تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1516

سعى رئيس حكومة إسرائيل الأسبق، أريئيل شارون، إلى تأجيج المواجهات التي اندلعت في أعقاب اقتحامه للحرم القدسي، في نهاية شهر أيلول من العام 2000، عندما كان لا يزال رئيسا للمعارضة.
وبعد شهور قليلة، عقب فوزه برئاسة الحكومة، اتبع شارون سياسة ضد الفلسطينيين تقوم على مبدأين: تأجيج الانتفاضة، والانتقام، على غرار العمليات الانتقامية ضد الفلسطينيين التي نفذها كقائد للوحدة 101 في بداية سنوات الخمسين من القرن الماضي، وخلال حرب الاستنزاف التي تلت "حرب الأيام الستة" (حرب حزيران 1967).

 


وبثّت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، في شباط الفائت، حلقتين من برنامج "هَمَكور"، أي المصدر، الذي يعده ويقدمه المحلل السياسي في القناة الصحافي رفيف دروكر، تحت عنوان "أريك شارون والانتفاضة الثانية".

وهاتان الحلقتان هما، عمليا، ترجمة تلفزيونية لكتاب "بوميرانغ"، أي السهم المرتد، من تأليف دروكر والصحافي عوفر شيلح، الذي أصبح الآن عضو كنيست عن حزب "يوجد مستقبل".

رغم ذلك، ثمة أمور جديدة يكشف عنها البرنامج التلفزيوني، وبينها أن شارون، كرئيس للحكومة، رفض في البداية فكرة بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية.

واستمزج البرنامج التلفزيوني أقوال وآراء شخصيات إسرائيلية كانت في مركز العمل السياسي والأمني والعسكري والاستخباراتي منذ اندلاع الانتفاضة، وأنهت مهامها الآن، الأمر الذي سمح لها أن تتحدث بحرية، وبشكل لم تتحدث مثله في الماضي.

ويستعرض هذا التقرير الخاص الأقوال التي أدلى بها هؤلاء المسؤولون خلال البرنامج التلفزيوني.  وكل الشهادات، الواردة أدناه، قيلت للبرنامج التلفزيوني في الفترة القليلة الماضية.

الشرارة الأولى للانتفاضة

في 28 أيلول 2000 اقتحم شارون الحرم القدسي الشريف وهو محاط بحلقات من الحراسة الأمنية المشددة. وأثار هذا الاقتحام غضبا فلسطينيا هائلا، كون اسم شارون مرتبطا بمجازر ارتكبت بحق الفلسطينيين، خلال العمليات الانتقامية، وفي لبنان، وبشكل خاص مجزرة صبرا وشاتيلا. ورغم التحذيرات، الفلسطينية والإسرائيلية، من عواقب اقتحام شارون للحرم، إلا أن رئيس حكومة إسرائيل حينذاك، إيهود باراك، صادق على "صعود" شارون إلى الحرم. وخلال وجود شارون في الحرم بدأت المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش والشرطة الإسرائيلية، وسقط شهداء، الأمر الذي شكل الشرارة الأولى لاندلاع الانتفاضة الثانية.

وقال نائب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) بين الأعوام 2000 و2003، يوفال ديسكين، الذي أصبح بعد ذلك رئيسا للشاباك، إن عناوين الصحف الإسرائيلية نقلت حينها عن "كل متحدث، أمني أو آخر، نبوءة مفادها أننا نتجه نحو انفجار، مواجهة، سفك دماء. والجميع انتظر عقاب الثقاب الذي سيشعل النيران هنا. وفعلا جاء عود الثقاب هذا على شكل الأحداث في جبل الهيكل [أي الحرم القدسي]، في نهاية أيلول 2000".

وأشار مدير ديوان رئيس الحكومة شارون، خلال ولايته الأولى، أوري شاني، إلى أن فكرة اقتحام الحرم "ولدت خلال الحملة الانتخابية. فقد كان لدينا مستشار أميركي، وأحد ادعاءاته أن القدس في حينه، وآمل أنها كذلك اليوم أيضا، كانت الموضوع المركزي العاطفي في قلب كل يهودي - إسرائيلي".

وقال رئيس الشاباك بين الأعوام 2000 و2005، آفي ديختر: "قدّرنا بأن زيارة شارون في جبل الهيكل يمكن أن تسبب في نهاية الأمر بعض أعمال الشغب، لكن ليس شيئا ما دراميا، ولذلك صادقت على زيارة شارون لجبل الهيكل".

إلا أن شاني أكد أن تنفيذ ذلك هو أمر محفوف بالمخاطر. وقال "أعرف على الأقل أن عومري [نجل شارون] وأنا عارضنا. لقد بدا لنا أن الصعود إلى جبل الهيكل هو جنون، لكن بعد أن اتخذ القرار، رافقناه. من الناحية الجسمانية... طوله متر وبعض المتر، وكان محاطا بحلقة قريبة منه، ثم بأفراد وحدة ي. س. م. [وحدة الشرطة الخاصة] وفي الحلقة الأوسع أفراد الشرطة. وجالوا في الباحة ذهابا وإيابا. صدقني، هو لم ير شيئا".

بعد ذلك بيومين استشهد الطفل الفلسطيني محمد الدرة، فيما كانت المواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية تتصاعد.

وقال رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة، اللواء غيورا آيلاند، مستعيدا ما حدث من وجهة نظره، إن "أداءنا كله، كجيش، وبضمن ذلك أدائي كرئيس لشعبة العمليات في تلك الفترة، كان خاطئا جدا. لقد نبع هذا من نوع من السذاجة التي لا مبرر لها، وبقدر معين لا يمكن الصفح عن هذا الأداء".

وسرعان ما تحولت الانتفاضة الثانية إلى انتفاضة مسلحة.

وقال ديختر "ما زلت أذكر مشارف رام الله. كنت أشاهد في الجهة الشرقية حشودا فلسطينية وسمعت صوت إطلاق نار. وبعد ذلك، بالطبع، أدركنا من المعلومات الاستخباراتية أن أفراد الأمن الفلسطينيين شاركوا في إطلاق النار هذا، وفهمنا أننا في فيلم آخر".

من جانبه شدد رئيس الحلبة الفلسطينية في دائرة الأبحاث التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" في حينه، العميد الدكتور إفرايم لافي، على أن "الجيش فشل". وأضاف: "أقول بشكل لا لبس فيه إن الجيش فشل في احتواء الأحداث، لأنه لم يكن مستعدا لمواجهة حدث جماهيري. هذه المواجهة لم تكن ضرورية، لا من جانب الفلسطينيين ولا من جانبنا".

وقال ديسكين في هذا السياق إن "هذه الأحداث بدأت، والجيش الإسرائيلي مستعد جدا. بل ربما كان مستعدا أكثر مما ينبغي. وفي الأسابيع الأولى، وربما حتى في الشهور الأولى، كانت نسبة القتلى بيننا وبين الفلسطينيين 1:15. مقابل كل حوالي 15 قتيلا فلسطينيا قُتل إسرائيلي واحد. لقد أنتج هذا دائرة دموية من أحداث كان يمكن أن تستمر أسبوعا، أسبوعين، ثلاثة أسابيع، أو شهرا، لكن هذه الأحداث تحولت إلى دائرة من الانتقام والعمليات العدائية الانتقامية".

"عرفات لم يبادر إلى الانتفاضة"

اعتبر ديسكين أن أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، مروان البرغوثي، حاول الدفع في اتجاه مواجهات تستمر أسبوعا أو اثنين "لأنه كانت لديه مصلحة في أن يظهر لعرفات [الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات] من هو الآمر الناهي في الضفة. وهو لم يؤمن بأن هذه ستستمر لخمس وست وسبع سنوات".

لكن المسؤولين الإسرائيليين ما زالوا يرددون حتى اليوم الادعاء بأن عرفات كان المبادر للانتفاضة. وأحد هؤلاء المسؤولين هو وزير الشؤون الاستراتيجية الحالي، موشيه يعلون، الذي كان نائبا لرئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بين الأعوام 2000 و2002، وشارك في الوفد الإسرائيلي إلى قمة باريس، في الرابع من تشرين الثاني العام 2000، والتي شارك فيها عرفات وباراك ووزيرة الخارجية الأميركية، مادلين أولبرايت. وكان هدف القمة وقف المواجهات واستئناف المفاوضات. وعقد الاجتماع في منزل السفير الأميركي في باريس.

وقال يعلون إنه في مرحلة ما خرج أعضاء الوفود من غرفة الاجتماع، التي بقي فيها عرفات وباراك وأولبرايت، وقد ارتفع صوت عرفات "وفجأة شاهدناه يخرج، ويدخل إلى المرسيدس التي انتظرته في الخارج وتوجهت مسرعة نحو البوابة... ولحقت به وزيرة الخارجية وهي تصرخ نحو الحراس: ’لا تسمحوا له بالخروج! لا تسمحوا له بالخروج!’ ووصلت إلى سيارة عرفات وأمسكته من ذراعه وأخرجته وعادا إلى المبنى".

وزعم يعلون أنه "تم منع عرفات من التهرب هذه المرة، ولكنه حينها تهرب عمليا، بعد أن توجب عليه العودة من قصر الإليزيه، ولم يعد ولم يوقع" على اتفاق تهدئة.

لكن الصحافي دروكر أكد أن شهادة يعلون هذه كانت مضللة، وأن باراك سعى، خلال الاجتماع، إلى استفزاز عرفات وتفجير الاجتماع. ليس هذا وحسب، بل إن باراك سعى إلى رسم صورة مزورة لنتائج القمة. وقال الصحافي "لقد كنت في باريس في ذلك اليوم. إلا أنني اكتشفت بعد وقت طويل أن باراك أهان عرفات بصورة شديدة هناك. وبالمناسبة، عندما كنا في الطائرة عائدين، كنا متأكدين من أن كل شيء في طريقه إلى النهاية. وقد قال رئيس الحكومة إن ’أوج المواجهة من ورائنا’. وخيل لجميعنا أن هذا هو الاحتكاك العنيف الأخير، وأن هذه بضعة أيام دموية قبل الاتفاق الكبير".

وادعى يعلون أيضا، محملا عرفات مسؤولية اندلاع الانتفاضة، إنه "لن تجد أمرا واحدا صادرا عن هتلر يقضي بإبادة الشعب اليهودي. لكن هذا حدث".

كذلك ادعى ديختر أن "عرفات بدأ حربا بشكل متعمد. وكان أسلوب العمل أن عرفات هو الملك".

وقال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة "أمان"، عاموس غلعاد، إن "عرفات مهد الأرض. وكانت هنا يد موجهة".

غير أن شهادة ديسكين نفت كل هذه المزاعم. وقال "لم نعثر على أية خطة في الدرج، ولم نجد نشيطا واحدا يروي لنا عن استعدادات نفذها عرفات لهذه المواجهات. ولأسف عدد غير قليل من أفراد ’أمان’، جاءت عملية ’السور الواقي’ العسكرية [لإعادة اجتياح الضفة] وتم اعتقال جميع نشطاء فتح القياديين، الذين تم التحقيق معهم حول دورهم ودوره... دور السلطة الفلسطينية ودور عرفات في هذه القصة، وفي هذه التحقيقات أيضا، ويا للعجب، لم نجد تأكيدا على دور كهذا. وبالمناسبة، فإن أفراد ’أمان’ أيضا، واجهوا صعوبة في تقبل هذا الأمر. وقد حققوا مع المعتقلين، وهم أيضا لم ينجحوا في إثبات اعتقادهم بأي شكل".

وتابع ديسكين أن "عرفات بكل بساطة لم يخطط لهذه القصة. وهو ببساطة حاول أن يستغل الانتفاضة كانتهازي، ويوجد انتهازيون في السياسة، وليس في الجانب الفلسطيني فقط. ونحن نعرف انتهازيين آخرين، وهذا ما فعله" في إشارة إلى عاموس غلعاد. وأضاف ديسكين أن "عاموس غلعاد لم يقم بعملية تقويم وبحث، ونفذ عملا إعلاميا في ذلك الوقت وثمة فارق بين الأمرين".

وقال مستشار الشؤون الفلسطينية السابق لرؤساء الشاباك، ماتي شتاينبرغ، إن "يوسي بن أري، وهو ضابط سابق برتبة عقيد، وأحد رؤساء دائرة الأبحاث التابعة للموساد، تلقى أمرا بعد شهر أو شهرين من اندلاع الانتفاضة، بأن يدقق في ما إذا كانت في مخزون المعلومات الاستخباراتية أية معلومة بهذا الخصوص [دور عرفات]، وأكد بصورة واضحة جدا، وقاطعة، أنه لا توجد أية معلومة بهذا الخصوص".

"شارون المفترس" يلتف على الأنظمة وتزوير التقويمات الاستخباراتية

تحدث أوري شاني عن ولاية بنيامين نتنياهو الأولى في رئاسة الحكومة، بين الأعوام 1996 و1999. وقد كان شارون في هذه الفترة منبوذا ويبدو كما أنه في نهاية حياته السياسية. وبحسب شاني فإنه وعومري شارون أقنعاه بأنه ينبغي أن يستعد لخلافة نتنياهو في رئاسة حزب الليكود، ومرشح الحزب لرئاسة الحكومة. وأضاف أن "عومري وأنا كنا حينذاك، في تلك الفترة، متغطرسين جدا وقلنا له: ’كل شيء ترغب في فعله، افعل عكسه’. وكان هذا شبيهًا بأن تأخذ أسدا مفترسا وتحوله إلى أسد لا يفترس كل شيء. هذا هو شارون نفسه الذي إذا سألته: ’ماذا تريد أن تأكل؟’، يتعين أن يكون لديك 20 نوعا مختلفا من الوجبات خلف الباب، وإلا فإن الوضع يصبح خطيرا".

استقال باراك من رئاسة الحكومة في كانون الأول 2000، وفاز شارون برئاسة الحكومة في الانتخابات التي جرت بعد ذلك (في 2001)، وحصل على أغلبية تزيد عن 62% من الأصوات.

ووصف شاني شارون لدى وصوله إلى كرسي رئاسة الحكومة بالقول إن "أريك تغيّر، لكن هذا التغيير، أكرر، كان من أسد يفترس كل شيء يتحرك، إلى أسد مفترس يقرر رويدا رويدا، بمعنى أنه سيفترس القطيع كله لكن بشكل أبطأ".

وأضاف شاني "عندما كانت تقع عملية تفجيرية كان شارون يريد تصفية الجميع وعلى الفور، حتى لو كان هؤلاء في الدائرة القريبة والمقربة [من المسؤول عن تنفيذ العملية]، وأولئك الذين سيولدون في المستقبل. ولو أحضرناه إلى موقع العملية، لما كنا سنسيطر على ما سيحدث لأنه لن يكون بالإمكان إيقافه. رغم ذلك فإن شارون تجاوز الجميع، وتحدث مباشرة مع كل من توجب أن يتحدث معه ويكاد أن يصدر أوامر".

وأشار شاني إلى أن شارون سعى إلى تجاوز الأنظمة التي يخضع لها رئيس حكومة إسرائيل، مثل تسجيل محاضر اجتماعات ومكالمات هاتفية ووجود السكرتير العسكري على الخط الهاتفي  وما إلى ذلك. وقد تجاوز شارون كل هذا وأصدر أوامر لضباط الجيش من خلال اجتماعات ميدانية معهم.

وقال رئيس "الإدارة المدنية" في الضفة الغربية التابعة للجيش الإسرائيلي، العقيد دوف تسادكا، إن "قائد كتيبة اسمه إيرز فينر، أطلق سلسلة، هكذا يسمونها في سلاح المدرعات، وهي عبارة عن ثلاث قذائف باتجاه بيته [أي بيت قائد الأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة حينذاك، جبريل الرجوب] بادعاء أنه تم إطلاق النار من مكان قرب بيته. وقد نجا جبريل بأعجوبة. وبالمناسبة، جهازه كان الوحيد بين جميع الأجهزة الذي لم يشارك في أية أحداث عنيفة أو أحداث إطلاق نار ضد قواتنا. وقائد الكتيبة ذاك كان يعرف أن هذا بيته. وقد تفاخر لاحقا بهذا الأمر، وحتى أنه تلقى المديح على عدوانيته وأدائه من رئيس الحكومة أيضا. لقد سمعت بأذني شارون يمتدح فينر على هذه العملية. ولذلك فإن رسالة كهذه تمر، وتتغلغل، وتصبح مثالا يحتذى".

وتحدث لافي، المسؤول السابق عن الحلبة الفلسطينية في دائرة الأبحاث في "أمان"، عما هو أخطر من ذلك. وقال إنه "في مرحلة معينة، بدأت تُسمع في ’أمان’ تقويمات مختلفة عن الأمور التي قيلت في نشراتنا الرسمية. وتحدثت هذه التقويمات المختلفة بروح تلاءمت بشكل كامل مع رسالة المستوى السياسي في كل ما يتعلق بمسؤولية عرفات عن اندلاع الانتفاضة. وهذه الآراء والتقويمات قيلت شفهيا فقط وبعد تشكيل حكومة شارون الجديدة".

واتهم لافي أن هذه كانت عملية تزوير للتقويمات الاستخباراتية: "نعم، كانت هنا ظاهرة تزوير التقويمات الاستخباراتية. وهذا خطير جدا بنظري، من الناحيتين الاستخباراتية والأخلاقية. وعلى سبيل المثال، جرى التوجه إلي من أجل كتابة ’كتاب أبيض’ يجرم عرفات. وقد قيل لي بصورة لا لبس فيها إن هذا أمر من رئيس الحكومة أو طلب من رئيس الحكومة أريئيل شارون. وقد شرحت لقادتي أنه على الرغم من أن هذا أمر من رئيس الحكومة إلا أنه يحظر علينا تنفيذ ذلك، وفعلا لم نفعل هذا".

وأضاف لافي "إنني أعرف أنه في حينه أدرك قياديون في أجهزة الاستخبارات أنه توجد مشكلة، لكن معظم أولئك القياديين صرحوا بذلك بشكل صريح فقط بعد خروجهم من مناصبهم. وكانت هناك عدة حالات قيل فيها [من جانب عاموس غلعاد]: اسمع، لقد قمنا بعمل جيد. والتقويمات التي زودناها خلال العام 2000 كانت جيدة جدا، لكني أعتقد الآن أنه لم تكن هناك إمكانية للتوصل إلى تسوية منذ البداية".

ولم ينفِ غلعاد اتهامات لافي له، وقال إن "التقويم الاستخباراتي كان ضمن صلاحيتي، وهو لم يكن مختلفا... أي أنه كان شفافا لدى جميع الأجهزة. هذا حقي أن أطلب منه كتابة تقويم مسنود بالمعلومات، وهذا طلب مهني ومن حقه أن يقول: أنا أرفض، وسأكتب تقويما آخر".

إعادة اجتياح الضفة بعملية "السور الواقي" كانت خطة معدة سلفا

قال محامي شارون ومدير ديوانه كرئيس للحكومة في ولايته الثانية، دوف فايسغلاس، إن شارون أراد تنفيذ عملية "السور الواقي"، التي جرت في نهاية آذار 2002، قبل ذلك بوقت طويل.

وقال شاني "كنا نريد الدخول إلى القصبات، والقيام بعملية عسكرية ذات معنى كبير، والسيطرة على يهودا والسامرة [أي الضفة الغربية]، أي أن نسيطر فعلا، والدخول إلى أماكن لم يدخلها أحد من قبل، ولا حتى في الفترة الأردنية".

ورغم أن أيا من المحيطين بشارون لم يصرح بوجود خطة معدة سلفا، إلا أن شاني قال إنه "أدركنا أنه توجد مهمة وأنه إذا كان لدينا رد فعل يأخذ بالحسبان الرأي العام العالمي فإننا لن نصل إلى الخطة الشاملة بالدخول، وإعادة احتلال، والسيطرة على المناطق [أي الضفة]، ووقف الإرهاب، والانتصار عليه. وهذه الخطة كانت موجودة منذ اليوم الأول التي وصل فيه شارون إلى منصبه. إنها موجودة. ولم تكن قابلة للتنفيذ في البداية. والجيش لم يفهم في البداية. لم يستوعب الخطة. هذا ما أراده شارون ونحن نريد الوصول إلى هناك. وفي نهاية الأمر علينا أن ندرك أن هذا هو الأسد الذي تحدثت عنه، وهو ليس قادرا على العيش مع وجود العمليات العدائية. إنه يخرج عن طوره. إنه ليس مستعدا لتقبل هذا الأمر. وهو يرى بذلك عجزا... لقد أراد احتلال المدن [الفلسطينية]، كل شيء/ كل شيء/ حتى النهاية. القضاء عليهم".

في غضون ذلك حاول وزير الخارجية الإسرائيلية، شمعون بيريس، التوصل إلى اتفاق مع أحمد قريع (أبو العلاء)، يفضي إلى وقف المواجهات والانتفاضة. لكن هذا لم يكن ملموسا على أرض الواقع.

وقال تسادكا إنه "على الأرض، وبتوجيهات واضحة جدا من المستوى العسكري، استمر القتال. لقد كانت هناك قطيعة موجهة، أو غير موجهة، لكن كان واضحا أن ما يحدث ميدانيا لا علاقة له مع المستوى السياسي، وكان السلوك على أرض الواقع [أي أداء الجيش الإسرائيلي] كما لو أنه لا توجد محادثات [مع الجانب الفلسطيني]ٍ. لا يوجد سحب قوات، لا توجد مناطق منزوعة السلاح، لا توجد تهدئة أجواء عند مفترقات الطرق، وقد كان هذا أكثر من حالة معزولة عن المحادثات. وكان يتم القول للمستوى العسكري: أنتم منعزلون عن المستوى السياسي. استمروا في القتال".

وقال السكرتير العسكري لوزير الدفاع الإسرائيلي، العقيد مايك هرتسوغ، إنه "كانت هناك حالات لم ينفذ الجيش الإسرائيلي فيها تعليمات المستوى السياسي. وسأكتفي بهذا. أنظر، لقد عمل الجيش في إطار أجواء معينة قالت إننا نحارب الإرهاب، وينبغي تحطيم الإرهاب. وفي أكثر من مرة ساروا في هذا الاتجاه أبعد مما ينبغي".

 

شارون يوجه القيادة العسكرية خلال محادثات ليلية: على الفلسطينيين أن يحصوا قتلاهم!

عقد شارون لقاء ليليا مع قيادة جهاز الأمن الإسرائيلي، خارج مكتبه بالطبع، وشرح ما يريد فعله ضد الفلسطينيين. وقال شاني إنه "تم عقد لقاء ما زلت أذكره حتى اليوم في بيت رئيس الحكومة، وشارك فيه رئيس الشاباك ونائبه، ورئيس هيئة أركان الجيش ونائبه، والسكرتير العسكري".

وقال ديسكين "حقا، يصعب نسيان هذا اللقاء. وقد جلسنا من الساعة العاشرة أو الحادية عشرة ليلا وحتى الرابعة أو الخامسة صباحا".

وأضاف شاني: "لقد شرح شارون مفهومه لهم، وقال: اسمعوا، توجد هنا انتفاضة. ويجب إخضاعها. لدي نوايا سياسية، وقد صرحت بها أمام [الرئيس الأميركي جورج] بوش. لا يمكن القيام بأي شيء سياسي، رغم أني أريد ذلك، من دون أن نقضي على هذه الهبة المسلحة بالقوة".

وتابع شاني أن "شارون قال: علينا أن نستيقظ في الصباح وينبغي على الفلسطينيين أن يستيقظوا في الصباح، بعد ليلة جرت خلالها إكس عمليات في جميع الخطوط. وهم يحصون القتلى في الصباح. أولئك الذين أرسلوا [منفذي العمليات] وأولئك الذين نفذوها، وينبغي القيام بذلك في كل مكان، وكل صباح، وكل يوم عشرات ومئات [القتلى الفلسطينيين]. هكذا تحدث. كميات [القتلى] تؤثر عليهم".

وقال ديسكين إن "روح أقواله [شارون] كانت، في نهاية الأمر، كيف نجبي ممن ينفذون العمليات التفجيرية ضدنا، أقصى ما يمكن من ثمن".

اغتيال رائد الكرمي

في كانون الثاني 2002 اغتالت إسرائيل قائد "كتائب شهداء الأقصى" في مدينة طولكرم، رائد الكرمي. وجاء هذا الاغتيال خلال فترة وقف إطلاق نار اتفق عليها الجانبان. وتم الاغتيال بعد أن اكتشف الشاباك أن الكرمي كان يذهب في الليل إلى أحد البيوت، ويمر من مكان يوجد فيه جدار حجري. وقد انتزع الشاباك أحد الحجارة ووضع مكانه لغما على شكل حجر، وفجره لدى مرور الكرمي.

ولا يزال السجال دائرا في إسرائيل: هل كان بالإمكان وقف إطلاق النار في حينه؟

في حينه، وحتى شن عملية "السور الواقي"، اتبعت إسرائيل سياسة الاغتيال ضد النشطاء الفلسطينيين. فقد طوّر الجيش والشاباك قدرات تكنولوجية كبيرة من أجل تنفيذ الاغتيالات. وتفجرت هواتف محمولة، ودخلت الصواريخ من نوافذ سيارات الفلسطينيين الذين كانوا أهدافا للاغتيال.

وقال لافي حول اغتيال الكرمي، وهو عملية أدت إلى تفجر غضب فلسطيني هائل في حينه، إنه "كانت هناك عدة حالات أوصى فيها رؤساء حلبات إرهابية وأنا، كرئيس للحلبة الفلسطينية، بعدم تنفيذ العملية. وذلك لأننا أشرنا إلى العواقب الخطيرة التي قد تكون لعملية الاغتيال هذه. وللأسف الشديد، فإن الأنشطة العسكرية والإمكانيات العسكرية لتنفيذ الاغتيال تغلبت على أي اعتبار آخر".

وأضاف لافي أنه "ساد واقع كهذا، وعمليا فإنه نتيجة لنشاطنا هذا جررنا عددا أكبر من أجهزة الأمن [الفلسطينية] إلى داخل دائرة العنف. وفي نهاية الأمر انجرّت كافة الفصائل الفلسطينية أيضا. وأعتقد أنه لا يمكن المبالغة في ذلك" بأن اغتيال الكرمي أدى إلى استئناف الانتفاضة.

وقال شتاينبرغ إن "رائد الكرمي فعل كل ما في استطاعته، وحتى في الأيام الأخيرة التي سبقت اغتياله، من أجل منع جهات من تنفيذ عمليات. وفي الفترة التي نتحدث عنها كان هناك اتفاق وقف إطلاق نار وتعين أن تدرك أو تقدر أن تصفية رائد الكرمي ستقطع وقف إطلاق النار وستدفع كالمجانين نشطاء فتح، تنظيم فتح، إلى الانتقام. هذه هي النتيجة الإستراتيجية. أناس لا توجد جنة عدن في مفهومهم بدأوا ينفذون عمليات انتحارية. وتذكر أنه في آذار 2002، صادقت جامعة الدول العربية على مبادرة السلام العربية. وتخيل لو أن وقف إطلاق النار استمر حتى آذار. ألم يكن هذا مخرجا استراتيجيا من الانتفاضة، وليس عودة فقط إلى الوضع السابق، وإنما ستولد الانتفاضة الطريق إلى هواء العالم السياسي؟".

لكن لدى رد شتاينبرغ على سؤال حول ما إذا كان رئيس الشاباك، ديختر، على اطلاع على المعلومات بشأن سعي الكرمي إلى تثبيت التهدئة، قال: "أفضل ألا أجيب عن هذا السؤال. أعرف الإجابة، لكني أفضل ألا أجيب". وفي تلميح إلى الإجابة قال "عُد مرة أخرى إلى الأقوال الواضحة التي قلتها في البداية، وأنه لم يكن قنبلة موقوتة".

وقال مايك هرتسوغ إن "ما يمكنني قوله هو أنه بعد اغتيال رائد الكرمي، حررنا صماما، وانضمت من خلاله جهات في تنظيم فتح [إلى العمليات الانتحارية]. وأعتقد أن الكثيرين بيننا، وبعد أن حدث ما حدث، توصلوا إلى الاستنتاج بأنه ربما أخطأنا".

غير أن ديسكين يرى الأمور بشكل مختلف. وقال إنه "بالإمكان القول بنظرة إلى الوراء إنه لو لم تتم تصفية رائد الكرمي لربما توقفت الانتفاضة هناك. وأقول لك بنظرة إلى الوراء أيضًا، ويل لدولة إسرائيل لو أن الانتفاضة الثانية انتهت في وضع لم تخضع فيه الإرهاب حتى النهاية. ويل لدولة إسرائيل لو أن الانتفاضة انتهت في هذه النقطة بعد سقوط هذا العدد من المصابين والقتلى ولم نخضع الإرهاب"، رغم أن الخسائر البشرية الفلسطينية كانت أضعاف ذلك، ناهيك عن الخسائر المادية والدمار الهائل في الجانب الفلسطيني.

المستوطنون يحرضون الجيش المُطالب بقتل عشرات الفلسطينيين يوميا

لا يمكن الحديث عن الانتفاضة من دون التطرق إلى المستوطنين ودورهم في التحريض على الفلسطينيين، خاصة وأن المستوطنين هم أقوى لوبي في إسرائيل.

وتطرق تسادكا إلى تأثير المستوطنين على قرارات الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين خلال الانتفاضة. وقال إن "الضغوط كانت هائلة، من أجل اقتلاع أشجار وهدم بيوت وتشويش مجرى الحياة وتقييد تنقل الفلسطينيين. وكان يتم امتحان قادة الألوية... وأنا أقول هذا بكل مسؤولية. كانوا يمتحنون من جانب المستوطنين. لقد كان المستوطنون يشاركون في اجتماعات الجيش لتقويم الوضع. هكذا بالضبط. كان يأتي وزير الدفاع [بنيامين بن إليعازر في ولاية شارون الأولى، وشاؤول موفاز في ولايته الثانية] إلى منطقة الخليل. وعندما يأتي مندوب الشاباك من أجل استعراض تقرير أمامه وأمام الضباط، كانت تجلس في الاجتماع أوريت ستروك ونوعام أرنون [وهما من غلاة المستوطنين المتطرفين في البؤرة الاستيطانية في قلب الخليل، وستروك أصبحت عضو كنيست الآن]، وكانا يقولان إن ’عدد شكاوى الفلسطينيين في منطقة اللواء أو الكتيبة إكس كانت قليلة، ولذلك يتضح أن هذه الكتيبة تتعامل معهم بإنسانية زائدة. بينما شكاوى الفلسطينيين في مناطق كتائب أخرى أكثر، بسبب التعامل الصارم والشديد وهذا يعني أن هذه الكتائب أفضل، وهي نشطة أكثر وتفرض النظام’. هكذا كان المستوى. وكانت أوريت ستروك تقول هذا إلى وزير الدفاع".

وأردف تسادكا: "أذكر اجتماعا لبلورة الموقف. وقد عقد في تلة الذخيرة " جبعات هتحموشت " [في شمال القدس الشرقية]. لقد طالب رئيس هيئة أركان الجيش [شاؤول موفاز] بكميات من القتلى. وقال: ’علينا أن نؤثر على الميدان بواسطة القتلى. فبواسطة القتلى سيفهم الفلسطينيون رسائلنا’. وفي هذا الاجتماع طلب رئيس هيئة أركان الجيش عدم تسجيل أقواله. هذا الاجتماع الذي طُلب فيه، وأنا اقول هذا بنعومة، من كل كتيبة قتل عدد من الفلسطينيين. وما زلت أذكر الكلمات. فلقد قال موفاز: ’إنني أطلب من كل قائد كتيبة، حتى نهاية النهار، أن يكون في منطقته عشرة قتلى في الجانب الثاني’".

وقال أحد منفذي هذه العمليات، من دون ذكر اسمه أو إظهار وجهه، إنه بعد عملية عين عريك بدأ الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عمليات انتقام بحق الفلسطينيين: "رووا لنا في اجتماع إرشادي ما حدث في عين عريك. لم يستخدموا كلمة ’انتقام’ لكن هذا كان موجودا في الجو، وكان واضحا أن هذا ما يحدث. وكان الأمر العسكري بأن يتم قتل جميع أفراد الشرطة الفلسطينية الذين تواجدوا عند الحاجز. وفي نهاية المساء كان هناك 15 شرطيا فلسطينيا قتيلا. وهذا يعني أن قيادة الجيش أمرت بتنفيذ عملية انتقام بحق أشخاص لا علاقة لهم بعملية عين عريك".

وقال فايسغلاس في هذا السياق إن "شارون اعتاد القول دائما إنه عندما كان ضابطا شابا كان ’الضباط مثل الخيول يضربون الأرض ويبتهجون لدى تنفيذ أية عملية، وكان السياسيون يهدئونهم. لكن اليوم أصبح الوضع معكوسا. أنا أضرب الأرض بحدوتي وأنتم جميعا سياسيون’. وقد كان يستدعي الضباط إليه، ويقول لهم: ’إن الواقع اليوم هو أن العرب يقتلوننا، ومدة رد فعلنا يجب أن تكون مشابهة للمدة التي يطالب فيها رجال الإطفاء بغسل الشارع [بعد عملية تفجيرية]، وبعد ذلك تفتح المقاهي أبوابها ويعود كل شيء إلى طبيعته. وأنا أتوسل أمامكم، إذا لم تكونوا قادرين على الرد خلال ساعات [ضد الفلسطينيين]، فلا تقوموا برد فعل".

كذلك أكد مايك هرتسوغ أنه "كانت هناك رسائل توجه إلى القوات ومفادها أن رئيس الحكومة يريد تنفيذ رد فعل، وكان يطالب برد فعل قوي. وقد كان محبطا بشكل واضح، وعبر في كثير من الأحيان عن عدم ارتياحه من عدم وجود أهداف [فلسطينية] كافية ومن عدم ابتكار ردود فعل، وأذكر أنه قال عدة مرات: أنا مستعد لأن أرتدي اللباس العسكري والتجند لخدمة الاحتياط كقائد للجبهة الجنوبية".

وتحدث قائد لواء "جولاني"، العقيد موشيه تامير، عن احتلال مخيم جنين. وقال إنه تلقى أمرا بشن عملية احتلال مخيم جنين وقاد قوة مؤلفة من 1200 جندي. وأضاف أنه "في يوم تنفيذ العملية، وفيما كنا نتأهب للخروج، أبلغوني أن أحضر إلى مكتب رئيس هيئة أركان الجيش لإجراء استيضاح معي. وقد ذهلت عندما اكتشفت، خلال الحديث، أن رئيس هيئة الأركان ليس مطلعا على أننا نوشك على شن عملية احتلال مخيم اللاجئين، الليلة. ومن الأسئلة التي طُرحت أدركت أن رئيس هيئة الأركان لم يكن الوحيد الذي لم يطلع على أمر احتلال مخيم جنين". وتبين أن شارون هو الذي أصدر هذا الأمر العسكري.

وأضاف تسادكا أن "شارون كان يقول: ’أنا متفاجئ من أن الفلسطينيين ما زالوا قادرين على التنقل في الطرقات. هذا ليس مقبولا عليّ. هذا ليس صحيحا، وليس لائقا أن يستمروا في السفر على الطرقات. عليهم أن يدركوا أن الوضع تغير وأصبح مختلفا’. لقد كان شارون يجمع ضباطا بمستوى قادة ألوية. وبالنسبة لقادة الألوية فإن رئيس حكومة هو شخصية محل إعجاب، إضافة إلى ذلك فإنه جنرال متقاعد ولديه رصيد عسكري كبير جدا. وكان شارون يصدر تعليمات إلى قادة الألوية بشأن ما يطالب بتنفيذه. كان يطالب بجعل الفلسطينيين يخافون من تنفيذ عمليات. وكان يتم إخافتهم بإطلاق أصوات عواء ذئاب وصفارات إنذار وإطلاق نار وضجيج".

وأفاد ديسكين بأن الجيش الإسرائيلي تحفظ في البداية من إعادة اجتياح الضفة من خلال عملية "السور الواقي" العسكرية، التي طلب شارون تنفيذها. وحذر الجيش من أن عملية كهذه ستؤدي إلى سقوط مئات القتلى الإسرائيليين وآلاف القتلى الفلسطينيين. كذلك فإن وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، بنيامين بن إليعازر، عارض شن عملية عسكرية واسعة بهذا الشكل، لكنه عاد ووافق عليها على أثر ضغوط مارسها عليه رئيس هيئة أركان الجيش، موفاز.

وبعد ضغوط مارستها الأسرة الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، وافق شارون على وقف عملية "السور الواقي"، لكن في 22 حزيران 2002 شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية أخرى في الضفة، أطلق عليها اسم "طريق الحزم".

وخلافا لـ "السور الواقي"، التي تم خلالها زج قوات كبيرة للغاية يعادل حجمها خمس فرق عسكرية، فإنه خلال عملية "طريق الحزم" تم نشر قوات وتنفيذ مئات العمليات الموضعية بشكل مكثف ومتكرر.

وقال شاني "خلال [عملية] طريق الحزم، تم للمرة الأولى التعبير عن رؤيا شارون، التي كانت لديه منذ اليوم الأول لتوليه منصبه، وطالب فيها بأن يحصي الفلسطينيون قتلاهم كل صباح وفي كل ركن" من الضفة.

حصار عرفات

وأعاد البرنامج التلفزيوني بث شريط مصور يظهر فيه شارون وموفاز وهما يتهامسان، لكن الميكروفون التقط هذا الحديث، الذي تمحور حول عرفات.

قال موفاز: "يجب إزاحته". أجاب شارون: "أعرف، أعرف". ردّ موفاز: "الفرصة متاحة الآن، ولن تكون هناك فرصة أخرى".

ووفقا للبرنامج التلفزيوني فإنه بعد هذا الحديث تم فرض حصار مشدد على عرفات في مقر المقاطعة، وبدأ الجيش الإسرائيلي بهدم المقاطعة، ووصل إلى غرفة ملاصقة لغرفة الرئيس الفلسطيني.

وقال يعلون إن "شارون كان يتابع عملية هدم المقاطعة لحظة بلحظة، ويسأل قائد اللواء الإسرائيلي: ’لماذا ما زال هذا القسم من المبنى واقفا؟’".

وتناول البرنامج التلفزيوني في نهايته موضوع الجدار الفاصل.

وقال الوزير دان مريدور إن ديختر بدأ يطالب ببناء الجدار الفاصل، "لكن شارون رفض ذلك في البداية، وذلك لسبب بسيط هو أنه بالنسبة إليه كان الجدار يعني أن ما يقع خلفه ليس لنا. لكنه وافق على ذلك في نهاية الأمر".

                                                                        هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"