العدد 13 من قضايا ، ليس مصادفة أننا في كل عدد من "قضايا إسرائيلية" ننشر دراسة أو أكثر عن جذور الفكر الصهيوني والعقيدة الصهيونية منذ نشوئها وحتى اليوم، وذلك لأن إسرائيل هي وليدة هذا الفكر وهي تجسد هذه العقيدة، ولا يمكن فهم هذا المجتمع دون العودة إلى جذوره، ودراسات هذا العدد تتناول الموضوع من زوايا مختلفة، تاريخية وأنثروبولوجية وثقافية.
الكيبوتس، كان قبل قيام إسرائيل وحتى مطلع الثمانينيات أحد أهم المشاريع التي تغنت بها الحركة الصهيونية وإسرائيل، في التدليل الزائف على أنها مجتمع الإشتراكية والمساواة وتقديس العمل، وقد سوقت الكيبوتس في العالم حتى أصبح أحد رموز الدولة العبرية، وكانت الحكومات التي شكلتها حركة العمل من حزب "المباي" التاريخي وحتى "العمل" تدعم هذه القرى التعاونية التي شكلت أحد أهم مؤسسات الإستيلاء على الأرض في البلاد، وكذلك كانت مصدر نشوء النخب العسكرية والسياسية والثقافية المسيطرة (الإشكنازية بطبيعة الحال) أضف إلى ذلك أنها كانت في تلك المرحلة المؤسسة الرأسمالية الأكثر تأثيراً على رأس المال الإسرائيلي، وبعد صعود اليمين (الليكود) العام 1977 إلى الحكم وفتح السوق الإسرائيلية على التنافس الحرّ وخصخصة المرافق الإقتصادية، بدأت أزمة الكيبوتس الإسرائيلي ولم يبق منه إلا سيطرته على الأرض.
في هذا العدد دراسة عن محاولة إسرائيل إقامة كيبوتس عربي، فكرة غيبية تتناقض وفكرة إقامة الكيبوتس تاريخياً، لأن الكيبوتس العربي لا يمكن أن يقوم بدور الكيبوتس التقليدي، فكيف خطرت ببال الحالمين بهذا الكيبوتس فكرة إقامته والتخطيط له ومحاولة تشكيله، كيف بدأت وكيف انتهت؟
سنواصل دراسة إسرائيل كظاهرة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، لا بل ظاهرة تاريخية ليس لها مثيل في التاريخ، ولعل أحد تناقضاتها العديدة هو الوجود العربي الفلسطيني في داخلها، ليس كأقلية من المهاجرين بل كأهل لهذا الوطن الذي تحكمه أكثرية من المهاجرين. فرادة وغرابة وتناقضات هذه الظاهرة في هذا العدد وفي ما سيأتي لاحقاَ.