يرصد الكتاب، بأناة وتحليل دقيقين، فترة ولاية إيهود باراك في رئاسة الحكومة الإسرائيلية ومترتباتها على الصعد كافة، وبالأخص على راهن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني
يرصد الكتاب، بأناة وتحليل دقيقين، فترة ولاية إيهود باراك في رئاسة الحكومة الإسرائيلية ومترتباتها على الصعد كافة، وبالأخص على راهن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.
ومما جاء في تقديم الكتاب:
منذ أن أعلن عن إعتزال الحياة السياسية والحزبية، بعد هزيمة نكراء أمام أريئيل شارون، في شباط 2001، لا ينفكّ إيهود باراك، رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق، يشكّل "مادة دسمة" لكتب وأبحاث ومقالات عديدة في إسرائيل وفي خارجها على حد سواء. ومنها هذا الكتاب، الذي نضع ترجمته العربية الكاملة بين أيدي القراء العرب، إلتزامًا من "مدار"- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- بتوفير المزيد من مصادر الإطلاع والمعرفة عن الشأن الاسرائيلي العام في مضاميره المختلفة.
لم يكن الإكتراث بباراك وفترة رئاسته للحكومة الاسرائيلية، التي لم تدم طويلا (1999- 2001)، من قبيل الصدفة. وإنما ترتّب ذلك، بالأساس، على ما شهدته هذه الفترة من تغييرات دراماتيكية داخلية واقليمية لا تزال تلقي بظلالها السوداء على تطورات الأحداث حتى أيامنا الراهنة. ولعلّ التغيير الأشد خطورة يبقى متمثلا فيما ترتّب على تلك الفترة من دهورة لعملية السلام الاسرائيلية- الفلسطينية، التي لم يعد الآن من المبالغة رؤية أنها أعادت الصراع إلى مربعه الأول. زد على ذلك "تفويت الفرصة"، من جانب إسرائيل، للوصول إلى "إتفاق سلام تاريخي" مع سورية.
مؤلف الكتاب، رفيف دروكر، أشغل في السابق وظيفة المراسل السياسي لإذاعة الجيش الاسرائيلي. وانتقل أخيرًا إلى الوظيفة نفسها في القناة الاسرائيلية التلفزيونية العاشرة. ويشتمل الكتاب على توصيف لمختلف الجوانب التي شهدتها ولاية باراك في رئاسة الحكومة الاسرائيلية، وبالأخص المفاوضات مع سورية في آخر عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد والانسحاب الأحادي الجانب من جنوب لبنان ومؤتمر كامب ديفيد ومباحثات طابا واندلاع الانتفاضة والهبّة الشعبية للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. كما يتطرق إلى علاقة باراك الإستحواذية مع الإعلام والصراعات العاصفة في محيطه ومكتبه وإدمانه المرضّي على استطلاعات الرأي والسقوط السياسي لحكومته وحملته الإنتخابية في 2001.
"هراكيري" هي طريقة انتحار يابانية تتم على أساس بقر البطن إثر فشل شخصي فاضح. وينوّه دروكر إلى كون باراك درج، عادة، على أن يعتبر سقوطه المدوِّي بمثابة إنتحار واع، أشبه بهراكيري سياسي. لكنه انتحار ينمّ، برأيه، عن "ممارسة أصيلة" لإنسان كان جاهزًا للتضحية بمستقبله السياسي لصالح إسرائيل. لكن دروكر يؤكد أن هناك بونًا شاسعًا بين ادعاء باراك هذا وبين التوصيف الصحيح الذي ينبغي إدراج قراراته كافتها في إطاره، فيكتب قائلاً: "لا شكّ أن الـ 1,8 مليون ناخب الذين صوتوا لباراك في 1999 (عندما تنافس مع بنيامين نتنياهو) لم ينتخبوه لكي ينتحر، والأمر الأكيد أن هؤلاء لم يتوقعوا أن يأخذهم جميعًا معه".
ولا شك أن صدور الكتاب بالتزامن مع إعلان باراك أخيرًا عن عودته إلى النشاط السياسي يشكل فرصة أمام جميع المعنيين للإطلاع على مختلف مواقفه المتعنتة وقراراته الرعناء وأخطائه القاتلة، التي كلفت الشعبين ثمنًا باهظًا ولا تزال.