صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- "مدار" العدد 54 من المجلة الفصلية المتخصصة "قضايا إسرائيلية" يضم العدد محوراً خاصاً عن الأرض والقانون في إسرائيل وارتباطهما بالأيديولوجيا الصهيونية بعنوان "إسرائيل: الأرض، القانون، الأيديولوجيا وتركز مقالات المحور على تحليل أيديولوجيا سياسات الأراضي وأدوات تطبيقها قبل وبعد إقامة إسرائيل وتشريح إسقاطاتها على العرب الفلسطينيين في إسرائيل من خلال تأكيد أن أدلجة السياسات والأدوات المطبقة من أجل السيطرة على الأرض من قبل الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل تنطبق حالياً على ما في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967.
وساهم في مقالات المحور كل من رائف زريق (الأرض، القانون، الأيديولوجيا: مدخل)؛ راسم محيي الدين خمايسي (أيديولوجية، سياسات وأدوات السيطرة على الأرض وتهويد المكان)؛ أورن يفتحئيل (الحيز البدوي "غير المعترف به" مسألة إستراتيجية)؛ قيس يوسف ناصر (التخطيط والبناء في إسرائيل: بين السلطة المركزية والأقلية العربية)؛ رافيت حنانئيل (نظرة على السياسة القومية التي تنتهجها الدولة الإسرائيلية في موضوع الأراضي).
ويحوي العدد مقالتين: الأولى بعنوان "المنفى، التاريخ، وقومنة الذاكرة اليهودية: تأمّلات في "العودة إلى التاريخ" كفكرة صهيونية" بقلم الأستاذ الجامعي أمنون راز كركوتسكين يقوم فيها بتحليل فكرة "التاريخ" وفكرة "العودة" في الخطاب الصهيوني بغرض توضيح إسقاطاتهما السياسية والثقافية. والثانية بعنوان "المطرقة والمنجل والمحرقة: جمهور مشجعي فريق "هبوعيل تل أبيب" والهوية العلمانية الإسرائيلية" بقلم الأستاذ الجامعي تامير سوريك يشرّح فيها الخطاب السائد في ملاعب كرة القدم الإسرائيلية ومدرجاتها مشيراً إلى كونه تعبيراً عن صراعات أساسية تدور رحاها بين تعريفات "ما هو إسرائيلي".
في العدد مقابلة خاصة أجراها أنطوان شلحت وبلال ضـاهر مع الأديب الإسرائيلي أبراهام ب. يهوشواع ويؤكد فيها من ضمن أمور أخرى أن لدى اليهود استخفافاً عاماً بأوطان الآخرين، ومن هنا عدم اكتراثهم بما ألحقوه ويلحقونه من خراب وتدمير بوطن الفلسطينيين ولا سيما بعد احتلال 1967. كما يشير إلى تأييده حل الدولتين وأن الطريق الوحيدة هي الاتفاق مع الفلسطينيين على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية إلى إسرائيل مع تبادل أراض، مع إمكان بقاء أقلية يهودية في الدولة الفلسطينية العتيدة تحصل على مواطنة فلسطينية وتنصاع للقوانين الفلسطينية. كما تطرّق يهوشواع إلى دور الثقافة الإسرائيلية في الصراع مشيراً إلى أن مجايليه من الأدباء كانوا مرتبطين أكثر بالموضوع السياسي، في حين أن جيل الأدباء الإسرائيليين الشباب أهمل هذه الناحية كثيراً.
وفي باب قراءات يقدّم علي حيدر عرضاً نقدياً لكتاب إسرائيلي جديد للدكتور إيتان بار يوسف تحت عنوان رئيسي "فيللا في الغابة" وعنوان فرعي "إفريقيا في الثقافة الإسرائيلية" يسلط الضوء على السنوات المؤسسة أو ما يسمى "العصر الذهبي" للعلاقات الإسرائيلية- الإفريقية (1957- 1973). ويقدّم خلدون البرغوثي قراءة في كتاب عباس شبلاق "يهود العراق: تاريخ ترحيل جماعي" الذي يعالج الأسباب التي أدت خلال عام ونيف إلى رحيل غالبية يهود العراق عن بلدهم إلى فلسطين.
وفي معرض تقديم ملف العدد كتب مدير تحرير المجلة رائف زريق: "الأرض في فلسطين كانت ولا تزال جوهر الصراع. منذ البداية كان المشروع الصهيوني ينوي ويعمل على الاستيلاء على الأرض. إن الاستيلاء على الأرض هو هدف مضمر ومعلن في المشروع الاستيطاني الصهيوني، إذ من غير الممكن أن يكتب النجاح لمشروع كهذا يرغب في إقامة "بيت قومي" لليهود في فلسطين إذا لم يستطع الاستيلاء على الأرض أولاً.
"وعليه فإن الفكر الصهيوني يجد تجليه الأفضل والأعمق في كل ما يتعلق بنظام وقوانين الأراضي، وما تاريخ قوانين الأراضي في فلسطين/ إسرائيل إلا تعبير مكثف عن تاريخ الصراع بمجمله. ولذا فإن دراسة تاريخ الأراضي، قوانين الملكية بالأساس، وقوانين التنظيم والبناء هي مدخل أولي وأساس في فهم عمل وسياسة ومنطق الدولة الإسرائيلية، الذي يذهب عميقاً تحت السطح ويفسر الكثير من الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى".