تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1589

يبدو أن الولايات المتحدة، من خلال الإدارة الأميركية والكونغرس، حاضرة بقوة في المعركة الانتخابية الجارية في إسرائيل. ورغم أن بعض التفاصيل لا تثبت هذا التدخل، لكن الأمور تُسوّق بهذا الشكل على الأقل.

من جهة، تبدو صورة الحضور الأميركي في المعركة الانتخابية الإسرائيلية واضحة للغاية، من خلال دعوة رئيس الأغلبية الجمهورية في الكونغرس، جون باينر، لرئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، إلى إلقاء خطاب حول إيران في الكونغرس، قبل شهر من الانتخابات، التي ستجري في 17 آذار المقبل. وبناء على طلب نتنياهو، تم تأجيل موعد الخطاب إلى 3 آذار، أي قبل أسبوعين فقط من يوم الانتخابات.

 

وجرت دعوة نتنياهو لإلقاء هذا الخطاب من دون إبلاغ البيت الأبيض، ما أثار غضب الرئيس باراك أوباما. وأعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أنه علم بشأن خطاب نتنياهو في الكونغرس من تقارير نشرتها وسائل الإعلام.

وتبين أن إسرائيل، أيضا، خدعت الإدارة الأميركية في هذا السياق. فقبل ساعات قليلة من الإعلان عن دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس، كان كيري يجتمع مع سفير إسرائيل في واشنطن، رون ديرمر، وهو مستشار سابق وأحد أكثر الأشخاص المقربين من نتنياهو. لكن ديرمر لم يش بسر الخطاب أمام كيري.

وأعلن أوباما وكيري، الأسبوع الماضي، أنهما لن يلتقيا مع نتنياهو خلال زيارته لواشنطن. وقال أوباما إن الاجتماع مع نتنياهو قبل أسبوعين من الانتخابات الإسرائيلية "ليس لائقا". والقضية لا تنحصر هنا بجر الرئيس الأميركي إلى المعركة الانتخابية في إسرائيل، وإنما هي بمثابة "صب الزيت على نار" الأزمة المتصاعدة في العلاقات بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، وبينهما شخصيا، في ظل الخلافات الحادة حول الملفين الإيراني والفلسطيني.

وسيلقي نتنياهو خطابين في العاصمة الأميركية، الأول في الكونغرس، والثاني أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "إيباك"، الذي يعقد في بداية الشهر المقبل.

 

توقيت النشر عن اغتيال عماد مغنية

 

في أعقاب الغضب الشديد في الإدارة الأميركية على دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" ومجلة "نيوزويك"، في نهاية الأسبوع الماضي، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) شاركت في عملية اغتيال القائد العسكري لحزب الله، عماد مغنية، في دمشق في شباط العام 2008.

وكان الاعتقاد السائد حتى الآن، أن الموساد الإسرائيلي هو الذي اغتال "رئيس أركان قوات حزب الله"، قبل سبع سنوات. إلا أن التسريبات لوسيلتي الإعلام الأميركيتين تشير إلى أن عملية اغتيال مغنية استندت إلى معلومات استخباراتية زودتها CIA للموساد.

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل لم تعلن أبدا، بشكل رسمي، مسؤوليتها عن اغتيال مغنية. لكن النشر في وسيلتي الإعلام الأميركيتين، أول من أمس السبت، لا يترك مجالا للشك بأن الموساد نفذ عملية الاغتيال هذه. فقد كتب الصحافي جيف ستاين في "نيوزويك" أن الولايات المتحدة كانت الجهة التي قادت الاغتيال، فيما أكد الصحافي آدم غولدمان في "واشنطن بوست" أن واشنطن كانت شريكة مركزية في تنفيذ الاغتيال.

ووفقا لـ"واشنطن بوست"، فإنه في مساء يوم 18 شباط العام 2008، غادر مغنية مطعما محليا في ضاحية كفر سوسا بعدما تناول فيه وجبة العشاء. وسار باتجاه سيارته، فيما كانت تتعقبه خلية من عملاء "سي. آي. إيه.". وعندما وصل إلى سيارته انفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة في الدولاب الاحتياطي، وقُتل مغنية على الفور.

وجاء في "واشنطن بوست" أن أفراد الموساد، الذين كانوا يجلسون في تل أبيب وعلى اتصال مع خلية المراقبة في دمشق، هم الذين فجروا العبوة. ونقلت الصحيفة عن مصدر أميركي قوله إن "الإسرائيليين طلبوا أن يضغطوا هم على الزناد. لقد كانت هذه عملية انتقام بالنسبة لهم".

وبحسب رواية "نيوزويك"، فإن العملاء الأميركيين هم الذي صنعوا العبوة الناسفة ونقلوها إلى سورية، عبر الأردن، وفي ليلة تنفيذ الاغتيال تواجد في موقع العملية عملاء من "سي. آي. إيه" والموساد. وتعرف أحد عملاء الموساد على مغنية، بينما قام عميل أميركي بتفجير العبوة.

وذكرت "واشنطن بوست" أن "سي. آي. إيه" والموساد تنازلا، خلال تعقب مغنية، عن اغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي كان يرافق مغنية حينذاك، وأنه "في نقطة زمنية واحدة، وقف الرجلان في المكان نفسه وفي الشارع نفسه. وكل ما كان ينبغي فعله هو الضغط على الزر وحسب... لكن أفراد الخلية لم يحصلوا على إذن من الرئيس (جورج بوش الابن) لقتل سليماني".

في إثر نشر هذين التحقيقين، تردد في إسرائيل سؤال واحد مركزي حول توقيت نشرهما. وتم ربط مسألة توقيت النشر بالعلاقة الوثيقة، آنذاك، بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، والتلميح، أو حتى القول صراحة، إلى عواقب الأزمة بين أوباما ونتنياهو، في الوقت الراهن.

كذلك يأتي النشر بعد انتهاء جولة تصعيد بين إسرائيل وحزب الله، بدأت بغارة إسرائيلية في القنيطرة، في مطلع الأسبوع قبل الماضي، وقتل ستة مقاتلين من حزب الله وجنرال إيراني، وانتهت برد حزب الله عليها بهجوم في مزارع شبعا، يوم الأربعاء الماضي، أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة سبعة آخرين. ورغم عدم تحمل إسرائيل مسؤولية الغارة، إلا أن قوات الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان أكدت أنها رصدت مروحيات مقاتلة إسرائيلية تتجه نحو موقع الغارة.

وكنب محلل الشؤون الاستخباراتية والإستراتيجية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين برغمان، أمس، أنه "بمدى عمق العلاقات الوثيقة بين البيت الأبيض ومكتب رئيس الحكومة (الإسرائيلي) يكون الارتباط الاستخباراتي بين الأجهزة في الدولتين".

وأشار برغمان إلى أنه على الرغم من العلاقة الوثيقة في حينه بين رئيس الموساد، مئير داغان، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يادلين، وبين رئيس "سي. آي. إيه"، مايكل هايدن، إلا أن هذه العلاقة الوثيقة ما كانت ستتحقق من دون العلاقة الوثيقة بين رئيسي حكومة إسرائيل، أريئيل شارون وايهود أولمرت، وبين الرئيس بوش الابن.

وألمح برغمان إلى توتر العلاقات الحالي بين أوباما ونتنياهو بالقول إنه "بالإمكان الاشتياق فقط إلى تلك الأيام".

ولفت برغمان إلى أن تعلق الاستخبارات الإسرائيلية بحليفتها الأميركية بالغ جدا. وحول سبب حاجة الموساد إلى الأميركيين، إذا ما نجح في تعقب مغنية والتعرف عليه في دمشق، كتب برغمان أن السبب هو أنه توجد سفارة أميركية في دمشق، ولذلك فإنه "بالإمكان إرسال بريد دبلوماسي (سري) إليها، وتوجد لموظفيها شرعية في التواجد في دمشق، وبإمكانها أن تشكل عنوانا للجوء في ساعة الهروب".

وطرح برغمان سؤالا آخر: كيف نجح الموساد بالوصول إلى مغنية، الذي حافظ طوال السنين على نظام أمني صارم كي يبتعد عن الأضواء واستخدم هويات مزورة، حتى في دمشق التي تعتبر آمنة بالنسبة له؟ وأجاب برغمان على هذا السؤال بأن "كل ما نُشر بهذا الخصوص في السنين الأخيرة لا يقترب من الحقيقة" في إشارة إلى أن الموساد ليس الجهة التي وصلت إلى مغنية.

كذلك رأى المحلل العسكري في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، أن النشر حول ضلوع الاستخبارات الأميركية في اغتيال مغنية "يتضمن رسالة واضحة موجهة إلى إسرائيل. وبالإمكان وصف ذلك بمثابة تذكير بكم كانت جيدة العلاقات بين الدولتين في الماضي، في فترة أولمرت وبوش".

وأضاف بن دافيد أنه "على خلفية التوتر والحضيض في العلاقات في أعقاب الخطاب المزمع لرئيس الحكومة نتنياهو في الكونغرس، فإن التحقيق بإمكانه أن يكون بمثابة تذكير بالأمور الكبيرة التي بالإمكان تنفيذها عندما يكون هناك تعاون وتنسيق" بين إسرائيل والولايات المتحدة.

ويأتي الكشف عن هذه القضية، وتحميل نتنياهو مسؤولية توتير العلاقة مع أوباما وانعكاس عواقب ذلك على إسرائيل وأمنها، في أوج المعركة الانتخابية الإسرائيلية الحالية. 

 

نتنياهو يتهم إدارة أوباما بتمويل حملة لإسقاطه

 

يحاول حزب الليكود الحاكم، برئاسة نتنياهو، ربط إدارة أوباما بنشاط جمعيات تدعم الحملة الانتخابية لكتلة "المعسكر الصهيوني"، التي يقودها رئيس حزب العمل، إسحاق هرتسوغ، ورئيسة حزب "هتنوعا" (الحركة)، تسيبي ليفني، والدعوة إلى إسقاط نتنياهو عن الحكم.

وعقد حزب الليكود مؤتمرا صحافيا في تل أبيب، أمس، اتهم فيه جمعيتي "انتصار 2015 – V15" و"صوت واحد" بأنهما ترتكبان مخالفات جنائية لقانون تمويل الجمعيات، وأنهما جمعتا ملايين الدولارات من أجل القيام بحملة داعمة لـ"المعسكر الصهيوني" بغية إسقاط نتنياهو.

واستعرض المحامي دافيد شيمرون، وهو محامي الليكود وعائلة نتنياهو، خلال المؤتمر الصحافي، ما وصفه بأنه "أدلة على مخالفات جنائية" ترتكبها الجمعيتان.

وقال شيمرون إن "قضية الجمعيات اليسارية 2015 تُنفذ من خلال الاستعانة بمنظمات يسارية، مثل ’صوت واحد’ و’مولاد’، المدعومة بملايين الدولارات التي يتم ضخها من أوروبا والولايات المتحدة و’الصندوق الدائم لإسرائيل’. وكل هذا يجري، من خلال تدخل جهات دولية معنية بإسقاط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وهذه مخالفة خطيرة لقانون تمويل الأحزاب الذي يضع حظرا جنائيا على تبرع من جهات من خارج البلاد لأحزاب سياسية في إسرائيل".

وقالت تقارير صحفية إسرائيلية إن جمعية "V15" تأسست قبل شهر، ويدعو نشطاؤها إلى تغيير الحكم في إسرائيل، لكنهم لا يدعون الناخبين إلى التصويت لحزب معين. ويدعي قياديون في حزب الليكود أن هذه جمعية وهمية وغايتها جمع تمويل من خارج البلاد لصالح الحملة الانتخابية لكتلة "المعسكر الصهيوني".   

ونقل موقع "واللا" الالكتروني عن مصادر في الجمعية قولها إن المتبرعين هم الملياردير اليهودي دانيال أبراهام، ورجل الأعمال ومؤسس جمعية "صوت واحد" دانيال لوفتسكي، ورجل الأعمال ألون كستيئيل، وأوري فايس، وجميعهم يؤيدون حل الدولتين وبعضهم يعارض الاستيطان.

وتستند حملة جمعية "V15" إلى الحملة الانتخابية لأوباما في انتخابات الرئاسة الأميركية في العام 2008. وينفذ الحملة في إسرائيل مكتب العلاقات العامة الأميركي نفسه الذي نظم حملة أوباما.

ورفضت الجمعية الإفصاح عن المبالغ التي قدمها كل واحد من المتبرعين، لكنها شددت على "أننا نعمل بموجب القانون، وحتى أننا توجهنا بمبادرتنا إلى مراقب الدولة بعد تأسيس الجمعية مباشرة، وقبل تقديم الليكود التماسا ضدنا، وقدمنا للمراقب معلومات حول أهداف الجمعية ونشاطها".

كذلك شددت الجمعية على "عدم وجود أي دولة أو حزب أو إقليم ما يقدم تبرعات إلى الجمعية".  

لكن حزب الليكود يدعي أن تمويلا من الإدارة الأميركية وصل إلى جمعية "صوت واحد"، الضالعة في تمويل "V15"، وأن عضو الكنيست السابق، يوئيل حسون، هو مرشح في "المعسكر الصهيوني" الأمر الذي يثبت العلاقة بين الجمعيتين.

وعقبت "صوت واحد" على ذلك بالقول إن "صوت واحد هي حركة من أجل دفع تسوية سياسية وتعمل مع جميع الأحزاب في الكنيست. ويوئيل حسون ليس ناشطا في الجمعية ولم يكن عضوا في إدارتها".   

وتبين من تحقيق نشره موقع "واللا" أمس، أن ثمة قياديين بين حزبي اليمين الليكود و"البيت اليهودي"، "جمعوا مبالغ غير مسبوقة من حيث حجمها من رجال أعمال وشخصيات هامة في خارج البلاد، لتمويل حملاتهم الانتخابية داخل الحزبين".