تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1688

يتوقع أن يحضر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى ديوان الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، مساء السبت المقبل، وهو اليوم الذي تنتهي فيه مدة الـ 28 يوما لتشكيل الحكومة الجديدة التي كلفه بيريس بها. وسيطلب نتنياهو تمديد مدة تأليف الحكومة بـ 14 يوما وفقا لما ينص عليه القانون الإسرائيلي. وفي حال عدم نجاح نتنياهو في تشكيل حكومة خلال هذين الأسبوعين الإضافيين، فإن بيريس سيكلف عضو كنيست آخر بمهمة تشكيل حكومة.

 


والرئيس الإسرائيلي غير ملزم من الناحية القانونية بمنح المكلف بتشكيل الحكومة مهلة إضافية من 14 يوما. لكن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن بيريس قوله في محادثات مغلقة إنه يعتزم الاستجابة لطلب نتنياهو بشأن المدة الإضافية. وكان بيريس ونتنياهو قد التقيا، يوم الاثنين الماضي، واستعرض نتنياهو أمامه الاتصالات التي أجراها مع الأحزاب المرشحة للانضمام إلى ائتلاف برئاسته.

وتأتي هذه الإجراءات في ظل صعوبات يواجهها نتنياهو في تشكيل ائتلاف. لكن نتنياهو مرّ بتجربة مشابهة قبل أربع سنوات عندما شكل حكومته السابقة. حينها، انتهت مدة الـ 28 يوما من دون أن ينجح في تشكيل حكومة، وبعد ذلك حصل على مدة 14 يوما إضافية، ولم يستغلها كلها وأعلن قبل انتهائها عن نجاحه في تشكيل الحكومة.

لكن هذه المرة يوجد عامل بالغ الأهمية في الاتصالات حول تشكيل الحكومة الجديدة، وهو زيارة الرئيس الأميركي إلى إسرائيل في 20 آذار المقبل. ويأمل نتنياهو في أن ينجح بتشكيل حكومة قبل ذلك، إذ أن زيارة أوباما مرتبطة بذلك.

ووقعت كتلة "الليكود – إسرائيل بيتنا"، التي حصلت على 31 مقعدا في الكنيست، على اتفاق ائتلافي واحد حتى الآن، وهو الاتفاق مع حزب "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني، الذي حصل على 6 مقاعد. والصعوبات التي يواجهها نتنياهو من أجل تشكيل حكومته تكمن في الحلف بين رئيسي حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد (19 مقعدا) وحزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت (12 مقعدا).

ورغم أن لبيد وبينيت أعلنا مرارا وتكرارا عن رغبتهما في الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو، إلا أنهما اتفقا على أن يشكلا "كتلة مانعة" ضد الحزبين الحريديين، شاس (11 مقعدا) و"يهدوت هتوراة" (7 مقاعد)، خاصة فيما يتعلق بتجنيد الشبان الحريديم للخدمة العسكرية.

كذلك يطالب حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف بعدم تولي ليفني، التي تم الاتفاق على توليها حقيبة العدل، المسؤولية عن العملية السياسية والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، إذ يعتبر "البيت اليهودي" أن مواقف ليفني يسارية في هذا السياق.

 

نتنياهو يليّن موقفه إزاء موضوع تجنيد الحريديم

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الأول الثلاثاء، إن نتنياهو قد يكون مضطرا إلى تليين موقفه حيال مطالب لبيد وبينيت، من أجل أن يتمكن من تشكيل حكومة ومن استقبال أوباما في موعد زيارته المحدد. كذلك أفادت صحيفة "معاريف" بأنه ربما حدث تقدم في المفاوضات الائتلافية بين مندوبي "الليكود – إسرائيل بيتنا" وبين مندوبي "يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي".

ونقلت "معاريف" عن جهات داخل طواقم المفاوضات للأحزاب الثلاثة قولها إنه على ما يبدو سيتم الاتفاق على الخلافات بين هذه الأحزاب بشأن سن تجنيد الشبان الحريديم، وأنه سيكون 21 عاما، بدلا من 18 عاما. وكانت كتلة "الليكود – إسرائيل بيتنا" قد طالبت بأن يكون سن تجنيد الحريديم 24 عاما، بينما طالب "يوجد مستقبل" بأن يكون سن التجنيد 18 عاما. وأعلن "البيت اليهودي" أنه يدعم مطلب "يوجد مستقبل".

وتحدثت الصحف الإسرائيلية اليوم، الخميس – 28.2.2013، عن أن نتنياهو يقترب من اتخاذ قرار بتشكيل حكومة من دون الحريديم. ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن القيادي في حزب شاس، عضو الكنيست أرييه درعي، قوله: "نتنياهو تنازل عنا... ونحن نعتزم الجلوس في المعارضة، وسوف نحارب، سوية مع حزب العمل، ضد الضربات الاقتصادية" المتوقع أن تقرّها الحكومة الجديدة بعد تشكيلها.

ويشار إلى أن قضية تجنيد الحريديم للجيش ودمجهم في سوق العمل كانت إحدى القضايا التي تمحورت حولها الانتخابات العامة الأخيرة للكنيست، التي جرت الشهر الماضي، تحت شعار "تقاسم العبء". وتعتبر هذه القضية واحدة من القضايا الهامة التي تم ترحيلها من الحكومة السابقة إلى الحكومة المقبلة، وذلك بعد أن ألغت المحكمة العليا سريان "قانون طال"، الذي كان يمنح الحريديم إعفاءات وامتيازات في الخدمة العسكرية، وأن يستمروا في المسار المعروف باسم "توراته حرفته"، الذي يتيح للحريديم الدراسة في "الييشيفاه"، أي المعهد الديني اليهودي، مقابل الحصول على مخصصات شهرية تدفعها خزينة الدولة لكل طالب في "الييشيفاه". وقد ألغت المحكمة سريان "قانون طال" ابتداء من مطلع آب الماضي. 

وتحدثت تقارير إعلامية في الأسبوعين الماضيين عن أن نتنياهو يحاول تفكيك الحلف بين لبيد وبينيت، لكن يبدو أنه فشل في ذلك. لكن قياديين في حزب "يوجد مستقبل" قالوا لـ "معاريف"، أول من أمس، إن على نتنياهو أن يقرر أن يفاوض بينيت ولبيد سوية، وأن الاقتراح المطروح على الطاولة الآن هو اقتراح "يوجد مستقبل".

من جهة ثانية قالت مصادر في "الليكود – إسرائيل بيتنا" إنه "في هذه المرحلة تجري مفاوضات مع كلا الحزبين ["يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي"] وكأنها تجري مع جسم واحد".

إلى جانب ذلك، ذكرت "معاريف" أن "الليكود – إسرائيل بيتنا" أبلغ مندوبي حزب شاس بأنه لن يتم منح هذا الحزب حقيبتي الداخلية والإسكان، اللتين كان يتولاهما وزيران من شاس في الحكومات الأخيرة. ومن شأن هذا الأمر أن يشير إلى تقدم نتنياهو خطوة في اتجاه "يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي" من أجل انضمامها إلى حكومته.

 

"لبيد وبينيت يمثلون الاحتجاجات ولا خيار أمام نتنياهو إلا ضمهما إلى حكومته"

إن ظاهرة التحالف بين حزبين، أحدهما ينتمي إلى الوسط - اليمين والآخر ينتمي إلى اليمين المتطرف الاستيطاني، مثلما هو حاصل في التحالف بين "يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي"، هي ظاهرة غير مألوفة في إسرائيل. لذلك سعى محللون بارزون إلى تفسير هذه الظاهرة، وهو ما سنستعرضه في السطور المقبلة.

واعتبر المحلل السياسي في "معاريف"، شالوم يروشالمي، يوم الاثنين الفائت، أن على نتنياهو دعوة لبيد وبينيت إليه والتوقيع معهما على اتفاق ائتلافي وفي المقابل إلغاء الاتفاق الائتلافي مع ليفني. وبرر المحلل خطوة كهذه بأنه "خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة تجري هنا عمليات احتجاجية لجمهور بأكمله، يعد بمئات الآلاف... وصوت في الانتخابات الأخيرة لصالح لبيد وبينيت وموفاز [رئيس حزب كديما شاؤول موفاز] وشيلي يحيموفيتش [رئيسة حزب العمل]. وهؤلاء الأشخاص هم الأغلبية وهم يريدون التأثير من الداخل. ومطلب العدالة الاجتماعية يجب أن يتحول الآن إلى عدالة سياسية وواقع بديل، ولا توجد طريق أخرى".

وأضاف يروشالمي أنه "لو أن رئيس الحكومة كان منصتا للشعب ومهتما بالدولة، لانفصل عن الحريديم لولاية واحدة. فمنذ قيام الدولة شارك الحريديم في معظم الحكومات. بالإمكان أخذ إجازة لعدة سنوات، وتجربة شيء ما جديد، وضخ قوى أخرى إلى داخل الحكومة وتنفيذ سلم أولويات مختلف".

وتابع يروشالمي أنه "لو أن رئيس الحكومة كان منصتا للشعب ومهتما بالدولة، لعيّن لبيد وزيرا للخارجية ولما احتفظ بهذه الحقيبة لصالح أفيغدور ليبرمان، حتى انتهاء محاكمته الجنائية. فالدولة لا يمكن أن تسمح لنفسها بهذه المهانة".

ورأى المحلل أن على نتنياهو التوقف عن مطالبة يحيموفيتش بالانضمام إلى حكومته "لأنه لا توجد أية إمكانية أو أي احتمال بأن تنضم إلى حكومته، لأنها لا تريد أن تنهي حياتها السياسية مثل ليفني. وعلى نتنياهو أن يدرك، كرئيس للحكومة، أن حكومته بحاجة إلى معارضة قوية. وربما هذه ليست مصلحته، لكنها مصلحة وطنية وواجب أي دولة ديمقراطية".

 

"حلف البرجوازيين"

أشار الكاتب في "يديعوت أحرونوت"، أفيعاد كلاينبرغ، في مقال، أول من أمس، إلى أن "الحلف بين يوجد مستقبل والبيت اليهودي هو من ناحية معينة حلف طبيعي. وعلى مر السنين، أظهرت النقاشات حول مصير المناطق [المحتلة] أوجه الشبه العميقة بين النخب الصهيونية في كلا جانبي الخط الأخضر... إذ توجد على جانبي هذا الخط نخب أشكنازية وبرجوازية ومثقفة. وتوجد في كلا جانبيه رؤية للدولة وأجهزتها على أنها أداة، إشكالية، لإعادة تعريف اليهودي الجديد واليهودية الجديدة. وتميل هذه النخب في كلا جانبي الخط الأخضر إلى التعامل باستعلاء مع أولئك الذين لا يشركونهم في الحلم الصهيوني، أي العرب والحريديم، أو من يعتبرون كمادة بأيدي صانعها، كمادة بأيدي الصانع السياسي، أي سكان الأطراف اليهود [الذين ينتمون للشرائح الضعيفة]. وتشعر النخب في كلا جانبي الخط أن الدولة ’خاصتهم’ موجودة في خطر التعرض لسيطرة معادية".

ورأى كلاينبرغ أن "الضعف الكبير الذي أصاب الحلم المسياني لدى اليمين الاستيطاني يسمح بوجود لغة مشتركة وحلف سياسي ضد القوة التي شخصتها البرجوازية على أنها تهديد لحلم الشراكة الصهيونية. وهذا التهديد يشكله الحريديم أكثر من العرب. فالأوائل [الحريديم] تعتبرهم المجموعتان على أنهم "منا" بالمفهوم العميق. ويأملون بأن نشاطا سياسيا سيدفعهم كي يتحولوا إلى جزء من المشروع الصهيوني المشترك. والعرب أصلا لا يمكنهم أن يكونوا جزءا من هذا المشروع ودورهم في الحلف الجديد محدود. وفي أي سيناريو عليهم أن يشكلوا الأقلية التي توافق على قواعد الأغلبية".

وأضاف كلاينبرغ أن "الحلف بين بينيت ولبيد يستند إلى أن كليهما يشخّصان الحريديم كتهديد حقيقي على رؤيتهما. والحريديم يصرون على أن يكونوا جزءا من النخبة، وخلافا للعرب، هم جزء لا يتجزأ من الحكم في إسرائيل، من دون أن يكونوا شركاء في رؤيتها ومن دون دفع الثمن الذي ينبغي أن يجبيه أعضاء في النخبة، مثل توجيه قسم من الموارد المادية والبشرية للمصلحة العامة... وما يقلق حقا البرجوازية داخل الخط الأخضر هو أن يتوقف الحريديم عن العيش على حسابهم. ومصوتو يوجد مستقبل لا يريدون رؤية الحريديم بالزي العسكري حصرا، بل يريدون أن يروهم ينزلون عن ظهورهم، كي يتمكنوا من العيش ’في هذه البلاد’".

ورأى كلاينبرغ أن الحلف بين لبيد وبينيت "هو حلف مؤقت، إذ أنه رغم كل الشبه الاجتماعي – الاقتصادي بين المعسكرين، فإن الفروق الأيديولوجية بينهم ما زالت سحيقة. والحديث لا يدور فقط على المناطق (المحتلة)، وإنما يدور أيضًا على رؤية شاملة تفصل بين دولة تل أبيب ودولة يهودا. وهذا لا يعني أن هذا الحلف المؤقت مرفوض من أساسه".

 

"حلف كارهي العرب والحريديم"

وفي مقال بعنوان "حلف كارهي الاقليات"، كتب رئيس تحرير "هآرتس"، ألوف بن، أن تحالف لبيد وبينيت موجه بالأساس ضد العرب والحريديم. وأشار إلى أن هذا الحلف معاد لهاتين المجموعتين بسبب فقرهما، مشيرا إلى أنه في الأعوام الأخيرة تغلغلت هذه الفكرة إلى الوعي الشعبي "وتم التعبير عنها بالإعلان أنه من دون العرب والحريديم سيكون وضعنا الاقتصادي ممتازا. وقد اخترق هذا الإعلان الاحتجاجات الاجتماعية في صيف العام 2011، والتي أخرجت إلى الشوارع مئات آلاف المواطنين. وهؤلاء احتجوا على غلاء الشقق السكنية وجبنة الكوتيج، لكنهم كانوا يقصدون أن دولتهم أفلتت من بين الأصابع، وهم يريدون استعادتها".

وأضاف بن أن "لبيد وبينيت فهما الرسالة، واقترحا على الناخبين كسر الحواجز القديمة بين اليسار واليمين. وبدلا من بغض أقلية واحدة، كما هي حال السياسة القديمة، أظهرا للناخبين أنه بالإمكان كره العرب والحريديم على حد سواء. وبدلا من مهاجمة الأقليات كخونة وطفيليين، كما كان مقبولا في الخطاب السياسي السابق، اختار لبيد وبينيت التحريض بصورة معتدلة وأبرزا الخدمة في الجيش الإسرائيلي على أنها قيمة عليا. وهكذا كسبا الانتخابات ووضعا وزنا مضادا لبنيامين نتنياهو، الذي يواجه صعوبة مع توأمه الأيديولوجي [بينيت] ومع توأمه التلفزيوني [لبيد]".

ورأى بن أن "جيش بينيت ولبيد ليس منظمة للدفاع عن الدولة، بل هو ديانة. وفي النقاش حول ’المساواة في تحمل العبء’ لم يتم طرح الادعاء بأن تجنيد آلاف الحريديم للجيش، وتجنيد آلاف آخرين من الحريديم والعرب لأعمال سخرة، أي لـ ’الخدمة المدنية’، سيساهم في أمن إسرائيل. لكن هذا ليس الهدف، وإنما حشر الأقليات غير الصهيونية في الزاوية وتصويرهم ككفرة. فبينيت يطالب الحريديم بالصلاة من أجل سلامة جنود الجيش الإسرائيلي، وهم يرفضون. والجيش مقدس بالنسبة له، وهو ليس كذلك بالنسبة لهم. و’المساواة في العبء’ يمكن تحقيقها من خلال إلغاء تدريجي للخدمة الإلزامية وتحويل الجيش الإسرائيلي إلى جيش مهني. لكن هذا ليس هدف لبيد وبينيت. بل على العكس، إنهما يريدان الحفاظ على ’العبء’ كأداة لتبرير امتيازات اجتماعية في مقابل الأقليات التي لا تخدم والتي سيتساوى وزنها الديمغرافي مع الأغلبية بعد قليل".

       

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

 
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"