أبرزت الهبة الجماهيرية التي اندلعت مؤخراً في القدس المحتلة احتجاجاً على قرار الشرطة الإسرائيلية وضع حواجز عسكرية على مدخل باب العامود في المدينة المقدّسة الدور الكبير الذي تلعبه المنظمات الاستيطانية اليمينية العنصرية في التحريض ضد الفلسطينيين، وفي مساعي تهويد المدينة والقضاء على عروبتها. في هذا التقرير سنسلط الضوء على أحد أهم هذه المنظمات، منظمة "لاهافا" اليمينية المتطرفة. وهو الأمر الذي يندرج في إطار توجه الدراسات والمراكز البحثية المتخصصة لتناول ظاهرة الحركات والمنظمات الاستيطانية العنصرية والإرهابية العاملة في فلسطين التاريخية عموماً، والعاصمة المحتلة على وجه التحديد؛ ارتباطاً بما تتعرّض له المدينة المقدّسة من تهويد وقمع وإرهاب وتهديد تُمارسه الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية والشرطية، ومثلها المنظمات اليمينية المتطرفة التي تحظى بدعم وإسناد حكومي وشُرطي- مُضمر بالحدّ الأدنى- وتسعى من ضمن مساعٍ أخرى كثيرة، إلى القضاء على الوجود العربي في المدينة
تنتهي في منتصف ليلة الثلاثاء/ الأربعاء من هذا الأسبوع، فترة التكليف الأولى التي حصل عليها بنيامين نتنياهو لتشكيل الحكومة، ومن المفترض أن يقرر اليوم الاثنين، أو صباح غد الثلاثاء، ما إذا سيطلب من الرئيس الإسرائيلي تمديدا لأسبوعين. في المقابل، فإن كل المحاولات لتشكيل حكومة بديلة ليست برئاسة نتنياهو، تصطدم بعقبات، بين كتل هي أصلا متناحرة وليست منسجمة.
تشهد إسرائيل على خلفية الأزمة السياسية غير المسبوقة التي تشهدها في الآونة الأخيرة، قدراً كبيراً من التحليل لصيرورتها الراهنة، وفي الوقت عينه تشهد الكثير من الاجتهادات التي تحاول استشراف ما يمكن أن تؤول إليه هذه الصيرورة، لا سيما على صعيد الصراع الداخلي.
ولعلّ أول ما ينبغي الالتفات إليه في غمرة متابعة ما تراكم إلى الآن، أن تلك الصيرورة ليست نتاج الأزمة الراهنة فحسب إنما هي أيضاً محصلة ما شهدته إسرائيل من سيرورات قبيل انفجار هذه الأزمة بعدة أعوام، وبالأساس في سياق المحاولات المتواترة لتكريس هيمنة اليمين الجديد على المشهد السياسي برمته.
ولدى العودة إلى ما سبق هذه الأزمة بالوسع العثور على ما يمكن اعتباره أشبه بالنبوءة حيال مع يحدث في الوقت الحاليّ، كما هي مثلاً حال تصريحات أدلى بها أربعة رؤساء سابقين للمحكمة الإسرائيلية العليا قبل خمسة أعوام خلال مقابلة مشتركة جمعتهم معاً أجرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" في مناسبة الذكرى الـ 68 لإقامة دولة إسرائيل، وأجمعوا فيها من ضمن أمور أخرى على أن إسرائيل تشهد سيرورات مثيرة للقلق من ناحيتهم قد تتسبب، في نتيجتها، بما وصفوه بأنه "إعلان بداية نهاية النظام الديمقراطي في الدولة"!
تأسست مدينة "نوف هجليل" في العام 1957 ["كريات نتسيرت" ثمّ "نتسيرت عيليت" قبل الاتفاق على الاسم الحالي] وفقاً لخطّة أمنيّة أعدّها رئيس الحكومة الاسرائيليّة السابق، دافيد بن غوريون، وأهمّ بنودها "تهويد الجليل والناصرة"، التي أعلن عنها في العام 1953، عبرَ مصادرةِ الأراضي من مدينة الناصرة، والقرى المجاورة: المشهد وإكسال والرينة وعين ماهل من خلال قانون "مصادرة الأرض لأغراض عامّة". ورافق المصادرة احتجاج عربي عارم وقتها، ووصلت القضيّة إلى المحكمة العليا الاسرائيليّة، التي أتاحت عمليّة المصادرة والاستيطان، وفقاً للمصلحةِ العامّة الصهيونيّة التي تقتضي أن "استيعاب المستوطنين الجُدد" هي مصلحة عامّة، تتيح مصادرة الأرض، بشكلٍ قانونيّ.
الصفحة 236 من 883