في الولايات المتحدة، ثمة مستجدات متسارعة تتعلق بحركة المقاطعة المعروفة باسم BDS (الاسم الكامل لها هو: حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها). وهذه المستجدات تتعلق أساساً بمعارك قانونية في المحاكم في الولايات المتحدة، سواء محاكم فيدرالية على مستوى الأقاليم (الإقليم يضم عدة ولايات)، أو على مستوى المحكمة العليا (القادرة على الاستئناف على، أو رفض، أو تثبيت، قرارات المحاكم الفيدرالية). هذه المقالة، تتابع هذه المستجدات الحاصلة في القضاء الأميركي والمتعلقة بمستقبل عمل حركة المقاطعة في الولايات المتحدة تحديدا، وتركز على الجهود الإسرائيلية الرامية إلى تجريم حركة المقاطعة هناك.
لا شك في أن مُجرّد وجود إسرائيل في خضم معركة انتخابية يُعتبر كل صوت فيها مُهماً جدّاً، يعدّ سبباً وجيهاً كفايته لاعتبار الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، وأعلن في سياقه تأييده "حل الدولتين" للصراع مع الفلسطينيين، يندرج ضمن حملة دعائية يقوم بها حزبه ("يوجد مستقبل"). كما أن ردّات الفعل على الخطاب وعلى تأييد "حل الدولتين"، من جانب اليمين الإسرائيلي عموماً ومن جانب حزب الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو تحديداً، لا يبتعد عن هذه الغاية، وبالأساس حين يُحمّل هذا التأييد أكثر مما يحتمل.
يُبيّن "مؤشر السياسة الإسرائيلية الخارجية للعام 2022"، الذي أجراه معهد "متفيم (مسارات) ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية" ونشر نتائجه التفصيلية في أوائل شهر تشرين الأول الجاري، أن الجمهور الإسرائيلي (اليهودي) يبدي تحفظاً واضحاً مما يُسمى "الحلول الكبيرة"، التي تعني المسارات الكبيرة والشاملة لحل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، أو حتى أي تسوية طويلة الأمد في قطاع غزة. ويبدي الجمهور الإسرائيلي تشككاً عميقاً في إمكانية "أن يشكل حل الدولتين استراتيجية قابلة للتطبيق اليوم"! وهو ما يناقض تماماً ما ادّعاه رئيس الحكومة الإسرائيلية (الانتقالية) يائير لبيد في الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المنصرم وأشار فيه إلى أنّ "الغالبية الساحقة من الإسرائيليين تؤيد حل الدولتين".
بتاريخ 11 تشرين الأول الجاري (2022)، صادق كل من رئيس حكومة إسرائيل يائير لبيد، والرئيس اللبناني ميشال عون، على نص المسودة التي تقدمت بها الولايات المتحدة لترسيم الحدود المائية بين البلدين. ومن المتوقع أن تنهي هذه الاتفاقية الخلافات الإسرائيلية- اللبنانية المتعلقة بالمياه الاقتصادية لكل بلد، وبتوزيع أرباح الغاز الطبيعي المتواجد في هذه المياه. الاتفاق يحمل بعدين، الأول سياسي- أمني، والثاني اقتصادي يتعلق بأرباح الغاز الموجود في المياه المتنازع عليها. ويعتبر الاتفاق الأول من نوعه بين إسرائيل ولبنان.
الصفحة 120 من 859