلب الإسرائيلي الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي ضمن سياقه الداخلي المحكوم بأزمات الهوية والصراعات بين التيارات المختلفة في اليهودية نفسها، وضمن سياقه الخارجي في إطار صراع إسرائيل والحركة الصهيونية مع الشعب العربي الفلسطيني، وكذلك في إطار صراعهما على حسم النقاشات الداخلية مع الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. ومن هنا جاء القصد بأن تكون مداخلاته ملمة بهذه المحاور كافة، نظراً إلى كونها توضّح المغزى الحقيقي من وراء استهداف الفلسطينيين دون غيرهم بهذا المطلب.
على صعيد آخر، أشارت غانم أيضاً إلى أن إسرائيل لا تنتظر أصلاً الحصول على شرعية بُنيتها المواطنية الإثنية والتفاضلية، إذ إنه بالتوازي مع محاولاتها فرض الاعتراف بها دولة قومية للشعب اليهودي على الفلسطينيين، تشهد ساحاتها الدستورية والتشريعية مساعي حثيثة ومتسارعة لتثبيت طابعها الإثني كدولة يهودية، وهو ما يتجلى في السعي حالياً نحو التوافق بين الأحزاب اليهودية على قانون أساس دستوري لتعريف إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، حيث قامت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني بتكليف الحقوقية البروفسور روت غابيزون بالعمل على وضع مسودة قانون أساس- إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي.
كما أنه بالإضافة إلى مساعي حسم النقاش الداخلي حول طابع إسرائيل الإثني والهوياتي تزخر المنظومة القانونية في إسرائيل بالقوانين التي تميز ضد العرب المواطنين فيها. وبحسب "مركز عدالة" يوجد اليوم أكثر من 55 قانوناً في إسرائيل تميّز ضد العرب الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، وتقيّد حريتهم في التعبير السياسي والمشاركة السياسية، وتميّز ضدهم في توزيع الموارد وتوزيع الأراضي، وفي جوانب أخرى هامة جداً للحياة الديمقراطية وللمساواة في الحقوق.