تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1910

سبعة ضباط كبار أقيلوا أو دُفعوا للاستقالة خلال العام ونصف العام الماضيين، وتخوفات من المس بأداء الشرطة اليومي

توالت فضائح الفساد التي ارتبطت بضباط من أعلى مستوى في قيادة الشرطة الإسرائيلية، خلال الأسابيع الأخيرة الماضية. واستدعى قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة ("ماحاش")، التابع لوزارة العدل، الضباط برتبة نقيب، وهي أعلى رتبة في الشرطة بعد المفتش العام.

 

 

وجرى خلال العام ونصف العام الماضيين التحقيق مع ضباط بشبهة ضلوعهم في مخالفات فساد متنوعة، لكن العاصفة التي تضرب جهاز الشرطة في الأسابيع الأخيرة تتعلق بشبهات حول ارتكاب نقباء مخالفات جنسية، بينها التحرش الجنسي، وإقامة علاقات جنسية بين نقباء وشرطيات عملن تحت إمرتهم، وهو سلوك يتنافى مع القانون.

 

وأشار محللون إلى أن هؤلاء الضباط لم يبادروا في جميع الحالات إلى التحرش بشرطيات، وإنما هناك شرطيات برتب متدنية بادرن إلى التحرش بنقباء من أجل الحصول على ترقية، وأن النقباء استجابوا لذلك، ما يعني، وفقا للقانون، إنهم حصلوا على رشوة جنسية.

 

وكُشف النقاب، يوم الأربعاء الماضي، عن أن قائد الشرطة في منطقة الساحل، النقيب حغاي دوتان، مشتبه بالتحرش الجنسي بحق خمس شرطيات، ليلحق بذلك بستة نقباء آخرين مشتبهين بارتكاب مخالفات مشابهة. وتم في الوقت نفسه الكشف عن شبهات مشابهة ضد قائد الشرطة في مدينة بئر السبع، موشيه إيفغي، المشتبه بالتحرش بثلاث شرطيات عملن تحت إمرته، وبينهن شرطية حامل في شهرها الخامس.

 

وكان المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يوحنان دانينو، قرر إقالة جميع هؤلاء الضباط وإبعادهم عن كافة مراكز الشرطة، بالتزامن مع فتح "ماحاش" تحقيقا جنائيا مع كل واحد منهم.

 

وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية، في نهاية الأسبوع الماضي، إن "ماحاش" تجري تحقيقا أوليا بشأن نقيب ثامن، بعد أن وصلتها شكوى من شخص مجهول، تتهمه بارتكاب مخالفات تحرش جنسي وإقامة علاقات جنسية غير قانونية مع شرطيات.

 

لكن مصادر في "ماحاش" قالت إنه "في حال تبلورت أدلة ضد الضابط فإنه سيتم استدعاؤه للتحقيق". وأوضحت المصادر نفسها "لأنه تصل إلينا أحيانا معلومات تدفعها مصالح مختلفة، فإننا نتعامل مع الأمر بالحذر المطلوب". رغم ذلك، أكدت مصادر رفيعة في الشرطة و"ماحاش" أن هذه العاصفة التي تضرب بجهاز الشرطة الإسرائيلية ما زالت بعيدة عن الهدوء.

 

أربعة مناصب رفيعة شاغرة

 

ويشار إلى أن عدد الضباط برتبة نقيب في جهاز الشرطة هو 18 ضابطا، وقد تم التحقيق وإقالة أو استقالة 8 نقباء. ورغم تعيين ضباط مكان قسم من أولئك الذين أقيلوا، إلا أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" أفادت، يوم الجمعة الماضي، بوجود أربعة مناصب شاغرة بعد إقالة النقباء منها في أعقاب هذه الفضائح، وهذه المناصب هي: نائب المفتش العام للشرطة، بعد إقالة النقيب نيسيم مور من منصبه للاشتباه بارتكابه مخالفات جنسية بحق تسع شرطيات؛ قائد منطقة الساحل، بعد إبعاد النقيب حغاي دوتان عن منصبه للاشتباه بارتكابه مخالفات جنسية بحق خمس شرطيات؛ قائد الشرطة في منطقة الضفة الغربية، بعد استقالة النقيب كوبي كوهين بعد الاشتباه بإقامته علاقة ممنوعة مع شرطية. وما زال منصب قائد شرطة السير شاغرا، بعد تعيين قائدها النقيب تشيكو إدري قائدا لشرطة القدس، في أعقاب استقالة قائد شرطة القدس يوسي بيريانتي، بعد أن استقال خوفا من التصاق شبهات ضده في حال رشح نفسه لمنصب المفتش العام للشرطة.

 

وقبل  ذلك، اضطر قائد الشرطة في منطقة المركز، النقيب برونو شطاين، إلى الاستقالة بعد نشر شريط مصور يوثق مشاركته في حفلة أقامها المحامي رونال فيشر المشتبه بالتوسط في عملية رشوة كبيرة. وفي شهر شباط من العام الماضي استقال قائد وحدة التحقيقات في الجرائم الخطيرة، النقيب مناشيه أرفيف، في أعقاب الكشف عن ادعاءات ضده بالحصول على امتيازات من مقربين من الحاخام بينتو الذي يخضع للمحاكمة في إسرائيل والولايات المتحدة. وأقصي القائد السابق للشرطة في منطقة القدس، النقيب نيسو شوحام، عن عمله، في تشرين الأول من العام الماضي، وتم توجيه اتهام ضده بارتكاب أعمال مشينة، والتحرش الجنسي والاحتيال وخيانة الأمانة.

 

وفي ظل هذا الوضع الذي يسود جهاز الشرطة، توجه وزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهرونوفيتش، إلى المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشطاين، بطلب المصادقة على تعيين نقباء جدد، على الرغم من أن إسرائيل موجودة حاليا في فترة انتخابات، ومن شأن تنفيذ تعيينات جديدة كهذه أن يشكل تناقض مصالح.

 

وفي موازاة ذلك، رفض فاينشطاين طلب آخر تقدم به أهرونوفيتش بإخضاع مرشحين لمناصب رفيعة في الشرطة لفحص على آلة "بوليغراف" لكشف الكذب.

 

كذلك تجاهل المفتش العام دانينو دعوات له بتحمل المسؤولية عن الوضع المزري الذي وصل إليه جهاز الشرطة والاستقالة من منصبه. وألمح دانينو إلى أنه لا جدوى من استقالته، خاصة وأن نهاية ولايته باتت قريبة.

 

كود أخلاقي جديد للشرطة

 

قالت تقارير صحافية، في نهاية الأسبوع الماضي، إن الشرطة الإسرائيلية تعمل منذ الأسبوع الماضي، وفي أعقاب اتساع ظاهرة التحرش الجنسي بين القيادة العليا لهذا الجهاز، على وضع صيغة جديدة للكود الأخلاقي في الشرطة، وسيضطر جميع أفراد الشرطة، ومن سينضمون إلى العمل في الجهاز إلى التوقيع عليه والتعهد بتطبيقه.

 

ويتوقع أن يشمل الكود الأخلاقي الجديد قواعد سلوكية مشددة أكثر حيال العلاقات بين أفراد الشرطة، وخاصة بين شرطيين وشرطيات، في إطار ساعات العمل.

 

وسيشدد الكود الأخلاقي الجديد على المضامين التي يتناقلها أفراد الشرطة فيما بينهم بواسطة الرسائل على هواتفهم النقالة. واعتبر ضباط كبار في الشرطة أن من شأن هذه الخطوة أن تعبر عن التزام الضباط الكبار بتغيير توجهاتهم، وأن غايتهم إنعاش التعليمات الصادرة لهم في هذا السياق.

 

وقال المبادرون إلى هذا الكود الأخلاقي، إنه لا توجد نية بتعليم أفراد الشرطة ما هو مسموح أو محظور، لأن القوانين واضحة لهم جميعا.

 

وعقدت قيادة الشرطة عدة مداولات، خلال الأيام الماضي، بهدف البحث واتخاذ قرارات بشأن سبل التعامل مع تبعات الفضائح التي التصقت بكبار الضباط، وأدت إلى إقالة وفتح تحقيقات ضد ثمانية من هؤلاء الضباط.

 

وقالت تقارير صحافية إن التخوف هو من أن تنفيذ خطوات بعيدة المدى من شأنها المس بالأداء اليومي للشرطة، ولذلك تقرر في هذه الأثناء التركيز على التشديد على التعليمات القائمة فقط.

 

المطالبة بتعيين شرطيات برتبة نقيب

 

خصصت صحيفة "هآرتس" افتتاحية عددها الصادر يوم الجمعة الماضي لهذا الموضوع، وأشارت إلى أن النقيب دوتان هو سابع نقيب يضطر إلى مغادرة صفوف الشرطة في ظروف محرجة، والرابع بسبب شبهات بالتحرش الجنسي.

 

ورأت الصحيفة أن هذا "العفن التنظيمي الذي انتشر في شرطة إسرائيل يتسرب إلى خارجها، فيما جزء كبير منه مغروس بمفاهيم شوفينية ظلامية وخطيرة على النساء، ومثلما أفادت ضابطة الشرطة المتقاعدة في مقابلة صحافية، بعد الكشف عن التحقيق الأخير (مع دوتان)، بقولها ’جميعهم كانوا يعلمون، وجميعهم صمتوا’".

 

واعتبرت الصحيفة أنه "على الرغم من الأجواء المتأزمة التي تلف الشرطة وانعدام ثقة الجمهور المتزايدة بها، إلا أنه ينبغي الترحيب بكشف الخلل والعيوب، والأمل بأن تستبدل رياح جديدة موكب المشتبهين الخارج من هيئة القيادة العليا. وينبغي على هذه الرياح أن تشمل ، عدا الإخلاص للكود الأخلاقي والقانون، ثقافة جنوسية جديدة، تتلاءم مع القرن الواحد والعشرين".

 

وأضافت الصحيفة أنه "في الوقت الذي يجلس فيه حول طاولة القيادة العليا إلى جانب المفتش العام 18 نقيبا رجلا، ومن دون أن تكون هناك أي ضابطة برتبة نقيب، فإنه لا ينبغي الاستغراب من المفاهيم الشوفينية تجاه النساء في هذا الجهاز، واعتبارهن مخلوقات منحطة وغير مؤهلات بما يكفي لإشغال مناصب مهمة، ولذلك فإنه بالإمكان أن ينفذ بحقهن كل ما يخطر على روح القائد".

 

ولفتت الصحيفة إلى أن الشرطيات يشكلن نسبة 30% من القوى العاملة في الشرطة الإسرائيلية، ويخدمن في جميع المهمات الميدانية، وبضمنها المهمات العملانية، مثل التحقيق في جرائم قتل، عمليات التحري وقيادة مراكز شرطة.

 

وتساءلت الصحيفة "كيف يمكن أن هذا الجهاز لم ينجح في أن تنمو فيه ولو نقيبة واحدة مناسبة؟ ألم تنجح أي امرأة في تجاوز المواصفات النوعية للنقباء الموجودين، الذي يتم طرد الكثيرين منهم بخزي  في هذه الأيام ؟".

 

وقالت الصحيفة أن تعيين المفتش العام دانينو لضابطة في منصب مستشارة لشؤون النساء، "ليس أنه غير كاف فقط من أجل حل المشكلة العميقة، وإنما مجرد وجود منصب كهذا يدل على التخلف الخطير الذي تعاني منه الشرطة في كل ما يتعلق باستيعاب مكانة النساء في العالم الغربي. وفي إطار تنظيف الإسطبلات في شرطة إسرائيل، ينبغي معالجة هذه المشكلة قبل أي شيء آخر".