يروي الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد واحدة من القصص التي تلخص بإيجاز مكثف طبيعة العلاقة المعقدة بين إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة وقضية الجاسوس اليهودي الأميركي جونثان بولارد، ومحاولات المزاوجة في الخطاب والسلوك بين كونه بطلا في عين جزء كبير من الجمهور الإسرائيلي، وبين التنصل منه ومن أفعاله أمام الإدارات الأميركية في ذات الوقت.
تشكل الأعوام الأربعة الأخيرة أطول فترة حكم لرئيس أميركي من الحزب الجمهوري يكون مقابله في إسرائيل رئيس حكومة يميني من حزب الليكود. فمنذ انطلاق عملية السلام عام 1991، إذا اعتبرناها نقطة انطلاق تاريخية، انتخب في الولايات المتحدة رئيسان ديمقراطيان هما بيل كلينتون 1992 -2000، وباراك أوباما 2008-2016، ورئيسان جمهوريان هما جورج دبليو بوش 2000-2008، ودونالد ترامب 2016-2020.
لم يعد أمام ولاية الكنيست الحالي سوى 23 يوما، فإما أن تقر الحكومة ميزانية سريعة للعام الجاري المنتهي، وتمررها في الكنيست في غضون أيام قليلة، قبل انتهاء يوم 23 كانون الأول، أو أن يتم حل الكنيست تلقائيا، والتوجه إلى انتخابات بعد 90 يوما من يوم حل الكنيست. وهذا ما جعل رياح الانتخابات تشتد؛ وفي موازاتها، أحاديث عن اتفاقيات مؤقتة، تطيل عمر حكومة نتنياهو- غانتس بضعة أسابيع أو أشهراً قليلة، فالانتخابات التالية لن تخدم سوى قائمة واحدة، تضم أحزاب المستوطنين، فيما الأحزاب الباقية إما ستراوح مكانها أو تخسر من مقاعدها.
أعاد تأسيس حزب الجنرالات "أزرق أبيض" إلى الأضواء مجدّداً موضوع كون الجيش الإسرائيلي بمنزلة المعهد الأهم لتخريج القيادات السياسية والحزبية، والذي نتناوله في إحدى مواد هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" عبر عرض الوقائع وإضاءة الدلالات التي أحالت إليها، سواء في الماضي أو في الوقت الراهن، وهي دلالات عديدة ليس أبسطها ظاهرة عسكرة الأحزاب أو لهاثها وراء العسكر، بوصفها ظاهرة عابرة لكل الأحزاب بغض النظر عن هويتها الأيديولوجية.
وعادة عندما يتم درس حالة المؤسسة السياسية الإسرائيلية وبشكل خاص مسألة من الذي يسيطر ويحكم في إسرائيل قولاً وعملاً، وهو ما لا يتم في فترات متقاربة، يشير معظم الدارسين إلى عدد من "الشبكات" غير الرسمية، وغير المنتخبة، وتعمل غالباً
الصفحة 245 من 859