تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 2198

تصاعدت في نهاية الأسبوع الفائت حملة تبادل الاتهامات بين الليكود وتحالف "أزرق أبيض" على خلفية تعثر مساعي تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي كُلّف رئيس التحالف الأخير عضو الكنيست بيني غانتس بتأليفها منذ نحو أسبوع.

وادعى رئيس الحكومة وحزب الليكود بنيامين نتنياهو مساء أمس (السبت) أن حزبه توصل إلى اتفاق نهائي مع "أزرق أبيض"، لتأليف حكومة وحدة وطنية بينهما لكن الأخير يرفض التوقيع على الاتفاق لسبب غير معلوم، ولكنه في الوقت ذاته شدّد على أنه يرفض إلغاء تعطيل الكنيست وانتخاب رئيس جديد له وهدّد بوقف المفاوضات إذا ما أصروا في "أزرق أبيض" على ذلك.

في المقابل نفت مصادر مسؤولة في "أزرق أبيض" ما قاله نتنياهو، وأكدت أن ما يسعى التحالف له الآن هو تفعيل الكنيست الذي تم شل عمله من طرف رئيسه يولي إدلشتاين تلبية لرغبة سيده نتنياهو، وانتخاب هيئاته ولجانه البرلمانية، وفي مقدمها انتخاب مرشح التحالف لمنصب رئيس الكنيست.

بموازاة ذلك أكدت عدة تحليلات أنه يجب عدم السماح لحالة الهلع من فيروس كورونا أن تعمي أعين الجمهور عن رؤية أن رئيس الحكومة نتنياهو وأعضاء الليكود يستغلون الأزمة للبقاء في السلطة حتى ولو بثمن تدمير الديمقراطية.

وأشارت هذه التحليلات إلى أنه تحت غطاء إدارة أزمة الكورونا، يقوم نتنياهو وحكومته بتحييد جهاز القضاء وعزل السلطة التشريعية.

كما أكد القطب في تحالف "أزرق أبيض" عضو الكنيست موشيه يعلون أن نتنياهو والليكود لا يقبلان نتائج الانتخابات التي جرت يوم 2 آذار الفائت وأسفرت عن عدم تمكن معسكر أحزاب اليمين واليهود الحريديم (المتشددون دينياً) من الفوز بالأغلبية المطلوبة لتأليف حكومة.

وأضاف يعلون أن هذه هي المرة الثالثة التي يحاول فيها نتنياهو الوصول إلى 61 عضو كنيست كي يتهرب من محاكمته ويحكم كديكتاتور.

تصريحات نتنياهو

أكد بنيامين نتنياهو في مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية 12 مساء أمس السبت، أن حزبه توصل إلى اتفاق نهائي مع خصمه السياسي "أزرق أبيض"، لتأليف حكومة وحدة وطنية بينهما، لكن ادعى أن الأخير يرفض التوقيع على الاتفاق لسبب غير معلوم.

وكشف نتنياهو تفاصيل الاتفاق قائلاً: "اتفقنا على تأليف حكومة مناصفة بيننا في كل شيء، في رئاسة الحكومة وفي عدد الوزراء. بمعنى أن أتناوب أنا عن الليكود وغانتس عن أزرق أبيض على رئاسة الحكومة، بحيث يقضي كل واحد منا سنة ونصف السنة في هذا المنصب". وأضاف "أما فيما يتعلق بالتشكيلة الوزارية، فقد اتفقنا على تقاسم الحقائب بشكل متساوٍ تماما فيما بيننا".

وتابع نتنياهو: "تم التطرق خلال الاتفاق إلى 4 مناصب مهمة: رئاسة الكنيست ووزارة المالية، واقترح أزرق أبيض أن يكون هذا المنصبان من نصيبنا، وأن يأخذ هو وزارتي الدفاع والخارجية، ولكنني لا أعلم لماذا لم يوقعوا على الاتفاق بعد".

كما أشار إلى ان الاتفاق ينص على تعيين وزير العدل بالتوافق، أو بموجب اتفاق تناوب بين الوزير ونائب الوزير.
وعن تأجيل محاكمته ادعى نتنياهو أن "المحاكم تعمل بشكل مستقل. وسأفعل بالضبط ما يأمرني به الجهاز القضائي. ستكون هناك محاكمة وسأحضر، وسأدحض الادعاءات ضدي بسهولة تامة".

والتفت نتنياهو بشكل استثنائي إلى الكاميرا في الستوديو، ودعا غانتس إلى الانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية. وتعهّد نتنياهو بإخلاء كرسي رئيس الحكومة في نهاية فترته بالتناوب، أي بعد سنة ونصف السنة. ورجّح أن يتم ذلك في أيلول 2021.

وشن نتنياهو هجوماً حادّاً على الرجل الثاني في "أزرق أبيض" عضو الكنيست يائير لبيد، واصفاً إياه بأنه معتوه ومعتبراً أنه هو العائق أمام تأليف حكومة وحدة.

وفي معرض حديثه عن تأليف الحكومة، هاجم نتنياهو النواب العرب وكرّر وصفهم بأنهم "داعمو الإرهاب"، وأكد أن حكومة الوحدة يمكن أن تضم الجميع باستثناء القائمة المشتركة.

كما تطرّق نتنياهو إلى مساعي "أزرق أبيض" لتشكيل اللجنة المنظمة للكنيست ولانتخاب رئيس جديد للكنيست ليحل محل يولي إدلشتاين (الليكود)، فقال "إنها محاولة للسيطرة تتناقض مع جميع المعايير". وأضاف أن الفكرة من وراء ذلك "هي تعيين رئيس للكنيست وسن تشريعات تمنعني من الترشح لمنصب رئيس الحكومة، وهذه قوانين إيرانية مجنونة"؛ وشدد نتنياهو على أن الجهود المستمرة للإطاحة بإدلشتاين ستنسف إمكان تشكيل حكومة وحدة وأوضح "إذا كنت رئيساً للحكومة أولاً فأنا أحتاج إلى رئيس الكنيست ووزير المالية".

تعقيب "أزرق أبيض"

نفى القطب في "أزرق أبيض" عضو الكنيست موشيه يعلون وجود أي اتفاق بين تحالفه وحزب الليكود لتأليف حكومة وحدة وطنية.
وأضاف يعلون في مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية 12 مساء أمس مباشرة بعد الانتهاء من إجراء المقابلة مع نتنياهو، أن المطلوب الآن هو تفعيل الكنيست وحماية الديمقراطية من المحاولات الرامية إلى تدميرها.

واتهم يعلون رئيس الحكومة باستغلال أزمة كورونا من أجل البقاء في السلطة والتهرب من المحاكمة.

كما شكّك رئيس "أزرق أبيض" بيني غانتس بنوايا نتنياهو، وقال في تعليقه على تصريحاته إن "الذي يريد الوحدة لا يعطّل الكنيست".
وقال يائير لبيد في رده على تصريحات نتنياهو: "إن من يريد تأليف حكومة وحدة لا يهدد ويضع مهلة عبر وسائل الإعلام، ولا يستخدم التسريبات، وبالتأكيد لا يضر بالديمقراطية والمواطنين، ولا يعطل عمل الكنيست".

وأضاف: "في خضم أزمة وطنية (كورونا)، يجلس رئيس الحكومة أمام شاشة التلفزيون ويكذب وينكر باستمرار. تهديدات نتنياهو الكاذبة لا تفزعنا، ولا الاتفاق الذي ليس له أصل. في الأسبوع المقبل (الحالي)، سيتم انتخاب رئيس جديد للكنيست وسندير البرلمان لمحاربة كورونا لصالح المواطنين. وهذا هو الشيء الوحيد المهم الآن".

يُذكر أن قادة تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس ويائير لبيد وموشيه يعلون وغابي أشكنازي عقدوا اجتماعاً في تل أبيب يوم الجمعة الفائت وناقشوا خلاله التطورات الأخيرة في الساحة السياسية الإسرائيلية.

وقال مسؤولو التحالف في نهاية الاجتماع إن خصمهم السياسي حزب الليكود هو الذي يتحدث عن تفكك تحالفهم، وأكدوا أنها شائعات لا يوجد لها أساس من الصحة، وأنهم سيعملون على تأليف حكومة وحدة وطنية بقيادة غانتس.

ليبرمان: نتنياهو لا يمكنه أن يكون ماو تسي تونغ

من ناحية أخرى أعرب رئيس حزب "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان عن استعداده للتراجع عن مواقفه الأخيرة، ودعم حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو إذا اتُفق على ذلك، نظراً لأزمة فيروس كورونا.

وقال ليبرمان في مقابلة تلفزيونية أمس أنه "مطلوب حكومة وحدة وطنية، وسندعم حكومة وحدة وطنية، من دون تلقي أي شيء".

وتطرق ليبرمان إلى أزمة كورونا منتقدا سلوك حكومة نتنياهو في هذا الشأن.

وحذر ليبرمان من أنه وفقاً لبيان حكومي، سنصل إلى مليون عاطل عن العمل، والنمو سيكون صفراً بالمئة، وسندخل في ركود اقتصادي، وكل هذا ونحن لا نملك حتى لجنة مالية في الكنيست. ورأى ليبرمان أن الوضع الاقتصادي في إسرائيل لم يكن سيئاً بالقدر الذي هو عليه هو اليوم ولا حتى بعد حرب الغفران (حرب أكتوبر) العام 1973.

وأشار ليبرمان إلى أن مليون عاطل عن العمل يعني وقوع زلزال في إسرائيل ليس فقط من ناحية سياسية إنما أيضاً من ناحية اجتماعية. ولفت إلى وجود عجز مالي في ميزانية إسرائيل يصل إلى 50 مليار شيكل.

وقال ليبرمان إن البيانات الصادرة عن نتنياهو تخلق الاكتئاب والارتباك، ولا يمكن العمل بهذه الطريقة. وعن سلوك نتنياهو قال إنه لا يمكنه أن يصبح ماو تسي تونغ، مشيراً إلى أنه بالرغم من الأزمة السياسية التي تعيشها إسرائيل، لا يوجد مجلس وزاري مصغّر (كابينيت) ولا حكومة انتقالية، وجميع القرارات يتخذها هو ولديه كل الصلاحيات.

واتهم ليبرمان نتنياهو باستخدام كورونا لتجاوز الأزمة السياسية، وقال إنه لأول مرة يجري اعتماد أنظمة طوارئ مشددة من دون موافقة الكنيست.

وكان ليبرمان يشير إلى إيعاز السلطات الإسرائيلية لجهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) بالبدء بتعقب تحركات الإسرائيليين في محاولة لمراقبة انتشار فيروس كورونا بين السكان. ويهدف التعقب، الذين يتم من خلال جمع بيانات من الهواتف الخليوية للإسرائيليين، إلى تنبيه الأشخاص بأنهم كانوا في الأسبوعين الأخيرين على بعد مترين لمدة عشر دقائق من شخص تبين أنه مصاب بالفيروس وحثهم على دخول حجر صحي.

وتستخدم الإجراءات الجديدة تكنولوجيا تعقب سُمح باستخدامها في السابق فقط لمراقبة مشتبه بهم بالإرهاب. وانتقدت مجموعات حقوقية ونشطاء سياسيون الحكومة التي يقودها حزب الليكود لقيامها بوضع هذه السياسة، مشيرين إلى أن استمرار حالة الجمود السياسي في الكنيست منعت تشكيل لجان برلمانية للإشراف على صلاحيات مراقبة جديدة وغير مسبوقة.

وأمرت المحكمة الإسرائيلية العليا يوم الخميس الماضي بوقف برنامج التعقب الجماعي هذا إذا ما فشل الكنيست الإسرائيلي في فرض رقابة برلمانية عليه في غضون مهلة خمسة أيام، تنتهي يوم الثلاثاء المقبل.

وجاء في القرار أنه إذا لم يقم الكنيست بتشكيل اللجنة المعنية لتمكين الرقابة البرلمانية على أنظمة الطوارئ هذه، لن يكون استخدام الصلاحيات الممنوحة فيها (بعد ظهر الثلاثاء) ممكناً حتى يتم اتخاذ قرار آخر. وبكلمات أخرى، إذا أخفق الكنيست في تشكيل اللجنة الفرعية البرلمانية للخدمات السرية للإشراف على أنشطة الشاباك، فيجب إيقاف استخدام وسائل التعقب الرقمية.

يجب وقف تدمير الديمقراطية

كما ذكرنا أعلاه أكدت عدة تحليلات إسرائيلية أنه يجب عدم السماح للهلع من الكورونا أن يعمي أعين الجمهور عن رؤية أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وأعضاء حزبه يستغلون الأزمة للبقاء في السلطة، وأنه تحت غطاء إدارة أزمة الكورونا، يقوم نتنياهو وحكومته بتحييد جهاز القضاء وعزل السلطة التشريعية.

وأشارت هذه التحليلات إلى أنه لا يكفي أنه بسبب الكورونا تأجلت محاكمة نتنياهو الجنائية، وأُعطي الشاباك ضوءاً أخضر لتعقّب المواطنين من دون رقابة برلمانية، بوسائل تُستخدم في محاربة الإرهاب، بل أيضاً تخلى رئيس الكنيست يولي إدلشتاين عن مهنيته وتجند لإنقاذ سيده بأي ثمن.

وقالت صحيفة "هآرتس" في افتتاحية خاصة أنشأتها بهذا الشأن إن إدلشتاين يمنع بجسده الكنيست من الانعقاد، ويمنعه من تشكيل لجانه. ومنذ أن فهموا في الليكود أنه ليس لكتلة اليمين - الحريديم أغلبية في الكنيست، منعوا انعقاده. والإجراءات التي يتخذها إدلشتاين مكشوفة وواضحة للغاية، لدرجة أنه من الصعب أن نصدق أنه لا يخجل من الدفع بها قدماً، مع المسّ بسمعته الحسنة.

وأضافت الصحيفة: حالة الطوارئ تُستغل بالكامل من قبل نتنياهو وشركائه من أجل وقف العملية الديمقراطية. يائير لبيد قال في الأمس "الآن المؤسسة الوحيدة التي تعمل في الدولة هي حكومة انتقالية غير منتخبة، مع رئيس حكومة خسر الانتخابات". ولبيد على حق. فالبرلمان متوقف عن العمل. والحكومة تمنع تشكيل لجان الكنيست، بما فيها لجنة معالجة أزمة الكورونا، ولجنة الخارجية والأمن ولجنة المالية، الضرورية كلها لمعالجة الأزمة. ومن دون خجل، يستغلون في الليكود حتى توجيهات وزارة الصحة من أجل التخلص من التفوق النسبي لحزب "أزرق أبيض" في اللجنة المنظمة، التي من دونها لا يمكن تفعيل عمل الكنيست إلى حين تشكيل الائتلاف الحكومي. وذلك على الرغم من أن توجيهات وزارة الصحة استثنت الكنيست، وبالتالي، خلافاً للتصويت في قاعة الكنيست، في إمكان أعضاء اللجان مشاهدة النقاش عن بعد والمشاركة في التصويت بواسطة ورقة يتركونها.

وختمت الصحيفة: يتعين على نتنياهو ورفاقه التوقف عن إنكار نتائج الانتخابات وتجاهُل إرادة الجمهور. إذا كانت الحكومة سمحت لنفسها باستخدام "وسائل رقمية" لتعقّب المواطنين، فإنها بالتأكيد قادرة على استخدامها من أجل عقد جلسة الكنيست وإجراء اقتراع وتشكيل اللجان البرلمانية. وقد قال رئيس الدولة رؤوفين ريفلين لإدلشتاين إن وقف عمل الكنيست يمس بقدرة الدولة على العمل في أوقات الطوارئ. وريفلين على حق. وممنوع باسم الحرب على الكورونا السماح بانهيار النظام الديمقراطي.