تبدو احتمالات تشكيل حكومة إسرائيلية ذات أغلبية ثابتة، متدنية، بعد أسبوع تقريبا من تكليف بنيامين نتنياهو تشكيل الحكومة المقبلة، وعلى الرغم من هذا، حتى يوم 18 أيار، فإن كل الاحتمالات واردة، بدءا من حل الكنيست مجددا والتوجه لانتخابات خامسة، وحتى تشكيل حكومة واسعة، تحت يافطة: "إخراج إسرائيل من أزمتها". من ناحية أخرى، دلت قراءة لنتائج الانتخابات على أن المعاقل القديمة لما يسمى بـ"اليسار الصهيوني"، قد استنفرت نسبيا في الانتخابات الأخيرة، لدعم قائمتي حزبي العمل وميرتس، وضاعفت أصواتها لهذين الحزبين، مقارنة مع انتخابات آذار 2020، التي كان فيها الحزبان متحالفين في قائمة واحدة.
هل يوجد وجه للمقارنة بين أزمة وباء كورونا وحرب تشرين الأول/أكتوبر 1973؟ في إسرائيل ثمة من يعتقد أن هناك أكثر من وجه للمقارنة، وليس أبسطها أن الوباء داهمها على حين غرة كما كانت الحال إلى حدّ ما بالنسبة إلى الحرب المذكورة من حيث كونها، من الناحية الأولى، لم تكن متوقعة استخباراتياً، كما يزعم البعض خلافاً لبعض آخر يدعّي العكس، ومن الناحية الأخرى، من زاوية وقائع خوضها ناهيك عن الاستعداد لها، والتي كادت أن تفضي إلى إلحاق هزيمة بدولة الاحتلال تمحو أثر هزيمة ألحقتها بدول عربية قبل ذلك بستة أعوام في حرب خاطفة دامت ستة أيام، وعندما استراحت في اليوم السابع ألفت نفسها رابضة على مزيد من أراضي فلسطين، وعلى أراض مصرية وسورية.
وإذ نقول إن المفاجأة ليست أبسط ما انطوى عليه الوباء لدى مقارنته بحرب 1973 مع ضرورة التنويه بأن هناك من نفى ذلك جملة وتفصيلاً، فإننا نقصد بالأساس أن هناك ما هو أبعد دلالة منها، بما قد يرسم ما يشبه البورتريه للواقع القائم في إسرائيل في الوقت الحالي. فالذين يعتقدون أن إسرائيل كسبت الحرب في نهاية المطاف، يؤكدون في الوقت عينه أنها أصيبت بخسائر جسيمة، بينما تسبب الفشل
يقول "بنك إسرائيل"، البنك المركزي، في تقرير حديث له تناول المجريات الاقتصادية في العام الماضي 2020، ونشرت أجزاء منه على موقعه الشبكي، إن المجتمع العربي في إسرائيل وعلى نحو خاص كان الأكثر تعرّضاً للأضرار الناجمة عن تفشي وباء الكورونا والأزمة التي رافقته. والسبب الذي يشدّد عليه التقرير هو خصائص سابقة لهذا المجتمع، اقتصاديّا، وقد جعلته أقل قدرة على مواجهة الظرف الطارئ. البنك يقول فعلياً إن التمييز المسبق المتجسّد في الفجوة بين العرب واليهود هو السبب، وهو يحيل إلى مقارنة بين المجتمعين، العربي واليهودي، في القدرة والمناعة الاقتصاديتين السابقتين للأزمة.
كعادة إسرائيل، فإنها تقدم الاعتبارات والمصالح الأمنية والسياسية الخاصة بها على أية اعتبارات أخرى في تعاملها مع التطورات الداخلية والإقليمية والدولية. ولم تبتعد إسرائيل في تعاملها مع أحداث "الربيع العربي" وأحداثه ونتائجه عن منظور الإيجابيات والسلبيات بالنسبة لها سياسيا وأمنيا واستراتيجيا.
ومع مرور عقد على بداية الثورات التي تحول بعضها إلى حروب أهلية، وإلى حروب بالوكالة، استعرض محللون ومراكز أبحاث آثار الأحداث التي عصفت ببعض الدول العربية على إسرائيل، من ناحية، كذلك استعرضوا من ناحية أخرى مآلات الثورات العربية حاليا، كبروز محاور متضادة غيرت في موازين التحالفات السياسية في المنطقة. ويلاحظ حضور إيران بشكل واضح في مقاربات الباحثين والكتّاب حول مرور عقد على بدء الربيع العربي.
الصفحة 238 من 880