صدر في الأيام الأخيرة تقريران على قدر كبير من الأهمية، يؤكدان المخاطر على الاقتصاد الإسرائيلي، في حال تم تطبيق كامل مخطط حكومة بنيامين نتنياهو لتغيير أنظمة وقوانين في جهاز القضاء وتعيين القضاة، والتقرير الأهم هو ذلك الصادر عن بنك إسرائيل المركزي، الذي يؤكد على خسارة الاقتصاد خلال 3 سنوات عشرات مليارات الدولارات؛ والتقرير الثاني، الذي يهم إسرائيل دوليا، صادر عن منظمة OECD.
طوّرت النخب اليمينية من طرقها في السيطرة على المجتمع الإسرائيلي ومنظومته الخطابية والقيمية من خلال تأسيس ودعم الجمعيات والمنظّمات التي تُقدّم نفسها متخصّصة في الشؤون البحثية، الإعلام، التربية والثقافة، القانون والقضاء وحقوق الإنسان والرياضة والاستيطان وغيرها، لكن في الحقيقة أوكلت إليها مهمّة إعادة إنتاج المجتمع الإسرائيلي من جديد؛ مجتمع يميني يهودي صهيوني عنصري يرى في إسرائيل "الوطن القومي للشعب اليهودي حصراً" في مقابل الآخر الفلسطيني. في هذه المساهمة نُسلّط الضوء على المنظّمة "الحقوقية" الإسرائيلية "شورات هدين"، ونحاول التعريف بها والوقوف على أبرز أنشطتها ومجالات عملها، بالإضافة إلى أهم ما حقّقته خلال السنوات الماضية.
رأينا أن تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن التي أبدى فيها امتعاضه من مضي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قدماً في خطة حكومته الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي، وردّ هذا الأخير بأن من يقرّر سياسات إسرائيل، بصفتها دولة مستقلة تماماً، هو حكوماتها المنتخبة من قبل الشعب وليس الضغوط الخارجية حتى ولو كانت من أقرب أصدقائها وأرفعهم قيمة على غرار الولايات المتحدة، شكلّا مناسبةً أخرى لإعادة النبش في جذور ما يوصف بأنه "علاقات خاصة" بين الدولتين وتقييم صيرورتها الراهنة.
اختتم الكنيست الإسرائيلي في الأسبوع الماضي دورته الشتوية الأولى بعد انتخابات مطلع تشرين الثاني 2022، التي أظهرت تماسكا للائتلاف الجديد الحاكم، إلا أن العاصفة جاءت من الميدان، وبمستوى لم تشهده إسرائيل بهذا المستوى من قبل، مع الأخذ بالحسبان الدوافع التي حرّكت الشارع، إذ أن نزول مئات الآلاف إلى الشوارع، على مدى أيام، وأحيانا بسرعة تعد فائقة، وحتى اندفاعية، هو مشهد لم تعرفه إسرائيل من قبل، نجح حتى الآن في لجم الأزمة التي خلقتها حكومة بنيامين نتنياهو لضرب جهاز القضاء؛ لكن كما يبدو فإن هذا ليس أكثر من تأجيل لبضعة أشهر لأزمة قد تشتد في المرحلة المقبلة، في حين لم يتوقع نتنياهو أن يخترق هيجان الشارع صفوف حزب الليكود، ولو بهذا القدر المحدود، ولكن هذا دلّ على نواة تململ من نهجه، بعد أن باتت قبضته على الحزب أشد من أي وقت مضى.
الصفحة 126 من 883