بحُكهما القضائي الذي أصدرته يوم الخميس الأخير، ارتكبت "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية جملة من الأخطاء التي يمكن القول، دون مغالاة، إنها تضعها في موقف مناقض لاسمها ("العدل") ومناقض لقرارات سابقة صدرت عنها، بل مناقض لكل ما في الديمقراطية من حقوق وقيم فيما يمكن اعتباره اعترافاً رسمياً تسجله هذه الهيئة القضائية الأعلى في إسرائيل بزيف "الديمقراطية الإسرائيلية" المُدّعاة ومدى ضيق حدودها، ليس القومية ـ العرقية فحسب، وإنما السياسية أيضاً.
التزمت إسرائيل الرسمية الحذر تجاه أحداث الأسبوع الماضي في الأردن، أي ما عرف بـ"قضية الأمير حمزة"، لكن وزير الدفاع بيني غانتس، ومن موقعه الجديد بعد الانتخابات، إذ بات محسوبا على صفوف معارضي بنيامين نتنياهو، وبعد أن كرر العبارات الدبلوماسية المعهودة أن ما يجري في الأردن هو شأن داخلي، وجدها فرصة للغمز من قناة رئيس الحكومة بالقول إن من واجب رئاسة الحكومة تقديم المساعدات لهذا البلد الذي يمر بأزمات صحية واقتصادية.
أعادت جولة الانتخابات الرابعة للكنيست الـ 24 التي جرت في 23 آذار الماضي، إنتاج أزمة الحكم التي تعيشها إسرائيل منذ عامين، كما أنها زادت الصورة تعقيدا، من خلال إحداث حالة من الخلط وإعادة الاصطفاف داخل المعسكرين المتنافسين، واللذين تم اختزال الفوارق بينهما في شخص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
تبدو احتمالات تشكيل حكومة إسرائيلية ذات أغلبية ثابتة، متدنية، بعد أسبوع تقريبا من تكليف بنيامين نتنياهو تشكيل الحكومة المقبلة، وعلى الرغم من هذا، حتى يوم 18 أيار، فإن كل الاحتمالات واردة، بدءا من حل الكنيست مجددا والتوجه لانتخابات خامسة، وحتى تشكيل حكومة واسعة، تحت يافطة: "إخراج إسرائيل من أزمتها". من ناحية أخرى، دلت قراءة لنتائج الانتخابات على أن المعاقل القديمة لما يسمى بـ"اليسار الصهيوني"، قد استنفرت نسبيا في الانتخابات الأخيرة، لدعم قائمتي حزبي العمل وميرتس، وضاعفت أصواتها لهذين الحزبين، مقارنة مع انتخابات آذار 2020، التي كان فيها الحزبان متحالفين في قائمة واحدة.
الصفحة 240 من 883